أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فواد الكنجي - تنظيم داعش الارهابي يطارد اشوريو نينوى و يخلي المدينة من وجودهم















المزيد.....


تنظيم داعش الارهابي يطارد اشوريو نينوى و يخلي المدينة من وجودهم


فواد الكنجي

الحوار المتمدن-العدد: 4527 - 2014 / 7 / 29 - 08:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتعرض الأشوريين - وهم من أبناء الإمبراطورية الآشورية ، الذين تبعثروا في أنحاء الشرق الأوسط، بعد انهيار إمبراطوريتهم في القرنين السادس والسابع قبل الميلاد - اليوم الى أبشع عملية نزوح، بل إلى أبشع جريمة في تاريخهم المعاصر من بعد الحرب العالمية الأولى عام 1914 حيث تعرضوا الى حملات الإبادة الجماعية على يد الأتراك وما ألت إليه أوضاعهم آنذاك، ألا أنهم استطاعوا ان يحمل السلاح ويواجهوا الأعداء، وبين فر وكر، تمكنوا خلال فترة العشرينات من القرن الماضي تجميع قواهم بالتحاق العديد من آشوريي حكاري بالواء العسكري في ( الحبانية ) و الذي أنشأه البريطانيون في العراق ليصبحوا الأشوريين قوة لا يستهان بها بما أبداه المقاتل الأشوري في معارك حرب العالمية الأولى من قوة وشجاعة لا مثيل لها في المعارك التي خاضوها بعد انضمامهم مع الحلفاء تحت القيادة البريطانية لحماية الحدود الشمالية الشرقية للعراق، وبعد استقلال العراق عام 1933 ووعود بريطانيا بإقامة دولة أشورية لهم والاستيطان في منطقة السهل الواقع بين العمادية وسهل نينوى و كتعهد غير موقع جرى بين بطريرك كنيسة المشرق الآشورية والجيش البريطاني مقابل تحالف الأشوريين مع القوات البريطانية ونتيجة ما قدموه الأشوريين لهم من خدمات وتضحيات وصد الهجمات المعادية لقوات البريطانية، ألا أن بريطانيا تنصلت من وعدها مما اضطر الأشوريين الى حمل السلاح من اجل الاستقلال، واخذ الأشوريين يفرضون سيطرتهم على كل القصبات التي غالبية سكانها من الأشوريين ،وطالبوا الحكومة العراقية بإعطاء حقوقهم في الحكم لذاتي، ولكن الجيش العراقي تصدى لمطالبهم فقام ( بكر صدقي ) أحد الضباط بالجيش العراقي بالهجوم على المناطق التي كان الأشوريين يسيطرون عليها واخذ الجيش بتدمير القرى الآشورية واحدة تلوا الأخرى وأعلن بيان رسمي ( سيئة الصيت ) من قبل حكومة (رشيد على الكيلاني) بقتل وإبادة الأشوريين ومصادرة أملاكهم ونشر البيان في كل الصحف وأذيع عبر الإذاعة الرسمية للدولة ( لتحدث اكبر مجزرة في تاريخ العراق الحديث في إبادة الأشوريين عام 7 آب 1933 ، عندما تم الهجوم على بلدة( سميل ) حيث كان الأشوريين مع عوائلهم مجتمعين هناك فقتل حوالي 5000 من سكانها في الحدث الذي عرف بمجزرة (سميل) ، حيث أدت هذه المجزرة إلى نزوح ثلث سكان أشوري نينوى إلى شمال غرب سوريا حيث أسسوا 35 قرية على ضفاف نهر الخابور قرب الحدود مع تركيا بعد الحرب العالمية الثانية و أصبح الآشوريين في العراق وسوريا مجاميع متشتتة هنا وهناك، فسكنوا معظمهم في المناطق الريفية حتى الستينات عندما بدئوا بالهجرة إلى المدن بحثا عن العمل، وقد تمركز اغلبهم في المدن الكبرى كبغداد والموصل وكركوك واربيل والبصرة ، كما هاجر في نفس الوقت العديد منهم إلى الولايات المتحدة ولاحقا الى دول أوروبا الغربية، وبحلول الستينات وسيطرة حزب البعث العربي الاشتراكي على مقاليد الحكم في كل من سوريا و العراق، ما أدى إلى تشديد على مواطني تلك الدول ممن هو من القوميات الغير العربية، ومع انفتاح الدولة العراقية عام 1972 لظروف سياسية ، وإعلان بيان آذار لحقوق القومية ، ألا أن الإعلان اقتصر على حرية نشر مطبوعات باللغة الأشورية وتعليمها في المدارس الحكومية إلا أن هذا القرار لم ينفذ ألا في أيطار محدود ، وبالرغم من عدم الاعتراف الدولة العراقية بالوجود القومي للآشوريين ومحاولة فرض القومية العربية عليهم، إلا أنهم غالبا ما تمتعوا بحقوق دينية واسعة في ظل حكومتي (صدام حسين) في العراق و(حافظ الأسد) في سوريا.
