أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامر خير احمد - فتاوى خلوية














المزيد.....

فتاوى خلوية


سامر خير احمد

الحوار المتمدن-العدد: 1263 - 2005 / 7 / 22 - 11:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من العبارات التي تحث المصلين على إغلاق هواتفهم الخلوية في المساجد، إلى فتوى الشيخ علي جمعة (مفتي "الديار!" المصرية) بحرمة استخدام الآيات القرآنية بدل الرنات الموسيقية في الأجهزة "المحمولة"، ثمة ما يوحي بأن العقل الباطن لرجال الدين يعتبر الهواتف الخلوية بدعة، لأنها أجهزة عصرية لم تكن موجودة في تاريخ المسلمين، الذي هو –عندهم- المرجعية التي يقيسون عليها حرمة الأشياء من حلها.
هذا العقل الباطن، الذي يسيطر على هؤلاء الرجال دون أن يعلموا، يود لو يعلن على الملأ كراهية استعمال الاختراعات الجديدة الوافدة من الغرب، ففي العبارات التي تتناول الأجهزة الخلوية، مثلاً، على أبواب المساجد وجدرانها، ثمة استهزاء خفي بتلك الهواتف دون "ذنب" اقترفته: بعضها يقول "دخلت المسجد لتنال الأجر فلا تجعل الجوال يحملك الوزر"، وبعضها "أغلق هاتفك الخلوي وابق على اتصال مع الله".. الخ. حيث يلاحظ أن تلك العبارات تعقد مقارنة غير موضوعية بين الهاتف الخلوي من جهة والطاعة والأجر والقرب من الله من جهة ثانية! بلا ذنب حقيقي فعله "الخلوي" المسكين سوى أنه اختراع لم يكن موجوداً في عصور السلف!
لو كان الهم الحقيقي لتلك العبارات ضمان عدم التشويش على المصلين بسبب رنات الهواتف الخلوية، لكان ممكناً لها أن تقول مثلاً "أغلق هاتفك الخلوي حتى لا تشوش على إخوانك المصلين" أو "الرجاء إغلاق الهواتف الخلوية حفاظاً على الهدوء في المسجد" أو أية عبارة شبيهة لا تعقد مقارنات تجمع تلك الهواتف مع المعاصي في خانة واحدة. لكن تلك العبارات تصر أن تتجاوز مجرد وعظ الناس على الحفاظ على هدوء المسجد، أي مراعاة المصلحة العامة، إلى التدخل في ضمير كل فرد على حدة والتعرض لشؤونه الخاصة إشعاراً له بأن ثمة خطيئة خفية في استعمال هذا الاختراع (ابق على اتصال مع الله).. أي أن المسألة تعنيك أنت نفسك ولا تتعلق بالجو العام داخل المسجد وحسب!
أما فتوى الشيخ جمعة، التي قالت بحرمة أن يطلق الهاتف الخلوي صوت مقرئ ما يقرأ آية من كتاب الله إذا تلقى ذلك الهاتف اتصالاً من هاتف آخر، فهي ليست بعيدة عن ذلك الجو المشحون ضد الأجهزة الجديدة، فالشيخ الجليل كأنما يقول أن الهاتف الخلوي هو أحد أبواب المعصية فكيف يسمح له أن ينطق بآيات من كتاب الله؟ أما إذا نظرنا للموضوع بشيء من المنطق، فما حرمة أن يذكرك هاتفك الخلوي بآية تحمل معنى مهماً لك كلما تلقيت اتصالاً؟ كاتب هذه السطور مثلاً لو كان يحمل جهازاً خلوياً فيه خاصية الرنة الصوتية، لاختار آية "لا إكراه في الدين" لتذكره كلما جاءه اتصال بتلك القاعدة القرآنية الذهبية المعنية بالحريات في الحياة، أو آية "واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ..الآية" ليتذكر على مدار اليوم تلك القاعدة الذهبية المعنية بالاشتراطات لما بعد الحياة. ترى ما الحرمة في هكذا تذكرة؟ ولماذا أسرع الشيخ جمعة للقطع بحرمة هكذا تقنية دون عقد مفاضلة متأنية بين حسناتها وسيئاتها؟ أليس ذلك مما يؤشر على إضمار تحريم كل جديد دونما قليل من التفكير؟
حين نقول أن أكثر المسلمين يعيشون في التاريخ لا في الحاضر فإننا لا ننطلق من فراغ، وإنما من هكذا مشاهدات وملاحظات، تشي بأن الأمر لا يتوقف عند حدود تعاملهم مع الواقع، بل تمتد –وهنا المشكلة- إلى نظرتهم للمستقبل وإلى طموحاتهم التي هي إعادة هيكلة مجتمعات المسلمين لتبتعد أكثر ما يمكن عن الحياة الغربية وتقترب أكثر ما يمكن من حياة المسلمين في العصور الوسطى. فيما ليس في برنامجهم إنتاج مجتمعات مسلمين معاصرة متميزة عن كل من الغرب وماضي المسلمين، تنطلق من فهم لكتاب الله يوظف العقلية المعاصرة، باعتباره مرجعاً صالحاً لكل زمان.
هكذا فإن هؤلاء المسلمين الذين يشكلون غالبيتنا العظمى، لا يطمحون لإبداع حالة متميزة تكون عليها أمة المسلمين، على المنهج الذي أبدع فيه المسلمون الأوائل حالة متميزة وفقاً للظروف التي عاشوا فيها، وإنما يركزون جل همهم على تقليد هؤلاء المسلمين الأوائل في كل حركة وسكنة، وكأن ما فعلوه قبل ألف عام مثلاً يظل قابلاً للحدوث من جديد كما هو في أيامنا!.. ولا تغرنكم الأحاديث عن جمع الأصالة والمعاصرة والقول أن المسلم المعاصر عليه أن يختار من تاريخه ومن الحياة المعاصرة ما ينفعه فلا يأخذ أحدهما كاملاً ويترك الآخر برمته، فتلك أحاديث تبرر ذلك الشعور الخفي (في العقل الباطن) بحلاوة تقليد المسلمين السابقين، بل وتبرر فكرة التقليد نفسها التي تتجاوز الأزمنة والأمكنة، وتعفي أصحابها من فضيلة إبداع الجديد التي يستخدم فيها الإنسان ما ميزه الله به: عقله!



