أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل شاكر الرفاعي - ثقافة القتل بدم بارد














المزيد.....

ثقافة القتل بدم بارد


اسماعيل شاكر الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 4403 - 2014 / 3 / 24 - 19:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثقافة القتل بدم بارد

اسماعيل شاكر الرفاعي

يمكن لعنوان هذا المقال ان يكون : " اطفئوا نار الفتنة " أو : " أوقفوا هذا التسعير المقصود للاحقاد والمشاعر الشوفينية " .. أو " كفانا صراخاً ، غلبوا الموضوعية على صراخ المصالح الذاتية " .. أو " كفوا عن مواصلة صبغ لون الافق العراقي باللون الاحمر " ..أو " اطفئوا مواقد الغضب .. ولا تصبوا مزيداً من الزيت على النار التي تسري .. قولوا كلمات تهدئ الوضع ولا تزيده اشتعالاً .. اسكبوا المياه على النيران ، وعالجوا الامر بروية وصبر وتفان من اجل وحدة العراق " ...
كان يمكن ادراج هذه العناوين تباعاً فالوضع لا يحتمل المزايدة ، فهو منذ عقود يلقم بوقود الطائفية والشوفينية للدرجة التي تجعل من حادثة بسيطة التي تسري في البلاد اشتعالاً ... القتل هو القتل ، وعقاب القاتل معروف فالمدونة القانونية العراقية في ايقاع العقاب بالجاني لا لبس فيها ولا
غموض ، وحادث قتل الدكتور الاعلامي محمد بديوي الشمري من قبل ضابط في احد افواج الحرس الرئاسي : جريمة انسانية وهي جريمة بحق الاعلام والثقافة عموماً ، لا يبرئه القضاء منها ...
لكن هذه الجريمة بالذات تعكس الى حد كبير ثقافة محددة : هي ثقافة القتل بدم بارد بعد ان اصبح القتل شئ اشبه بالهواية او باللمارسة اليومية .. لا يمكن لحارس نقطة عسكرية او سيطرة ان يطلق النار على مدني من غير ان تكون المدنية في ذهنة خرافة أو وهم ، وان العسكر وحدهم هم اصحاب الشأن ، وهم من يقررون نوع حركة المواطنين الذين عليهم ان يثبتوا حسن التصرف والسلوك في النقطة العسكرية او في السيطرة ...
كان مشهد الكثير من شوارع بغداد يوم الاحد التالي لوقوع الجريمة محتلاً من قبل العسكر : شارع حيفا ، الشارع الممتد منه الى مديرية التقاعد العامة ، جسر الشهداء ، ساحة الرصافي والشوارع الممتدة على الجانبين...
في هذا المشهد الممتد على مسافة طويلة عريضة : لا يتحدث احد سوى العسكر ، والناس في هذا المشهد يشبهون اطفال الروضة الذين يعلمهم العسكر حسن التصرف والسلوك ...
لم أسأل عن السبب في تعطيل عفوية الحياة في هذه المنطقة التي قطعناها مشياً على الاقدام ، فمشهد احتلال الشوارع ومناطق كاملة يتكرر مع حركة المسؤولين في شوارع بغداد ... في المعرض الذي اقامته وزارة الدفاع رأيت المشهد نفسه : احتلال طويل عريض لكل الشوارع الموصلة والمتفرعة من الساحة القريبة من معرض بغداد الدولي ، وكان علينا ان نترجل من السيارات وان نقطع هذه المسافات الطويلة مشياً على الاقدام كما لو كنا متهمين بالتآمر وفي الطريق لتنفيذ خطة قتل وزير الدفاع الذي كان في زيارة الى المعرض ...
الاستعراضات العسكرية الضخمة ترافق زيارة وزير الدفاع او الداخلية او رئيس مجلس الوزراء ، اما تنقلات الوزراء الآخرون ومن دونهم درجة وظيفية فتصطحبها حركة احتلال اخف كثيراً في وطأتها على الناس .. اذاً يتمنى الناس ــ وهذه واحدة من الحقائق الشعورية التي يغيبها المسؤولون الامنيون عن السيد رئيس مجلس الوزراء ــ ان لا يتنقل وزير الدفاع او رئيس مجلس الوزراء او وزير الداخلية وكالة لما تتسبب به زياراتهم من خصم حقيقي في وقتهم يطول لدرجة انهم لا يستطيعون توفير لقمة عيالهم ...
هذه هي المشاهد التي تجعل من الجندي او الشرطي سيداً على جميع العراقيين القاصرين ، أي الذين لم يبلغوا بعد سن الرشد ، ولهذا يتوجب عليهم اطاعته والخضوع لتعليماته : واي تساؤل او استفسار يجيب عليه السيّد جواباً عنيفاً قاسياً يصل الى درجة القتل بدم بارد ..
لست مبالغاً ولا مخطئاً في تسمية ما جرى ونسبته الى ثقافة سائدة : هي ثقافة القتل بدم بارد ، ففي عموم الثقافات ــ الرعوية والعشائرية والتجارية والدينية والقومية والرأسمالية والاشتراكية ــ ثمة بؤرة أو مركز أو مفهوم مركزي يكون الناظم لكل الفعاليات الاجتماعية والثقافية ، ومنه تتفرع الاخلاق التي تمنح تلك الممارسات الشرعية .. وفي اللحظة العراقية الراهنة عممت الممارسة السياسية : ثقافة التدافع والصراع ، التي جعلت من الجميع يحتمون بالدبابات وارتال العسكر من الجميع ، والكل في هذا الصراع الجنوني يضعون اصابعهم على الزناد ، وربما لا يصحون من هذه الغيبوبة الا حين يطلقون ...