ومع اندلاع الحرب العراقية الإيرانية وحرب الخليج الثانية تسارع وتيرة هجرة المسيحيين من العراق كما أدت حرب العراق سنة 2003 وما تبعه من انفلات أمني وهجمات استهدفت دور عبادة الأشوريين إلى تناقص أعدادهم بشكل كبير حيث نزح معظمهم إلى سوريا والأردن وتركيا ولبنان ليتجهوا من هناك الى دول الشتات في العالم تحت وطأة نفسية مؤلمة ومعانات إنسانية لا مثيل لها في تاريخنا المعاصر.
ان جرائم استهداف الأشوريين في العراق ظل مبرمجا بشكل لافت إذ ما انفك وان تفاقم الصراع الطائفي في العراق ما بعد 2003 ليتم استهدف الأشوريين المسيحيين حيث ارتكبت ضدهم جرائم الإبادة الجماعية وتهجير قسري للإنسان الأشوري الذي يحمل هوية مسيحية ، ويذكر بان كل جريمة وقع بحق الأشوريين المسيحيين وقعت باسم الدين والعقيدة وأيديولوجيات أسلامية متطرفة التي ارتبك جرائم مريعة، حيث تم تفجر كنائسهم في البصرة وبغداد وكركوك وموصل وتم تهديدهم وخطف وقتل العديد من الأشوريين وما زال لكثير ممن خطفوا مصيره مجهول لغاية هذه الدقيقة ، ونتيجة لترويعهم وحملهم الى الهجرة والنزوح الجماعي من قبل مليشيات مسلحة وتحت أنظار الحكومة وأجهزتها الأمنية ، فتم بين عشية وضحاها أخلاء مدن كاملة كانت إلى الأمس القريب عامرة بالأشوريين، كما حدث في منطقة دوره وبغداد الجديدة و كمب ساره وحي الكيلاني ومنطقة حي السعدون والبتاوين وكراج أمانه والصناعة والمشتل وكرادة مريم ...الخ ، كما اخليت مدينة البصرة من وجودهم وتناقص أعدادهم في كركوك والموصل التي ما نفك استهدافهم المباشر واليومي للعوائل والكنائس الأشورية في هذه المناطق .
واليوم ما يحصل في الموصل (نينوى ) من جرائم وحشية من قبل عصابات (داعش ) الإرهابية ما هو الى استمرارا للمنهج أخلاء العراق من الوجود الأشوري المسيحي الذي بدا منذ عام 2003 ، فان استطاع هذا التنظيم الإرهابي وبمعركة خاطفة احتلال مدينة موصل وبالشكل دراماتيكي لا يمكن للعقل ان يصدقه - ان لم يكن هناك تأمر ومخطط لذلك - اذ كيف خلال ساعات ينهار جيش قومه اكثر من 50 ألف جندي وضابط وقائد عسكري مع معداتهم الحربية ومتواجد على ارض مدينة الموصل، فيتركوا الأسلحة والمعسكرات دون أية مقاومة تذكر ليسيطر عليها الإرهابيين من تنظيم (داعش ) وبما تسمى بـ (الدولة الإسلامية في العراق والشام) بقيادة الإرهابي (أبو بكر البغدادي) والذي أول ما قام به تدمير اثأر الحضارة الأشورية والتي يرجع تاريخه الى سبعة ألف عام قبل الميلاد، حيث قام بكسر تماثل الأشورية وتخريب المتحف الوطن للآثار في المدينة ليتوجه من بعد ذلك الى دور العبادة للأشوريين ليفجر كنيسة تلوى الأخرى، ولم يكتفي بذلك بل قام بمطالبة الأشوريين المسيحيين بدفع الجزية بالتي هي أحسن أو السيف او الدخول في الإسلام ومبايعة خليفة المسلمين الإرهابي (ابو بكر البغدادي) ، واخذوا هؤلاء الإرهابيين الداعشيين يكتبون على دور الأشوريين بالخط الأحمر حرف ( ن) رمزا بكون هذا العقار يسكنه (نصراني)، فاستيقظ أشوريو الموصل على شبح حرف ( ن) المكتوب باللون الأحمر وأصبح رؤية هذا الحرف كابوسا مرعبا لا يعلمون ماذا سيفعلون و أين يفرون من عصابات داعش المسلحة التي أصبحت بين ليلة وضحاها، واقعا ملموسا بعد إلقاء خليفتها (البغدادي) خطابه في جامع الموصل الكبير أمام أنظار ومسامع الحكومة والعالم الذي ظل يتفرج على هذا المشهد ألإجرامي الشنيع بدم بارد دون أي رد فعل لوقف هذه العصابات من طغيانها وبما ترتكبه من جرائم ، ومن دون ان تقوم قطاعات الجيش المنهزمة أعادة تنظيم نفسها ورد الهجوم المعاكس لاسترداد سمعتها وهيبتها في الدولة بعد ان كانت نموذجا يحتذ به، ليس في المنطقة بل في العالم اجمع، وأمام هذا الواقع المرير ترك الأشوريين دون عون ومساندة وبعد ان خذلهم المجتمع المحلي والإقليمي والدول، فما كان عليهم سوا ان يحنو رؤوسهم منكسرين أمام الغزاة الجدد فيقوموا بحمل و لملمة حاجياتهم وأغراضهم للنزوح والهجرة ، ولكن المسلحون الداعشيون، منعوهم وصادروا كل ما يحملونه بل جردهم من كل المستمسكات أثبات الهوية والممتلكات ، وراح أكثر من (35 ) ألف أشوري ينزح قسرنا من الموصل التي كانت تضم نحو أكثر من (40) كنيسة ودير ، يعود تاريخ بعضها إلى نحو اكثر من (1500 )عام، بعدما وزع تنظيم الداعش الإرهابي بياناً يطالبهم بترك المدينة، او كما قالوا (ديار الإسلام ) ، واثر هذا الحدث المرعب والنزوح الجماعي ، شهدت القرى المجاورة في سهل نينوى حالات نزوح مماثلة خوفاً من دخول هؤلاء الإرهابيون إليها، وبدا التخريب يعم كنائس وأديرة الأشوريين في الموصل، وقد نشر تنظيم داعش الإرهابي أفلام مصورة يظهر فيها تفجير وتدمير لعديد من المعالم الأثرية وأديرة الأشورية في الموصل، بدءا من دير مار كوركيس الذي شيد عام 1710 م وانتهاء بدير السيدة العذراء الذي تأسس سنة 1858، الى جانب اكثر من عشرين كنيسة منها كنيسة سيدة النجاة، وكنيسة الطاهرة، وكنيسة مار توما، وكنيسة البشارة، وكنيسة ام المعونة، وكنيسة عذراء فاطمة، وكنيسة مار كوركيس، وكنيسة الروح القدس، وكنيسة ومار يوسف ..الخ ، ولم يكتفوا هؤلاء الإرهابيون بتدمير وتفجير الكنائس وطرد الأشوريين من الموصل بل واصلوا طغيانهم ليشمل حتى القبور الموتى الأشوريين حيث قاموا هؤلاء الأوغاد بجرف مقابر الخاصة بالأشوريين في منطقة وادي عكاب بالجانب الايمن من مدينة الموصل وربما في الأيام القادمة سنشهد جرف ما تبقى من مقابر الأشوريين .
