أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد حسين يونس - الاقباط هم اولادك المضطهدين دوما يا مصر















المزيد.....


الاقباط هم اولادك المضطهدين دوما يا مصر


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 4436 - 2014 / 4 / 27 - 07:59
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



من دفتر إنكسار أهلك يا مصر(3 )
(( مصر (القبطية ) قدمت بجوار الاف الشهداء المفكر (ارجن ) ،كم إفتقدناه !!.))
مع إلاحتلال الروماني ((بقيت مصر في خارج الإسكندرية محتفظة بمصريتها عابسة صامتة، وقلّما اصطبغ فيها شيء بالصبغة الرومانية بعيداً عن مَصاب النيل))
((مدينة الإسكندرية نفسها، التي كانت أعظم المدائن اليونانية، أخذت في القرن الثاني بعد الميلاد تصطبغ بصبغة الحواضر الشرقية في أخلاق أهلها ولُغاتهم وفي جوّها الشرقي. وكان يسكن عاصمة مصر 800.000 من إجمالي سكان البلاد البالغ عددهم 8.500.000 ، ولم يكن يزيد عليها في عدد السكان سوى مدينة روما نفسها. أما من حيث الصناعة والتجارة فقد كانت أولى المُدن في الإمبراطوريّة. وقد ورد في خطاب يُعزى إلى (هدريان )أن كل شخص في الإسكندرية كان يعمل، وأن لكل إنسان فيها حرمة، وحتى العرج والعمى يجدون لهم فيها عملاً ،وكان من بين مئات الصناعات القائمة في المدينة صناعة الزجاج، والورق، ونسج الكتان. وكانت هذه المصنوعات موفورة الإنتاج، وكانت الإسكندرية مركز صناعة الكساء والأزياء العصرية المستحدثة في ذلك الوقت، فكانت هي التي تصمم طراز الملابس وهي التي تصنعها. وكان لمرفئها العظيم تسعة أرصفة، يخرج منها أسطولها التجاري ليمخر عباب عدة بحار. وكانت المدينة فوق ذلك مركزاً للسياح، فيها الفنادق، والأدلاء، والمترجمون لاستقبال الزائرين القادمين إليها لمشاهدة الأهرام والهياكل الفخمة في طيبة. ))ً.
وكان سكان المدينة خليطاً من اليونان، والمصريين، واليهود، والإيطاليين، والعرب، والفينيقيين، والفرس، والأحباش، والسوريين، والليبيين، والقليقليين، والسكوذيين، والهنود، والنوبيين، ومن شعوب البحر الأبيض كلّهم تقريباً. وكان يتألف منهم جميعاً خليط سريع الذوبان بعضه في بعض، سريع الالتهاب أيضاً، متشاحن، سيئ النظام، عظيم المهارة والذكاء، فكه غير محتشم، لا يستحي من فحش القول، متشكك، منحرف، غير مستمسك بالخلق الكريم، مرح، شديد الولع بالتمثيل، والموسيقى، والألعاب العامة. ويصف (ديوكريستوم )الحياة في المدينة بأنها ((قصف دائم... للراقصات، والمصفرين، والقتلة)). وكانت القنوات غاصة على الدوام بمحبي المرح والطرب، يستقلون القوارب الصغيرة أثناء الليل، يقطعون فيها مسافة الأميال الخمسة التي توصلهم إلى كنوبس ضاحيتها المليئة بالملاهي وأسباب التسلية. وكانت تقام فيها مباريات موسيقية لا تقل عن سباق الخيل إثارة للمشاعر والتصفيق والضجيج.

