أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناصرقوطي - أربع قصص قصيرة جدا














المزيد.....

أربع قصص قصيرة جدا


ناصرقوطي

الحوار المتمدن-العدد: 4503 - 2014 / 7 / 5 - 15:21
المحور: الادب والفن
    


ذكرى

مرة.. عند ناصية لجسر صغير، ليس بعيدا عن بيت الطفولة، قرب النهر وبين حبيبات رمل الجرف حفرت حفرة صغيرة ودفنت فيها قلامات أظافري، غرست في قلبها شاهدة بيضاء كشراع صغير، ريشة من جناح نورس كان قد نفق على الجرف. كانت كلمات جدتي لما تزل تتصادى مرتعشة وهي تنهي حكايتها /إنها جزء منك فادفنها كان الصوت يرن بأذني فحفرت بأنامل طفل صغير قبرا صغيرا وواريت فيه الأهلّة الصغيرة، حتى إذا عدت لاهثا بكل مرح الطفولة عرفت بأن جدتي تلفظ أنفاسها الأخيرة فيما اختنقت باحة البيت بوجوه غريبة. حين حل الغروب حملوا الجنازة وخلا البيت وألفيتني وحدي لاهثا مرة أخرى إلى الجرف، وهناك، هناك فقط كانت مياه النهر تجري على غير عادتها وهي تجرف القبر الصغير مع الشاهدة، ومنذ تلك اللحظة التي غدوت فيها وحيدا بدأت أقص الحكايا لنفسي، وغدا كل شيء حنظلا وبمرارة الذكرى البعيدة التي لن تعود، ولن تعيد لكهولتي براءتها الأولى التي دفنت هناك، عميقا في رمل الذاكرة الهرمة، التي ما زالت تذرو رمال حكاياها ـ وبكلمات باردة ـ بحثا عن ذلك الطفل الذي لن يعود.




تردد...

أعرف البنائين الفقراء..!.. مؤجري السقالات الحديد، الذين يفطرون بالبصل وكسرة خبز وكثير من الأحلام وأكواب الشاي والسجائر ليعودوا إلى ذويهم بلقمة تقيهم التسول، كما أعرف أغنياء الساسة الذين يروّجون للفرقة والذبح. أعرف طيبة وعوز جميع القصاصين والشعراء وهم يستدينون علبة دخان وصحيفة، وبحذاء مثقوب يدوسون الوحل في أزقة "البجاري" والطرق الأخرى التي يلثمها الغبار ويدفعون بكلماتهم دون مقابل، بكثير من الصدق وعناد الطفولة ليتحدوا الظلام. أعرف كل الذين يفتتون الأحلام من حولنا..!.. وأعرف جيدا جميع الجدران والسجون بدءا من قلاع أقنعة الحكام العروبيين وسرير الزوجية حتى الوظيفة وانتهاء بالأصدقاء. ولكن لم يتسن لي يوما إحصاء الجدران التي تتصاعد في داخلي والسجون التي تصفق أبوابها في وجهي، وتمد قضبانها لتطبق عليّ بين لحظة وأخرى، وتوقف جلاديها على شرفات أحلامي وتهب للشرطة السبق بأن يصرخوا بي: حذار أن تتقدم أكثر..






أمنية...

منذ أعوام خلت، قبل أن تطلي الأعوام رأسي بالفضة، كنت أنهض كل ليلة وأضيء سراج ضوء لأمي العليلة، وهي تثقل رأسها المثخن بالرؤى وتهمس مع نفسها ( ماأسرع أن تداهمنا الشيخوخة.) كنت أضحك في سرّي ولسانها يبسمل ويلثغ بالدعاء فيما تتعثر بأطراف ثوبها الأسود الطويل. والآن حين عبرت الخط الأحمر لصراط الشباب أصبحت أدرك مغزى كل كلمة كانت تفضي بها وكيف تتسرب الأعوام وتفر عصافير الأحلام من حضن أقفاصها الدافئة لتترك بقايا رفيف أجنحتها على ماخلفته من ريشات صبوتها ، حتى بت أحلم بالرجوع إلى الوراء عسى أن تكون الأعوام التي مرت تعادل ماتبقى من رماد السنين التي قد لا تجيء.





تيـه...

ما أوحش أن تخذلك الكلمات ويغلّفك وهن التعبير عما يدور في بالك ومن حولك، فيما يشرئب من قلبك ذلك الطفل العنيد، الذي يستفزك كلما حاولت نسيانه وهو يمد أصابعه الرقيقة إلى الورقة ليصنع منها زورقا يبحر فيه , يلقيه في اقرب نهر ويسافر , وحيدا , بعيدا عن كل أقنعة الوجوه. تكاد تقنعه , تفهمه ألا جدوى من الرحيل فكل المسافات قحط، وكل الدروب لا تفضي إلا لرحيل، حتى الكتابة ماعادت تفضي لشيء إلا لبوح ذليل، بينما الطفل لايني يهمس إليك وقد أدركه وهنك وفضض هامته عذاب الطريق... ( علام إذن تسوّد وجه بياض الورقة، ولم يبق من العمر ما يغري ويستحق عناء الانتظار..!! ).. ( ولكن ماذا سأصنع بما تبقى من سنين غير تيهي وترحالي في هذي السطور، ماذا تبقى سوى أن أحلم، وهل هنالك من بديل..!! ).. قلت ذلك وقد أطرق في جفول ثم همس من جديد.. ( لاشيء سوى الرحيل، سأظل أقولها، حتى تعود لرشدك، دع أكذوبة الكلمات التي لم تفض بك إلا لسوء المصير.. ألا ترى مافعلت بك حصباء السنين، فما الذي يؤنسك هاهنا غير ماتبقى من وحشة الدرب الطويل، طريقك الذي ضل تحت أقدام القساة من العابرين، وليس أمامك من خيار.. ).. و.. رأيت أصابعي _ على حين غرة _ تتسلل خلسة للورقة، تطويها باحتراز من كل زاوية لتصنع منها زورقا، وتظل عيناي ترنوان للطريق، تبحثان عن بركة أو نقعة ماء ولكن..!!.. كان كل من حولي وماحولي يكتفه العراء، وقد تاه مني الأثر والطفل الدليل.



#ناصرقوطي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص قصيرة جدا
- تهافت التهافت
- وطن بين الأرانب والسلاحف
- نص
- تصريح أخير لااعتزال الكتابة
- أيتها الشعوب العربية
- الكفاح دوّار والطغاة في دوار
- قصة شيطان وملائكة
- ماحدث قصة
- قصة الزورق
- نصوص قصيرة جدا
- قصة جدار
- المضمر من علامات الترقيم
- خلوة حارس الكرسي الدوار
- انتظار الظل
- ليل الأبد
- حلم غريق
- لعبة
- حلم يقظة
- مايتبقى من البياض


المزيد.....




- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناصرقوطي - أربع قصص قصيرة جدا