ان أعمال العنف التي يشنها التنظيم الإرهابي (داعش ) الواسعة النطاق ضد الأشوريين والتدمير المنظم لرموزها الدينية أو الثقافية من كنائسهم واديرة الأشوريين، و يستمر هذا النزيف وهذا التخريب لتمتد يد هؤلاء الإرهابيين الى صميم حضارة امتنا الأشورية ،حضارة العراق الأصيلة، ليتم تدمير الآثار الأشورية التي يرجع تاريخها الى اكثر من سبعة ألاف سنة قبل الميلاد بغية محو الهوية الأشورية من مدينة الموصل (نينوى ) - حيث تعتبر نينوى على الصعيد التاريخي، عاصمة الإمبراطورية الآشورية التي حكمت العراق لقرون عديدة - وطمس معالمها بكون نينوى عاصمة للآشوريين، التي تضم مواقع أثرية تعود للحقبة الآشورية من القرن الحادي عشر وإلى 612 قبل الميلاد وأشهر المواقع الأشورية الأثرية هي مدينة (كالح) التاريخية أو (نمرود) التي بناها الملك آشور ناصربال (885-860 ق.م)، ومما يؤسف بن كل هذه المواقع الأشورية في (الحضر) الأثرية التي تبعد حوالي 70 كلم جنوب غربي الموصل، و(نمرود) التي تقع وسط الموصل، التي اتخذها الملك الآشوري( شلمنصر الأول ) عاصمة ثانية للإمبراطورية الآشورية عام 1273 قبل الميلاد بعد العاصمة الأولى (آشور)، والى غيرها من المواقع، كلها اليوم مهددة من قبل عصابات (داعش ) ومهربي الآثار، فقد قام تنظيم داعش الإرهابي بتدمير بعض الأطلال النادرة للحكم الآشوري القديم في العراق لأغراض إعلامية بينما قام بعملية واسعة لتهريب الآثار الى جهة مجهولة، وقد نشرت صور تبين عن حصول أعمال نبش عشوائية وسرقة لمواقع أثار في نينوى ، وعن عمليات تهريب منظمة لقطع أثرية كبيرة على متن شاحنات اتجهت الى سوريا ومن ثم الى تركيا ، ويذكر بأن تجارة الآثار تعتبر من أهم مصادر التنظيم داعش الإرهابية، حيث بينت تقارير الاستخبارات البريطانية والأمريكية " أن تنظيم داعش ينشط في تهريب الآثار وبيعها، وكثير من التفجيرات التي يقوم بها تأتي للتغطية على هذه الجريمة" ، وقد تعرضت أغلب الأماكن الأثرية في موصل ( نينوى ) إلى سلب ونهب وعمليات بيع جلبت على بائعيها بكثير من الأموال ، وفيما هو متعلق بالآثار القديمة فان الكنائس والمزارات الأشورية المسيحية وكما يفتي تنظيم داعش الإرهابي هي خارجة عن التشريع الديني ويجب ان تُهدم ويصادر ما فيها من أملاك، وقد حصل هذا مع الكنائس الدينية والأديرة الأشورية التي تعود لمئات من السنين والتي فيها إيقونات و كتب ومخطوطات نادرة لا تقدر بالثمن وقد قام داعش التنظيم الإرهابي بأخذ العديد من الآثار والمنحوتات والمخطوطات وقاموا ببيعها عبر تجار ومافيا تهريب عالمية بدأت تأتي الى العراق من مختلف قارات العالم وهي متخصصة بتهريب الآثار، فهذه المافيا تتعامل مع داعش لان لديها معلومات وعبر سماسرة، بان عقيدة داعش تعتبر الآثار من المحرمات ويجب ان تدمر او تصادر او تباع وان تستخدم أموالها في الجهد الحربي لهم لتشريعات دينية هم يعتمدونها حيث ينظرون للموجودات الحضارية والتاريخية والأعمال الفنية على أنها مخالفة للدين الإسلامي وينبغي التخلص منها لذ وجد هؤلاء المهربين من داعش غير ممول لهم .
