أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - مرة ثانية .. الصفر التاريخي














المزيد.....

مرة ثانية .. الصفر التاريخي


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4477 - 2014 / 6 / 9 - 19:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مرة ثانية .. الصفر التاريخي
جعفر المظفر
في مقالتي المعنونة ( كيف يولَّ عليكم تكونوا) ذكرت ان قولة (العراق بلد الشقاق والنفاق) كانت نُسبت للإمام علي, وجاء العديد من الأخوة المحاورين لكي يؤكدوا أنها كانت للحجاج, وهذا هو الصحيح.
لا شك أن هناك سوء إستخدام مبيت لهذه المقولة, بعد أن تم نقلها من فم الحجاج إلى فم بن ابي طالب, والهدف من ذلك واضح. لما كان الشيعة يقدسون عليا فإن مقولاته بالتالي تصبح مقدسة ونافذة المفعول ولا يجوز لهم الإعتراض عليها. ومقالة كهذه, وأخريات من نفس الطبيعة, ستجعل حالة بؤسهم وعوزهم الأخلاقي حالة قدرية, بل ان عليهم الرجوع إليها لتفسير حالة التردي التي يعيشونها كونها قدر إلهي يجب القبول به والخنوع له وذلك لتسديد دين تاريخي صار واجبا عليهم أن يدفعوه إلى يوم القيامة.
بهذه وغيرها من الأفكار تم بناء ثقافة الصفر التاريخي, التي كنت قد اشرت إليها في مقالتي السابقة, كونها ثقافة تستخدم مشهد الإستشهاد الحسيني العظيم بإتجاهات هدفها حصر العراقيين في مساحة من الندم وتقريع وجلد الذات, والحرص على أن يظلوا ويضلوا في تلك المساحة ولا يخرجون منها إلى أخرى يشعرون فيها أنهم مثل غيرهم من الناس يستحقون وطنا ناهضا مستقلا وحياة أفضل.
في الحرب العراقية الإيرانية جرى تشكيل فصائل من الأسرى العراقيين سميت وقتها بفرقة التوابين. والتوابون بالأصل هم مجاميع العراقيين الذين شكلوا جيش المختار بن أبي عبيد الثقفي الذي قاد حرب الثأر من قتلة الإمام الحسين. وهم توابون بمعنى أنهم أرادوا التكفير عن جريمة خذلانهم للإمام الحسين ونكوصهم عن نجدته.
إعادة العراقيين إلى زمان تلك الواقعة وإستعمال نفس عناوينها هي محاولة لا تنفصل عن محاولات بناء مساحة الصفر التاريخي. أما في تلك الحرب فالإيرانيون هم الذين ينتقمون من قتلة الحسين, وأما الخميني فقد كان المختارالذي أعطى لأولئك المخطئين فرصة التكفير عن ذنوبهم المارقة.
ولا شيء فعله المالكي بعد ذلك سوى محاولة نقل معركته ضد خصومه ومنافسيه إلى مساحة الصفر التاريخي يوم لبس درع وخوذة المختار ودعا العراقيين الشيعة إلى القتال معه من أجل الإنتقام من قتلة الحسين.
ولأن تعبئة بهذا الإتجاه لا يمكنها أن تحقق نتائجها المطلوبة ما لم يكن هناك توابون.
ولأنه لا يوجد توابون بدون بشر يعيشون عقدة الشعور بذنب خذلان الإمام الحسين والتخلي عن نجدته.
لذلك فإن ثقافة جلد الذات والشعور بالذنب يجب أن تبقى دائرة على مدار الساعة حيث تجري إعادة الشيعة العراقيين إلى مساحة الصفر التاريخي لمنعهم من الخروج إلى ساحة الدولة المدنية.
إن ذلك سيغذي معركة العزلة التي تسعى الهيئات الدينية لإبقائها مشتعلة لغرض إستمرار هيمنتها على جماهير الشيعة ومنع إنضمامهم إلى دولة أخرى هي الدولة المدنية وبما يحقق أيضا للأحزاب الشيعوية القدرة على تحقيق أعلى درجة من درجات التعبئة الجماهيرية.
