أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي الذيب - أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 49 - الآيات الناقصة















المزيد.....

أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 49 - الآيات الناقصة


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 4522 - 2014 / 7 / 24 - 09:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الأصل في الكلام ذكر ما يدُلُّ على العنصر المراد بيانُه من عناصر الجملة. إلاَّ أنّ أهل اللّسان اعتادوا أن يحذفوا من الجملة عناصر يفهمون معانِيَها دون ذكر ألفاظها، لكثرة الاستعمال، أو لورود الجملة على طريقة الأمثال، أو لوجود قرينة تدُلُّ عليها من قرائن الحال أو قرائن المقال. فما اعتاد أهل اللّسان أو اعتاد البلغاء منهم على حذفه، أو هو ممّا يمكن إدراكُه بسهولة إذا حُذِف، فإنّ ذكره يُعْتَبر إسرافاً في التعبير يتحاشاه البلغاء. ويرى علماء البلاغة العرب أن الحذف خمسة انواع: الاقتطاع والاكتفاء والتضمين والاحتباك والاختزال. ولن ندخل هنا في التفاصيل.

ولا شك في أن الإيجاز قد يخفي في بعض الأحيان بلاغة في التعبير، بخلاف الإطناب والتكرار الممل، ولذا يقال: "خير الكلام ما قل ودل". ونذكر هنا مثالاً ما جاء في الآية 39-7 : 160: " وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا". والجملة كاملة هي: "وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ [فَضَرَب مُوسَى بِعَصَاه الْحَجَر] فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا". وعامة ينظر المؤلفون العرب للمحذوفات في القرآن من منظور اعجازي، دون أي نقد، وإلا عرضوا أنفسهم للقتل أو الإقصاء. ولكن لا شك في أن الإيجاز قد يقود الى إخلال في الفهم، فيصبح تعجيزاً.

وقد ظهر لنا من خلال ترجمتنا للقرآن، كما ظهر لعدد من المترجمين الآخرين، حتى المسلمين منهم، أن بعض الآيات مقتضبة أو ناقصة، مما يجعل فهمها صعباً دون إضافة كلمات للنص وفقاً لتقدير المفسرين، اعتماداً على قرائن، مع احتمال الخطأ والصواب. ولذلك يتم في الترجمات إضافة كلمات بين قوسين بهذا الشكل [] لتوضيح معنى الآية أو يتم الإشارة الى ذلك بقوسين مع ثلاث نقاط بهذا الشكل [...] دون أية إضافة. وهذا يبين المشاكل التي تعترض مترجمي النص القرآني. فالقارئ المسلم الذي يقرأ القرآن بالعربية يمر على الآيات مرور الكرام دون مناقشة أو حتى دون شعور بنقص، فهو إن لم يفهم آية يعتبر ذلك عيباً في مقدرته العقلية وليس في نص القرآن. أما المترجم فإنه في حاجة لفهم النص القرآني حتى يقدم للقارئ الذي لا يفهم العربية نصاً مفهوماً في لغته، وإن وجد اقتضاباً أو نقصاً في النص أشار إليه من خلال استعمال القوسين كما ذكرنا. وبما أن القرآن ذاته يطالب بإعمال العقل والتدبر في معانيه: "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ" (92-4 : 82)، رأينا للأمانة العلمية أن نضع مثل تلك الأقواس باللون الأحمر في نص القرآن حيث نظنها ضرورية وفقاً لفهمنا أو لفهم مترجمين آخرين، ولكن دون أية إضافة حتى لا نقحم على النص القرآني كلاماً ليس فيه، ودون أي جزم من طرفنا. ونحن ندعو القارئ للتوقف عند هذه الأقواس والنظر في صحة أو خطأ مثل هذا الاحتمال وفقاً لفهمه هو عملاً بالحديث: "استفت قلبك ولو أفتاك الناس".

ونشير هنا الى أننا لم نأخذ بكل الإضافات التي تتضمنها الترجمات عامةً بهدف التوضيح. فعلى سبيل المثال تضيف تلك الترجمات القائل (إبراهيم) في الآية "قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا" (44-19 : 47) وفي آيات مماثلة كثيرة. ولكننا رأينا عدم فعل ذلك حتى لا نثقل على القارئ الذي يفهم من هو القائل بعد التمعن في مضمون الآيات السابقة لها. ونشير هنا الى ان فهم عدد من الآيات الناقصة مستحيل دون اللجوء الى كتب التفسير التي هي ذاتها متضاربة ومختلفة لم تُجمع على راي واحد أو إلى الأساطير اليهودية التي تعج بها تلك الكتب (أنظر مثلا الآيات 38-38 : 34 و 38-38 : 44 و87-2 : 124). وهنا تأتي أهمية معرفة مصادر القرآن.

وننقل هنا ما يقوله معروف الرصافي في هذا الخصوص:
مما يختص به القرآن في تراكيبه ومبانيه دون غيره من الكتب المنزلة وغير المنزلة كثرة الحذوف والمقدرات في التراكيب. اقرأ كتب التفسير المطولة لا سيما التي عني مؤلفوها ببلاغة القرآن وفصاحته كالكشاف للزمخشري مثلاً، فإنك لا تكاد تجد آية خالية من حذف وتقدير. وإنما يقدر المفسرون هذه المحاذيف لتوجيه الكلام وتخريجه على وجه يكون به معقولاً ومفهوماً أكثر ... فبالنظر الى هذا يجوز أن نسمي القرآن "كتاب المحاذيف والمقدرات". ونحن نعلم أن الحذف جائز في الكلام، بل قد يكون واجباً مما تقتضيه البلاغة وتستلزمه الفصاحة، ولكن الأصل في الكلام هو عدم الحذف. فإذا كان في الكلام حذف فلا بد من أمرين أحدهما المجوز أو المرجح للحذف، والآخر وجود قرينة في الكلام تدل على المحذوف، وإلا كان الكلام من المعميات والأحاجي، وكان المتكلم به كمن يقول: ايها الناس افهموا ما في ضميري. نحن لا نقول أن محاذيف القرآن كلها من قبيل المعميات، بل فيه من المحذوف ما تقتضيه البلاغة وتدل عليه القرائن، وفيه ما ليس كذلك .

وقد اعتمدنا في كتابنا هذا على مصادر مختلفة لتحديد المحاذيف والمقدرات في القرآن، أهمها كتاب السيوطي: الإتقان في علوم القرآن وتفسير ابن عاشور: التحرير والتنوير ومقال محمد لعجال: ظاهرة الحذف البلاغي في القرآن الكريم وكتاب علي عبد الفتاح محيي الشمري: دلالة الاكتفاء في الجملة القرآنية. وهذا المصدر الأخير يرفض استعمال مصطلح "حذف" الذي لا يليق بالقرآن، ويفضل عليه مصطلح اكتفاء، وهو في الواقع استبدال كلمة سلبية بكلمة إيجابية توصل إلى نفس النتيجة، إلا أن هذا المؤلف يشكك في كل ما اعتبر محذوفا في القرآن ويبرره. فهو يقول:

أنَّ مصطلحَ الحذفِ كما عُرِف عند النحويين، لا يتناسبُ مطلقًا مع القرآنِ الكريم، فالقرآنُ كلامُ الله تعالى الذي "لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ" (61-41 : 42)، وسيغبرُ "أحسن الحديث" (59-39 : 23)، فهذا المصطلحُ يُشعِرُ بالطَّرْح . لا يُمكن – تحت أيِّ عنوان كان – أنْ يكونَ لنا شأنٌ – ونحن مخلوقون – أو تدخلٌ في الحكم على كلامه تعالى من جهةِ القولِ بحذفِ شيءٍ منه، أو أنَّ فيه زيادةً يـمكن طرحُها مع بقاءِ المعنى سليمًا . إنَّ المعاني القرآنيةَ ساميةٌ متكاملةٌ لأنـَّها "مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ" (48-27 : 6) لا يعتَوِرُها نقصٌ. فالنصُّ القرآنيُّ بألفاظِه المذكورةِ دالٌّ علـى المُرادِ بِما يُغني عن تقديرِ مَحذوفٍ مزعومٍ .

وتجدر الإشارة هنا إلى ان تحديد ما هو محذوف يتطلب تبحراً في مضمون النص القرآني ومقارنة الآيات بعضها ببعض. ونفس الأمر فيما يخص التقدير، أي تحديد العنصر الناقص في النص، وهو أمر ظني في بعض، إن لم يكن في أكثر الأحيان قد لا يتفق عليه اثنان. ويطرح هذا الأمر مشكلة الحكم على النص "الإلهي" وادخال تحسين عليه، مما يعتبر نسفاً لقدسية القرآن وتجني عليه. ونجد بعض الباحثين المسلمين في هذا المجال يضيفون عبارة "والله أعلم" عند اقتراحهم تقديرا لمحذوف.


د. سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
كتبي المجانية : http://www.sami-aldeeb.com/sections/view.php?id=14
حملوا طبعتي العربية للقرآن بالتسلسل التاريخي والرسم الكوفي المجرد : http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315
حملوا كتابي عن الختان : http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131
ومن يجد مشكلة في التحميل، يمكنه الاتصال بي على عنواني التالي: [email protected]
مجموعة اخطاء القرآن اللغوية والإنشائية https://www.facebook.com/groups/Koran.mistakes/



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 48 - نقد الأخ حسن منصور
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 47
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 46
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 45 - آيات مقطعة الأوصال 5
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 44 - آيات مقطعة الأوصال 4
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 43 - آيات مقطعة الآوصال 3
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 42 - آيات مقطعة الآوصال 2
- هل ستتكرر احداث الأندلس؟
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 41 - آيات مقطعة الآوصال 1
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 40 - اعتماد علامات الترقيم ا ...
- سامي الذيب - مفكر وباحث أكاديمي - في حوار مفتوح مع القراء وا ...
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 39 - علامات الترقيم والجمل ا ...
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 38 - ايهما الصحيح؟
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 37 - نظرية التضمين (نهاية)
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 36 - نظرية التضمين (تتمة)
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 35 - نظرية التضمين
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 34 - كل شيء عند العرب صابون
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 33 - ان هو إلا وحي يوحى
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 32 - اسرار الإلتفات في القرآ ...
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 31


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي الذيب - أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 49 - الآيات الناقصة