كان أربعون في المائة من سكان هذه العاصمة (إذا جاز لنا أن نصدق فيلو فيما يقول) من اليهود، وكانت الكثرة منهم تعمل في الصناعة والتجارة، وتعيش في فقر مدقع، ولكن علي الجانب الاخر كان (أيضا ) هناك كثيرون منهم تجاراً، وعدد قليل مرابين، و لقد بلغ بعضهم من الثراء درجة استطاعوا بها أن يحصلوا على مناصب يُحسدون عليها في الحكومة؛ وبعد أن كانوا في أول الأمر لا يشغلون إلا خُمس مساحة المدينة أصبحوا في الوقت الذي نتحدّث عنه يُشغلون خمسيها. وكانوا يحاكمون بمقتضى قوانينهم الخاصة على أيدي كبرائهم، وأيدت روما الامتيازات التي منحها إياهم البطالمة والتي يحق لهم بمقتضاها أن يتجاهلوا أي قانون يتعارض مع أوامر دينهم. وكانوا يفخرون بكنيسهم المركزي الفخم وهو باسقاً ذات عُمَد، بلغ من الاتساع حداً كان لابد معه من استخدام نظام للإشارات يضمن بها استجابة المصلين الذين لا يستطيعون- لبعدهم عن المحراب- أن يسمعوا صوت الحاخام .
ويُستفاد من أقوال يوسفوس أن الحياة الأخلاقية ليهود الإسكندرية كانت مضرب المثل في الاستقامة إذا قيست إلى حياة السكان "الوثنيين" الشهوانية الطليقة وكانت لهم ثقافة ذهنية نشيطة، كما كان لهم حظ كبير من الدراسات الفلسفية والتاريخية والعلمية (في ذلك الوقت). وكانت المدينة تضطرب من حين إلى حين بالعداء العنصري؛ وشاهد ذلك أننا نجد في النُبذة التي كتبها يوسفوس ضد أبيوق (وهو زعيم معادٍ للساميّة) جميع الأسباب، والحجج، والخرافات التي تعكّر العلاقات بين اليهود وغيرهم من أصحاب الأديان الأخرى في هذه الأيام.
وقد حدث في عام 38م. أن هاجم الغوغاء من اليونان معابد اليهود وأصرّوا على أن يضعوا في كل منها تمثالاً لكلجيولا ليتخذوه إلهاً. كذلك حرّم (أفليوس فلاكس حاكم المدينة الروماني اليهود من حق المواطنية الإسكندرية وأمر من كانوا يعيشون منهم خارج القسم اليهودي الأصلي أن يعودوا إليه في خلال بضعة أيام من صدور الأمر، فلما انقضى الأجل المحدد لهذه العودة أحرق الغوغاء اليونان أربعمائة من بيوت اليهود، وقتلوا من كان منهم خارج ذلك الحي؛ وقبض على ثمانية وثلاثين من أعضاء الجروزيا (مجلس الشيوخ اليهودي، وجلدوا علناً في إحدى دور التمثيل، وطُرِد آلاف من اليهود من بيوتهم أو من أعمالهم أو حُرموا ما كانوا يدخرونه من أموالهم. وعَرَضَ الحاكم الذي خَلَفَ فلاكس أمرهم على الإمبراطور، وسافر إلى روما (عام 40م) وفدان مستقلان- أحدهما يتألّف من خمسة من اليونان والآخر من خمسة من اليهود- ليعرض كل منهما قضيته على كلجيولا، ولكن الإمبراطور قضى نحبه قبل أن يصدر حكمه، فلمّا جلس كلوديوس على العرش أعاد إلى يهود الإسكندرية ما كان لهم من حقوق، وأكّد لهم مواطنيتهم في المدينة، وأصدر أمراً مشدداً إلى الطائفتين المتنازعتين ألا تعكّرا صفو السلام.