هذه الهيئات والأحزاب لا تملك غير ثقافة الصفر التاريخي في مواجهة خصومها ومنافسيها, ففي حين يملك الشيوعيون خطابا طبقيا معروفا والبعثيون خطابا قوميا والوطنيون خطابا وطنيا فإن جماعة الهيئات الدينية والإحزاب الشيعوية لا يملكون سوى ثقافة الصفر التاريخي, وهي الثقافة التي يتم من خلالها على الدوام شحن بطارية الشعور بالذنب وجلد الذات والبحث عن قاتل الحسين في ساحة المنافسين والخصوم.
نعم .. الشيعويون ليسوا وحدهم في ساحة الصفر التاريخي تلك, إذ ان للتيارات الوهابية التكفيرية صفرها التاريخي أيضا, كما أن السلفيين هم صناع مهرة لمساحة الصفر ذاك, لكني اعتقد أن أن رد فعل الشيعة يأتي هنا سلبيا أيضا, فبدلا من أن يقارعوا ثقافة الصفر التاريخي السني من خلال إستراتيجية تتأسس على قضية الخروج من مساحة صفرهم إلى حيث ثقافة الدولة المدنية أراهم يلجأون إلى مزيد من التمسك بها وتفعيلها بشدة لكي يتحول البلد إلى ساحة قتال بين (روافض ونواصب) وحيث تجري بشكل بارع عملية إلغاء التاريخ أو توكيل صناعته إلى أحزاب وهيئات ثقافة الصفر التاريخي, سنة كانوا أم شيعة.
وما الذي تقدمه ثقافة الصفر التاريخي للشيعة العراقيين, أنها لا تقدم لهم شيئا بل تقدمهم وقود حرب بعد ان تحفز في إعدائهم التكفيرين ثقافة تحليل قتلهم كونهم ليسوا أكثر من (روافض كفرة وعملاء للفرس الصفويين).
وفي مساحة كهذه يتراجع الإهتمام بحاجات الناس اليومية وتتراجع أيضا حاجتهم إلى بناء دولة مستقلة ومتطورة أمام الإنشغال التاريخي الأهم بعملية جلد الذات والتكفير عن الذنب والشعور بدونية العراق, بلد الشقاق والنفاق !!.
وسوف لن يكون صعبا تصور ان الحل لتسقيط معركة قتل الشيعي لا تتم من خلال البقاء في ساحة الصفر التاريخي التي ستجعلهم فريسة للإرهاب ومشروعا خالدا لعملية القتل الحلال, وإنما الحل يكمن في اخراجهم من ساحة الصفر التاريخي إلى مساحة الدولة المدنية الوطنية حيث يجري في هذه الساحة تعطيل كل ألغام ثقافة الصفر التاريخي, الموجهة بعضها للهيمنة عليهم من قبل مستغليهم والبعض الآخر لجعلهم مشروعا للقتل التكفيري اليومي الحلال.
ولا شيئ يمنعنا حينها عن التفكير بأن التمسك بتفاصيل ثقافة الصفر التاريخي الشيعي, إن لم يكن جرى ويجري بإشراف من الجارة إيران, فهو حتما سيصب في مصلحتها المباشرة, وخاصة بوجود السلطة الفرسوشيعوإسلامية التي تسعى إلى تحقيق هيمنتها السياسية على مناطق تواجد الشيعة العرب من خلال دمجهم في مساحة وثقافة الصفر التاريخي وإقتطاعهم من دولهم المدنية



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خوزية موخيكا
- الصفر التاريخي
- إسعف فمي .. قصة قصيدة, وبعض قصة عن شاعرها العظيم وعنا
- قراءة غير رقمية لنتيجة رقمية
- حينما يكون إسم ابيك عبدالزهرة
- مخاطر التجديد المفتوح في دولة تحت التكوين
- كيف يولى عليكم .. تكونوا !
- يوم كنا لا نحتاج إلى كلمة سر
- النوم مع الشيطان
- الأغلبية السياسية .. مسرحية ما قبل الحصاد
- الإمتناع عن التصويت .. تصويت
- فرص الفوز العظيم ما تزال قائمة
- الفوز لمالك الوطن أم لوطن المالكي
- فرصتان ضاعتا فلا تضيعوا الثالثة
- ضد الطائفية أم ضد طائفي
- الذبح على الطريقة الإسلامية
- قارئ كف
- خندق بغداد
- لعن الله القاعدة وداعش والطائفيين أيضا .. (ثالثا)
- لعن الله القاعدة وداعش والطائفيين أيضا .. ثانيا


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - مرة ثانية .. الصفر التاريخي