أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد حسين يونس - مصر يحكمها كابوس الانكشارية















المزيد.....

مصر يحكمها كابوس الانكشارية


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 4445 - 2014 / 5 / 6 - 08:49
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


.
من دفتر إنكسار أهلك يا مصر (8 ) .
بعد القرن السابع(600 م ) حكم البدو مصر لثلاثة قرون ونصف ثم الفاطميون لقرنين و العبيد المماليك لثلاثة قرون الي (1500م) والانكشارية العثمانية ثلاثة قرون اخرى ختمت بها القرن الثامن عشر ليبدأ إلاحتلال الاوروبي (بالحملة الفرنسية ) وكأن علي مصر أن تغير كل ثلاثة قرون هوية الغاصب المحتل .
كانت البداية درامية ..لقدإدعي سليم الاول (مثل كل الغزاة )بعد هزيمتة(لقنصوة الغورى) في (مرج دابق) أن الشعب المصرى يتوق لكرابيج الانكشارية عوضا عن شومة البلطجة المملوكية السادرة في الشارع دون رادع .وأن عرب غزالة وهوارة و بني عدى وغيرهم يستنجدون به لانقاذهم من جور المماليك.
وهكذا عندما عرض علي (طومان باى) الخضوع ودفع الجزية أبي هذا ،ولكن بعد فترة وبسبب خيانة ومساعده خاير بك و بعض شيوخ القبائل إستطاع (سليم الاول) أسر(طومان باى )و تعليقه علي باب زويلة و إحتلال مصر ثم نهب المتوفر من ثروات المماليك وفرغ البلد من كريمة الصناع والحرفيين المهرة وسلمها للخائن خرب الذمة جاسوسه خاير بك قائلا ((أعطيتك هذه المملكة اقطاعا لك الي ان تموت )) .
((بعد استيلاء العثمانيون على مصر بدأ السلطان سليم الأول فى وضع نظام جديد للحكم وهو النظام الذى ظلت مصر تحكم به لنحو ثلاثة قرون متعاقبة ،تلخص فى وجود سلطتين تتنازعان وتراقب كلا منهما الأخرى الأولي سلطة نائب السلطان أو الوالي العثماني ويلقب بالباشا ومقره القلعة وكانت مدة ولايته سنة تنتهي ما لم يصدر فرمان بتجديدها لسنة أخرى ، والسلطة الثانية سلطة رؤساء الجند وهم قواد الفرق التي تركها سليم الأول بمصر بعد مغادرته وكانت تتألف من نحو اثني عشر ألفا منتظمين فى ست فرق تسمي كل فرقة " وجاق " أشهرهم وجاق (الإنكشارية ) وكان مقرهم بقلعة صلاح الدين بالقاهرة ، كما تم وضع نواة لسلطة ثالثة وهى سلطة البكوات المماليك والذين تم تعيينهم بأقاليم مصر (كانت فى ذلك الوقت يطلق عليها مديريات).
إلا أن النظام الذى وضعه السلطان سليم الأول لم يستمرفي سلام طويل فبدأ التنازع والحروب وانتهز المماليك هذه الفرصة وعملوا على الانفراد بالحكومة وبمرور الوقت انتهي هذا الصراع إلى تغلب سلطة المماليك البكوات فى النصف الثاني من القرن السابع عشر وساعدهم فى ذلك ما صارت إليه السلطنة العثمانية من الضعف فى أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر بسبب حروبها المتواصلة واختلال الشئون الداخلية وفساد الحكم ،كما زاد من نفوذ البكوات المماليك كثرة تغيير الولاة العثمانيين وعزلهم فضعف شأنهم وتراجع نفوذهم فى حين أن المماليك احتفظوا بعصبيتهم بشرائهم العديد من الجند والاتباع واستمالوا أفراد الحامية العسكرية أو الوجاقات الذين استوطنوا مصر واستقروا بها ، وهكذا أصبحت مصر تحت وطأة الحكم العثماني مسرحا للفتن بين السلطات الثلاث التى تنازعت الحكم وزال عنها استقلالها فحال ذلك دون قيام حكومة مستقرة))
فلنقرا ماذا كتب الدكتور احمد عبد الرحيم في مقدمة كتابه عن الجبرتي
((ثم طرأت عدة عوامل كان لها أثرها في غروب شمس الحضارة عن المنطقة ليس فقط في مصر بل في قواعدها الاخرى بالمشرق و المغرب فلقد إستهلكت الحضارة العربية حيويتها ثم تأثرت تأثرا بالغا بتحول طرق التجارة من مصر والمشرق العربي الي رأس الرجاء الصالح و في النهاية وقعت الكتلة العربية في العالم الاسلامي في أيدى الاتراك العثمانيين الذين أثروا لاسباب عسكرية و دينية أن يعزلوا ملكهم عن العالم الخارجي وحدث كل ذلك في الوقت الذى عرفت فيه اوروبا النهضة و الاصلاح الديني وظهور الملكيات الحديثة التي خصخصت الاقطاع و تحالفت مع الطبقة الوسطي لتدعم الدولة الحديثة مصطنعة أساليب مستجدة تقوم علي وسائل الكشف و الاختراع ))
روشته عالم يعرف الداء و الدواء و لكنه يزعق بين صم بكم لا يعون .
((كانت مصر حتي الحملة الفرنسية لا تزال غارقة في سبات العصور الوسطي إلي أن أذنت الحملة برجوعها الي المشاركة في الفكر العالمي و الفارق كبير بين العقلية الاوروبية التي مثلتها الحملة وبين العقلية الشرقية التي واجهتها في مصر المملوكة للعثمانيين بمقدار الفارق الزمني الذى قطعناه في تأخر وقطعته اوروبا في تقدم )).
