بعض القول حول مفهوم الامة الاسلامية

جمال عبد الفتاح

الحوار المتمدن-العدد: 4519 - 2014 / 7 / 21 - 21:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لايوجد فى علم الاجتماع امة اسلامية , اى امة على اساس العقيدة وهذا الكلام لايقول به غير تجار الدين كالاخوان ومن على شاكلتهم , هذا مفهوم شديد الرجعية يقوم على فكرة عنصرية اساسها الاستعلاء على باقى البشر , المخالفين لك فى الدين , وفى هذة الحالة عليك ان تسلم بوجود امة يهودية وامة مسيحية , وهو ما يريدة نيتنياهو والكيان الصهيونى ويصر على انتزاع الاعتراف بة من الشعب الفلسطينى فى الفترة الاخيرة , والاساس الفكرى العنصرى الذى يفضح حقيقة هذة المفاهيم العنصرية قول العنصريين الاسلاميين انكم " خير امة اخرجت للناس " والمقابل لها لدى اليهودية انهم " شعب اللة المختار " , والمسيحية لديها نفس المفهوم العنصرى . اما علم الاجتماع فيرى الامه ظاهرة اجتماعية تاريخية ظهرت مع المجتمع الراسمالى , اى تطور تاريخى لمجموعة من البشر , سكان لمنطقة جغرافية محددة , يصنعون لانفسهم حياة مشتركة اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية وروحية عبر تاريخ طويل , يصبح معها الوطن ليس مجرد جغرافيا بل اساس لعملية تطور , تتبادل فية البيئة وفعل الاجتماع البشرى التاثير المتبادل , اى خلق جدل التطور , بمعنى الصراع فى اطار الوحدة حتى لا يتحقق الاندثار للمجموعة البشرية فى دفاعها عن وجودها الخلاق ضد الطبيعة والغزوات الخارجية , والدين فى هذة الحالة المتغيرة دائما عنصر محدود من عناصر الثقافة , ويخضع لتاثير العناصر الاخرى ـ من فنون وآداب وافكار ومعمار ومعتقدات سابقة ـ لهذا الشعب او ذك فى اطار عملية تطور تاريخى , تؤثر فيها الهجرات البشرية والغزوات فى الاطوار الاولى , ثم الامبراطوريات الكبرى من اول امبراطورية رمسيس الثانى الى امبراطوريات الفرس والرومان حتى الامبراطوريات الاستعمارية فى العصر الحديث . والدين فى هذة العملية المعقدة لظهور وتطور الشعوب والمجتمعات هو منتج اجتماعى ويشكل عنصرا محدودا كجزء من الثقافة بشكلها الواسع فى اطار هذة العملية التاريخية الطويلة جدا من الانسان البدائى القطيعى , الى الجماعات المستقرة نسبيا مع الزراعة , الى القبائل والعشائر والاسر وظهور الطوطم والسحر كثقافة , ثم وصولا للدولة والمدينة والشعب وتعدد الالهة ثم الالة الواحد , وفى تطور هذة العملية التاريخية وتبلور صفات خاصة ثقافية ونفسية لهذة الشعوب , والوطن الذى يشاركهم صنع حضارتهم بتضاريسة وانهارة وامطارة الخ , والتى لا يمكن ان تكون مغلقة ـ الا فى حالات نادرة ـ بسبب الهجرات والانتقال والغزوات المستمرة التى نقلت الحضارات , واهم مافيها ادوات العمل والعلم والثقافة , من بلدان الى اخرى , ومن قارات الى اخرى , ودفعت التطور الاجتماعى التاريخى للبشرية الى الامام . فتشكلت القوميات لتصل اْْوج تطورها فى الامة كظاهرة اجتماعية مع سيادة نمط الانتاج الراسمالى وسيادة الطبقة الراسمالية على الدولة والمجتمع . بداية من بلدان اوربا وامريكا الشمالية منذ ثلاثة قرون , ثم الانتقال بشكل مشوة الى بلدان العالم الثالث مع انتشار ظاهرة الاستعمار العسكرى المباشر عبر العالم . فما هو حدود دور الدين الاسلامى والاديان الاخرى فى عملية التطور الاجتماعى التاريخى للبشرية حتى وصلت لطور الامة الذى لم يكن موجودا قبل العصر الحديث , وكاْى ظاهرة اجتماعية ستئول الى الاضمحلال , وانتقال البشرية الى اطوار اخرى من التطور الاجتماعى , ما بعد الامة .
ما من دين صنع امة , انها مغالطة رجعية كبيرة , تستفيد منة القوى الرجعية المحلية لاستمرار مصالحها وسيطرتها على مجتمعاتها المتخلفة , وتوظفة الامبريالية الامريكية والاوربية لخلق اعداء جدد , بعد سقوط الاتحاد السوفيتى والحرب الباردة , للسيطرة على شعوبها واخذها فى معارك ضد الاعداء الخارجيين , كالامة الاسلامية صاحبة الدين والحضارة الارهابية, لتستمر سيطرتهم على شعوب العالم ونهب ثرواتها تحت زعم صراع الحضارات , فمفهوم الامة الاسلامية اذا عنصرى ومعادى للعلم وشديد الرجعية . والمحزن ان بعض التيارات اليسارية المزعومة تقدمة باسم خصوصية التطور فى مجتمعاتنا الشرقية استخذاءا امام قوة التيارات الاسلامية الرجعية فاشية الطابع لضعفها وهوانها , وبالنتيجة تقدم خدمة جليلة لقوى الرجعية المحلية والعالمية , على حساب الشعوب وثوراتها .

#جمال_عبد_الفتاح (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات