أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ياسين المصري - دولة الجهل وجهل الدولة















المزيد.....

دولة الجهل وجهل الدولة


ياسين المصري

الحوار المتمدن-العدد: 4456 - 2014 / 5 / 17 - 16:26
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


" تبدأ الحرية حيث ينتهي الجهل " فيكتور هوجو
الجهل هو عدم المعرفة ، وهو ليس عيبا ، لكن العيب أن يصر الجاهل على جهله ، ويؤدي به إلى ارتكاب حماقات أو نزوات تؤذي الآخرين . أما صناعة الجهل فهي العمل على تجهيل الناس أي جعلهم جهلاء ، بهدف الاستفادة المادية والمعنوية من ورائهم . إذ يفضي الجهل بالضرورة إلى الخضوع والخنوع والعبودية الكاملة . بكلمات أخرى لا حرية مع الجهل ، ولا جهل مع الحرية.

والجهل إما فردي أو جمعي ، وكلاهما يحدث بين البشر عندما يشعرون بالتعالي والغرور والغطرسة ، وهي أشياء مبثوثة وكامنة بين ثنايا النفس البشرية بوجه عام ، ومن السهل إيقاظها وتحريكها. وهنا تلعب غالبا الثقافة الدينية دورا رئيساً ولكن ليس دائماً .

لذلك ، من الطبيعي والشائع بين البشر أن يوجد في كل بلاد العالم أشخاص يقتاتون من صناعة الجهل وتقديمه معلبا ومغلفا وجاهزا للإستهلاك الأدمي . وكلما كان التغليف جيدا وجميلا، كلما كان التسويق سهلا والاستهلاك مضمونا، والتباهي بامتلاكه أو استهلاكه أمرا واردا . وما أجمل الجهل عندما يكون مغلفا بإرادة من السماء .

كذلك ، من الطبيعي والشائع أيضاً أن يوجد آخرون من البشر يتعاطون الجهل ويدمنونه ، ولا يحلوا لهم العيش إلا بالجهل ، وبغير الجهل لا يعيشون ، تماما مثل بعض النباتات التي لا تنمو إلا في الروث . إنهم عبيد الجهل بدرجات متفاوتة تتوقف على ما يتوفر (أو ما لا يتوفر) لديهم وعي وإدراك .

ولكن من غير الطبيعي ، وربما من الشذوذ أن توجد دولة بكاملها متخصصة في صناعة الجهل ومن ثم تصديره على طول الخط ، ودولة أو دول أخرى بكاملها تتلقى الجهل وتحبه وتتعلق به إلى الأبد ، فتتركه يحكمها و يتحكم فيها، وتعمل أكثر مما تستطيع لرعايته وحمايته ، ومن ثم يقوم عدد غير قليل من المتخصصين فيها والمستفيدين من تجارته بتركيزه وبلورته وتجميله وإضفاء الشرعية عليه كي يتباهى به الجميع!!؟؟.

لا شك في أن بعض الشعوب تمر في تاريخها بفترة زمنية تصاب فيها بمرض التعالي والغرور والغطرسة والجهل ، ولكنها سرعان ما تعود إلى رشدها وتسعى مرة أخرى إلى تحقيق إنسانيتها ، خاصة بعد معاناة شديدة وآلام مبرحة ، وربما الكثير من التضحيات كما يحدث عادة في الحروب (الأهلية والعالمية) ، وما حدث مع الأيديولوجيات المخرِّبة كالنازية والفاشية والشيوعية ..... إلخ ، فالإنسانية هدف ليس من السهل تحقيقه ، إنها مثل المعدن الثمين لا يمكن الحصول عليه إلا بالنار.

