أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الله دالي - لا يأس مع الحياة قصة قصيرة















المزيد.....

لا يأس مع الحياة قصة قصيرة


محمد عبد الله دالي

الحوار المتمدن-العدد: 3622 - 2012 / 1 / 29 - 17:56
المحور: الادب والفن
    


لايأس مع الحياة قصة قصيرة

كان يمتلك جمالاً رائعاً ، وهبهُ الخالق لهُ ، اضافةلهذا الجمال ،كان دمثُ الأخلاق ، حسن المعاملة ، هادئ الطبع ، تحبُهُ عندما تتحدث معه ، عشتُ مع هذا الجمال ،فترة من الزمن ، خلال سني الدراسة المتوسطة حتى اجتزنا الاعداديه ، وافترقنا ، فرقنا الزمن ، وباعدت بيننا الحوادث .. دخلتُ دهاليز الظلام ، وعذابات النظام ، حيث مورسَتْ ضدي شتى أنواع الاضطهاد ، نهضت من ركام هذا الحطام ، حاولت لملمت شتات نفسي ، التحقتُ بركب الحياة من جديد فغاب عن ذاكرتي صديقي العزيز .. شاءت الظروف إن نلتقي في إحدى المناسبات الوطنية ، وجهاً لوجه ، عرفني ، فناداني ، التفت مسرعاً ، حيث مصدر الصوت ،أصلحت من وقفتي !!.. الصوت نفسه اعرفه من بين مائة أو أكثر لم تتغير نبرة صوته ، دنوتُ منه أكثر .. ابتسم بكل ثقة واطمئنان .
ـ هذا أنا يا صديقي ، لا تندهش !!.. بادرته قائلا :ـ
ـ ماذا حل بك ، ما الذي أصابك ؟
ـ آه يا صديقي .. أُصبت بمرض الجدري ، أسلمني أهلي لرحمة الأطباء .. وللأسف الشديد ، كلُ صار ، يبتعد عني، منهم من كان يقول ، إنهُ محسود ، والأخر يقول ، إنها عدالة السماء ، وهذا أنت ترى ما أنا عليه ..
ـ أين ذلك الجمال !!؟
ـ هذا قدري والحمد لله على كل حال .
لا زالت الدهشة ، والألم تسيطران عليّ ، وأنا أقف متسمراً حتى إني نسيت أن أحييه احتضنه ، انتبهت لسؤالهِ .
ـ حتى أنت يا صديقي العزيز !؟
اندفعت نحوه بدون إرادتي ، وعانقته بشوقٍ ، وفي ذهني كمٌ هائل من الذكريات الجميلة ، صورته الماثلة أمامي توحي لي بأشياء وأشياء ،وأهمها أخلاقه الرائعة ازدادت ثقته بنفسه وأحس انه وُلِدَ من جديد ، سألته.:ـ
ـ ألم تعرض نفسكَ على طبيب تجميل ؟
ـ أوه ، أصابني اليأس منهم ، ولا تنسى اليد قصيرة والعين بصيرة .
ـ وأهلك وأصدقاءك ،وبعض المنظمات الانسانيه .
ـ للأسف الشديد ،طرقتُ أبواب عديدة ،تلقيتُ مساعدة بسيطة بالكاد أهلتني لإكمال دراستي .
ـ وأين وصلت بدراستك؟
ـ بكالوريوس علوم حياة .
سادَ صمتُ بيننا لم أجد له تفسيراً ، غير إني أدركتُ في داخلي إنهُ أرادَ أن يمنحني فرصة كافية ، لأتأمل ما جرى لهذا الوجه الجميل ، أقارنُ بما هو عليه ،شوه مرض الجدري خديه ، أحدث فتحة في شفته العليا ، ودمامل وثقوب في أنفهِ ،حتى أذنه لم تسلم من التشويه ، وذراعيه كذلك ،حتى إني شبهته بمخلوق غريب كالذي نراه على شاشة التلفاز .
ـ ها ما رأيك بشكلي الجديد ؟
ـ لأيأس مع الحياة .. والعلم قادر على فعل الكثير .. أجابه :ـ
ـ نعم .. إنا مؤمن بذلك .. لكن أعاني من شيء أخر .هو موقف البعض مني ،كنتُ أحاول جاهداً ، أن أرفع من معنوياته .. قلتُ :ـ
ـ أنت إنسان فريدٌ ومحبوب ، وأردفت متلعثماً ، أقصد رغم التغيير الذي حصل لوجهك ويديك ، لكن تبقى ،صاحب خلق وأدب وتأثيرك لهُ أبعاد رائعة ،وبإمكانك فعل هذا . شكلكَ لن يقف حائلاً بينك وبين ما تستطيع عمله ، على مسرح الحياة ن وخاصة ، إنك تملك حساس مرهفا ، وعقلاً راجحاً ولساناً لافظاً وقلماً رائعا ، ويجب أن تضع بصمتك على صفحات الحياة .
ـ صدقني يا صديقي .. انك أعطيتني فسحة من الأمل ، لم أسمع مثل هذا الكلام من قبل حتى من اقرب الناس لي .ادفعنا في اللحظة لكلينا وتعانقنا عناقا زاد من ثقتنا أكثر وبعودة صداقتنا من جديد بعد طول فراق .
ونحن نتحدث عن هموم الحياة ، منذ أن افترقنا .كان كل كلمة يقولها تحفر في قلبي شرخاً ،لما حدثَ لهُ ، وكان يشاركني ألمي خلال هذه الفترة . ونحن في غمرة ذكرياتنا ، انتبهنا لصوت دافئ ورقيق ،التفتُ خلفي ،وكانت التفاته بتثاقل حانيا رأسهً إلى الأسفل وهو يحاول أن لاتراه ، زميلةُ دراسته ،وقفنا بعد أن ألقت بتحيتها .. وكان ردنا أجمل .. وسألت
ـ أين هذه المدة ؟
ـ أجابها في هذه الدنيا .
ـ قالت حاولت الاتصال بك. لكن قالوا ، إنه اعتكف ، وإنه مريض والأخر يقول ابتعد عن الناس .
ـ ردَ عليها .. ها أنت ترين ؟
ـ ما أراه طبيعيا جداً .. مرضُ أُصبتَ بهِ ، وقد شوه وجهك ويديك، لكن لم يشوه لسانك وقلبك ، ويوقفُ قلمك من مداده العذب ..
توالت اللقاءات وكان كل لقاء تزداد ثقة صداقتنا أكثر .. إضافة إلى عمله في احد المختبرات ، كان بارعاً ومبدعاً ، وكاتباً ملأَ صفحات الصحف والمجلات بمقالاته العلمية ،وفي أحد الأيام اتصل قائلا :ـ
ـ اليوم أنت مدعو للقاء مهم !!
انتابني خوف .. وأخذت أضعُ عدة احتمالات ، كان خوفي أن لا ينسحب من حياتنا مرة أخرى ، أو كان يخطط للابتعاد عن صديقتنا .. ليلة طويلة مرة عليّ ،أسرعت مبكراً لموعد اللقاء .. تفاجأت ، إن الاثنين كانا بانتظاري ،بادرني بالترحيب قبل اللقاء السلام :ـ
ـ أهلا بك أيها العزيز .
عقبتُ ، أرجو إن يكون هذا اللقاء خيراً قال :ـ
ـ سيحدد هذا اللقاء ما أكنه لكما من حب واعتزاز .
ـ قلتُ .. ما يخطر في بالك .. أوقعت قلبي ..أرجوك .
توجه لصديقتنا .. وهو يحنو رأسهُ إلى الأرض قائلا :ـ
ـ بدون مقدمات .. أرجو الإجابة على طلبي .. فأرجو أن لايكون الرد مؤلماً . وبطريقة مختصرة وهادئة ، هذا ما أطلبه ؟
قاطعته قائلةً :ـ
ألا نعرف السؤال أولاً.. ونحدد الجواب؟
حدقَ بها .. أمعن النظر بها.. سكتَ إنه يحتفظ بسؤال ما أو هو في حيرة من أمره قال:ـ أنا اطلب يدك للزواج هل تتزوجيني ؟
ـ أجابت الـــلّه لو لم تقلها .. لقلتها أنا !!
دُهشنا نحن الاثنين .. من هذا الرد السريع , وكان بودنا إن نعرف ما هي مبررات .. وقناعتها بلك .. هل هو عطف أو تضحيه .. قاطعتها قائلا:ـ
ـ كيف توصلتي لهذه القناعة !؟
ـ أجابت ،اعرفه .قبل أن يُصاب بهذا المرض ، أعرف ذلك الوجه الجميل والشكل الذي كان يستهوي كل فتيات الجامعة .. وإن غاب شكلهُ فإن أخلاقه , وأفكاره, وحسن معاملته , وعمله ، وإبداعه هي الأصل.فلذلك إن المضمون يمكن إن يغلب على الشكل في كل الأحوال . وأحيانا الشكل يسيطر على الساحة لفترة طويلة من الزمن ، وإنه يتخلى عن مكانه ، وأنا أحببتُ قلبهُ وحنيته , وقوة إرادته, على صنع الحياة ، والعلم كفيل بتغير ملامحه .. أليس كذلك ؟
ـأجبتها , نعم , العلم كفيل بذلك .. والإرادة والحب هما الأساس . شعرتُ في هذه اللحظة إني يجب إن أنسحب ، لأفسح لهما المجال , استأذنتهما.. وجدتُ لنفسي عذراً , تركتهما , وقلبي يغمره فرح ٌ لا يصدق .. وأنا أسال نفسي ، هل المضمون يتغلب على الشكل , إذا كان قوياً أو الشكل يتغلب على المضمون إذا كان جميلاً ورائعاً , وأردفتُ قائلاً :ـ
ـ ( إذا كان الشكل والمضمون متفقان ماذا يحصل ؟ )
عاودتُ السير .. والفرح يتملكني .. وأردد, أيهما أفضل .. التفتُ عن بعد , ورأيتهما يضحكان , وقد تشابكت أيديهما .. ليصنعا حياة جديدة بدون ألم....
في / نيسان/ 1980
ـــــــــــــــــ









#محمد_عبد_الله_دالي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاركة القوى اليساريه في الانتخابات ما بعد ثورات وانتفاضات ا ...
- صاحب الحديد قصة قصيرة جداً
- وجع السنين قصة قصيرة
- دور القوى اليساريه التقدميه ،ومكانتها في ثورات الربيع العربي
- انتم ربحتم المليون ونحن ربحنا
- اليتيمان قصة قصيره
- دموع الصمت قصة قصيرة
- الليالي البيض قصة قصيرة
- الطاحونه قصة قصيرة
- هل نحن على الطريق الصحيح
- رغبة في البكاء قصة قصيرة
- وتستمر الحياة قصة قصيرة
- نحو اطلاق قناة فضائيه علمانيه
- الموديل قصة قصيرة
- الثمن قصة قصيرة
- الأختيار قصة قصيرة
- النخيل تموت واقفه قصة قصيره
- العودة الى الضفه قصة فصيرة
- الغروب قصة قصيرة
- أماني على الجدار قصة قصيرة


المزيد.....




- تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-
- الاحتفاء بالأديب حسب الله يحيى.. رحلة ثقافية وفكرية حافلة
- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الله دالي - لا يأس مع الحياة قصة قصيرة