أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الله دالي - مواقف قصة قصيرة














المزيد.....

مواقف قصة قصيرة


محمد عبد الله دالي

الحوار المتمدن-العدد: 4464 - 2014 / 5 / 26 - 18:10
المحور: الادب والفن
    


مواقف محمد عبد الله دالي
قبل خروجه ، كان يلقي على نفسه نظرة متفحصة في المرآة الصدئة المعلقة في مدخل البيت ،ما زالت زوجته تلحُ عليه باستبدالها ،كان يقول لها يا أم بهاء، إنها جيدة على أية حال ، لايوجد مثلها اليوم .وعند خروجه ،يبدأ بقراءة الفاتحة والمعوذتين ، ويتأبط مجموعة من الكتب يختارها من مكتبته المتواضعة ، ليبيعها على بعض أصحاب المكتبات أو بائعي الكتب ممن يفترشون رصيف الشارع . وقبل إن يدفع للمشتري الكتب ، كان يقلب كل كتاب ، ويتصفحه ويرمقه نظرة عتاب أخيرة للزاوية اليمنى من الكتاب ، ليودع توقيعه ، كمن يودع ابنه لسفر بعيد ، ويؤكد إصراره على سعر مرتفع أول الأمر ، ثم يعود بعد ذلك ببيع بسعر يفرضه عليه المشتري هكذا حاله منذ زمن ليس بالبعيد ،منذ أن فرضت الحياة حصارها عليه ،يضع نقوده بجيبه مهموما ،إنها لاتسد مصروف اليوم ،يواصل سيره إلى العمل . كان معلما مخلصا ،أصر أن يدَسَ ،بين جمل اللغة العربية شيء من حب الوطن لتلاميذه . كان يغرس في قلوبهم الانتماء إلى الأرض ،والى النهرين والنخيل ،يشعر بلذة العمل ، وفي نهاية الدوام يودع تلاميذه بكلمة تعودوا على خير .. الى اللقاء يا أولاد ... وبخطى تَعِبة ،يَحسُ أن ثقلا على كتفيه ،هموم العمل وهموم العائلة .أو الناس كانَ أبو بهاء ،ذا حسً مرهف ،اجتماعيا ،ودودا وهو ماشياً يلقي بتحيته ،على الأصدقاء ،صاحب الحانوت أو الحلاق وبائع الصحف ، والابتسامة لا تفارق شفتيه . يتوقف قليلا مع البعض منهم ، ليتبادل الحديث ، ولكل واحد منهم رد خاص وسؤال خاص وبطرقته ، يملاء علاقته بألوان المعروفة ألوان ثابتة في حياته اعتاد عليها ، قد تتغير بعض الأحيان . مرت أيام ورأى يديه خالية من الكتب ، انتابه شيء من الحزن أًحسَ إنه فقد أثمن كنز ولاشيء يعادله ،كنز من المعرفة .كان يواسي نفسه أحيانا ، العلم والثقافة هذا يومها ، وستعوض بالمستقبل ، إن شاء الله ، استرجع قواه وسرح بذاكريه ،غاص في مكتبة الخالية .. قرأ شعراً للمتنبي وللجاحظ و لديكنز ولنجيب ، وانسابت الذكريات ، قطع تفكيره صوت ينادي :ــ
ــ أبو بهاء ــ أبو بهاء
ــ انتبه من حلمه الجميل ،
ــ ها ـــ أهلا أبا سعيد
ــ لك عندي أمانة منذ زمن ، قد استعرت منك كتابين ،هما .. الكامل للمبرد .. والأمالي للقالي ، وأنا خجلان جداً لتأخيرهما .. وأكرر اعتذاري .
ــ أجابه ..لا عليك .. لاعليك ، تناولهما بلهفة ، قائلا بخدمتكم ، المكتبة وصاحبها ، وفي قلبه يقول . لو يدري أين أصبحت وأين أمست . ودعه وشيء من الفرح في قلبه ، ثم توقف فجأةً أمام أول ، مكتبة .. ضاعة الفرحة ،أيهما أبيع ،قلب الكامل ، وبسرعة قلب أوراق الامالي شاماً رائحته ، إنها مميزة .،أحسَ بنكهة الورق تتغلغل في أعماقه ، ثم وضع الامالي فوق الكامل ، ونفس الطريقة قلب الكتاب الثاني ثم امسك ،كل كتاب بيد وأخذ ينقل نظراته بينهما ، أيهما يبيع ..أيهما أفضل ..منْ ..منْ ،قطع اختياره قارئ بجانبه قائلا .. بيع هذا .. دفع أحدهما لصاحب المكتبة .. واستمر بالمسير وهو يقلب الكتاب ، وراح يشمُ رائحة الورق الأسمر من جديد ،وعيناه تلمعان ... ولسان حاله يقول ( وخير معين في الزمان كتاب ) كيف لا وقد أعانه على حفظ كرامته


محمد عبد الله دالي الرفاعي
في / تموز / 1997



#محمد_عبد_الله_دالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اخر النذور قصة قصيرة
- شيء من الماضي قصة قصيرة
- حبات من تمر قصة قصيرة
- الزائر الصغير قصة قصيرة
- احلام ربيعيه قصة قصيرة
- الحجاب قصة قصيرة
- عربة الاسعاف قصة قصيره
- داعش وتدعيات الوضع الامني في العراق
- قصة قصيره الكتابة على الرصيف
- الاصرار على الحريه قصة قصيره
- الطبقه العامله ونضالها ضد الظلم والاستبداد
- في المزاد العلني
- المتغيرات في تركيبة الطبقة العاملة
- ربيع أمرأة في السبعبن قصة قصيرة
- لا يأس مع الحياة قصة قصيرة
- مشاركة القوى اليساريه في الانتخابات ما بعد ثورات وانتفاضات ا ...
- صاحب الحديد قصة قصيرة جداً
- وجع السنين قصة قصيرة
- دور القوى اليساريه التقدميه ،ومكانتها في ثورات الربيع العربي
- انتم ربحتم المليون ونحن ربحنا


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الله دالي - مواقف قصة قصيرة