أما أن تُبقي دولة أو دول ما على مرضها بالتعالي والغرور والغطرسة والجهل عشرات المئات من السنين وبإصرار وفخر ، وتعمل أكثر مما في استطاعتها على أن تتناقله الأجيال المتعاقبة جيلا بعد آخر ، فهذا مالا يصدقه عقل ، ولا يقبله منطق !!!؟؟

قبل ما يربوا على 1500عام ، وفي غفلة من الزمن ، ظهرت في شبه جزيرة العربان الصحراوية عصابة مجهولة الهوية من البدو الصعاليك وقطاع الطرق والمجرمين بزعامة شيخ يدعى قثم بن عبد اللات تنبَّأ أو نبَّأهُ الآخرون فيما بعد وعُرِف بإسم محمد بن عبد الله ، وبناء على دوافعهم الغرائرية - النفعية وضعوا " أسُسًا " لثقافة الجهل القائمة على غرس بذور التعالي والغرور والغطرسة في نفوس البشر تحت خرافة الانتماء إلى خير أمة أخرجت للناس ، وراحوا يركبون الشعوب الآخرى ويستعبدونها عنوة بحجة إخراجها من الظلمات إلى النور . وقالوا عن ثقافتهم البدوية الصحراوية إنها "دين" مفروض على البشر جميعا من قوة خفية قابعة في السماء كي يعشش في عقولهم ويسيطر على مصائرهم ومقدراتهم ، ومن ثم تدوم تلك الثقافة أمد الدهر . وقام عملاء لهم يرتزقون من ورائها بالعمل ليلا ونهارا على تقديسها وترسيخها وبلورتها وتجميلها. ومن ثم الدفاع عنهم وعنها بالنيابة. وأصبح كل همهم منذ البداية هو درء الشبهات التي حامت حولها، وتبرير الحماقات التي سببتها ، ولكن بسذاجة واضحة ، كما أصبح من واجبهم التحريض على قتل المعارضين لهم دو أن يتعرضوا حتى للملامة ، لأن لهم في رسول الله أسوة حسنة .

وبفضل السيف وهلوسات ابن عبد اللات وعائدات النفط تجمَّع أحفاد الصعاليك في دولة لأول مرة في تاريخهم ، تعرف الآن بـ "مملكة آل سعود". وهم بلا أدنى شك أكثر الناس معرفة بحقيقة صناعتهم . لذلك فهم أقل الناس إلتزاما بها وآخرهم إتّٓ-;-باعا لمبادئها. ولكن نظرا إلى أنهم أصل هذه الصناعة، وأنها مازالت قائمة ، ومنتجَها مطلوب ومرغوب لدي الدول الأخرى ، فيتم إعداد الجهل المقدس وتصديره فورا عن طريق العدوى الدينية ، ولا يبقى منه الكثير للاستهلاك المحلي في بلادهم . هذه الصناعة الوحيدة والفريدة في العالم جعلتهم "قدوة" لغيرهم . ومع أن الدكتور إبراهيم الخولي أحد عملاء الأزهر نفى عنهم هذه "القدوة" في حواره مع الدكتورة وفاء سلطان في برنامج الاتجاه المعاكس المبثوث عبر قناة الجزيرة القطرية قائلا : "ليست السعودية المثل الإسلامي الذي يضرب والسعودية في نهجها وسلوكها العام أكبر بلد أدينه فيما يتصل بالمعايير الإسلامية" ، إلَّا أنه أكد - كما هو واضح من كلامه - عدم التزامهم بالمعايير الإسلاموية ، دون أن يوضح سيادته ما هي هذه المعايير الإسلاموية التي يعنيها ، وأين هي ، ومن الذي يلتزم بها ، ولماذا يلتزم بها الآخرون مع أن مصدر نشأتها نفسه لا يلتزم بها ؟؟!!.

كان لابد لهذا الوضع أن يؤدي بالعربان المتسعودين إلى أن يحيوا حياتين متناقضتين: حياة ظاهرها التقوى والورع وحياة باطنها الفسق والفجور. وكان لا بد أيضاً أن تنتقل عدوى هذه الحياة المتناقضة إلى البلدان الأخرى الموطوءة بثقافتهم والخاضعة لجهلهم، وأن يتم الالتزام بها والتعامل على أساسها، ولكن بدرجات متفاوتة، قد تبدو غير واضحة للعيان .

وظلت مصر بعيدة كل البعد عن هذا الجهل الديني المقدس، إذ حافظ الشعب المصري على سماحته لمئات السنين بعد الغزو البدوي الهمجي لبلاده ، وتولى بارتياح شديد العناية بمنطقة الحجاز حيث المناطق الإسلاموية المقدسة ، والقيام عن طيب خاطر بتغذية ساكنيها وكسائهم وتعليمهم ، على نفقته الخاصة .

