أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - لحظات فارقة فى حياتى ( ١)














المزيد.....

لحظات فارقة فى حياتى ( ١)


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4374 - 2014 / 2 / 23 - 00:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سمعت كلمة الله من أبى لأول مرة فى حياتى، وأنه يسكن السماء، أصبحت أشق السماء بعينىّ النفاذتين فى استطلاع فطرى أحاول رؤيته، حتى قال أبى إن الله روح لا نراها بعيوننا وليس له جسد، ثم نسى أبى ما قال وسمعته يقول للخادمة إن عين الله ساهرة لا تنام، وتراقبها من السماء إن سرقت، تساءلت كيف يكون لله عين وليس له جسد؟ أليست العين جزءا من الجسد؟

رد أبى، أن عين الله مصنوعة بالروح ولذلك ترانا دون أن نراها. أصبحت أتوجس من عين الله التى تنفذ من أى جدار.

ثم عرفت الاختلاف بينى وبين أخى، لم أكن أعرف كلمة عورة، ولم أجد فى الاختلاف أى ميزة لأخى، بل تصورت أن الله يفضلنى عن أخى، لأنه لم يخلق لى الزائدة الدودية التى تتدلى بين ساقيه وتمنعه من اللحاق بى فى مسابقات الجرى.

لم تستمر فرحتى بنفسى طويلا، سرعان ما لا حظت أن أخى يحظى بميزات أكثر منى، يخرج من البيت ليلعب مع الأطفال ويركب البسكليتة وأنا أبقى فى البيت أساعد أمى فى المطبخ، يحصل على مصروف أكبر منى، مع أنه لا يشتغل مثلى فى البيت، ويسقط فى امتحانات المدرسة وأنا أنجح بتفوق، وأسأل عن سبب تميز أخى، يقولون لأنه ولد، لا يقتنع عقلى، وأواصل الأسئلة حتى تقول جدتى إنها إرادة الله، وكانت جدتى قد قالت من قبل إن الله هو العدل، لكنها نسيت مثل ابنها (أبى) الذى كان ينسى.


وظل السؤال يطاردنى والغضب من الظلم ينمو فى أعماقى، ولا أحد يعطينى ردا يريحنى، فلم أجد إلا الله ذاته لأسأله، وكنت لا أزال أتصوره شخصا يعيش فى السماء، وكانت أمى قد علمتنى الحروف والكتابة قبل أن أدخل المدرسة، فأمسكت القلم الرصاص وكتبت هذه الرسالة إلى الله:

يا ربنا العزيز، قالت لى جدتى إنك العدل الذى عرفه الناس بالعقل، فكيف تميز أخى عنى لمجرد أنك خلقت له هذه الزائدة الدودية؟ وإذا ظلمتنى يا ربنا العزيز لمجرد أنك خلقتنى بنتا فكيف تكون عادلا؟

شعرت بشىء من الراحة بعد أن كتبت هذه الكلمات، أخذت شهيقا عميقا ثم زفيرا طويلا، تخلصت من غضبى المتراكم فى صدرى. فى هذه اللحظة حدث الترابط الوثيق فى أعماقى بين الكتابة والسعادة أو الراحة فى كيانى كله، كنت طفلة فى السادسة أدرك بالفطرة أن جسدى ونفسى وعقلى وروحى كلها كيان واحد هو أنا.

بعد أن طويت الرسالة داخل المظروف بدأت أكتب عنوان المرسل إليه، لم أكن أعرف مكان الله إلا أنه يسكن السماء، تطلعت للأفق حائرة، ثم بدأت أشعر بخوف غامض من نار تتخفى وراء السحب، تصورت أننى اقترفت ذنبا خطيرا، هو الشك فى عدالة الله، وأن الدليل المادى هو هذه الرسالة المكتوبة بخط يدى.. أشعلت فيها عود كبريت بدورة المياه، لم يبق منها إلا الرماد، لكن الإحساس بالذنب بقى معى كالورم الصغير الخبيث ينمو داخلى بقوة غامضة أكبر منى حتى وقع الحادث التالى...



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهل تنال الكاتبة الثائرة حقها؟
- يدفعونها للأمام لتكون كبش الفداء
- لا كرامة لوطن تهان فيه الأمهات
- محنة الأساتذة علماء السياسة
- الدم المراق وكبش الفداء
- الإعلامى الثورى وعبقرية الكذب
- عبقرية البنات. والطب. والثقافة
- إحياء التراث والروحانيات ونبذ الماديات
- تحرير العقل والعودة للبدهيات
- لماذا لا أحب الأعياد؟
- الحياة المكشوفة فى مواجهة التجسس
- الجبل وشابات لبنان
- هل تتغير المهن مع تغير النظام؟
- المنطق الغائب والصدق
- التناقضات الصارخة فى الدستور
- هل هو فيروس مجهول ؟
- الثورة تبدأ فى العقل
- الأسرة الدينية فى الدولة المدنية
- قوارير ذكورية والجوهرة المصونة
- واحدة من النساء تكفي


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - لحظات فارقة فى حياتى ( ١)