عبد الحسين سلمان
باحث
(Abdul Hussein Salman Ati)
الحوار المتمدن-العدد: 4460 - 2014 / 5 / 22 - 18:40
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
مقدمة في نقد مفهوم الطبقة و الصراع الطبقي 2-2
M. Proudhon work is not just a treatise on political economy, an ordinary book-;- it is a bible. "Mysteries", "Secrets Wrested from the Bosom of God" ….Marx
كتاب برودون ليس مجرد أطروحة في الاقتصاد السياسي، وليس كتاباً عادياً ؛ بل هو الكتاب المقدس. كتابه سرُ من أسرار الوحي, الخارج من حِضْنِ الآبِ...ماركس...1
اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ..انجيل يوحنا 1:18......2
هكذا يسخر ماركس من برودون و أتباع برودون, وهكذا وصل الأمر ايضاً لأعمال ماركس , بعد وفاته , وهكذا أصبحت كتب ماركس , مقدسة, وهكذا اصبحت , افتتاحية, البيان الشيوعي, آية لاهوتية, (ليس تاريخ كل مجتمع إلى يومنا هذا سوى تاريخ صراع الطبقات ), من ينقد هذه الافتتاحية , هو كافر و زنديق و عدو للشيوعية .
يعترف إنجلز في مقدمة الطبعة لعام 1895 لكتاب ماركس, الصراع الطبقي في فرنسا, , The Class Struggles in France , وبكل شفافية وعقل متنور , و واثق من نفسه...... يقول إنجلز: ولكن التاريخ بيَّن أننا نحن أيضًا لم نكن على حق , وأن وجهة النظر التي كنّا نتسمك بها كانت وهمًا من الأوهام... Illusion, بل أن التاريخ سار إلى أبعد؛ فهو لم يبدد ضلالنا آنذاك وحسب؛ بل غير أيضًا تمامًا الشروط والظروف التي ينبغي للبروليتاريا خوض النضال في ظلها....3.
ذكرنا في الجزء الأول :
أن وجود الطبقات , هو من خصائص المجتمع البرجوازي, Civil Society, التي يكون فيه, نمط الإنتاج السائد, هو النمط الرأسمالي, ,والذي يعبر عن تناقضه الأساسي , بين العمل المأجور و رأس المال, و تكون طبقة البرجوازية والبروليتارية, هما الطبقات السائدة في المجتمع.
A. أخترتُ آدناه , نماذج عشوائية, على سبيل المثال لا الحصر, تتحدث عن الصراع الطبقي.
i. ستالين: ....ان الصراع الطبقي للبروليتاريا ظاهرة طبيعية جدا وحتمية.... علينا الا نحاول وقف الصراع الطبقي بل ان نواصله حتى نهايته. ....
ii. إحمد الناصري..... إن مفهوم الصراع الطبقي ، الناتج عن التباين الطبقي ، هو قانون إجتماعي موضوعي ، أي إنه لم يخلقه العقل البشري ، إنما أحس به واكتشفه..
iii. السيد عبد المطلب العلمي....يطالب بمحو طبقات لاجود لها في المجتمع الاردني: استغرب بيانا لشيوعيين (يقصد الاردنيون), يركز على مفاهيم العداله الاجتماعيه, و الدمقراطيه الاجتماعيه.إذا افترضنا ان المركز الثوري لم يسقط و دول الاطراف تنفذ برنامج لينين للتحرر الوطني بقياده الشيوعيين .لا مكان للعداله في ظل تلك الاوضاع ،فالصراع الطبقي لا يتوقف ،فهل علينا تامين العداله الاجتماعيه لمختلف الطبقات متناسين ان مهمه الشيوعيين هو محوها؟.....فما الداعي للصراع الطبقي طالما هناك عدالة اجتماعية ،الشيوعيون يقودون العمال للمطالبة بتحسين شروط العمل ليس من اجل تحقيق العدالة بل لتأهيلهم للثورة واستلام السلطة.....الخ
iv. السيدة زينة محمد....وسبب إنهيار الاتحاد السوفيتي هو دلالة على ازدياد حدة الصراع الطبقي.
v. حسقيل قوجمان..... الصراع الطبقي حدة بين المستغلين وموضوع الاستغلال....اذا اخذنا قانون الصراع الطبقي على سبيل المثال نفهم من اسمه انه صراع يجري بين طبقات مختلفة.
vi. الحزب الشيوعي اللبناني.....إن الصراع الطبقي هو قوة محركة جبارة، وهو تطور المجتمع الطبقي المتناحر....
vii. فؤاد النمري....التاريخ لا يتحرك أماماً أم خلفاً إلا بفعل الصراع الطبقي .