مصر تلك الايام(خارج إطار العاصمة ) كان قد مضي عليها الاف السنين يتنازعها نوعين من الاديان .. عبادة السماء التي كان يدين بها دائما الحكام و تراوحت بين عبادة (حورس) الصقر المجنح ثم (رع)الممثل في قرص الشمس ثم تلاة (أمن ) ثم (اتن) وكلها بني من أجلها الملوك المعابد الضخمة و إستمر البطالمة ثم الرومان علي نفس المنوال .. بحيث قد يدهش البعض أن اضخم معابد الصعيد في (إدفو) و(قنا ) قد بناها كهنة امون الاغنياء في زمن الرومان .
اما الدين الاخر الذى ملك قلوب الفلاحين فهو دين التجدد المرتبط باوزيريس الاله الانسان الذى قتله بغدر أخوه (ست ) ثم عاد من الموت ليحكم (التيوات )أرض الظلام وفردوس(ماعت ) الشبيه بمصر و نيلها وخيرها الذى كان يطلق عليه (حقول الاليسيان ) هذا الدين لم يكن له معابد او كهنة اغنياء او قصائد تكتب بالهيروغليفية علي الجدران .. لذلك و مع انكماش تعلم الديموطيقيه إنكمشت ايضا القدرة التسجيلية للاوزيريسيين و إكتفوا بإقامة الاحتفالات الشعبية في أعياد يوم ميلادة وفي تمثيل مندبة وفاته ثم افراح بعثه لقد كان حبه يملاء القلوب هذا الحب الذى تم تحويله في زمن تالي الي ابن الناصرة المسيح (الاله الانسان في عرف الكنيسة الشرقية ) صديق الفقراء و هاديهم وناصرهم وأمه(أم النور وأم الرب وحامية المؤمنين )
كتب جمال حمدان ((دخلت المسيحية مصر او دخلت مصر المسيحية كاستجابة و إستمرارا للتقليد الديني العميق الذى تأصل في طبيعتها النيلية الاساسية ثم هي لم تأخذ المسيحية دون تصرف بل في ترجمة مصرية خاصة فكانت القبطية هي النسخة المصرية منها وعند البعض أن هذه الترجمة ما هي الا تعبير عن الملائمة بين الديانة المصرية القديمة و بين المسيحية الجديدة ..لقد مصرت مصر المسيحية )).
كتب إسماعيل صبرى عبد الله (( لقد أقبل الشعب المصرى علي دين الناصرة إقبالا ليس له نظير فمن المؤكد انه منذ القرن الثاني كانت اغلبية المصريين من الذين إعتنقوا الدين الجديد ))
وكما إضطهد اليونانيون اليهود من المصريين سكان الاسكندرية دارت الدوائر علي المصريين من أتباع الدين الجديد.
((اول حملة إرهاب ضخمة ضد الدين الجديد امر بها الامبراطور ساويرس عام 200 م و اعمل المحتل الروماني القتل و الارهاب و التخريب ضد المقاومة المصرية كابشع ما يصنع غاصب مع المقاومة و ضرب المصريون اروع الامثلة في التمسك بالعقيدة و الاستشهاد من اجلها وبلغت حمامات الدم افظع مدى علي يد دقلديانوس عام 284 م عام الشهداء الذى يبدا به التقويم القبطي ))
نظرة في تُراثنا التاريخي القبطي ((نصل بها إلى عام 284 م. التي اعتلى فيها دقلديانوس العرش الإمبراطوري في روما، تُرينا أنه في البداية أظهر تعاطُفًا كبيرًا مع المسيحيين، وفي عام 286 م. أشرك مكسيميان معه في الحكم ليكون إمبراطور الشرق ومنذ ذلك الوقت ذاق المسيحيون كأس الاستشهاد واصطبغوا بها ثانيةً، مثل (زوئي )زوجة السَّجان، التي كانت تعتني بالسجناء الذين تحت حراسة زوجها ثم تنصرت، فعُلِّقت على شجرة تشتعِل بالنار في جذعها، ثم أُلقِيت في النهر وقد عُلِّق حجر كبير في عُنُقها.
