|
الدم اغلى من وحدة العراق
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4475 - 2014 / 6 / 7 - 17:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ان كانت الاقاليم طريقا لوقف سفك الدماء، فلما لا؟ هذا سؤال منطقي، و على الجميع التمعن و التاني فيه للجواب بحيادية و من منظور الانسانية البحتة بعيدا عن كل الافكار و العقائد و الايديولوجيات و الفلسفات التي من المفروض ان تكون لصالح الانسان جميعا و ان استغلت جميعها ضده و انقلبت عليه . منذ اكثر من عشرسنوات، فلا يمر يوم الا و نسمع عن سفك و نهك و ذبح و قتل هنا، و تدمير و سحل و اعتداء هناك . لم نر دولة و استمرت فيها الفوضى و القتل و الظروف اليائسة كما هو حال العراق و بهذا الطول من المرحلة و بهذه الاستمرارية من الازمة و عدم الاستقرار، انظروا الى بلدان ثورات الربيع العربي و حتى سوريا التي طالت فيها الاحتراب للظروف المعلومة و المواقف المتناقضة للغرب و الشرق، فتحصل فيها التهدئة و السبات من مرحلة لاخرى و رغم التدخلات الفضيحة لجميع البلدان التي لها المصالح وهي المتصارعة على ارضها .اذن لماذا العراق بالذات و لماذا كل هذه الاطالة، ان لم يكن الذات هو السبب و لم يكن هو بما يتسم به هوالعامل المساعد للاستمرارفي هذا الوحل ، وان لم يكن الدافع موجود فيهو يحمله شعبه . الانسان قبل الوطن و اي شيء في الحياة، و الوطن حاجة و وسيلة لراحة الانسان و اطمئنانه و سعادته و ليس العكس تماما، فان كانت الاحزاب و الدولة و اي تجمع او حركة او كيان وسيلة من اجل تحقيق الاهداف الانسانية و معيشته و راحته و سعادته الحياتية، فلماذا الالحاح على وسيلة هي اصلا لصالح الانسان و تحولت الى طالحه و هي الدولة و التشبث بوحدته المركزية. لو تعمقنا في التاريخ البشري، لم تكن الدولة موجودة الا بعد التحضر و التجمع الانساني، و انبثقت من اجل تنظيم حياة الانسان و لتسهيل تحقيق امنياته في جميع المجالات و ليس العكس، اي لم تكن دولة اداة و لم يُفرض على المواطن ان يضحي من اجلها، الا اذا كانت انهيارها يقع بالضد من سعادته و يجلب القهر و الحزن و الفوضى له، فان كان تشتت او انهيار الدولة لصالح مواطنيه و لصالح معيشتهم و سعادتهم و امنياتهم فلا داعي لوجودها اصلا . فالدولة العراقية منذ انبثاقها تاسست على المتناقضات و الاضداد و تاصلت الازمات و المشاكل فيها للاسباب و المصالح البعيدة المدى للدول الاستعمارية، و حققوا اهدافهم الاستراتيجية لحد اليوم . و عليه، لو يدقق اي منا مثلا الحدود الدولية بين الكيانات التي انبثقت بتخطيط الاستعمار البريطاني و الفرنسي و غيرهم في حينه، فان المنطقة بشكل عام و العراق بشكل خاص مزروع بالمشاكل و مسببات الخلافات و ملغم و معرض للفوضى و التحارب مع الدول و بين مكونات الذات في اية لحظة . العراق اليوم يمر بمرحلة خطرة و لم نجد في الافق ما يشير الى تحسن احواله و ظروفه و في حياة المواطنين بشكل عام، و الظروف الاجتماعية و السياسية العامة هي من العوامل الاساسية لعدم اندمال الجرح المستمر منذ عقود مهما ارادت النخبة ذلك، نتيجة الظروف العامة من الناحية الثقافية والاجتماعية و الاقتصادية و ما يتركب منه المجتمع العراقي من الموزائيكية المتشابكة غير المنسجمة من النواحي العرقية و الدينية و المذهبية و حتى الاجتماعية و الثقافية. لو كنا اكثر صراحة فان كانت الخلافات المتعددة قد تغطت لفترة معينة و التناقضات و المشاكل النابعة منها هدات لحدما و لمراحل قصيرة جدا، و لم تُستاصل المشاكل و الخلافات جذريا لاسباب متعمقة مترسبة في العقول و متوارثة للاجيال، فلابد ان يتم لهذه