B. تم ترجمة, المصطلح الألماني , Klassenkä-;-mpfen, الوارد في البيان الشيوعي , من قبل صموئيل مور, Samuel Moore, الى class struggles , و البعض ترجمه, Class conflict .
وردت في البيان الشيوعي 1848, ألفاظآ ثنائية :
الحر و العبد
الاقطاعي و القن
النبيل و العامي
المعلم والصانع
تستخدم هذه الألفاظ الثنائية بمثابة استعارات Metaphors , , , ظلت تراود الفلسفة السياسية من ميكافيلي الى هيجل .
و تعرضت هذه النظرة الثنائية والواردة في البيان الشيوعي الى جملة من النقد :
a. ملاحظة إنجلز للطبعة الاخيرة من البيان في عام 1888, حيث اضاف عبارة.. الأدق أن نقول التاريخ المكتوب, ففي 1848 كان ما قبل تاريخ المجتمع، أي التنظيم الإجتماعي السابق لكل تاريخ مكتوب، مجهولا تقريباً.....
b. عندما كتب ماركس رسالته الشهيرة الى فيدمايار Joseph Weydemeyer , و المؤرخة في 5 مارس 1852........ أما فيما يتعلق بي، فليس لي الفضل في اكتشاف وجود الطبقات في المجتمع الحديث ولا الفضل في اكتشاف الصراع بينها. فلقد سبقني بوقت طويل مؤرخون برجوازيون وصفوا التصور التاريخي لهذا الصراع الطبقي، واقتصاديون برجوازيون وصفوا التشريح الاقتصادي للطبقات .............
يدعو ماركس هنا, الى تفحص و قراءة ما كتبه الذين درسوا الموضوع قبله, و قد قام بهذه المهمة النبيلة و الشاقة, الفيلسوف و الشاعر الفرنسي , Jean-Pierre Faye (مواليد 1925), في مقدمة كتابه , Langages totalitaires, Hermann, 1972 , حيث استعرض كل النصوص التي تتعلق بالصراع الطبقي في فرنسا , من 1650 الى 1850, و أكتشف , أنها تفسر صراع الطبقات , بصفته صراعاً بين الاعراق .
c. ذكر ماركس خمس طبقات في كتاب: لويس بونابرت1852 , و سبعة في الحرب الاهلية في فرنسا 1871, و اربعة في البيان الشيوعي...
d. أعلن العالم الإجتماعي الفرنسي , Henri Desroche ( 1914-1994): أن الصيغة الافتتاحية و الختامية, للبيان الشيوعي , مستخرجة حرفياً من عرض النظرية السن-سيمونية 1829, doctrine of Saint-Simon.
e. وجه لينين نقداً لهذه النظرة الثنائية, لمبالغتها للجانب الاقتصادي, فقد كتب في عام 1919:
إن الاعتقاد بأن الثورة الإجتماعية ممكنة بدون انتفاضة الامم الصغيرة في المستعمرات , وبدون انفجارات ثورية لجزء من البرجوازية الصغيرة , ....هو تنصل للثورة.......... من يتوقع أن تكون ثورة خالصة , لن يعيش حتى يراها, وهو ثوري فقط بالكلام, lip service , وهو الذي يتصور , أن في إمكان أن يتخذ جنود موقعاً معيناً, ويصيح..أنا مع الثورة الاشتراكية , فيرد عليه جندي من الجهة الاخرى, انا مع الامبريالية...4
C. عندما قامت الثورة في فرنسا , في حزيران 1848 , أستنتج ماركس: في كتابه, الصراع الطبقي في فرنسا, , The Class Struggles in France 1848 to 1850, , مايلي:
أول معركة كبرى بين الطبقتين ينقسم إليهما المجتمع الحديث.....
وعن نفس الاحداث للثورة الفرنسية 1848, كتب ماركس في لويس بونايرت الثامن عشر, عن الصراع الطبقي العنيف فيها:
وجدت البروليتارية نفسها وحيدة في مواجهة كل اللذين تجمعوا للدفاع عن النظام البرجوازي وهم : الأرستقراطية المالية, والبرجوازية الصناعية, والطبقات الوسطى, والبرجوازية الصغيرة , والجيش, والبروليتارية الدنيا المنظمة تحت لواء الحرس الجوال والمثقفون والكهنة, وكل الفئات الريفية.