في عام 286 م. اِستُشهِدت الكتيبة العسكرية الطيبية عن آخرها وكان كل أفرادها من أبناء الأقصر، لأنهم رفضوا الإذعان لأمر الإمبراطور مكسيميان بتقديم الذبائِح للأوثان والنطق بالقَسَمْ على إنهاء المسيحية في بلاد الغال -التي أرسل إليها أفراد هذه الكتيبة- وكان ذلك في 22 سبتمبر عام 286 م.
وأصدر دقلديانوس مع زميله غاليروس منشورًا بهدم كل الكنائِس المسيحية وإحراق الكتب الكنسية، واعتبار المسيحيين خارجين عن القانون.
وفي 25 نوڤ-;-مبر عام 311 م. وبأمر الإمبراطور مكسيميان الذي كان يملُك على الشرق استُشهِد البابا بطرس البطريرك السابِع عشر في خلافِة مارمرقُس الرسول.
ويقول يوسابيوس المؤرِخ الكنسي، أنَّ في مصر كان يوجد جمع غفير لا يُحصى من المؤمنين مع زوجاتِهِم وأطفالِهِم ممن عانوا من كل أنواع العذابات والموت من أجل الإيمان.
في عصر دقلديانوس قام أريانوس والي ( أنصِنا) بتعذيب عدد كبير من المسيحيين في بلاد الصعيد منهم: الشهيدة (دُولاجي) الأُم وأبنائها، والقديس (أبو قلتة)، والأنبا (بضابا )الأسقف وغيرهم آلاف آلاف....
ويقول العلاَّمة (ترتليان) عن تقييمه لعدد شُهداء مصر من المسيحيين: ((لو أنَّ شهداء العالم كله وُضِعوا في كفة ميزان، وشهداء مصر في الكفة الأخرى، لرجحت كفة المصريين ))ويُقدَّر عدد شهداء الأقباط بحوالي ثمانمائة ألف شخص
لقد كان امتناع المسيحي عن بعض ممارسات الحياة الوثنية كفيلًا بكشف أمره وهكذا كانت الشهادة تتم طول النهار، وكانت كل خطوة تنطوي على اعتراف حَسَنْ أوشهادة أمينة لله يقابلها سيف الموت المُسلَّط دائِمًا على رِقاب المسيحيين فطبقا لفتوى العلاَّمة ترتليان(( كان لا يجوز للمؤمن أن يشترِك مع الوثنيين في الملبس والمأكل أو في أي مظهر، علاوة على امتناع المؤمنين عن بعض الحِرَف التي لها صِلة بعبادة الأصنام، وتركهم لها فجأة كان يُعرِّضهم للمحاكمة العامة))...كأن التاريخ يكرر نفسة علي ارض المحروسة دوما ..إنه نفسه ما يحدث اليوم و إن كان بشخوص تختلف .
وقد أورد كلٍ من يوسابيوس القيصري في تاريخه الكنسي والعلاَّمة ترتليان والشهيد يوستين في دفاعياته كيف كان المسيحيون يُستبعدون من المناصِب العامة ومع ذلك كانوا يُحبون الإمبراطورية ويُصلُّون من أجل العدل والسلام، رغم كونهم لا يعبدون الأباطرة، ويظهرين غيرة شديدة نحو الإيمان.
جستين Justinالذي حكموا عليه أن يلقى للوحوش لأنه أبى أن يرتد عن دينه، كتب، وهو في طريقه إلى روما، عدداً من الرسائل تفيض إخلاصاً وحماسة، وتكشف عن الروح التي كان المسيحيون المصريين يلقون بها الموت:
((فليعلم جميع الناس أني أموت طائعاً في حب الله، إذا لم يحل أحد بيني وبين الموت. وأتوسل إليكم ألا تأخذكم بي رأفة أرى أنها في غير أوانها، بل اتركوني تنهشني السباع التي أستطيع أن أصل عن طريقها إلى الله... بل أغروا للوحوش بدلاً من هذا أن تلتهمني فلا تترك قطعة من جسدي، حتى إذا نمت نومي الأخير لا أكون كلاًّ على أحد من الناس... ألا ما أشد شوقي إلى الوحوش التي أعدّت لي... ألا فليكن من نصيبي النار والصلب وقتال الوحوش، والتقطيع والتمزيق، وتهشيم العظام، وبترالأطراف، وتحطيم جسمي كله، وأقسى أنواع العذاب ))

عندما بلغ أرجينيز ادمنتيوس (ارجن )السابعة عشرة من عمره عام (202) قُبض على والده بتهمة أنه مسيحي، وحُكم عليه بالإعدام. وأراد ابنه أن يشاركه في السجن وفي الاستشهاد، ولم تستطع أمه أن تمنعه من ذلك إلا بإخفاء ملابسه كلها، فأخذ يبعث إلى أبيه رسائل يشجعه فيها على احتمال مصيره؛ وقد جاء في إحدى هذه الرسائل: ((إحذر أن ترجع عن آرائك من أجلنا)). وأُعدم الوالد ووقع عبء كفالة الأم والأطفال الصغار على الشاب.
و هكذا بعث ما شاهده من استشهاد كثيرين من المسيحيين في نفس أرجن مزيداً من التقى والإيمان، فعمد إلى حياة الزهد والتقشف، وأكثر من الصوم، وأقلل من ساعات النوم، وافترش الأرض، ومشى حافياً، وعرض نفسه للبرد والعري، نسكا وزهدا و ورعا .
في عام 203 خلف (كلمنت) في رياسة المدرسة الأفريقية. ومع أنه لم يكن قد تجاوز الثامنة عشرة من العمر إلا أنه اجتذب إليه بعلمه وبلاغته كثيرين من الطلبة وثنيين أومسيحيين على السواء، وطبقت شهرته جميع أنحاء العالم المسيحي.
يقدر بعض القدامى عدد "كتبه" بستة آلاف، وكان الكثير منها بطبيعة الحال نبذاً وجيزة، وحتى على هذا الاعتبار قال فيها جيروم متسائلاً: ((مَن منا يستطيع أن يقرأ كل ما كتب؟)). ولقد قضى أرجن عشرين عاماً هائماً بحب الكتاب المقدس، واستخدم طائفة كبيرة من المختزلين والنساخين يضعون في أعمدة متوازية النص العبري للعهد القديم، وإلى جواره ترجمة يونانية حرفية لهذا النص، وفي خانة أخرى ترجمة يونانية له منقولة عن الترجمة السبعينية، وفي رابعة أكويلية، وخامسة سيماكوسية، وسادسة ثيودوت ثم أخذ يوازن هذه التراجم المختلفة بعضها ببعض، واستعان بمعرفته باللغة العبرية فأخرج للكنيسة ترجمة سبعينية مصححة؛ ولكن هذا لم ينقع غلته فأضاف شروحاً بعضها غاية في الإسهاب إلى كل سفر من أسفار الكتاب المقدس.
كتابه المبادئ الأولى يحتوي علي أول عرض فلسفي منظم للعقيدة المسيحية؛ وفي كتابه الشذرات أخذ على عاتقه أن يفسر و يشرح و يثبت جميع العقائد المسيحية بالرجوع إلى كتب الفلاسفة الوثنيين. وأراد أن يخفف عن نفسه عبء هذا الواجب الثقيل فاستعان بالطريقة الرمزية الاستعارية التي استطاع الفلاسفة الوثنيون أن يوفّقوا بها بين أقوال هومر وبين ما يقبله العقل المنطقي، والتي إتبعها بعد ذلك فيلون ليوفق بها بين اليهودية والفلسفة اليونانية.