#سامر_خير_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقرير التنمية: إضافة نوعية لإحدى طريقي الحرية
- نهاية الدرس اللبناني
- للأسف.. أميركا دائماً أقوى
- الدرس اللبناني: لا مكان للدكتاتورية إذا توحد الشعب
- لا تشتموا الفضائيات
- تحنيط التراث: التراث باعتباره شاهداً ليس إلا
- لا تفتش عن المرأة !
- العرب وتحولات العالم
- الفكر الاسلامي بلغة علمانية
- لا ديناصورات ولا خائنون
- الاسلام بين التطهير والتغيير
- هل الديمقراطية ممكنة في العالم العربي؟
- عمرو خالد والنمذجة الاخرى
- ادفنوا هذه المنظمات
- عمرو خالد ونموذج التراث
- البرميليون العرب
- نادر فرجاني «وزمرته»!
- -الحُرة-.. وفكرة المركز والمحيط
- اختطاف العلمانية
- في هجاء القبيلة


المزيد.....




- خطوات تنزيل تردد قناة طيور الجنة الجديد نايل سات 2024 لمتابع ...
- شاهد.. علم فلسطيني عملاق يرفرف على واجهة كاتدرائية ميلانو
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- -استفزاز-.. السعودية تدين اقتحام إسرائيليين باحات المسجد الأ ...
- السعودية تدين اقتحام المسجد الأقصى: استفزاز لمشاعر المسلمين ...
- الإحتلال يسعى لتغيير الطابع العربي والاسلامي للقدس المحتل بق ...
- بن غفير في تصريحات استفزازية: -القدس لنا والمسجد الأقصى لنا ...
- نتنياهو ردا على بن غفير: الوضع القائم في المسجد الأقصى لم يت ...
- من -مسيرة الأعلام-.. بن غفير يزعم أن القدس والأقصى لليهود
- متطرفون إسرائيليون يهتفون بعبارات مسيئة للنبي محمد في باحات ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامر خير احمد - فتاوى خلوية