ولكن ، في عام 1952 بدأت مصر "الدولة" تتجه إلى الخضوع التام للجهل العام - بما فيه الجهل الديني المقدس - وتتركه يستشري ويسيطر على كافة مرافق الحياة ، فقد حلت بها كارثة من العيار الثقيل ، يجري حتى الآن التعتيم عليها تاريخيا وإعلاميا وإخفاء عواقبها عن الشعب ، مع أنه مازال يعاني منها حتى الآن ومن المستبعد جداً أن يتخلص منها قريبا. فقد استولى العسكر بزعامة البكباشي جمال عبد الناصر على السلطة في البلاد، وقاموا بتحويل البلاد والعباد إلى مزرعة دواجن خاصة لهم . وبدأ الجهل الشامل الجامع منذ ذلك الوقت يسيطر على مفاصل الدولة ويصيبها بالهزال والمرض . وبدأت مصر بالدخول في عصر الانحطاط المادي والمعنوي على حد سواء . فكل عصر له رجاله . عصور التقدم لها رجالها وعصور التخلف لها رجالها أيضاً ، وكأنه قدر محتوم على هذا البلد التعيس .

مما لا شك فيه أن فترة حكم العسكر هذه من أهم الفترات في تاريخ مصر ، ولهذا تحتاج إلى دراسة جادة وتقييم موضوعي بعيدا عن الهوى النفسي والهوس الايدلوجي .

من المعروف والمتفق عليه في أي مكان من العالم أن مهمة العسكر الوحيدة هي إجادة استعمال السلاح في مواجهة أعداء البلاد في الخارج أو في الداخل ، و من المفترض ألَّا يتدخل العسكر بصورة أو بأخرى فيما لا يعنيهم ، ومن باب أولا فيما ليس لهم علم به ، وفي مقدمته الشؤون السياسية . ولكن في هذا البلد التعيس وكنتيجة لفشلهم في عملهم الأساسي كـعسكريين ، أغراهم رونق السلطة ، وصوَّر لهم جهلهم أن بإمكانهم إدارة البلاد والعباد بالفهلوة المعهودة والأغاني المنشودة، وتحقيق العزة والكرامة الإنسانية للشعب بالضربات العشوائية والمغامرات الارتجالية. فتحولت مصر على أيديهم ولأول مرة في تاريخها الطويل من دولة مشوّٓ-;-قة وجذّٓ-;-ابة لكل الملل والأعراق والجنسيات المختلفة في العالم إلى دولة طاردة حتى لأبنائها أنفسهم ( يقدر عدد المصريين في الخارج بأكثر من 8 ملايين ).

عندما أتذكر أيام عبد الناصر وعصابته العسكرية يتبادر إلى ذهني نكتة شعبية انتشرت بين المصريين في أواخر حكمه تقول: "إنه حلم ذات ليلة أنه يجلس علي تل وبجواره كلبان، ولما سأل أحد مفسِّري الأحلام، قال له إن الحلم معناه إنك خربتها وقعدت على تلها يا كلب يابن الكلب"

والنكتة تعكس الحقيقة تماماً باستثناء النص الأخير منها والذي يدل بلا شك على سفالة وانحطاط، فجميع الكلاب في العالم جديرة بكل احترام .
إن السلوكيات السافلة والمنحطة تعد من أهم مظاهر الجهل ، وقد أصبحت تدريجيا سمة مميزة لدي الغالبية العظمى من المصريين منذ استيلاء العسكر على مقاليد الحكم في البلاد؟؟!!

لا شك في أن عبد الناصر كان إنسانا طيبا شأنه في ذلك شأن كافة المصريين ، وأنه كان على بيِّنة بما في بلده من فقر وجهل ومرض وتعاسة ليس لها حدود ، وأن نواياه كانت حسنة تجاهها ولم يكن يتعمد إصابة بني وطنه بالسفالة والانحطاط. وأن الأمر برمته حدث عن جهل وسوء إدراك أو تقدير. ولكن السياسة لا تمارس بالنوايا الحسنة (وحدها)، وأن الدب الذي قتل صاحبة بالحجر لينش الذباب عن وجهه كان بلا شك حسن النية .