ونشرت صحيفة كارديان البريطانية تقريرا جاء فيه "أن تنظيم داعش حصل على حوالي 36 مليون دولار أميركي من مبيعات الكنوز الأثرية التي سرقها مقاتلوها في منطقة جبل القلمون السورية " فكيف الحال مما سيبيعه من الآثار المسروقة من الموصل...؟
علما بان متحف الآثار في الموصل والذي يقع في قلب المدينة اليوم هو بحوزة هؤلاء الإرهابيين ، والمتحف يضم كنوزا مهمة من الآثار الأشورية ، وتضم مدينة الموصل أكثر من 1600 موقع أثري، أهمها آثار مدينتي (الحضر) و(نمرود) .
فمن ينقذ نينوى الأشورية، حضارة وتاريخ ......! وكل ما فيها
باتت عرضة لدمار وأصبحت الآثار الآشورية والمواقع الأثرية والإنسان الأشوري بهويته المسيحية عرضة للخطر جراء ما تقوم بها التنظيمات الجهادية التكفيرية من دمار هائل ، وعلى العالم وهيئة الأمم المتحدة التحرك سريعا لمساعدتنا على حماية الإرث الحضاري و الوجود الأشوريين في بلاد ما بين النهرين، لأن سلوكيات عناصر داعش تؤكد أنهم متورطين في الانتهاكات الإنسانية ويسعون لتغيير الواقع السكاني لمحافظة نينوى وتهجير الأشوريين المسيحيين منها .
فداعش وشركاؤه من الذين تواطئوا معه وشكلوا حواضن لرعايته وإدلاء على أبناء مناطقهم للاقتصاص منهم طمعا بسرقة ممتلكاتهم والاستحواذ على مدخراتهم، هو عار يلحق اليوم بالمتخاذلين والمتعاونين من أهالي الموصل ومن الذين يسهلون لداعش تنفيذ أجندته ضد الأشوريين المسيحيين في الموصل، لان ما تم فعله في المدينة ضد الأشوريين الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى كونهم يؤمنون بالديانة المسيحية ، لن يمحو من ذاكرة الزمن ومن التاريخ، ولن ينساه العراقيون الشرفاء، بعد أن كشفت كل أوراق تنظيم داعش الإرهابي وأنصاره، وصار الحديث عن ثورة والثوار شيء لا أساس له لان الوقائع تظهر عكس ذلك ولم يعد القبول بها ، وان السكوت عنها يعد جريمة بشعة ومخزية لمرتكبيها، وان كان معارضو العملية السياسية قد وجدوا في داعش ضالتهم لاستغلال الواقع للحصول على مكتسبات في التشكيلة الحكومية المقبلة، وان كانوا يحاولون إيهام الرأي العام أن لهم دورا في المعارك الجارية أو إدارة المناطق المغتصبة، وهو ما تدحضه الحقائق على الأرض التي تؤكد أن صاحب الكلمة العليا هي عصابات داعش التــي لا ترضى بأية شراكة مع الآخرين، وإن أبدوا تأيدا لهم، فان كانوا ينسبون أنفسهم متعاونين مع هؤلاء الإرهابيين ومؤيدين لهم بما يرتكبونه من جرائم الإبادة للمكون الأشوري المكون الشريك لهم في الوطن إضافة بما يقومون به من تدمير لحضارة وطنهم فهم حقا مجرمين وليسوا اقل من عصابات داعش أجراما في حق وطنهم ومن ثم بحق الإنسانية وبحق الأشوريين ، وبتالي هم حكموا على أنفسهم بالفشل والعار