تعليم التعذيب للأطفال...

غسان صابور

الحوار المتمدن-العدد: 4520 - 2014 / 7 / 22 - 22:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

استطعت الاتصال عبر سكايب بمراسل لبناني, حتى استفسر عن واقعية تعذيب طفل لبناني, لطفل سوري أكبر منه بسنة أو سنتين.. ونتائج تحقيقات السلطات اللبنانية. فأجابني هذا المراسل المحترم.. أنها كانت لعبة أطفال.. نعم أطفال.. وهم جيران.. وكانت اللعبة بحضور الأهالي.. وبرضاهم... وهذه اللعبة العجيبة الرهيبة التي صورها أحد الأهالي ودامت لأكثر من دقيقتين.. وتناولتها عدة وسائل تواصل (اجتماعي).. حتى وصلت لعدة وسائل إعلام كبرى, بعديد من المدن العربية والأجنبية. ويمكنكم أن تتصوروا مقدار احترام المشاهدين لهذه الفيديو لنا.. ولنوعية تسليات أطفالنا... ولو كنت قــاض في لبنان, لحرمت نهائيا هؤلاء الأهل من مسؤولية تربية أولادهم.. وحتى حـرمانـهـم من إنجاب أولاد آخـريـن... ولكننا في لبنان.. بلد العجائب والغرائب.. ومسموحات وممنوعات بلا حدود!!!...
إلى أين وصل التغاضي والإهمال في بلادنا.. حتى أصبح تعذيب أطفال لأطفال.. تــســلــيــة.. تسلية مباحة يضحك لها الأهل مشجعين.. مصفقين.. وحتى مخرجي فيديو قصير تلفزيوني.. يبث على شاشات التواصل (الاجتماعي).. وبئس اجتماعي.. وبئس مجتمع... أو هل أصبح لبنان ومجتمع لبنان وشعب لبنان الذي كان يعلم العالم العربي كله أصول التهذيب واللياقة والإنسانية وحسن التربية.. بهذا التغاضي وقبول العنف.. وتربية العنف.. حتى أصبح أطفاله يتسلون بتعذيب الضعيف منهم؟؟؟!!!... ويقولون لــعــبــة!!!... كم أنا أبكي على هذا البلد وشعب هذا البلد الذي كنت ألــجــأ إليه في الخمسينات من القرن الماضي, كلما بحثت عن استراحة سياسية وفكرية أو كتابية... أو ملجأ لحاجتي من الأوكسيجين الفكري النقي... واليوم.. اليوم أصبح صغاره أغرار تعذيب.. إذن ما آل إليه كبارك يا لبنان... وما آل إليه اليوم مصير مليون ونصف المليون لاجئ ســوري جــاءوا إليك هربا من التفجير والترهيب والموت... آمــل لــهــم ألا يهربوا من الدب.. حتى يقعوا في الــجــب كــالــعادة...
جـل ما أخشى, أن تدخل هذه اللعبة الوحشية الفريدة, في العادات والتقاليد, أو أن تصبح من الرياضات التي تبدأ كتسلية في باحات المدارس, ككرة القدم مثلا.. ومن ثم تدخل في البرامج المدرسية والجامعية.. وتصبح مادة رئيسية في التعليم من الحضانة حتى الجامعة والدكتوراه... نظرا لأجواء العنف والقتل والاقتتال الذي يسود المنطقة بكاملها... وخاصة لضياع المجتمع الإنساني, وسيادة العنف والكراهية والحقد المختلف المنشأ والمسببات الغبية, في كافة البلدان العربية اليوم... والتي تتناسى يوما بعد يوم مطالبها الأساسية ووعيها القومي وسعيها... لحياة أفضل...
آمــل ألا يــتــرك ما تبقى من الأنتليجنسيا اللبنانية والسورية.. أو العربية عبور هذا الحدث كأنه قصة (خيالية) في مسلسل تلفزيوني رخيص مفتعل للتسلية فقط.. وأن يتابع دوافعه وأسبابه البسيكولوجية والفكرية والاجتماعية.. ولما لا السياسية.. أو حاضناته الغبائية المفتعلة.. دون هوادة.. والتحقيق بعمق. ومحاولة السعي لعدم انتشاره.. لأنه سوف يزيد أمراضنا النفسية والتقاليدية شطورا وصفحات, سوف يصعب معالجتها.. كالعديد من الأمراض والعادات والتقاليد التي ورثناها.. وما تزال تنخر بجيناتنا والعديد من طرق معيشتنا وتربيتنا...
هـل أصرخ من جديد في وادي الــطــرشــــان؟؟؟... من يدري؟؟؟... من يدري؟؟؟!!!...
ــ للتذكير :
لمشاهدة الفيديو الدخول على الــ YouTube وكتابة
" طفل لبناني يعذب طفل سوري بإشراف والده"
************
على الـهــامــش :
ــ لكي لا ننسى غــزة
كلما أكتب, ســـأذكركم ألا تنسوا غــزة وأهل غــزة من الفلسطينيين. أكثر من ستمائة قتيل وآلاف الجرحى وآلاف البيوت والمدارس والملاجئ ودور العبادة.. وخاصة المستشفيات التي تضرب بالقنابل من الطيران والمدفعية والبحرية الإسرائيلية بلا هوادة من الجيش الإسرائيلي... حتى هذا المساء... شــعـب فلسطين يقتل... شعب فلسطين يــجــر إلى الفناء.. وشعب فلسطين مقاوم صـامـد.. يـعـلـمـنـا الكرامة ووقفة الــعــز والحياة!!!...
سأذكركم... ســأصـرخ معه كي لا ننسى فلسطين...
لأن فلسطين وشعب فلسطين.. ما زالا يعلماننا أن الحياة وقــفــة عــز...
بــــالانــــتــــظــــار...
للقارئات والقراء الأكارم الأحبة.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي.. وأصدق تحية طيبة مهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا

#غسان_صابور (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل