أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - معاني متخفية في صور متحركة /ديوان (ناي الغريبة) أنموذجا















المزيد.....

معاني متخفية في صور متحركة /ديوان (ناي الغريبة) أنموذجا


وجدان عبدالعزيز

الحوار المتمدن-العدد: 4456 - 2014 / 5 / 17 - 10:46
المحور: الادب والفن
    


من خلال المتابعة نؤكد، ان تجربة نجاة الزباير الشعرية، باتت تتصاعد وفق وعي الرؤية التي تمتلكها وتتفاعل معها .. ولما تتحلى به الشاعرة من دفق الصور الشعرية المتحركة، لذا اتخذت تجربتها شكلا شعريا خاصا، بات يتعكز بصورة جلية على البناء المقطعي، وذلك لان (القصيدة الجديدة لم تعد شكلا جاهزا يستقبل كل انواع التجارب باختلاف نماذجها وحساسيتها وعمقها ونضجها، بل هي "عالم ذو ابعاد .. عالم متموج متداخل، كثيف بشفافية، عميق بتلألؤ، تعيش فيها وتعجز عن القبض عليها، تقودك في سديم من المشاعر والاحاسيس، سديم يستقل بنظامه الخاص" بعيدا عن أي خارج على النحو الذي يجب معاينته هو بكل ما ينطوي عليه من خصوصية وتفرد، وعبر قراءة حرة لا تذعن لأي مؤثر خارجي)ص33، لذا فـ(نمط البناء المقطعي في القصيدة الجديدة يعتمد في بنيته الاساس على تعدد مراكز الحدث الشعري، او توزع الحدث الرئيسي على محاور عدة، او تجسيد حالات كثيرة تختلف في مضامينها وطبيعة تجربتها لكنها تلتقي بعضعها البعض بخيط واحد يكون عادة غير مرئي، وهذا نمط مهم من الانماط المركزية في الشعر الجديد)ص33 الاداة، وبهذا استطاعات الشاعرة الزباير، لملمت رؤاها عبر هذا الشكل الشعري الذي اتاحته قصيدة النثر اكثر من غيرها في نقل خلجات الشاعر وترجمتها باتجاه اكتشاف المعاني المتخفية في صورها المتحركة، ابتركداءا من عتبة العنوان (ناي الغريبة) دخولا الى المتون التي لحنت اغاني الشاعرة وخلجاتها واعطتها دفق الحركة باتجاه الاخر، رغم ان الاخر (يلبس خف وسامته)، و(يطارد غزلان وعوده)، الا ان الزباير تديم الصلة من خلال مجمل قصائد الديوان عبر العزف على (ناي الغريبة)، فتلك الغربة التي ترافق الروح وتجعلها (تقرع باب الغواية)، عبر (سبع نبؤات لعشق حزين)، مما جعل المتلقي لقصائد الديوان، ان يعيش حالة الصراع الذاتي في الاكتشاف والبناء اعتمادا على الصورة التي صنعتها ، (فـ"الصورة الشعرية هي التي تتخطى حدود الاشياء، وتكمن في عصب النفس محاولة القبض الشعري على حقائق الاشياء المستترة في اعماق النفس"، مستخدمة في ذلك ما اكتسبته من طاقات فنية جديدة تساعد الشاعر في اكتشاف الجوانب الغامضة في العقل البشري المبدع واضاءتها وتنويرها، وهي تشكل بذلك "اهمية كبرى في التجربة ذاتها)ص87المصدر نفسه، تقول الشاعرة :

(أتجرد مني
اتمدد في هوائك
مهاجرة في أرخبيل عينيك
فيلوح لي المجنون مهرولا
بين دهاليز القصيدة
كانت خطاه تزلزل مجازاتي
فأسرع بين الفواصل
لأراك تمرق من نصي
قلقا
ارقا
فيرحل نهارك
ويمسي قلبي سجينا لديك)

هكذا يتصاعد الصراع الذاتي مع الاخر في حصيلة افتراضية بين دهاليز القصيدة، أي ان الشاعرة تعيش حياة الافتراض مع القصيدة ومن خلال هذا الافتراض، تبدأ تخطو باتجاه تكوين رؤية بحث عن حقيقة تتجلى في الوعي ، أي انطلاقا من لحظات الكتابة باتجاه تكوين رؤية، وهنا يبدأ الوجع .. تقول :

(ففي سلم الجمر
ارتقي وجعي
فأين جياد الصبابة
الضالة في ممرات الليل؟!!)

ومع الوجع تتولد الاسئلة، ليكون الشعر، هو تحفيز على المشاكسة والاعتداء على قانون اللغة المتواضع عليه باتجاه تحميل الكلمات دوال اخرى، تؤدي الى تأزيم الفهم العام، ومحاولة خلق منطقة متميزة صالحة للتأمل لمجمل محيط الوجود .. وخاضعة لاراء عديدة في استرداد المعاني .. وجدل ان الشعر مشروع غير مكتمل، تقول الشاعرة :

(انتظرتك ..
سلام .. سلام
حول قلبي حزمة باردة
لمست امرأة كتف عشقي
فوجدتني اشرق قلقا
يا لصخب هذا الصمت!!
يرقصني
أنا الغريبة
المارة من المساءات السرية)

فهذا القلق هو الكفيل بجعل الشاعرة تحاول بناء مشروع من منظومة الافكار، ومن ثم محاولة اكتمال هذا المشروع الذي يكون في نظر المتلقي غير مكتمل ويمثل تيها مستمرا، بعلة ان الشعر كما هو في المعرفة الجمعية يمثل بلاغة لغوية، وقد لايعني بالافكار العلمية الثابتة .. يدلنا قولها : (كانت أوراق الليل تتساقط/وصقيع الآهات يلف صدري/كيف اهرب مني/ وهذه الرؤيا العارية/تطل من تعبي)، فالتساؤل فما المقصود باوراق الليل؟ وما المقصود بالرؤيا العارية؟ وقد يكون الجواب افتراضي يتعكز على المجازات في هذا الامر.. وهو تعميق لعتبة العنوان (ناي الغريبة)، وبهذا فان الزباير توغل في الاسئلة وتعمد الى تجاوز الزمكانية بقولها : (أوغل في الاسئلة/تضيق بي أزمنتي/فلا مكان/يسع احتراقاتي)، لتبقى تعزف على ناي الآهات .. (كان رينوار يقول ان الفن يكتسب في المتحف، أي هو ليس ومضة عبقرية وكفى، ان الشعر العظيم ـ وكل ادب عظيم عموما ـ هو كالسمفونية الهارموني، تضم اكثر من صوت واتجاه، تتعارض وتتداخل وتتآلف بفعل وعي عبقري تمتلكه روح كلية او نهج شمولي في تفسير الاحساس والادراك. وهذه الروح الكلية او النهج الشمولي هي روح فلسفية.)2، أي بمعنى هناك عبقرية في تعدد الاصوات واثارة الاسئلة، فـ(الشعر والوجود، يشكلان بؤرة رؤيوية تأويلية تعددية تدرك الكينونة بوصفها انفتاحا للموجود، ولذا فما فتئ هيدغر باعتباره باحثا أصيلا في العلاقة التواشجية بين الشعر والوجود، يؤكد "على أن الإنسان لا يستطيع معرفة ما لا يمكن حسابه، أي أن يصونه في حقيقته، إلا انطلاقا من مساءلة خلاقة وقوية تستمد من فضيلة تأمل أصيل، فهذا الأخير يحمل إنسان المستقبل إلى مكانه بين الإثنين: الوجود والموجود، حيث يكون من طبيعة الوجود، والحالة هذه، أن يظل غريبا في قلب الموجود، وهذا المكان هو الكينونة هنا أو الوجود في العالم باعتباره مجالا لدنيا لانفتاح الوجود ولانسجامه واحتجابه في آن معا".)، تقول الشاعرة في قصيدة (سبع نبوءات لعشق حزين) :

(كأني لا أرى
مُدَّ أيها القدر
جناحيك كي أطير
فأسقط في هوة التلاشي
حتى لا أتذكرُني.

النبوءة الأولى:
كم كنت أرقص فوق حبل الريح
أحلم بضفائري تطير هنا وهناك
محملة بعطر البراءة
وكم كنت أردد "واحر قلباه ممن قلبه شبم"*
فأخيط كل الجراحات بخيط دمي.
فكيف ألملم شتات هذا العشق
وأنا معلقة فوق جذع القصيد ؟)