من أقوال أرجن ((أن من وراء المعنى الحرفي لعبارات الكتاب المقدس طبقتين من المعاني أكثر منه عمقاً - هما المعنى الخلقي والمعنى الروحي - لا تصل إليهما إلا الأقلية الباطنية المتعلمة)). وكان يرتاب في صحة ما ورد في سفر التكوين إذا فهم بمعناه الحرفي؛ ويفسر ما كان يلقاه بنو إسرائيل من يهوه من معاملة غير طيبة أحياناً بأن ما وصفت به هذه المعاملة إنما هو رموز؛ وقال إن القصص الواردة في الكتاب المقدس والتي تقول إن الشيطان صعد بعيسى إلى جبل عالٍ وعرض عليه ملكوت الأرض ليست إلا أساطير. ويضيف إلى ذلك إن هذه القصص قد اخترعت في بعضٍ الاحيان لكي توضح بعض الحقائق الروحية ثم يتساءل((أي رجل عاقل يصدق إن اليوم الأول واليوم الثاني واليوم الثالث، وأن المساء والصباح، قد كانت كلها من غير شمس أو قمر أو نجوم؟ وأي إنسان تصل به البلاهة إلى حد الاعتقاد أن الله قد زرع جنة عدن كما يزرع الفلاح الأرض، وغرس فيها شجرة الحياة... حتى إذا ما ذاق إنسان ثمرتها نال الحياة؟.))
فإذا ما واصلنا قراءة أقوال أرجن فسيتضح لنا أنه ((رواقي، وفيثاغوري حديث، وأفلاطوني حديث؛ وأدري، وأنه مع هذا كله مُصرْ على أن يكون مسيحياً.)) ولو أننا طلبنا إلى رجل مثله أن يترك الدين الذي نشر فيه ألف كتاب لكلفناه بما لا طاقة له به أن يكون ضد طباعه.
ولقد درس أرجن، (أفلوطينس ) كما درس (أمونيوس سكاس )وإنا ليصعب علينا أحياناً أن نفرق بين فلسفتة وفلسفتهما. فالله عند (أرجن) ليس هو يهوه، بل هو الجوهر الأول لجميع الأشياء. وليس المسيح هو الإنسان الآدمي الذي يصفه العهد الجديد، بل هو العقل الذي ينظم العالم؛ وهو بهذا الوصف خلقه الله الآب، وجعله خاضعاً له، والنفس عند أرجن، كما هي عن أفلوطينس تنتقل في مراحل وتجسدات متتالية قبل أن تدخل الجسم، وهو تنتقل بعد الموت في مراحل متتالية مثلها قبل أن تصل إلى الله. وجميع الأنفس حتي أطهرها تتعذب زمناً ما في المطهر ولكنها كلها تنجو آخر الأمر، وسيكون بعد "اللهب الأخير" عالم آخر ذو تاريخ طويل، ثم عالم ثالث، ورابع... كل واحد منها خير من سابقه، وهذه العوالم الكثيرة المتتالية ستحقق على مهل الخطة التي رسمها الله.
كم خسرت القبطية من عدم إستكمال هذا الخط بنفس مقدار خسارة المسلمين بعد ذلك بتغليب الغزالي علي إبن رشد .
((وهكذا لن نعجب إذا ما رأينا دمتريوس، أسقف الإسكندرية، ينظر بعين الريبة إلى هذا الفيلسوف النابه الذي تزدان به أبرشيته والذي كان يراسل الأباطرة. ولقد أدت هذه الريبة إلى أن يرفض رسمه قسّاً بحجة أنه غير أهل للكهنوت. ولكن أسقفين فلسطينيين رسماه أثناء سفره في بلاد الشرق الأدنى. واحتج دمتريوس على هذا العمل وقال إن فيه اعتداء على حقوقه، وعقد مجمعاً من رجال الدين الذين كانوا تحت رياسته، وألغى هذا المجمع رسامة أرجن ونفاه من الإسكندرية(يا الله نفس ما حدث لابن رشد )، فانتقل إلى قيصرية وواصل عمله في التدريس، وكتب فيها دفاعه الشهير عن المسيحية المسمى(( ضد سلس))، الذى بلغ فيه من إلانصاف أن أقر بقوة الحجج التي أدلى بها (سلسس)؛ ولكنه رد عليها بقوله إن كل صعوبة، وكل فكرة بعيدة عن المعقول، في العقيدة المسيحية يقابلها في الوثنية آراء أصعب منها وأبعد منها عن العقل، ولم يستنتج من هذا أن كلتا العقيدتين باطلة، بل استنتج أن الدين المسيحي يعرض أسلوباً للحياة أنبل مما يستطيع أن يعرضه محتضر يدعو إلى عبادة الأصنام.