المشاكل عمليات قيصرية و ليس اسكاتها و تغطيتها او اخفاءها لمرحلة ما بمسكن او مخدر مؤقت . اليوم ان كانت الفدرالية و الدستور يساند اقامة الاقاليم، وفق اي اساس كان للمحافظات او عدة محافظات معا، فان الانسجام و العوامل المشتركة بين عدة محافظات ستصبح عاملا مساعدا على التوحد و بناء اقليم موحد ضمن الدولة الفدرالية، لحين اكتفاء المسببات استيفاء المرحلة لما يتطلبه الامن و الاستقرار المطلوب فعنده يستفتى الشعب لازالة الاقليم اذا استوفى الغرض المرحلي له، و اذا استوجب استمراره، ان جلب الامن و الاستقرار و الرفاه و السعادة للشعب فليس من داع الخوف منه . فهل بناء و استمرار وجود حتى الدولة هو من اجل الدولة ام يجب ان تكون لمصلحة الانسان المواطن الذي يعيش فيها . فرض الوحدة المركزية للدولة بالقوة لعمل غشيم و فاشل مهما استمر لمدة معينة، فان لم تكن طوعية و بارادة المواطن الذي يعيش فيها فانها ستتهاوى يوما ما . اليوم و بعد اكثر من عشر سنوات من استمرار الفوضى و التدخلات التي تفرضها البلدان المجاورة و البعيدة ايضا، فانه من الضروري ان يفكر الجميع بعقلانية و واقعية اكثر، و يجب ان يضحي المتسلطون بافكار كلاسيكية بحتة مر عليها الزمان او يجب ان يفرض الشعب عليهم ما لمصلحته، و نحن في مرحلة الاولوية للانسان و حياته و ليس التضحية بالكل من اجل الارض و الدولة التي هي وسيلة ليست الا، كما كان و اعتقد البعض من قبل، و ليس هناك شي اقدس من الانسان نفسه . ان بناء الاقاليم و تعزيز الوحدة الطوعية من خلاله لعمل يفرض نفسه قبل تشتت العراق الى اجزاء متعددة، و سيكون العناد و الاصرار على الحفاظ على المصلحة الحزبية الشخصية بحجة الوحدة الوطنية عمل يؤدي الى ما لا يحمد عقباه على المدى البعيد، ان لم يرضخ المتعنتون للامر الواقع .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاعلام العراقي و الخطوات الى الوراء
-
الاجيال و السمات المختلفة
-
التغيير في العقلية للتاثير على تفسير النظرية ام العكس ؟
-
من نلوم في الحوادث الاجتماعية الكارثية
-
نحتاج لمعارضة فعالة جديدة في اقليم كوردستان
-
ضرورة تنسيق القوى المتقاربة مع بعضها في كوردستان
-
لو كنت رئيسا لاقليم كوردستان ؟
-
مجرد عتاب لبعض الكتٌاب
-
اقليم كوردستان بحاجة الى اعادة التنظيم
-
العراق امام تحديات الحاضر و المستقبل
-
اين اليسار العراقي في هذه المرحلة بالذات
-
حكم الاغلبية و موزائيكية المجتمع العراقي
-
اين المثقفون في تقييم اداء السلطة الكوردستانية
-
البرلمان الكوردستاني و تضليل الشعب
-
من المحق في الخلافات بين حكومة اقليم كوردستان و المركز العرا
...
-
اين نحن من الديموقراطية الحقيقية
-
شاهدت ما لم يشهده غيري
-
كيف يكون تاثير الصراع الاقليمي على اقليم كوردستان
-
تحقيق الهدف المشترك يحتاج الى التعاون و الاخلاص
-
الوفاء سمة الانسان الاصيل
المزيد.....
-
صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان
...
-
ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
-
مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان -
...
-
روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب
...
-
في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين
...
-
عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب
...
-
هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
-
بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس
...
-
نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع
...
-
لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|