|
الألم النفسي : قراءة للحالة ألعربية الإنتحارية (3)
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4524 - 2014 / 7 / 26 - 19:24
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الألم النفسي : قراءة للحالة ألعربية الإنتحارية (3) هل تنتحر الأمم ؟ وما هي طبيعة هذا الإنتحار ،إذا كانت الإجابة بالإيجاب ؟ وهل هناك أمل ، بأن يعود المُنتحر إلى الحياة ؟ وهل يعني الإنتحارُ الموتَ الإكلينيكي ؟ يكمُن ألفرق بين حالات الإنتحار الفردي والحالة الإنتحارية المجتمعية ، في ألتأسيس ألنظري لدراسة حالات الإنتحار أو محاولات الإنتحار ألفردية أو الجماعية ، والتي ما تنتهي عادة بالموت ألفعلي ، بينما ألحالة الإنتحارية المجتمعية ، فهي ميل سلوكي للإنتحار ، بمعنى "الإنعزال " والإنسحاب ، عن مواكبة تجليات الحياة المُعاصرة ، وإنتاج أنماط فكرية وسلوكية تؤدي في نهاية المطاف إلى إمتصاص جذوة ألحياة ونسغها من عروق الأمة ، ألشعب أو المُجتمعات . وكما كان دأبي في المقالتين السابقتين ، فإنني سأُحاول إستقراء "خاصيات " الألم ألنفسي على ألحالة العربية المُعاصرة . ومن هذه الخاصيات التي تحدثتُ عنها سابقا خاصية البلبلة والصعوبات الإدراكية . ويُمكننا الجزم بشكل قاطع بأن المُجتمعات العربية تعيش حالة عسيرة من البلبلة والصعوبات الإدراكية ، فالمُجتمعات العربية تعيش في عالم أصبح قرية صغيرة ، ووسائل الإتصال والتواصل ، تكشف أمام المُجتمعات العربية وكل يوم من جديد ،إنجازات على كافة الصُعد ، العلمية ، التكنولوجية وحتى العسكرية ، بينما هذه المجتمعات مُجرد مُستهلك . والأنكى والأمر من ذلك ، بأن المجتمعات التي تقود هذه الطفرة المعرفية ، هي مُجتمعات ليبرالية ، ديموقراطية بل ومُلحدة في غالبية أفرادها ومُواطنيها . هذه المُجتمعات فصلت الدين عن الدولة ، تكفل الحرية لمواطنيها ، حرية التعبير والحريات الفردية الأُخرى . لا تُقدس سوى "الإنسان " بشكل عام . بينما المُجتمعات العربية والتي "تُقدس " الموروث الإجتماعي والديني ، ومؤمنة بغالبيتها دينيا ، تصطف لتلقي العون والمساعدة من هؤلاء الذين فصلوا أنفسهم عن الدين والتراث . إذن ، هل يُمكن أن تصل المجتمعات العربية إلى التخلي عن "مُعتقداتها " و"مُقدساتها " ، وليست الدينية بالضرورة ، وتصل إلى "تبني " فكرة فصل الدين عن الدولة ، وضمان الحريات الفردية والعامة ، وعدم الحجر على حرية التفكير ، كوسيلة ممُكنة للإنضمام إلى ركب المجتمعات الحية ؟ بينما ترّبى المجتمع العربي على أن "نجاحه " يكمن في ماضيه ، أي في إستشراف وبناء المستقبل بأليات ألماضي . من الصعب تقبل ألفكرة ، بل وإدراكها ، بأن طريق الخروج أو خطوة الألف ميل ، تبدأ ، بتذويت فكرة أن "واقعها " المرير هو نتاج لأنماط فكرية ،تشكل وتخلق فجوة بينها وبين المجتمعات الحية والمُقبلة على الحياة . لذا نرى المجتمعات العربية في حالة من عدم الإدراك لمُسببات وضعها ، بل وتتمسك بهذه "المسببات " كما يتمسك الغريق بقشة . هذا التناقض الصارخ بين الرغبة باللحوق بركب الحضارة الإنسانية ، "وركوب " قاطرة القرن الواحد والعشرين ، بدون أن تمتلك المجتمعات العربية الأدوات اللازمة والضرورية ، أو حتى بدون أدوات ، يمنعها من القدرة على الرد بشكل ديناميكي على الأحداث ، ويضعها في خانة الجمود بكل أشكاله ، والجمود الفكري على وجه التحديد . فالفكر"السائد "، هو في إجترار للماضي وبخلق حالة من الوعي المُنقطع عن الحاضر . وكلما حاولت المجتمعات أن تُواجه التحديات المُعاصرة ، فإنها تكتشف بأنها عاجزة عن ذلك ، مما "يثبّتُ" حالة عدم الرغبة وعدم القدرة على الفعل . إن التردي المُستدام للمجتمعات العربية ، أفقدها القدرة على الإحساس ،بأن لوجودها معنى ومضمون ، وأدخلها في حالة شعور بالفراغ الداخلي . فراغ قاتل تُحاولُ ملأهُ ، بما تجده تحت يديها ، لكن مخزونها الموروث لا يلبي الحاجة ، خصوصا وأنها أكتفت به وأستغنت به عن ما سواه ، وقامت بخلق وعي زائف ، سرعان ما انكشف زيفه أمام أول تحد علمي ، سياسي أو عسكري .. ومع ذلك يبقى الجواب على السؤال دون إجابة ،وهو ، هل ستتمكن المجتمعات العربية من إسترداد "حياتها" ، بعد أن دخلت في حالة موت سريري ؟ وما هي مُسببات الألم ألنفسي المُفدي الى الإنتحار ؟ وكيف تتمظهر الحالة الإنتحارية في الواقع العربي المأزوم ؟.. للحديث بقية .
.
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألحرب وألأخلاق
-
الألم النفسي : قراءة للحالة ألعربية الإنتحارية (2)
-
مردخاي كيدار : دكتور في -الإغتصاب -..!!
-
داعش : الإستثناء عن -القاعدة - ..!!
-
التنزيه لسياسات أليمين الإسرائيلي ..!!
-
أنا فلسطيني شريف .. نقاش هاديء مع الزميل ماجد جمال الدين .
-
حياة جدعون ليفي في خطر ..!!
-
الإعلام الإسرائيلي : لا صوت يعلو فوق صوت دوي المدافع .
-
ألشعب أليهودي بين التنظير والواقع ..
-
أخوية ألدم ..!!
-
-أفضال- الإسلام السياسي ..
-
الألم النفسي : قراءة للحالة ألعربية الإنتحارية
-
أوباما ألواعظ ..!!
-
ألأحزاب -ألعربية - في إسرائيل : قيادات بلا جماهير ..!!
-
الأطفال الفلسطينيون ..لا بواكي لهم .
-
ألعقل نقمة ..!!
-
نتانياهو نصير الشعوب !!
-
قيمة أخلاقية جديدة ...كراهية ألعرب .
-
سلام الله على الأغنام ...مع الإعتذار للأغنام الحقيقية!!
-
حماس وإسرائيل : تقاطع مصالح أم -حصان طروادة - الفلسطيني ؟؟!
المزيد.....
-
من أثينا إلى بيروت.. عمال خرجوا في مسيرات في عيدهم فصدحت حنا
...
-
بيربوك: توسيع الاتحاد الأوروبي قبل 20 عاما جلب فوائد مهمة لل
...
-
نتنياهو: سندخل رفح إن تمسكت حماس بمطلبها
-
القاهرة وباريس تدعوان إلى التوصل لاتفاق
-
-حاقد ومعاد للسامية-.. رئيس الوزراء الإسرائيلي يهاجم الرئيس
...
-
بالفيديو.. رصد وتدمير منظومتين من صواريخ -هيمارس- الأمريكية
...
-
مسيرة حاشدة بلندن في يوم العمال
-
محكمة العدل الدولية ترد دعوى نيكاراغوا
-
خردة الناتو تعرض في حديقة النصر بموسكو
-
رحيل الناشر والمترجم السعودي يوسف الصمعان
المزيد.....
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
يوميات على هامش الحلم
/ عماد زولي
-
نقض هيجل
/ هيبت بافي حلبجة
-
العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال
...
/ بلال عوض سلامة
-
المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس
...
/ حبطيش وعلي
-
الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل
...
/ سعيد العليمى
-
أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم
...
/ سعيد زيوش
المزيد.....
|