أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سامر خير احمد - لا تفتش عن المرأة !














المزيد.....

لا تفتش عن المرأة !


سامر خير احمد

الحوار المتمدن-العدد: 1054 - 2004 / 12 / 21 - 11:51
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


كثيرون في العالم العربي يذهبون في رؤيتهم للكيفية التي يمكن من خلالها كسر حالة التخلف المتأصلة في المجتمع الأبوي العربي مذهب المفكر العربي الكبير هشام شرابي صاحب الكتاب الشهير "النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي"، والذي يرى فيه أن التغيير في العالم العربي مشروط بـ "تحرير المرأة قولاً وفعلاً"، بمعنى أن هدم النظام الأبوي والانتقال إلى المدنية ودولة المواطنين الناهضة لا يمكن أن يتحقق إلا ابتداءً من تصحيح مكانة المرأة وإقامة المساواة بينها وبين الرجل، باعتبار ذلك يفتح باب المساواة بين الجميع ويقود إلى تقويض الدكتاتورية الأبوية في السلطة كما في المجتمع.
هشام شرابي يؤكد ذلك، ويردد ومعه هؤلاء الكثيرين من العرب المخلصين لفكرة تجاوز التخلف والتحول إلى النهضة "إن الحركة النسائية هي الأكثر أهمية لأنها الأكثر ثورية من حيث طاقتها الكامنة فيها".
غير أن هذا الرأي يمكن أن يُقرأ فيه خلطاً غير مفهوم بين مطلب الحريات العامة والحرية الفردية داخل المنظومة الاجتماعية من جهة، ومطلب مساواة الرجل والمرأة، سياسياً واجتماعياً أيضاً، من جهة ثانية، خاصة وأن القائلين به لا يقدمون تفسيراً علمياً واضحاً حول الآلية التي يكون بها "تحرير المرأة" شرطاً لا بديل له لتحرير باقي مكونات المجتمع، ما يقود إلى استنتاج أن هكذا رأي إنما يقوم على أهواء خاصة وأشواق إلى صيغة معينة للتنظيم الاجتماعي قائمة في المجتمعات الغربية التي ربما يعتقد أصحاب ذلك الرأي أنها هي المثل الأعلى الذي يجب أن تكون عليه مجتمعات العرب، دون اعتبار إلى أن في الأمر شيئاً من الإسقاط غير الموضوعي الذي يهمل فوارق ثقافية لا يمكن تجاوزها بين العرب والغرب (هذه الفوارق لا تتعلق بضرورة الحرية الفردية بما فيها حرية المرأة وإنما بالأخلاق الأساسية).
ما يجب تأكيده أن قضية تحرير المرأة العربية هي مسألة هامة وأساسية وضرورية، فحالة المرأة العربية الراهنة تمثل دون شك أحد أركان تخلف المجتمعات العربية، ولهذا فان هدم هذا التخلف يجب أن يتضمن تغيير نظرة هذه المجتمعات للمرأة، وإنجاز مساواتها مع الرجل خاصة في مجالات المشاركة الاجتماعية والسياسية. ولا خلاف في هذا السياق مع الداعين إلى المصرّين على شرط تحرير المرأة، وإنما الخلاف في تحديد الأولوية ومكانة قضية المرأة في سياقات النهضة والقضاء على التخلف.
وأصل الخلاف أن الحرية مفقودة لدى الجميع، فعلى الصعيد الاجتماعي/ الأسري تطلب المرأة العربية الحرية والمساواة وهذا حق، لكنه كذلك مطلب الابن –الذكر- في الأسرة وفي الهياكل الاجتماعية الأكبر، فالابن –أيضاً- لا حرية له في الاختيار والتقرير، وهولا يعامل كفرد حر مسؤول وإنما كرقم تتحدد كفاءته وأهليته في ضوء مكانة الأسرة والقبيلة التي ينتمي لها، أما على الصعيد السياسي فتطلب المرأة العربية المشاركة والمساواة وهذا أيضاً حق، لكن ذلك أيضاً هو مطلب الرجل العربي المقموع والمهمّش ومنزوع الحقوق كمواطن، فالقمع موزع بالتساوي بين النساء والرجال في العالم العربي!
هكذا فإن المرأة العربية ليست وحدها المتضررة من أبوية النظام الاجتماعي العربي، ما يعني أن "الحل" أي القضاء على التخلف العربي ليس مرتبطاً بها بالضرورة، فقد يكون أيضاً مناطاً بتحرير "الابن"، بالمعنى الاجتماعي والمعنى السياسي (وفي حالة السياسة فإن الابن هو المواطن المهمّش)، وقد تكون حرية "الابن" هي المفتاح الحقيقي لحرية الجميع بما في ذلك المرأة.
بل إن الذهاب إلى الاعتقاد بأن حرية الابن هي التي يُفترض أن تكون شرط القضاء على الأبوية وتجاوز التخلف العربي، يبدو أكثر منطقية من الاعتقاد بأولوية حرية المرأة، فتحرير الابن، أي إنجاز مساواته كفرد له قيمته وحريته في الاختيار مع أبيه (بالمعنيين الاجتماعي والسياسي) يعني بالضرورة أن لا سلطة لأحد على أحد تمنح الكبير قدسية المعرفة وامتلاك الحقيقة، ويعني بالتالي حتمية الديمقراطية على الصعيدين السياسي والاجتماعي، ما يتضمن بالتأكيد حرية المرأة ومساواتها وتفعيل أهليتها في المشاركة.
لهذا كله، يجب إعادة النظر في اعتبار قضية تحرير المرأة العربية حجر الزاوية في نقد النظام الأبوي العربي المقيت والمفضي إلى كل هذا التخلف الذي نعيشه ونعاني بسببه، وذلك بغرض إعادة تحليل الواقع بشكل أكثر موضوعية وبعداً عن الأهواء، وتقديم نقد أكثر علمية لهذا النظام الأبوي والتخلف المستند إليه، والتفتيش عن المعضلة الحقيقية التي يجب البدء بحلها في الطريق إلى المدنية والتحضر، ذلك أن التفتيش المستمر عن المرأة في هذه المسألة يبدو انفعالياً وغير نافع، فلا تفتشوا –بعد- عن المرأة في أولويات السعي إلى كسر التخلف، بل ربما فتشوا أولاً عن الابن!



