أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم محمد حبيب - الحلقة العاشرة ( يوميات سكين )














المزيد.....

الحلقة العاشرة ( يوميات سكين )


باسم محمد حبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4459 - 2014 / 5 / 21 - 11:42
المحور: الادب والفن
    


رواية في حلقات
قضيت النهار جالسا في بيتي انتظر مساعدة الآخرين بعد ان كنت المبادر بالمساعدة ، لمحت اطفال اخي وهم يلعبون مثل كل يوم بالقرب من البيت ، لكن على غير العادة لم تعد ضحكاتهم تثير نشوتي ، بل لم اعد اطيق رؤيتهم يتحركون حولي كأنهم الجراد المنتشر ، كانت زوجتي اكثر المنزعجين منهم ، فما ان تراهم يقتربون حتى تهاجمهم بشتامها ولعناتها التي لا تتوقف إلا بانصرافهم أو تدخلي لصالح الأطفال ، فتصمت على مضض بعد ان تكتم غيضها وغضبها ، لم اكن أعي ما يحصل لها ، وما تشعر به من يأس من عدم تحقق تلك الوعود والآمال العراض التي كان الأطباء يسبغوها علينا في مراجعاتنا المتكررة لهم ، فقد اخذ اليأس يتسرب إليها كما أخذ يتسرب لي ، من الحصول على طفل تقر به اعيننا ويملأ دنيانا بالصخب والسرور ، زاد شغب الأطفال بعد أن لمسوا صمت زوجتي وسكونها المطبق ، فأكثر ما أثار انزعاجي هذه المرة ليس طرد زوجتي للأطفال بل صمتها واستسلامها لهم ، فتمنيت شيئا لم اكن اتمناه من قبل ، تمنيت ان تنبري زوجتي لطردهم كما كانت تفعل من قبل ، إلا أن الصوت الذي سمعته لم يكن مألوفا كفاية ، سمعت أحدهم يقول لي :
- ستكون ضمن المجموعة التي ستكلف بمهمة بنسف مجموعة من بيوت الضالين
باغتني هذا الكلام ، فمن هم الضالين الذين سنقوم بنسف بيوتهم ؟ وهل هذه البيوت فارغة ام بها عوائل واطفال ؟ اردت الإستعلام عن ذلك ، لكن ذلك الصوت بادرني من جديد :
- لا تأخذك بالحق لومة لائم وبالضالين رأفة أو رحمة ، انسفوا البيوت على من فيها ، فهذا جزاء المعاندين لله ولرسوله .
- ولكن اخي قد يكون هناك اطفال وهؤلاء لا ذنب لهم في ضلال آبائهم
- لا بل انهم امتداد لهم وقتلهم جزء من العقوبة التي حقت بهؤلاء الضالين
- ولكن ..
- اسمع اخي أمامك أمرين : أما ان تشارك وإما ان تقول لنا انك غير مستعد للمشاركة ؟
قلت في نفسي : و هل لدي الخيار حقا ؟ ام انني في حقيقة الأمر مخير بين الموت والحياة ، لا بل و ربما يكون اطفال اخي اكثر من يكونون عرضة للأنتقام ، بعد ان اغدو ضالا مثل هؤلاء ، عاد الصوت إلى مناداتي من جديد :
- هل انت مستعد ؟
- نعم اخي انا بأتم الأستعداد لأداء المهمة .
- حسنا لقد اخترت الصواب
كان الوقت ليلا عندما تحركت المجموعة التي كان يقودها دليل من اهل المنطقة إلى اهدافها المحددة ، علمت من الدليل ان البيوت أهلة بالساكنين وبينهم اطفال وعجزة ، فما كان مني إلا أن قدمت هذا الاقتراح :
- لماذا لا نخرج العوائل قبل نسف البيوت ؟
ألتفت الجميع إلي لفتة واحدة ونظروا بعيون ملؤها التساؤل والشك ، لكنني وبعد أن ادركت خطورة ما قلت صححت الموقف بإبتسامة صغيرة ، ثم رددت :
- طبعا انا امزح فقط اردت ان اعرف ردود افعالكم
خاطبني قائد المجموعة :
- توقف عن المزاح فنحن في الجد
فصمتوا وواصلوا عملهم مستغلين ظلام الليل الذي جعلنا مستورين عن الانظار ، قسمنا العمل بيننا ، احدنا يراقب الطريق خشية من ان يلمحنا احد ، وكلفت انا بإستراق السمع من البيوت التي نقوم بتفخيخها حتى لا يشعر ساكنيها بنا ، فيما انشغل الآخرون بوضع المتفجرات عند جدران البيوت حتى يسهل تدميرها ، وبينما كنت اؤدي مهمتي ، سمعت بكاء طفل رضيع ونهوضه أمه لإرضاعه ، وهي تهدئه بأغنية جميلة مثلما كانت تفعل أمي ، وفي بيت آخر كان احدهم يواضب على صلاة طويلة ، فيما قضى احد افراد البيت الآخر ، وكان طاعنا بالسن وقته وهو يسعل من شدة مرض ألم به ، انهى الجميع مهامهم ، وقررنا الأختباء خلف ربوة عالية بأنتظار إجراء اللازم ، لفنا صمت طويل ونحن نرنو إلى قائد المجموعة الذي اخذ يعد جهاز النسف ، تساءلت وقتها : هل انهت المرأة ارضاع طفلها ؟ وهل انهى المصلي صلاته ؟ وماذا للرجل المريض هل هدأ سعاله وسكنت آلامه ؟ اخفض الجميع رؤوسهم خشيه ان يصيبهم رذاذ الأنفجار ، فيما استعد القيادي لضغط الزر ، لحظها راودتني امنية غريبة ، وهي ان يتعطل الجهاز فتفشل المهمة التي جئنا من اجلها ، فتكمل الآم ارضاع طفلها ، وينهي المصلي صلاته ، وتتوقف اوجاع المريض وآلامه ، لكن امنيتي تبددت على صوت الأنفجار الذي حول البيوت إلى انقاض ، عندها تسللنا عائدين إلى مقرنا ، فبعد قليل سيمتلأ المكان بالناس ، وسيغدو وجودنا غير آمن ، وبينما انا اسير مع الآخرين ، سمعت الأم تردد تلك الأغنية التي سمعتها قبل قليل ، عندها أدركت ان الطفل قد نام ، وسمعت الرجل يناجي ربه عندها علمت انه قد انهى صلاته ، أما الرجل المريض فلم اعد اسمع صوت سعاله وانينه عندها شعرت انه قد تخلص منهما نهائيا ، وبينما انا كذلك ، اذ سمعت صوت زوجتي وهي تزجر الأطفال بصوت عال ، فيما اخذ الأطفال يحملقون بي كأنهم ينتظرون معونتي المنتظرة مثل كل يوم ، لكنني خيبت أملهم هذه المرة ، وبدلا عن ذلك ابتسمت لزوجتي ، التي اخذت تنظر إلى بإستغراب ، فهذا أمر لم تألفه مني ، عندها هرع الأطفال عائدين من حيث اتوا .



