أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الصفر التاريخي














المزيد.....

الصفر التاريخي


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4467 - 2014 / 5 / 29 - 14:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ما هي لحظة الصفر التاريخي ..بالنسبة لي كعراقي, إنها لحظة في اعماق التاريخ تذهب إليها مجموعة من الناس لتغيب فيها ناسية بعدها العودة إلى اللحظة التي تحركت منها. ولحظة الصفر التاريخي التي اتحدث عنها هنا هي بالضبط تلك التي تتعلق بقضية إستشهاد سيد الشهداء الحسين بن علي بن أبي طالب وعظماء آخرين من سلالته مثل الإمام موسى الكاظم(ع).
من المؤكد إنني هنا لا أقلل من عظمة الإستشهاد لأن محاولة بهذا الإتجاه سوف لن تنال رضا أي إنسان يؤسس أحكامه على قواعد أخلاقية مجردة وحتى لو لم تكن له اية علاقة بالدين.غير إني أرى إن الإمام الحسين قد قتل مرتين. مرة على يد يزيد ومرة على يد كل من حاول أن يجعل من قضية إستشهاده مناسبة للبكاء والنحيب متجاوزا العبر العظيمة لمعركة الإستشهاد. وأرى أن شر القتلتين هي القتلة الثانية, ففي حين إستطاعت القتلة الأولى أن تنحر جسد الحسين لتحوله إلى أحد أعظم الشهداء في التاريخ فإن القتلة الثانية تحاول ان تنحر روحه وتسلب منه معنى البطولة والإستشهاد لتحوله إلى مجرد مظلوم مسكين ومستحق للرثاء.
وأتساءل .. كيف يمكن لشعب ان يجلد نفسه ويعاقب ذاته بالطريقة التي يفعلها الكثير من شيعة هذا اليوم ؟!
لا اظن أن الأمر بعيد عن تخطيط هدفه تعطيل شعب وبلد بكامله وإخراجه كاملا من مسيرة التاريخ إلى حيث يعيش الماضي بكل تفاصيلة المؤلمة, والتي أشدها إيلاما هي تلك التي تتجلى من خلال عملية خطف شعب بكامله, وإيداعه في زمان لا يمكن العودة عنه, وفي مكان لا يمكن الخروج منه.. إنه مكان وزمان الصفر التاريخي, حيث لا شيئ قبله ولا شيئ بعده, وحيث كل زمان هو عاشوراء وكل مكان هو كربلاء.
وفي تلك المساحة, مساحة الصفر التاريخي قدر لهذا الشعب أن يبقى باكيا لاطما يمتهن الحزن ويتجرع مرارة الخذلان, جالدا ذاته, وملطخا جبهته بوحل جريمة أقنعوه زيفا بانه كان إرتكبها.
إن كثيرا من القوى كانت ساهمت في صنع هذه المؤامرة, نعم المؤامرة.
هناك منابر البكاء واللطم التي ترتزق من دم الحسين وتتاجر به وترى أن إستمرارها مرتهن فقط بقدرتها على أن تلقي القبض على الشعب في مساحة الصفر التاريخي تلك وتبقيه هناك يبكي خذلانه للحسين متحولا إلى شعب مسكون ومعطل بعقدة الذنب.
وهناك أيضا الكثير من رجل الدين المعممين الذين يساهمون باشكال مختلفة في بقاء الشيعة في منطقة الصفر التاريخي لأن خروجهم منها يعني إمكانية خروجهم على الطاعة الكهنوتية التي تؤدي شيئا فشيئا إلى تراجع دولة الحوزة لصالح دولة الوطن.
ولقد ظلت منطقة الصفر التاريخي هي المنطقة المفضلة لدى صفوي الفرس, ففيها أيضا, ومن خلال ثقافتها تجري العودة الواضحة لرد الصاع صاعين لمن هدموا الإمبراطورية الفارسية. وإن ما تهدم بعناوين إسلامية تتم اليوم إعادة بنائه بذات العناوين, وواحدة بواحدة والبادئ أظلم, أو على قول الأخوة المصرين (كان غيرك أشطر).
وإن كان شيعة إيران يشاركون أقرانهم طقوس الحزن على الخفيف فهم لا يشاركونهم أبدا عقدة الذنب التي ترهق التاريخ والإنسان العراقي ولا يمارسون عقوبة جلد الذات تكفيرا عنها, ولا يشغلون أنفسهم في البحث عن قاتل الحسين من بين صفوفهم أو على أراضيهم.
ونفس إتجاه الحديث يمكن ان يطبق على الصهاينة والغرب وكل له مصلحة في بقائنا في منطقة الصفر التاريخي.
واليوم فإن هذه المنطقة بدأت تضيق الخناق على شيعة العراق, ومن خلالهم على العراق جميعه, بعد أن تهيأت لقوى الإسلام السياسي الطائفي فرصة الإستيلاء على السلطة وبعد ان تبين تماما أن هذه الأحزاب لا تملك ثقافة خارج منطقة الصفر تلك. وبدلا من عشرة أيام من عاشوراء صار كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء, فما تنتهي مناسبة حتى تأتي أخرى لأن المطلوب ان تتسع دائرة الصفر التاريخي لكي تكون هي كل الأزمنة وكل الأمكنة.
وبالأمس فقد سهل أمر الهيمنة على الشعب الصيني العظيم حينما أغرقوه بالحشيشة والإفيون.
ويوم أن شاء ماوتسي تونغ أن يعود بشعبه إلى الحياة مرة اخرى صارت مهمته الأولى أن يخرجه من منطقة الصفر التاريخي حيث جرى تخديره وتعطيله.
أما العراق فليس بمقدوره العودة إلى عافيته ما لم يخرج الشيعة من منطقة صفرهم التاريخي, تاركين جلد الذات تكفيرا عن جريمة لا علاقة لهم بها.
وحينما يعودون عن تلك المنطقة سيكون أثمن ما يحملوه معهم قصة رجل عظيم كان إستشهد على أرضهم ودفع دمه ودم أهله وصحابته دفاعا عن موقف اخلاقي سيكونوا قادرين على إحترامه لو أنهم إرتقوا لمستواه بالعمل والأخلاق والصدق والأمانة والنزاهة لا بالنحيب وجلد الذات ومبايعة اللصوص ودجالي الطائفية اللعينة ودعاة ثقافة الصفر التاريخي.