كان عبد الناصر وعصابته من الضباط الشبان الذين أغراهم رونق السلطة في بلد لم يعرف شعبها - لقرون طويلة - غير الخضوع والخنوع للسلطة ، وقد لقبوا أنفسهم بـ"الضباط الأحرار" وهم بالفعل كانوا وحدهم الأحرار فيما يفعلونه - بل ينتهكونه - في حق هذا الوطن ، فاستحقوا عن جدارة لقب "الضباط الأشرار" الذي أطلقه عليهم بعض المفكرين .

وكان لكاتب هذه السطور الحظ في أن يعيش 12 عاما من زمن الملك فاروق الذي يصفه المصريون الآن بـ"الزمن الجميل"، ورأى كيف كان الملك فاروق أكثر تحضرا من غيره ، إذ ترك لهم مُلْك البلاد والعباد بهدوء لا مثيل له ولم يشأ أن يورط شعبه في نزاع دموي ، كما يفعل غيره عادة. ورأى الكاتب كيف أن مصر بدأت تنهار تدريجياً منذ ذلك الوقت على كافة المستويات المادية والمعنوية ، واستمر الانهيار حتي بلغ ذروته على أيدي العسكري حسني مبارك وعصابته ، أحد أسوأ حكام مصر. كما كان للكاتب شرف معايشة الخراب الإخواني الذي حل بالبلاد والعباد خلال عام واحد فقط من حكم المتأسلم محمد مرسي وعصابته ، فكان تتويجا وتخليدا للجهل الإسلاموي المقدس .

إنه إذن حكم الأقليات العسكرية أو الدينية التي ترى أن البلاد والعباد ممتلكات خاصه لها وحدها . الأمر الذي يحفِّز الأقليات الأخرى في المجتمع على التمرد وحمل السلاح ضدها أو ضد غيرها .

ولأن الديانة الإسلاموية ديانة سياسية بامتياز، فإن السياسة اعتمدت دائماً على رجال الدين العملاء ، ليعطوا للحكام العجزة والجهلة واللصوص شرعية مزيفة تبرر حماقاتهم أمام المواطنين ، تحت غطاء الأمر الإلهي : "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وألي الأمر منكم" . ومن هنا نشأت شراكة بين الطرفين في كل من السلطة والنفوذ والثروة ، بناء على عقد غير معلن بينهما، ينص أهم بند فيه على أن يساعد كل منهما الآخر ولا ينقلب عليه ، بمعنى ألا يتعدى حدود دوره المحدد له .

ولكن عندما قفذ العسكر إلى السلطة في مصر على أكتاف الجماعات الإسلاموية ( خاصة الإخوان المتأسلمون ) ، المعروف عنهم نهمهم الشديد إلى السلطة والثروة والنفوذ ، راحت تلك الجماعات تتحين الفرصة للاصطدام مع العسكر على مدي 60 عام ، فكانت يد العسكر الغليظة تهوي على رؤوس قادتها وأعضائها دون أن تستأصل شأفتهم من المجتمع تماماً ، إن العسكر لجهلهم وعجزهم السياسيين في احتياج مستمر إلى الإسلامويين لإكسابهم شرعية مزيفة وتقديم تبريرات إلهية لحماقاتهم، وأيضاً لمقدرتهم وحدهم على العمل في قاع المجتمع وتخدير المواطنين وتحويل أنظارهم عن مشاكلهم الحياتية بإسم الله الرحمن الرحيم وسنة نبيه الكريم .

إلتقى الغباء السياسي مع الغباء الديني في طريق واحد ونحو هدف واحد في مجتمع يزداد فقرا وجهلا ومرضا كل يوم ، خاصة وأن الطبقة الوسطى من المجتمع تقلصت وكادت تنقرض نتيجة للتحولات الراديكالية التي اتبعها عبد الناصر وقلبت المجتمع بكامله رأسا على عقب وأحدثت فيه رجرجة قوية وخلط غير مدروس أو محسوب ، وتمت عسكرة مفاصل الدولة وإحلال أهل الثقة من العسكر الجهلة محل أهل العلم والخبرة ، ليتفرغوا في هدوء لتشغيل مزرعة الدواجن لحسابهم الخاص . وتورَّم الجهازي الإداري للدولة وأصيب بالفساد التام على كل المستويات ، حتى أن متطلبات المواطن اليومية العادية كاستخراج رخصة قيادة أو جواز سفر أو ترخيص مصنع أو ما شابه ذلك لا يتم من جهة إدارية واحدة ، بل من العشرات التي تريد الرشوة جميعها ، فلا ينتهي أي شيء في أسابع أو سنين مالم يكن وراءه أحد اللواءات . ( مؤخراً وصف المشير عبد الفتاح السيسي الجهاز الإداري بالمترهل ) .