المصريون (أو العقلاء منهم ) أصابهم الذهول من الفارق بين الحكمين (العثماني ) و (الفرنسي) ترجم الجبرتي هذا الذهول في (( عجائب الاثار في تراجم الاخبار )) فهو عندما يكتب عن قوات إبراهيم و مراد بك يقول :
((الاجناد متنافرة قلوبهم ،منحلة عزائمهم ،خائرة ،مختلفة أراؤهم ،حريصون علي حياتهم وتنعيمهم و رفاهيتهم ،مختالون في ريشهم ،معتزون بجمعهم، محتقرون شأن عدوهم ،مرتبكون في رؤيتهم ،مغمورون في غفلتهم وهذا كله من أسباب ما وقع من خذلانهم وهزيمتهم )).
وعندما كتب عن الفرنسيين قال ((حتي أسافلهم من العساكر إذا حضر إليهم بعض المسلمين ممن يريدون الفرجة لا يمنعون الدخول إلي أعز أماكنهم و يتلقونه بالبشيشة والضحك وإظهار السرور بمجيئه اليهم خصوصا إذا رأوا فيه قابلية اومعرفة او تطلعا للنظر في المعارف بذلوا له كل مودتهم ومحبتهم ويحضرون له أنواع الكتب المطبوع بها أنواع التصاوير وكرات البلاد و الاقاليم و الحيوانات و الطيور والنباتات وتواريخ القدماء وسير الامم وقصص الانبياء )) الجبرتي هنا يتكلم عن المجمع العلمي الذى وصف بالتفصيل أسلوب إنشائه و الذى تم حرقه ونهب محتوياته بعد ذلك بواسطة اوباش 25 يناير 2011و المجمع((أقيم في القاهرة 20 أغسطس 1798 بقرار من نابليون ،كان مقره في دار أحد بكوات المماليك ثم نقل إلى الاسكندرية عام 1859 وأطلق عليه اسم المجمع العلمي المصري ثم عاد للقاهرة عام 1880، وكانت أهداف المجمع العمل على التقدم العلمي، ونشر العلم والمعرفة.))
فلنستكمل حديث الجبرتي ..لا.. فلنؤجله قليلا حتي نعرف كيف رأى بونابرت القاهرة بعد ثلاثة قرون من كابوس تحكم الانكشارية فيها ((من كتاب بونابرته في مصر)) لكريستوفر في الفصل الخامس (( كتب نابليون الي حكومة الادارة يوم وصل مدينة القاهرة الاسطورية : إن القاهرة التي يسكنها ثلاثمائة الف نسمة تضم أقبح ما تضم مدينة من غوغاء علي أنهم إن لم يكونوا الاقبح فعلي الاقل أكثر الناس تعددا في الوان البشرة إنهم يتفاوتون بين النوبي الاسود الي الجركسي ناصع البياض و كان المصرى العادى ( اى كان لونه ) يعلو بمقدار قامة علي الفرنسي العادى ويرتدى ثيابا أزهي من ثيابه وله سحنة تنذر بقطع الرقاب سواء عبست او إبتسمت مع أنها تخفي نفسا في غاية الرقة و اللطف ))هذا عن البشر اما المدينة (( فهي غير جديرة بسمعتها الطيبة ،قذرة ،رديئة المباني ،تملؤها الكلاب البشعة .. ماذا تجد عند دخولك القاهرة .. شوارع ضيقة قذرة غير مرصوفة وبيوتا مظلمة متداعية وأبنية عامة تبدو كما لو كانت سجونا وحوانيت أشبه بمرابط الخيل و جوا عبقا بالتراب و القمامة وعميان وعور ورجال ملتحين وأشخاص يرتدون اسمالا محشورين في الشوارع او قاعدين يدخنون قصباتهم كالقردة امام مدخل كهفهم ونساء قليلات منكرت الصورة مقززات يخفين وجوها عجفاء وراء خرق نتنه ويبدين صدورا متهدلة من اردية ممزقة وأطفال صفر الوجوه رقاق الاجساد ينتشر الصديدعلي جلدهم و ينهشهم الذباب ، ورائحة كريهه منبعثة من الاوساخ داخل البيوت و من التراب والهواء الاسن من قلي الطعام بزيت ردىءفي الاسواق عديمة التهوية فإذا ما فرغت من التفرج علي معالم المدينة عدت الي منزلك فوجدته خاويا من كل اسباب الراحة ووجدت الذباب و البعوض وضروبا لا تحصي من الحشرات لتتسلط عليك أثناء الليل فتنفق ساعات الراحة و انت تسبح في عرقك ))
هذا هو الشارع المصرى بعد 11 قرن من إحتلال الرعاة لمصر كنت أود أن اقص عليكم ما كتبوه عن طيبة في زمن تحتمس الثالث .. ولكن لكل مجال مقال ..
الجبرتي كتب واصفا الفرنسيين ((كانوا يعطون الرجال زيادة عن أجرتهم المعتادة ويعفونهم بعد الظهر من العمل ويستعينون في الاشغال بالالات القريبة المأخذ السهلة التناول المساعدة في العمل و مقلله في التكاليف )) ما إندهش له الجبرتي انهم ((قتلوا ثلاثة أنفار من الفرنسيس بندقوا عليهم بالرصاص في الميدان تحت القلعة قيل انهم من متسلقي الدور)) اى اللصوص (( وان نابليون إقتص من عسكره الذين اساءوا بمنزل الشيخ محمد الجوهرى وقتل منهم إتنين بقراميدان وأنزل منهم من مقامهم العالي الي أدني مقام ..لان الخيانة ليست من عادة الفرنسيس خصوصا مع النساء و الارامل فان ذلك قبيح عندهم لا يفعله الا كل خسيس )).
صفحة حكم الانكشارية وإستعمارهم لمصر هي أكثر صفحات إنكسار اهلك يا مصر سوءا بحيث إقتربت بنا من كابوس حضيض الغفلة و التأخر .. لتبدأ الاحوال بعد ذلك في تحسن نسبي مع إفتتاح القرن التاسع عشر وإشراق شمس التفاعل مع الجديد القادم من اوروبا .