وهكذا فان الشاعرة في جدل مستمر داخل القصيدة، محاولة منها البحث عن الذات، فـ(الذات معناها نشاط موحد مركب للإحساس والتذكر والتصور والشعور والتفكير، وتعتبر نواة الشخصية. وتقسم الذات إلى ذات واقعية وذات مثالية. فالذات الواقعية هي ذات حقيقية أو فعلية تمثل مستوى الاقتدار، في حين أن الذات المثالية هي ذات تطلعية يؤمل منها أن تكون -أي تمثل- ما يطمح الفرد أن يكون أو يصبح. إن الذات بناء معرفي يتكون من أفكار الإنسان عن مختلف نواحي شخصيته فمفهومه عن جسده يمثل الذات البدنية ومفهومه عن بنائه العقلي يمثل مفهوم الذات المعرفية أو العقلية ومفهومه عن سلوكه الاجتماعي مثال للذات الاجتماعية. ويركز علماء النفس الإنساني على بناء الذات عن طريق الخبرات التي تنمو من خلال تفاعل الإنسان مع المحيط الاجتماعي، ويطلقون على العملية الإدراكية في شخصية الإنسان (الذات المدركة) والتي من خلالها تتراكم تلك الخبرات، فيتم بناء الذات ويكُون الفرد مفهوماً ًعن ذاته. ولما كانت الذات هي شعور الفرد بكيانه المستمر وهي كما يدركها وهي الهوية الخاصة به وشخصيته، فإن فهم الذات يكون عبارة عن تقييم الفرد لنفسه، أو بتعبير آخر هو مجموعة مدركات ومشاعر لدى كل فرد عن نفسه.)، والشعر والشاعر يبحثان في القضايا المثالية ، وكل شاعر يبحث عن ذات مثالية يتلبسها ويتقنع بها، كون الشعر عالم افتراضي، منفتح يتشكل بلاغيا في ذهن الشاعر .. هكذا كان مسار الشاعرة نجاة الزباير في مجمل انتاجها الشعري الذي تعكز على المثاقفة والتناصات والبحث عن الحقيقة الجمالية للوجود والحياة، ولا يخلو من البحث عن الماهية والذات والاخر، والتزمت في جل شعرها بالنمط المقطعي كشكل لقصائدها ...


مصادر البحث :

1 ـ كتاب (عضوية الأداة الشعرية) أ.د.محمد صابر عبيد سلسلة كتاب جريدة الصباح الثقافي رقم 14 2008م ص33و87

2 ـ كتاب (في الأدب الفلسفي) / الدكتور محمد شفيق شيّا / مؤسسة نوفل ـ بيروت ـ لبنان ط1لسنة 1980 ص106ـ107

3 ـ ديوان (ناي الغريبة) للشاعرة نجاة الزباير/نشر افروديت/الطبعة الاولى 2013م مراكش



#وجدان_عبدالعزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعرة سيدة بن علي تحاول احتواء غربة المكان بتأمل اصيل
- مخاض الحيرة ورسالة الحب في ديوان (كوميديا الذهول)
- لتجليات الجسدية والايروتيكية وتمظهرات الغياب والحضور في الشع ...
- الاستثمار والتحول في رؤى الشاعر نمر سعدي
- حنان بديع بين الهجوم ضد الاستلاب والبحث عن الجمال
- الفن ولذة الحياة عند حيدر عبد الله الشطري
- وجيهة عبد الرحمن تصعد مع المطر وتنزل مع الحب
- ديوان (ألم المسيح ردائي ..) وانساقه الثلاث
- عدنان عزيز دفار في رماد السنين بين أضرحة الوجع وصهيل الأماني
- رائدة جرجيس نرجسة شعرية مضمخة بالقلق
- قبعة حميد المختار شعريا نموذج القراءة قصيدة علي الأمارة
- تبقى الشاعرة ذكرى لعيبي في الآن ولا تنسى الآوان
- سوسن السوداني عندها الحب هو الامل قصيدة (ترخيص منتصف الليل)أ ...
- الموضوعي الذاتي في شعر بارقة ابو الشون
- ضحى بوترعة تهمس لك ارتحالاتي
- توالد المعنى ما بين الحرف والنقطة قراءة في ديوان(شجرة الحروف ...
- امل جمال لاتمل احضان الشعر
- بين رائحة الحبر وشاشة الحاسوب
- الادب بين أصالة الحضارة والحداثة المستمرة
- مليكة مزان واحتمالية شعرية اخرى


المزيد.....




- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...
- محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة ...
- الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز تتحدث عن حصولها عن الأموال ف ...
- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...
- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - معاني متخفية في صور متحركة /ديوان (ناي الغريبة) أنموذجا