أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامر خير احمد - لا ديناصورات ولا خائنون














المزيد.....

لا ديناصورات ولا خائنون


سامر خير احمد

الحوار المتمدن-العدد: 921 - 2004 / 8 / 10 - 09:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الحياة الثقافية- السياسية العربية مظاهر غريبة، يمكن عدها "تشوهات" لأنها تشي بالأجواء غير الصحية السائدة في طريقة التعاطي مع السياسة ومع المشتغلين بها.
أكبر هذه التشوهات إصرار كثيرين ممن يفترض أنهم مثقفين مسيسين على فرز الناس والأفكار إلى مجموعتين لا ثالث لهما، على طريقة "الأبيض والأسود"، إحداهما كلها خير وفضيلة، ينتمي لها هؤلاء المثقفين "النبلاء" بالضرورة(!) وما دونها شر مستطير وفساد وخيانة. المجموعة الأولى هي التي –عند أصحابها- ترفع لواء الوطنية والقومية وتحافظ على "ثوابت" الأمة، فهي في هذه الأيام مثلاً تنبري للدفاع عن استقلال العراق وتجهد في دفع الأذى عن صدام حسين ونظامه (باعتبار صدام رمزاً لثوابت الأمة!)، معتبرة أنها إنما ترمي لعرقلة المشروع الأميركي الطامع في المنطقة.
المجموعة هذه ذاتها تعد كل من يتحفظ على بعض آرائها وعلى كيفية رؤيتها للأمور خائناً أو مشروع خائن، أي عميلاً للمشروع الأميركي، حتى لو كانت ملاحظاته تهدف لاستبصار الوقائع كما هي في حقيقتها لا كما يمكن رؤيتها من زاوية التنطع ولزوم ما لا يلزم وفرضية المؤامرة. والمنتمون لهذه المجموعة متنوعو التوجهات والمشارب، من قومية إلى إسلامية إلى يسارية مزيفة، لكنهم يشتركون في رفع الشعار البائد "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" وان لم يعلنوا ذلك على الملأ، فما الاسم الذي يمكن إطلاقه على هذه المجموعة سوى أنها مجموعة "الديناصورات"؟! (والتعبير بالطبع للراحل مؤنس الرزاز في رواية شهيرة).
أما التشوه الآخر، الموازي لوجود الديناصورات، فيتمثل في وجود مجموعة تتخذ من حاجة المجتمعات العربية للديمقراطية والتعددية واحترام الآخر مدخلاً لترويج أفكارها المسمومة في الارتهان للأجنبي والتنازل عن الأوطان وقبول إسرائيل على اعتبار ذلك "رأياً آخر" أو "اجتهاداً"، وكأن مسائل مثل الاستقلال والتحرير والنهضة تقبل الاجتهاد وتنوع الآراء، وهو أمر لم ولن يحصل عند أية أمة على الأرض، خاصة الأمم التي نجحت قبلنا في تكريس قيم الحرية واحترام الآخر والديمقراطية الحقيقية. هذه المجموعة لا يمكن وصف أفرادها إلا بـ"الخائنين".
الرابط بين هاتين المجموعتين/ التشوهين، أن الأولى تصنف كل من يختلف معها في الرأي ضمن مجموعة الخائنين، أما الثانية فتصنف كل من يضع خطوطاً حمراء في قبول الاختلاف والرأي الآخر ضمن مجموعة الديناصورات، وبذلك يضيع جهد المثقفين العرب أما في عمليات تصنيف الناس بين نبلاء وخائنين أو بين رجعيين ومجتهدين، أو في محاولات أصحاب الاجتهادات الحقيقية المخلصة نفي أي من الصفتين عن أنفسهم، فيما القضية الأساسية المتمثلة بسؤال النهضة والتحرر والحرية غائبة أو معطلة.
ما يجب أن تفهمه كل واحدة من هاتين المجموعتين، وهما في الحقيقة أهم أسباب انحطاط الأخلاق في الحياة الثقافية- السياسية العربية، أن مسألة نهضة الأمة وحريتها واستقلالها تستلزم بالضرورة رؤية "الألوان" الموجودة في تفكير المثقفين العرب، أي الخروج من ثنائية "الأبيض والأسود" البغيضة وإدراك التنوع والتعدد والاجتهادات التي لا تفرط في الأوطان. إن ذلك التقسيم الثنائي القسري عطل الأمة سنوات طويلة وجمد حركتها وأعماها عن رؤية واقعها في العالم، بل ودفعها لرؤية الأشياء بالمقلوب، إذ –مثلاً- كيف يمكن تفسير اعتبار نظام صدام حسين الاستبدادي الاستعبادي رمزاً لثوابت الأمة ووسيلة لتعطيل المشروع الأميركي الاستعماري؟!
كي تمضي الأمة إلى نهضتها، يجب دفع الديناصورات العرب إلى الانقراض وكذلك كشف خيانة الخائنين ونبذهم، ويجب علينا أن نفكر ونحلل بمنطق وعقلانية، ضمن قاعدة إخلاصنا لأهداف أمتنا في النهضة، فلا نكون ديناصورات ولا نصير خائنين، وعندها يمكن بناء الديمقراطية الحقيقية في الحياة الثقافية أولاً بما تشمله من احترام للرأي الآخر والتعددية وحرية الاجتهاد.
إن الحالة المثالية التي يتم فيها القضاء على كل من الديناصورات والخائنين ستمكننا من رؤية الشر الكبير الموجود –مثلاً- في كل من المشروع الأميركي الاستعماري وصدام حسين ونظامه، فالاستعمار والاستبداد وجهان لعملة واحدة، كلاهما يسرق حرية الشعب وخيرات البلاد، ولا يجوز الانحياز لأي منهما نكاية بالآخر، فالانحياز لا بد أن يكون لصف إقامة الديمقراطية وتوفير حرية الفرد العربي.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد شهدت عمان خلال الصيف الحالي أكثر من مؤتمر ثقافي سياسي نشطت فيها –بالذات- مجموعة الديناصورات العرب الآتية من عدة بلدان عربية، وقد لوحت تلك المجموعة بعصاها لكل من قال أن ثوابت الأمة ليست ضداً للديمقراطية والتعددية واحترام الآخر، والآخر هنا هو أولاً الآخر العربي المجتهد المفكر، لا الآخر الأميركي الذي ظنت مجموعة الديناصورات (ولأنها ديناصورات لا تفقه الواقع) أن لا آخر سواه!