#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسعف فمي .. قصة قصيدة, وبعض قصة عن شاعرها العظيم وعنا
- قراءة غير رقمية لنتيجة رقمية
- حينما يكون إسم ابيك عبدالزهرة
- مخاطر التجديد المفتوح في دولة تحت التكوين
- كيف يولى عليكم .. تكونوا !
- يوم كنا لا نحتاج إلى كلمة سر
- النوم مع الشيطان
- الأغلبية السياسية .. مسرحية ما قبل الحصاد
- الإمتناع عن التصويت .. تصويت
- فرص الفوز العظيم ما تزال قائمة
- الفوز لمالك الوطن أم لوطن المالكي
- فرصتان ضاعتا فلا تضيعوا الثالثة
- ضد الطائفية أم ضد طائفي
- الذبح على الطريقة الإسلامية
- قارئ كف
- خندق بغداد
- لعن الله القاعدة وداعش والطائفيين أيضا .. (ثالثا)
- لعن الله القاعدة وداعش والطائفيين أيضا .. ثانيا
- لعن الله القاعدة وداعش والطائفيين أيضا ..
- (السيسي) المصري .. و(السيشي) العراقي


المزيد.....




- تنورة شفّافة بالكامل..إيفا لونغوريا تخطف الأنظار في مدريد
- كيم كارداشيان بفستان من ريش -قديم- في ريو دي جانيرو
- فنزويلا تُعبّئ قواتها مع دخول أضخم سفينة حربية أمريكية إلى ا ...
- فيديو متداول لـ-تزوير في الانتخابات العراقية-.. ما حقيقته؟
- -هذه هي أمريكا الفاشية-.. أنيش كابور يهدد بالقضاء بعد التقاط ...
- أول ثلوج الموسم: برد قياسي في جنوب شرق الولايات المتحدة وتحذ ...
- افتتاح أول تلفريك حضري في فرنسا بمنطقة باريس قريبا
- أكتوبر يُنعش بوينغ بأعلى وتيرة تسليم منذ سنوات... دون اللحاق ...
- الانتخابات البرلمانية العراقية: الشباب العراقي بين الإحباط و ...
- أوكرانيا.. اتهام رجل مقرب من زيلينسكي باختلاس 100 مليون دولا ...


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الصفر التاريخي