وجزائهم هو كجزاء من يخون الوطن و يخرب تراث وتاريخ شعبه ، وان أسفنا ان نرى المتعاونين مع هؤلاء التتر وهولاكو الجدد القادمين من مزابل باكستان وأفغانستان ويمن وسعودية وشيشان ومن لف لفهم من الأوغاد ومن الموبوءين بالجهل والتخلف لينفذوا سمومهم وعقدهم السادية لتدمير أبناء العراق وحضارتها ، حضارة الأشورية ،فهؤلاء ليسو بمسلمين بل لبسوا ثوب الإسلام ليعبثوا بالأرض فسادا كما فعل التتر والمغول وهولاكو بالعراق، وليوم يعودوا ليجعلوا من نينوى الحضارة والتاريخ خراب وأكوام الرماد لتفوح منها رواح النتنة كما تفوح من أجساد هؤلاء الغزاة الجدد ولحياهم روائح الجيفة وأخلاقيات منحطة بالرذائل وذلك باستباحة الجنس وفق ما يحلو لهم، فيطلقون فتأوي (جهاد النكاح) في مدينة نينوى وهي أول مدينة في تاريخ البشرية كتبت مسلة الأخلاق الفاضلة في مسلة ( ادد ) احد ملوك الأشوريين الذي حكم في نينوى ق.م ، أننا هنا لا نقارن- لأنه من الخطأ كل الخطأ أن نقارن بين من بنو حضارة وبين أوغاد يدمرون الحضارة .....! ولكن أسفنا وعتابنا للعراقي الذي احن قامته أمام هؤلاء السفاحين ومصاصين لدماء من حثالة القتلة واللصوص فتعاونوا معهم في قتل حضارة أمتهم (حضارة وادي الرافدين) قبل قتل وتهجير أخوانهم الأشوريين على ارض نينوى .
فان لم يكن الساقطون ممن تكالب من بعض سماسرة السياسة مع هؤلاء المتاديولوجيين بعقيدة سلفية كافرة متخلفة والقادمين من خارج البلاد، لما كانوا هؤلاء يدنسوا ارض الحضارة، في وقت الذي كانت موصل محمية بجيش والشرطة وقوى الامن ما يكفي لصد أية هجوم مهما كانت قواه، ولكن ان لا تشتبك هذه القوة مع عصابات داعش فتلك هي الجريمة ...!، ليحدث أبشع هزيمة لها، وليتم لداعش بين ليلة وضحاها السيطرة بالمطلق على المدينة، وتجلس على عرش الحضارة لتعبث بها دون ردع، ولتفتح أبواب الجحيم في غفلة من الزمن في نينوى الحضارة والتاريخ ، فيستباح باب نركال ..وباب الشمس......! وان الملك (أشور با نيبال) حتى مماته سعى لبناء مكتبته لتكون الاولى في العالم تجمع كل علوم ومعرفة الإنسانية والفكرية والعلمية في العالم، ليستفاد منها أبناء نينوى ولتوقظ الذاكرة الإنسانية ، ولكن للأسف ترك ابن نينوى مصير عاصمته وذاكرته للقتلة الأوباش من الساقطين والمهووسين بقطع الرؤوس وقطاع الطرق ولصوص ليقتلعوا أبناء الأوائل الاصلاء أحفاد( أشور بنيبال) و (سنحارب ) وليدمروا كل مآثر ملوك أشور، بل كل ما امنوا به بعد دخولهم المسيحية، من الأديرة والمزارات والكنائس ... فأية همجية هذه التي فتحتها قوة (داعش) في بلاد أشور التي كانت ولا تزال وستبقى منبع الخير والنور والتقوى والمغفرة والتسامح والمحبة بين جميع الأديان والطوائف والقوميات.
بهذه القيم تربى المواطن العراقي، وهي بكل تأكيد تتقاطع وقيم (داعش) الإرهابية الدموية، فعمدوا إلى امحاء كل هذه الشواهد والرموز والقيم الحضارية والروحية من الأديرة والكنائس والمقابر من بلاد أشور واستيلاء عليها عبر أوسع وأقذر جريمة لتهجير واضطهاد الأشوريين منذ مائة عام أي منذ عام 1914 ، و تحت قوة السلاح والشعارات الدينية العدائية للمسيحية الأشورية والألفاظ النابية وعبر مكبرات الصوت ومنابر الجوامع وبأسلوب هستيري وكتابة شعارات على بيوتهم -كما ذكرنا سابقا - بوضع رمز ( ن) أشارة لكون البيت يسكنه نصراني فيصبح هذا العقار تابع لممتلكات داعش الإرهابي، ومن ثم ينهبون محتوياته ويطرد ساكنيه ويتركونهم يسيرون على الإقدام الى خارج مدينتهم لتصبح موصل ولأول مرة في تاريخها خالية من الأشوريين ومن المسيحية، والذين هم من اسسو المدينة وهم من بنوا فيها اكبر حضارة في العالم القديم واليوم يطرد هذا المكون الأصيل من قبل أوغاد القادمون من شيشان وأفغانستان وباكستان ومن لف لفهم من المجرمين وللصوص والقتلة ، وكل هذا حدث ويحدث أمام أنظار الحكومة العراقية، وأمام أنظار الشعب العراقي وأمام أنظار حكومات دول العالم والأمم المتحدة ، ولم يتحرك المجتمع الدولي وظل ساكناً على كل ما يحدث للأشوري العراق من جرائم وحشية ومن نزوح جماعي واسع .
واليوم مطالب الضمير الإنساني والمجتمعات الدولية لتدخل وإعادة الأشوريين الى ارض اشور، ارض أجدادهم وحضارتهم، وعدم الوقوف في دائرة الاستنكارات للأفعال الإجرامية التي يقوم بها تنظيم داعش الإرهابي، بل بالعمل الجاد لاستئصال دابر هذا تنظيم، قبل ان يستفحل قواه في المنطقة فيحيلها الى خراب ودمار .




#فواد_الكنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اه يا عراق... الدماء فيك صار نهر ثالث...!
- الخندق الانتحاري في العراق
- يا وطن متعب انا بشرقيتي
- اين وطني من هذا الوطن.....!
- انا العراق
- في الذكرى المئوية لحرب العالمية الاولى وعدم الاكتراث بمصير ا ...
- تاملات في مائة عام من العزلة
- فواد الكنجي ، دراسات ومختارات شعرية
- الجحيم هو الاخرون.. سارتر و الفلسفة الوجودي
- اللامنتمي وقيمة الوجود الانساني عند كولن ولسن
- الوجود العبثي والتمرد عند البير كامو
- بواكير الفلسفة الوجودية
- الهروب ... تكتيك ام فشل ....؟
- فلسفة الفن .. بين الجمال والابداع الفني
- المواطنة و الوحدة الوطنية
- الانتخابات فرصة العراقي لتغير
- الهرولة نحو البرلمان
- اليساريون و الديمقراطية الاشتراكية
- الاخلاق و ثقافة العنف في العراق
- ديوان الشعر الحر دراسة جماليات في الشعر الحديث


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فواد الكنجي - تنظيم داعش الارهابي يطارد اشوريو نينوى و يخلي المدينة من وجودهم