#سامر_خير_احمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاسلام بين التطهير والتغيير
- هل الديمقراطية ممكنة في العالم العربي؟
- عمرو خالد والنمذجة الاخرى
- ادفنوا هذه المنظمات
- عمرو خالد ونموذج التراث
- البرميليون العرب
- نادر فرجاني «وزمرته»!
- -الحُرة-.. وفكرة المركز والمحيط
- اختطاف العلمانية
- في هجاء القبيلة
- الهروب الى الحكم الاسرائيلي
- حفرة صدام
- أما الشعوب المأزومة ...
- العمل السياسي في الجامعات (ورقة بحث) - الأردن
- .. وخطباء المساجد ايضا!
- حزب الايادي البيضاء
- الاستسلام للعولمة!
- كتاب - سباق العصبية والمصلحة الصراع على الثقافة الوطنية لحسم ...
- المدنية في مواجهة الغرائزية
- عقلية اقصاء الاخر الفلسطيني


المزيد.....




- هكذا وصلت الملكة رانيا والأميرة رجوة إلى البندقية لحضور حفل ...
- شاهد لحظة إنقاذ طفلة علقت في مجاري الصرف الصحي في الصين لساع ...
- بخيوط من ذهب وحرير أسود.. الكعبة ترتدي كسوتها الجديدة مع بدا ...
- رافائيل غروسي يكشف معلومات مهمّة عن البرنامج النووي الإيراني ...
- يتمحور حول المعادن النادرة.. الولايات المتحدة تعلن توقيع اتف ...
- بكيين تؤكد توقيع اتفاق تجاري مع واشنطن وتكشف عن بعض تفاصيله ...
- المغرب..نانسي عجرم تثير الجدل بسبب العلم الوطني
- بريطانيا تنسحب من مشروع بقيمة 34 مليار دولار لاستيراد الطاقة ...
- عاجل | سرايا القدس: قصفنا مع كتائب القسام بقذائف الهاون تجمع ...
- محللون إسرائيليون: نتخبط في غزة ونطارد نصرا مطلقا لن يتحقق


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامر خير احمد - لا ديناصورات ولا خائنون