D. لخص ماركس رؤيته للصراع الطبقي و حركة المجتمع في الكتاب الثالث من راس المال و في الفصل 47, بمايلي:
أن العلاقة المباشرة لمالكي شروط الإنتاج بالمُنتجين المباشرين – وهي علاقة يتطابق كل شكل معين من أشكالها, كل مرة, بصورة طبيعية مع درجة معينة من تطور نمط العمل , وطريقته, وما يقابله من قوة منتجة اجتماعية- هذا هو ما نكشف فيه على الدوام , السر الأعمق والأساس الخفي لمجمل البناء الاجتماعي, وبالتالي الشكل السياسي لعلاقات السيادة والتبعية, وبأختصار كل شكل خاص معين للدولة.
وهذا لايمنع القاعدة الاقتصادية الواحدة نفسها- نفسها من ناحية الشروط الأساسية- بفعل ما لا عدّ له : (التقسيم مني..ج.أ)
من الظروف التجريبية المتنوعة
والشروط الطبيعية
والعلاقات العرقية
والمؤثرات التاريخية,التي تفعل فعلها من الخارج, الخ,
من أن تُبدي في تجليها صوراً وتدرجات لا نهائيه, لا يمكن إداركها إلا , عبر تحليل هذه الظروف المعطاة تجريبياً.
هذا هو جوهر نظرية ماركس حول الطبقات والصراع الطبقي:
1) توفر مالكي شروط الانتاج
2) توفر المنتجين
3) علاقة مباشرة بينهما
4) تطور نمط العمل مع القوى المنتجة
5) ظروف أخرى: طبيعية, عرقية, تاريخية
6) والأهم : عبر تحليل هذه الظروف المعطاة تجريبياً.
الاستنتاج:
1. كان ماركس يحلل وضع الطبقات في زمن, كانت دورة مياه واحدة لكل 125 عامل في الاحياء العمالية.
2. مفهوم ماركس عن الصراع الطبقي , يتعلق بفترة القرن التاسع عشر.
3. لا وجود للصراع الطبقي في الواقع, هو موجود في عقولنا , موجود في الكتب وعلى الورق, هو نتاج عمل كل , Adolphe Thiers, و François Guizot,, وهم الذين كتبوا عن الثورة الفرنسية الكبرى عام 1789 , التي اطاحت بالنظام الاقطاعي.
4. وأستعار ماركس هذا المفهوم الطبقي , وطبقه على الثورة الفرنسية 1848 و 1871 في الصراع بين البرجوازية والبروليتارية (نعني بالبرجوازية طبقة الرأسماليين العصريين، المالكين لوسائل الإنتاج والمستغلين للعمل المأجور. ونعني بالبروليتاريا طبقة العمال العصريين الذين يضطرون، نظرا لعدم امتلاكهم لأية وسيلة إنتاج، لبيع (قوة) عملهم لكي يتمكنوا من البقاء على قيد الحياة. (ملاحظة إنجلز للطبعة الإنجليزية 1888), للبيان الشيوعي.
5. ولم يذهب ماركس بعيداً الى اقتصاد متخلف في اسيا او افريقيا .
6. وانتشر مصطلح الصراع الطبقي بعد ثورة اكتوبر وتاسيس الاحزاب الشيوعية, وبدأ ترديده بمناسبة و غير مناسبة.
7. ولاحظ إريك هوبزباوم, Eric Hobsbawm, أن ستالين :
أتخذ الصراع الطبقي حجة في قمع خصومه... وهذا هو معنى فرضية ستالين السفيهة, thesis absurd, والتي تقول , ان الصراع الطبقي سيصبح أكثر احتداماً بعد عقود من إمساك البروليتارية بزمام السلطة..... 5.
8. كل حديث عن صراع طبقي , ليس فيه البرجوازية و البروليتارية, تكونا, طبقتين سائدتين, ruling classes , هو تشويه للواقع, وهروب عن تحليل الواقع , لا بل انفصام عن الواقع المعاش.
9. ماركس ليس نبياً ولا قدسياً, ولا كهنوتياً, طريقة ماركس في تحليل العصر الفيكتوري, طريقة التحليل التجريبي, والنقد, واذا كنّا , حقاً, ماركسيين, يتوجب علينا, ابتكار, و تحليل, المجتمع المعاش, اليوم, وهذه اللحظة.