#باسم_محمد_حبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عطل + مناسبات = فشل
- واقعة كربلاء .. هل يمكن بحثها آثاريا ؟
- الواجب اتجاه ما حصل لسكان معسكر اشرف
- ( الحلقة التاسعة ) يوميات سكين
- الحلقة الثامنة ( يوميات سكين )
- للتذكير بحملتنا الرائدة لتخفيض رواتب وامتيازات المسئولين الع ...
- ( الحلقة السابعة ) يوميات سكين
- لستم سادة ولسنا عواما
- مراجع الدين وموضوع تحريم الرواتب والإمتيازات الخاصة
- الاحزاب الدينية والوصاية على الدولة
- الأحزاب الإسلامية والقومية بين مطلب الإلغاء وخيار تغيير البر ...
- نحو مصالحة شعبية
- العبودية العشائرية في العراق
- لا سادة ولا عوام كلنا متساوون
- في العراق هل القانون حقا فوق الجميع ؟
- العراق وإسرائيل .. أنتفاء تبريرات الحرب المعلنة
- أنساب السادة وأنساب العوام
- زيارة الاربعينية .. وقفة تقييم
- وأن كانوا يهودا ؟!
- القراءة التأريخية لواقعة كربلاء


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم محمد حبيب - الحلقة العاشرة ( يوميات سكين )