#سامر_خير_احمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب وتحولات العالم
- الفكر الاسلامي بلغة علمانية
- لا ديناصورات ولا خائنون
- الاسلام بين التطهير والتغيير
- هل الديمقراطية ممكنة في العالم العربي؟
- عمرو خالد والنمذجة الاخرى
- ادفنوا هذه المنظمات
- عمرو خالد ونموذج التراث
- البرميليون العرب
- نادر فرجاني «وزمرته»!
- -الحُرة-.. وفكرة المركز والمحيط
- اختطاف العلمانية
- في هجاء القبيلة
- الهروب الى الحكم الاسرائيلي
- حفرة صدام
- أما الشعوب المأزومة ...
- العمل السياسي في الجامعات (ورقة بحث) - الأردن
- .. وخطباء المساجد ايضا!
- حزب الايادي البيضاء
- الاستسلام للعولمة!


المزيد.....




- مسلسل -لام شمسية- يثير جدلا كبيرا في مصر حول قضية العنف الجن ...
- اليونان.. مقتل امرأة بانفجار عبوة ناسفة (صور)
- خرم سلطان: من هي -أقوى- امرأة في التاريخ العثماني؟
- أبرزها الزواج من 20 سنه!.. قانون الزواج الجديد في الجزائر 20 ...
- المزيد من الفتيات يرغبن في دراسة التكنولوجيا
- مراهق يُقنع الأطفال بممارسة الجنس في العالم الافتراضي من خلا ...
- نساء في البلديات: تضييق أبوي تكسره التجارب الناجحة
- امرأة تتعرض لاعتداء جنسي على متن طائرة أمريكية (صور)
- ريبورتاج: تكريما للمرأة الفلسطينية ..انطلاق فعالية -القدس عا ...
- اتحاد كرة القدم يحظر مشاركة المتحولات جنسياً في الدوري الانج ...


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سامر خير احمد - لا تفتش عن المرأة !