حكم العسكر مصر بأسلوب العصابات المعروف في علم السياسة بحكم الأقلية ، حيث قاموا بعسكرة الدولة ، فغرسوا في كل مكان أحد العساكر الكبار ، وخضعت كافة مرافق الدولة لأهواء العسكر وأمزجتهم ، ومن ثم تفشت الواسطة والمحسوبية والرشوة ، وعم الفساد والانحطاط والفوضى كل المستويات . وشيئا فشيئا راحت الطبقة العسكرية الحاكمة تتقوقع علي نفسها لتدير شؤونها بعيدا عن شؤون المواطنين . لقد وقعوا على كنز ، ولم يعد من اللازم الإلتفات إلى ما يجري في قاع المجتمع من تقلبات وتغيرات ، عندئذ خلا المجال للجماعات الإسلاموية لتعمل بحرية وعلى قدم وساق في غياب الطبقة الوسطى الواعية لمصالح المجتمع ، وعمدت إلى إلهاء المواطنين وتحويل أنظارهم عن مشاكلهم الحياتية وتجهيلهم بحقيقة ما يدور حولهم . وعندما لا تكتفي أية جماعة منها بهذا الدور وتحاول دس أنفها في شؤون الحكام الجدد ، تنقض عليها يد العسكر الغليظة في عملية تأديبية دون القضاء عليها واجتثاث شأفتا من المجتمع .

ومن ناحية أخرى كان لا بد للجهلة والعجزة أن يغازلوا المتأسلمين الرسميين في محاولة فاشلة لإرضائكم ، فكانت أول المغازلات وأفدحها إدخال العلوم الدنيوية جميعها إلى الأزهر، ليُخَرِّج كل عام كما هائلا من الجهلاء العاجزين عن العمل الخلاق المفيد ، فيتوجهون إلى ما هم مؤهلين له وهو الدجل والاحتيال ، وانضم إليهم جمع غفير من غير الأزهريين العاطلين ومن لا مهنة لهم ، ليصبحوا جميعا لا هم لهم سوى خرافة ربط العلم بالدين الإسلاموي تحت مسمى "الإعجاز العلمي للقرآن" ، والعلاج من كافة الأمراض ببول البعير وحبة البركة والرقية الشرعية وجناحي الذبابة .... إلخ . إن الحديث في الدين مهنة من لا مهنة له ، وهو مهنة رابحة باستمرار ولا تحتاج إلى تعليم أو رأس مال أو عناء على الإطلاق .

وتجلى الجهل بوضوع في التسيب الذي أصاب أفراد المجتمع برمته ، فأصبح كل شخص يفعل ما يريد ، مادام ألي الأمر منهم يفعلون ما يريدون ، فـ "إذا كان رب البيت بالدف ضاربا فشيمة أهل البيت الرقصُ"

لأول مرة وبعد ما يقرب من 1500 عام أصاب الغباء السياسي والديني المجتمع المصري في مقتل وجعله يترنح في محاولة يائسة لاستعادة الحياة الإنسانية الكريمة . وحتى تؤدي المعاناة والتضحيات إلى فرز مجموعة من الرجال المناسبين لتلك الحياة ، سوف يظل يترنح ، ولكنه أبدا لن يموت .



#ياسين_المصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا يستحي المتأسلمون ؟؟!!
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 11
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 10
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 9
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 8
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 7
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 6
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 5
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 4
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 3
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 2
- الخديعة الكبري العرب بين الحقيقة والوهم 1
- هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟ 5
- هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟ 4
- هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟ 3
- هل الإسلام جاء من بلاد الفرس ؟ -2
- تعليق سريع على حوار القراء المتمدن
- هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟
- المرض المزمن الذي أصاب المصريين
- الناس اللي تحت


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ياسين المصري - دولة الجهل وجهل الدولة