#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما الذي يجري ؟
- بعض المفاهيم السيافقهية الارهابية
- المراوحة في مرحلة التأسيس
- هل كان الملك فيصل الاول رؤيوياً ؟
- لا أحد / رسالة الى سماحة السيّد مقتدى الصدر
- مواجهة مصر لعصرها
- بداية نهاية مرحلة سياسية
- نيلسون مانديلا
- مشاهدات بغدادية _ بغداد بين طوفانين
- ماذا يعني ان نسمي كاتباً بعينه مفكراً ؟
- اضاءات / 4 انتخابات كردستان
- اضاءات / 3 الاعلام والسياسي
- اضاءات / 2 العرب والضربة
- تجسيد الحداثة : العفيف الاخضر نموذجاً الى سيمون خوري
- اضاءات / 1
- تجسيد الحداثة : العفيف الاخضر نموذجاً 2 من 4
- تجسيد الحداثة : العفيف الاخضر نموذجاً 1 من 4
- مشاهدات بغدادية المجلس الاعلى وتقاعد البرلمانيين
- مرسي والمصير المحتوم
- الاخوان وشرعية الانجاز


المزيد.....




- البحرين.. جملة قالها الشيخ ناصر أمام بوتين وردة فعل الأخير ت ...
- مردخاي فعنونو: كيف عرف العالِم سر الترسانة النووية الإسرائيل ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي: أخرنا إمكانية امتلاك إيران لسلاح ن ...
- إسرائيل تضرب وسط إيران.. قصف مبنى في قم وانفجارات في أصفهان ...
- -تمويل بغباء-.. ترامب يكشف سرا عن سد النهضة
- سفن وصواريخ.. كيف تساعد أميركا إسرائيل في صد هجمات إيران؟
- -شالداغ-.. خطة إسرائيل البديلة للتعامل مع منشأة -فوردو-
- إسرائيل تعلن اغتيال قائد لواء المسيّرات الثاني بالحرس الثوري ...
- عراقجي لشبكة إن بي سي: خيار التفاوض أو الحرب متروك للأميركيي ...
- الجامعة العربية تدين الهجوم الإسرائيلي على إيران وتدعو للتهد ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل شاكر الرفاعي - ثقافة القتل بدم بارد