عندما امتد اضطهاد (ديسيوس) للمسيحيين حتى وصل إلى قيصرية في عام 250، قُبض على أرجن؛ وكان وقتئذ في الخامسة والستين من عمره؛ ومد على العذراء، وقُيد بالأغلال، ووُضع في عنقه طوق من الحديد، وبقى في السجن أياماً طوالاً. ولكن الموت عاجل ديسيوس أولاً وأُطلق سراح أرجن، غير أن حياته لم تطل بعد ذلك أكثر من ثلاث سنوات، لأن التعذيب ألحق أشد الضرر بجسده بعد أن هد الزهد المتواصل قواه، ومات فقيراً كما كان حين بدأ يعلم الناس، ولكنه كان أعظم المسيحيين شهرة في زمنه.))
الاب كليمنت و الاب ارجن كان كلاهما فخر الاباء الاوائل واسعي الاطلاع علي الاداب (الوثنية) محبين لها كل باسلوبه الخاص و لو ان الروح التي كانت تغمرهما سادت في ذلك الوقت لما حدث الانفصال بين الثقافة القديمة و الافكار القبطية )المحدثة(والذى تسبب في انفصام مزدوج أبعد المصريين عن تطويرأدوات منطق القدماء وفلسفتهم كما جعل من الكنيسة الارثوزكسية مؤسسة تقليدية محدودة التغير مع الزمن لنختتم فصلا أخر من دفتر إلانكسار.
الاقباط يلتفون حول كنيستهم ( حتي يومنا هذا ) يأبون بكل الوسائل أن يعدلوا من فلسفات أو طقوس قال بها الاجداد منذ الاف السنين ويقدمون في سبيلها الشهداء بسخاء و رضي علي مر الزمن و في مختلف العصور..الاقباط هم اولادك المضطهدين دوما يا مصر.



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يومنا في إكتيوما من دفتر إنكسار أهلك يا مصر (2)
- من دفتر إنكسار أهلك يا مصر
- خطوات علي الارض المحبوسة التي لم تقرأها بعد
- أحزان مسن ضاع عمره هباء.
- خدعة تميزنا العربي كعرق وثقافة وعقيدة .
- الخلط في اوراق علاقة مصر بجيرانها
- خطوات (اخرى ) علي الا رض المحبوسة
- ملكة القبط (دلوكة) تحمي مصر!!
- لن أقول لخطيب أمي يا عمي
- هل سقطوا علينا هؤلاء المجرمون من السماء
- من الذى يحكم او (يتحكم ) في مصر
- هؤلاء حرام فيهم العلم
- العام الرابع عشر من الالفية الثالثة
- كم بنينا من ثراها اربعا .. وانثنينا فمحونا الاربعا .
- احاديث عن الغولة ..وتكنولوجيا المعلومات
- اى معول تحمل و اىصرح تهدم
- الحياة مع الابرار المخلدون .
- تبدلت الوجوه والبؤس واحد
- الاسلام دين لا يقبل عليه المعاصرون
- الحكومة بتهزر ام متواطئة معهم!!


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد حسين يونس - الاقباط هم اولادك المضطهدين دوما يا مصر