العمالة الوافدة :وكأس العالم ليس في قطر

محمد خضر خزعلي

الحوار المتمدن-العدد: 4488 - 2014 / 6 / 20 - 15:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

شهدت الفترة السابقة خلافا كبيرا بين الدول الخليجية وصل لحد المقاطعة الدبلوماسية فيها بين محورين : الاول بقيادة السعودية والامارات والكويت , والثاني بقيادة قطر , ومن الطبيعي ان يلحق هذه المقاطعة شلل في العلاقات نتيجة الى اسلوب اتخاذ القرار في تلك الدول القائم على النموذج المعرفي في صنع السياسة الخارجية اولا , ثم اعتبار نظام الحكم هو النظام السياسي والدولة ثانيا , ثم ما الى تقاليد الثقافة العربية من سطوة على تفكيرنا اذا ما تآزرت مع العاملين السابقين , حيث تفرض على الاصغر سنا انصياعا تاما للأكبر بغض النظر عن صحة موقفه ام لا ودون تميز بين القطاع الحياتي التقليدي والسياسي الدولي , وضرورة احترام الشيخ والتغني بأمجاده وما يلحقها من توتر اذا ما حصل العكس.
كتبت "لوري بوغارت" عن قضية الفساد التي اثيرت حول استضافت قطر لكأس العالم , وهناك الى جانب الفساد عدة اسباب منها ما هو مضحك ومنها ما هو منطقي ومنها ما قد يهدد منطقة الخليج بأسرها , واهم ما وجه الى قطر:
1-ارتفاع متوسط درجات الحرارة في وقت اقامة كأس العالم , وهنا فالحرارة المرتفعة تؤثر على اداء اللاعبين مما يعني ضرورة ايجاد حل لهذه المشكلة , وكان الحل ببناء ملاعب مكيفة ومبردة.
2-ان مجموع مواطني دولة قطر لا يزيدون عن 250 الف مواطن , وهذا العدد لن يكفي لملأ الثمانية ملاعب التي تبنى حاليا للإقامة فعاليات كأس العالم.

لكن اهم سبب يرافق قضية استضافة قطر لكأس العالم هو الطريقة التي تبنى بها الملاعب.
حيث تعتمد قطر على مئات الالاف من العمال الوافدين , الذين يعيشون ويعملون بما يشبه السخرة , فغالبية عمال البناء وعلى الخلاف من بعض المحترفين والفنيين لا يقبضون رواتب لعدة اشهر , ويعيشون بغرف صغيرة مكدسين فوق بعضهم البعض , ولا يسمح لهم بالمغادرة قبل انتهاء فترة الاقامة , في حين جوازات سفرهم تحتجز من قبل الكفيل لشد الخناق عليهم اذا لم ينصاعوا للأمر الواقع , في حين يأتي بهم اصحاب الشركات الخليجية المتعاقدة مع الحكومات للقيام بأعمال البناء , ويبلغ عددهم في قطر بالنسبة للمواطنين حوالي 88% من اجمالي عدد السكان البالغ 2.1 مليون.
ويتوقع بعض الباحثين ان تقوم الولايات المتحدة بالضغط على دول الخليج ومنها قطر لأجراء اصلاحات جذرية , وضرورة الاستفادة من الموجات التي يقوم بها المجتمع الدولي فيما يخص حقوق الانسان والعمال والوافدين بما يتناسب مع القوانين الدولية في هذا المجال.
وهنا فأن الضغوط المقبلة على قطر والخليج عموما يدعمها عدة اسباب منها : تصاعد موجات مؤسسات المجتمع المدني والدولي المطالبة بالحقوق استنادا الى الاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الانسان والعمال والمهاجرين.

ومن ناحية اخرى يعد التقارب والانفتاح الحاصل بين ايران والولايات المتحدة , و تصاعد نداءات دول الوافدين بضرورة تغير سياسات دول الخليج تجاه وافديها من جهة ثانية , يعني ان هذا الامر يمثل خللا ما في ميزان القوى الدولي من وجهة نظر الخليج , الامر الذي قد يضغط على هذه الدول لضمان رسمي لحقوق هؤلاء العمال والعمل تدريجيا على تغير دساتيرها لأمرين , الاول لتحصيل المواطنين الخليجين مزيدا من الحرية والعمل السياسي , وثانيا نتيجة الضغوط الدولية بضرورة اعمال الديمقراطية والاستجابة للضغوط الخاصة بالوافدين.
ثم ان للتصاعد المنتظم والمتمهل في وعي العمال الوافدين والبدء بالمطالبة بحقوقهم والقيام بمظاهرات بهذا الشأن دورا كبيرا في عمليات الضغط على الحكومات الخليجية خصوصا ان هذه العمالة تقوم بلفت نظر المجتمع الدولي لوضعهم من خلال عمليات التخريب والعنف , وتصوير ونشر مقاطع الفيديو التي تصور بؤسهم وعبوديتهم , الامر الذي يمثل حرجا للعدالة الخليجية , كمحاولة للضغط على السلطات الخليجية لإجبارها على تقديم تنازلات طمعا بمزيد من الحقوق.

#محمد_خضر_خزعلي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل