أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نوال السعداوي - قُصت أجنحتنا لكننا لازلنا نطير














المزيد.....

قُصت أجنحتنا لكننا لازلنا نطير


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4463 - 2014 / 5 / 25 - 23:39
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


هذه الكلمات جاءتنى فى قصيدة لشاعر المغرب «ناس حدهوم أحمد» تبعث على تحدى الأقدار فى مختلف الأقطار، والطيران كما فى الأحلام فوق الجبال والبحار.

أحيانا، دون سبب، أجد نفسى عاجزة عن الطيران، أخطر الأشياء تصيبنا دون سبب، منها الحزن والفرح أو اليأس والتحدى أو الاستسلام والمقاومة، بعد أن تقع الإصابة، نفكر فى المرض، ونبحث عن طبيب ليكتب الدواء ويقبض الثمن، هذا منطق الطب فى السوق الحرة، لم أؤمن بالمهنة منذ تعلمتها، لا نكتشف الخداع إلا بعد أن نعرفه، لم أذهب لطبيب إلا وأعطانى الدواء الخطأ، وتزول أمراضى جميعا حين أعود لطبيعتى الأولى قبل النظام التعليمى.


لا يقضى على عقولنا (منذ طفولتنا) إلا المدرسة، والنشيد فى الطابور: «الله.. الملك.. الوطن».



هذا الثلاثى المقدس المترابط منذ نشوء العبودية: طبقة الأسياد فى الدولة، والجنس الآخر الأدنى فى العائلة.



قضيت الأمس بقلب ثقيل يحمل أحزانى الطفولية، لا يوجع القلب مثل أحزان الطفولة، فهى الأحزان الحقيقية، الكاشفة لخداع المدرسين والأساتذة والأطباء والأدباء والفلاسفة ورجال الدين وغيرهم من الأسياد، لا يصعد إلى طبقة الأسياد إلا من يدوس الأجساد ويمص دم العبيد والنساء والأطفال.



أطرد الكون خارج بيتى حين أدخل، لا أرد على جرس الباب أو التليفون، اكتسبت مناعة ضد الأجهزة المتكلمة، منها التليفون «المحمول» فوق أجساد البشر لا يفارقهم فى الفراش أو المرحاض، وأجهزة الإرسال والاتصال والبث والدش، ينتصبون فوق الأسطح كرؤوس نووية للتجسس، وجهاز التليفزيون العتيق منذ ١٩٦٠، أصبح يرقد فوق رف بالمطبخ، مغطى بحجاب كامرأة حزينة، والتليفون «الأرضى» يشاركه المصير الأليم، لكنه سافر الوجه، تتهلل أساريره حين أرفع سماعته، لأطلب الفول السودانى من المقلة بمصر القديمة، أقزقز الحبات اللذيذة المحمصة بنار الفرن، مع الرشفات المعتقة الرقيقة كقلب الأم، والموسيقى تأتينى من بعيد قبل نشوء الكون، يسرى اللحن صافيا حنونا كالدم فى العروق، تفهمه الطيور والأفيال والخيول، دون حاجة إلى لغة أو دين أو هوية.



التعليقات تأتينى (على مقالاتى) نبعا متواصلا من الإلهام: «فؤادة العراقية» قلمها كالسيف يواصل التحدى للمؤامرات فى العراق، وشاعر المغرب «ناس حدهوم أحمد» يواصل الطيران ويقول:



لازلنا أحياء ولكن بشكل آخر



لا زلنا شبابا ونحن شيوخ



لا زلنا نعبئ الريح لصالحنا



قصت أجنحتنا لكننا لا زلنا نطير



ونبكى من شدة الفرح الحزين



ولا زالت مصر حاضرة من خلال طه حسين،



ولا زلنا نحب خليل جبران



.....



ولازالت (الكاتبة...) تحرك أحلامنا وخيالنا



فنبدع بكل عفوية وتلقائية



ونمرح فى سماء الحلم والثورة



........



لم أنشر القصيدة كاملة بطبيعة الحال، وأشكر الشاعر لأنه تذكر اسمى مع طه حسين وخليل جبران، فى زمن تختفى فيه أسماء الكاتبات تحت طبقات القشرة الأبوية، وأتفق معه فى أن أقلامنا كسروها لكننا نواصل الكتابة بلا أقلام، وأنهم صادروا الورق وقطعوا الكهرباء فأصبحنا نكتب بلا ورق ولا ضوء، وبتروا أصابعنا فأصبحنا نكتب بأصابع تنمو بعد البتر، ونحلق فى الكون بأجنحة تولد من الأذرع المقطوعة.

لم أقابل الشاعر إلا عبر كلماته، وهو بالمغرب بعيدا، لكنه يبدو أقرب من كثيرين قريبين، تؤكد قصيدته أن للتحدى قوة خارقة للطبيعة، تهزم الحكومات من كل الأقطار، فى حربهم ضد العقول المبدعة، وقصقصة الأجنحة، والخنق والشنق، والسجن والنفى وتشويه السمعة وقضايا الحسبة.

انهزمت أجهزة القمع القديمة والحديثة، فى الماضى البعيد والقريب، وسوف تنهزم فى الحاضر والمستقبل، ولن تنجح فى مطاردة الطيور المغردة فوق البحار، أو القبض على الأفكار المحلقة فوق الجبال والأفلاك.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا يقول الحقيقة إلا الخيال
- رجل الشارع والإنسان العادى
- رحلة لحلوان الثانوية للبنات
- رسالة أحمد دومة المنشورة
- النساء والبيئة وتوحش الحقيقة
- المعارضة الشرعية ونخب الميتافيزيقيا
- عبودية القرن الواحد والعشرين
- لن يغلبه زمن
- كافكا وأورويل وزويل وقانون الغابة
- تتوالد الأجيال الجديدة وتتكاثر
- هل تجهض الثورات الأفكار الوسطية؟
- ليس لأمي مكان في الجنة
- لو أن كل رجل أصبح إنسانا
- جدتى والعدالة الكونية
- الحديث
- لو أن كل وزير كان مثقفا؟
- إشارات القراء والقارئات
- لحظات فارقة فى حياتى ( ١)
- وهل تنال الكاتبة الثائرة حقها؟
- يدفعونها للأمام لتكون كبش الفداء


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نوال السعداوي - قُصت أجنحتنا لكننا لازلنا نطير