أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الله دالي - الليالي البيض قصة قصيرة














المزيد.....

الليالي البيض قصة قصيرة


محمد عبد الله دالي

الحوار المتمدن-العدد: 3370 - 2011 / 5 / 19 - 17:26
المحور: الادب والفن
    


عبد الله دالي
منذ صباه ،وهو حريص على أن يجلسَ على ضفة شط العربِ ، وبالتحديد على المسنات , أو ما نسميه بلغتنا الدارجة ( المسنّايه ) وهي من الصخوِر أو الاسمنت لتحمي الجرف من الأمواج ، حتى بات معروفاَ ، لكل الصيادين ، الذين يمرون عليه ، كان القريب يسلم ( السلام عليكم ) والبعيد ( آو ياخـ.......إل) . كان يمازحهم .. ويقفون أحياناً ويشاركونه بعض مما يأكلهُ ويشربهُ ، حتى بات مضرباً للمثلِِ بالكرمِ والمرحِ ِ،فحبه للنهر وعشقه للياليه المقمرة .كانت سلواه وآمالهُ التي غادرته منذ زمن وآماله القادمة ... تأخذُه النشوة عندما تحرك الثمالة رأسه ،يحدثه احد الصيادين وهو ماراً بالقرب من الضفة قائلا :ــ
ــ ها يا خال ... السنة ، على غير عادتها ، الصبورة غاليه ،فمنذ الصباح والى الآن صيدنا يُعَدُ على الأصابع !! .
يهزُ رأسه وهو يتابع ضربات المجداف على الماء بالاتجاه المعاكس وهو يعبث بصورة القمر ، يكسرها إلى أجزاء وبعد فترة ترجع لتلتئم وتتموج وهي تتعقب زورق الصيادين المتعبين .
تنساب من صدره تنهدات كالعاشق ،ينظر بعيدا حيث يبسط القمر ضوءه على وجه الشط ، وتلقي أشجار النخيل بظلالها على ضفتيه . انسجمت مع حركة الأمواج الصغيرة المتلألئة ، التي داعبتها نسمات الليل الهادئة ، شكلت خطاً فضياً يتراقص بهدوء ... سحب خيط الصيد ، ليبدل الطعم في السنارة ، يحدث نفسه :ـ
ــ حتى السمك تطور ،و عرف الطعم أو عرف خيط الصيد . سأبدل الطعم هذه المرة من التمر إلى العجين المخلوط بالجبن ، عسى هذه المرة أحظى بشيء يهبه لي الشط ،هيه..هيه.. لايدري الصيادون ، إن حالي مثل حالهم ، ويحدث الشط :ــ
ــ أنا أعرف إن ماءك قد تغير ، ازدادت ملوحته ، وأصبحت أكثر سواداً ، ألا تدري يا صديقي إن الإنسان قاسياً ؟ لكن حالك كحال الآخرين ،الذين تغيروا ، وأُكدُ لكَ انكَ ستبقى ، لأنك ابن هذه الأرض المعطاء ، وهم يرحلون .
ـــ أتنظر معي إلى القمر ، أنه ينشر ضوءه على ضفتيك ويزيدك هيبة وجمالاً !! أرجوك أن تتكرم عليً( بحمًريه) صغيرة لأغير رائحة معدتي ؟
نظر إلى زجاجته ، رفعها قليلا .. زَمً شفتيه حتى أنتِ طالك الجفاف ، أسترسل في كلامه .. منذ كنت شاباً وأنا أحرص على الحضور في هذه الليالي ،،لما لها من جمال خلاب وهيبة في التأمل. وخاصة في الربيع ،عندما يكون مدًكَ قد بلغَ مستواه ولون ماءك داكناً
، مائل الى الحمرة ، ويحمل معه كميات من الطين الأحمر، نسميه ( الدهله ) يقول أجدادنا إنه يحمل الخير ،ويزيد الأرض خصوبة .. والآن أيها النهر هجرك أهلك ، حتى السمك لملم نفسه وهاجر حيث لا ادري ، وأظن إن الحرب قد بدأت ..!
أنهى حديثه ، وهو يسحب خيط الصيد ، ويطويه ويدندن ،بأغنية شعبيه ( يا حريمه يا حريمه) همً بالنهوض لأن الليل أنهى نصفه الأول .
ــ ناداه صوت من بعيد ... هيه .. هيه يا خال ، متى نراك؟
ــ أومأ بيده قائلا ً :ــ
ــ احسب حتى تأتي مثل هذه الليلي ؟
ــ ألم يحالفك الحظ هذه المرة ؟
ــ رفض الشط أن يهبني ولو( حمريه )صغيره ، لأنه زعلان !!
ــ أليس من حقه أن يزعل يا خــــــــال ؟
ــ نعم من حقه لأن أهله لم يعطوه حقه ! .
خطى خطوات إلى الوراء وانحنى إجلالاً كأنه في حضرة أحد الكبار ،ليعبر قنطرة صغيرة من جذع النخيل ،توقف قائلا :ــ
ــ عندما جئتُ في أول الليل كانت قصيرة طولها خطوتان ، والآن أظنها أكثر من ثلاث .. عجيب غريب .
إيه ..هو كلشي تغير ، حتى جذع النخيل ، رفع رأسه إلى السماء ،حدق بالقمر أشر بإصبعه..
ــ موعدي معك ، في مثل هذه الليالي ،إذا الشط سالماً وفي مكانه .!
حالفه الحظ وخطا عدة خطوات .. ليعبر القنطرة ، وهو يحمل هموم الشط وما فيه !! .

محمد عبد الله دالي
[email protected]



#محمد_عبد_الله_دالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطاحونه قصة قصيرة
- هل نحن على الطريق الصحيح
- رغبة في البكاء قصة قصيرة
- وتستمر الحياة قصة قصيرة
- نحو اطلاق قناة فضائيه علمانيه
- الموديل قصة قصيرة
- الثمن قصة قصيرة
- الأختيار قصة قصيرة
- النخيل تموت واقفه قصة قصيره
- العودة الى الضفه قصة فصيرة
- الغروب قصة قصيرة
- أماني على الجدار قصة قصيرة
- القمر والحوت قصة قصيرة
- قصة قصيرة بضاعتهم ردت...!!
- الرجل الذي تكلم اخيراً قصة قصيرة
- احلام بائع
- قصة قصيرة رسالتان من الغربه
- ضحكات لم تكتمل/قصة قصيرة
- بين نقطتين قصة قصيرة
- قصةقصيره


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الله دالي - الليالي البيض قصة قصيرة