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانجاس المناكيد يحكمون مصر لثلاثة قرون
- قرنين خارج عباءة الخلافة العباسية.
- البدو يعيثون فسادا علي ضفاف النيل
- مقدمات الغزو البدوى لمصر
- الاقباط هم اولادك المضطهدين دوما يا مصر
- يومنا في إكتيوما من دفتر إنكسار أهلك يا مصر (2)
- من دفتر إنكسار أهلك يا مصر
- خطوات علي الارض المحبوسة التي لم تقرأها بعد
- أحزان مسن ضاع عمره هباء.
- خدعة تميزنا العربي كعرق وثقافة وعقيدة .
- الخلط في اوراق علاقة مصر بجيرانها
- خطوات (اخرى ) علي الا رض المحبوسة
- ملكة القبط (دلوكة) تحمي مصر!!
- لن أقول لخطيب أمي يا عمي
- هل سقطوا علينا هؤلاء المجرمون من السماء
- من الذى يحكم او (يتحكم ) في مصر
- هؤلاء حرام فيهم العلم
- العام الرابع عشر من الالفية الثالثة
- كم بنينا من ثراها اربعا .. وانثنينا فمحونا الاربعا .
- احاديث عن الغولة ..وتكنولوجيا المعلومات


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد حسين يونس - مصر يحكمها كابوس الانكشارية