10. طريقة ماركس هي :
1) تحليل تجريبي للواقع اليومي, Analysis Empirical, والتي تتضمن, دائرة مغلقة , يبدأ و تنتهي بالملاحظة المباشرة , ومنها الى الاستدلال و من الاستدلال الى الاستقراء ومن الاستقراء الى الاختبار ومن الاختبار الى التقييم و من التقييم , العودة الى الملاحظة, وهكذا, لا ان نقتطف , كلمة من البيان الشيوعي و كلمة من لينين و كلمة من ستالين, و نصنع كاريكاتير من الكلمات المتقاطعة, الغامضه, المبهمة, ونحن على سبيل المثال, نتحدث عن مجتمع , اقتصاده رعوي, الخ.
2) وطريقة ماركس الثانية و اللصيقة بالأولى, وهي, الدراسة النقدية للواقع اليومي, Critical Study.
أن مفردة, النقد, هي الأم, وهي الجذر, وهي الأساس, في جميع اعمال ماركس, فأذا كانت مفردة الطبقة والصراع الطبقي, تكررت 10 مرات, مثلاً في كتابات ماركس, فأن مفردة النقد, تكررت 1000 مرةٍ.
و ويمكن القول: أن النقد عند ماركس , هو تفكير نافذ في سياق نظرية قائمة لبناء نظرية جديدة على انقاض القديمة.
3) ومن البداية و في مؤلفه الأول الذي كان رسالته في نيل درجة دكتوراه في الفلسفة (الاختلاف بين فلسفة ديموقريطس الطبيعية و فلسفة أبيقور الطبيعية) ,1841, اعطى ماركس ,للنقد موقعاً متميزاً.
وفي جميع مراسلات ماركس , يظهر مصطلح النقد , على سبيل المثال , في رسالة الى لاسال Lassalle, , بتاريخ 22-02-1858, يعرض ماركس مشروعه على انه نقد لمقولات الاقتصاد البرجوازي..
4) ويأخذ النقد عند ماركس, ثلاثة مجالات جوهرية مختلفة: نقد النسق الهيجلي, نقد الاقتصاد السياسي, النقد السجالي.
5) عندما قام أندرز برييفيك Anders Breivik,بهجومه الإجرامي في النرويج في يوليو 2011م , خلف وراءه بياناً مشتتاً , هاجم ... ما يراه إضعافاً, لأوروبا بسبب الماركسية الثقافية لمدرسة فرانكفورت... Die Frankfurt School..والتي كان عملها الأساسي, البحث عن الجذور والعوامل, التي دفعت الشعب الألماني يتجه للنازية في ثلاثينات القرن الماضي.
6) من هنا, نكرر دعوتنا من جديد , بتأسيس أسيس مركز او معهد بحوث ماركسي, لتحليل و تفسير ظواهر مجتمعاتنا , والتي تراجعت للوراء , وسيطرة الجهل و التخلف و الظلامية ...الخ
i. يترجم و يفسر و يشرح مؤلفات ماركس, بروح نقدية , بعيداُ عن التعصب , لا ينتمي الى الاحزاب الشيوعية التقليدية, من جهة , ومن جهة اخرى بعيد عن الاحزاب الاشتراكية الديمقراطية في اوروربا,
ii. وان يتألف هذا المركز من أعضاء , أساتذه في اللغات, الألمانية, الفرنسية, الأنكليزية, و العربية, والفلسفة وعلم الاجتماع, التاريخ وعلم النفس.
iii. ويجري علاقات واتصالات مع معاهد البحوث الماركسية المنتشرة في اوروربا واستراليا وامريكا, والنشرات العلمية , التي تدرس فكر ماركس بأسلوب نقدي علمي, على غرار مركز دراسات أرنست بلوخ Ernst Bloch,في جامعة شفيليد University of Sheffield البريطانية.
المصادر
1. http://www.marxists.org/archive/marx/works/1847/poverty-philosophy/foreword.htm
2. http://biblehub.com/john/1-18.htm
3. http://marxists.anu.edu.au/archive/marx/works/1895/03/06.htm
4. http://www.marxists.org/archive/lenin/works/1916/jul/x01.htm
5. http://www.ralphmag.org/stalin1Y.html
6. Georges Labica: Dictionnaire critique du marxisme:Paris, 1982
#عبد_الحسين_سلمان (هاشتاغ)
Abdul_Hussein_Salman_Ati#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
