|
الاخوان وشرعية الانجاز
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 4145 - 2013 / 7 / 6 - 23:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فرضت ثورة 30 حزيران المصرية تعديلاً على تعريف الشرعية الموروث عن تجربة تكامل بناء نموذج الدولة ــ الامة في أوربا ، خرجت به من اطاره القاموسي ــ الاكاديمي الذي استقر عليه المنظرون الحقوقيون والسياسيون ، وجعلته ينفتح على بعدٍ جديد يتمثل بشرعية الاطاحة برئيس منتخب اذا لم يستطع ان يجعل الامة تتوحد على برنامجه الانتخابي . بموجب تعريف الشرعية الديمقراطية يجب ان يظل الدكتور مرسي رئيساً لمصر حتى يكمل دورته الانتخابية في 1916 . والاطاحة به ( من وجهة نظرها ) عمل غير مشروع ، بل هو خطوة الى الوراء ، ونكوص الى الشرعية الثورية ، التي كانت النظم السياسية تولد فيها من رحم الانقلابات العسكرية والثورات والحروب الاهلية التي عرفتها المنطقة ، والتي لم ينتج عنها غير الدكتاتورية والاستبداد . هذه هي عموماً وجهة نظر الكثير من كتاب الغرب في ثورة مصر يوم 30 حزيران . لاوربا اذن وللغرب عموماً ( اصوله الفكرية ) التي يجب القياس عليها ، واي حدث في التاريخ تجترحه امة ما ويخرج عما رسمته اصولها من حدود يُعد : بدعة وهرطقة ما انزل التاريخ الاوربي فيها من سلطان . أما شرعية الانجاز التي تمحورت حولها وجهة نظر الثورة المصرية فترى بأنّ شرعية الحاكم الذي رفعته الى سدة الحكم أصوات الناخبين ( وجلهم بلا مأوى وبلا عمل ) لا تكتمل ان لم يتم انقاذهم من هذا المصير . ذلك أن مصر الاقتصاد ومصر الاجتماع ليست هي بريطانيا الاقتصاد والاجتماع ، واذا ما سهر السياسي الالماني او الامريكي على حل شفرات التحديات التي يواجهها اقتصاد بلاده ( كما لاحظنا ذلك بعد الازمة المالية في 2008 ) فأن ساسة العالم الثالث ومنها مصر مطالبون ببذل جهود استثنائية لحل الكثير من التحديات التي تواجه جماهير ناخبيهم الغفيرة . أمام مثل هذا الامتحان فشل الرئيس المصري ( كما تقول وجهة نظر الثورة المصرية ) فالرئيس المنتخب ظل يعالج المشكلات من وجهة نظر المرشد العام للاخوان ، والتي تتلخص في أسلمة او اخونة مؤسسات الدولة ، وجعلها قاعدة الانطلاق لاخونة العالم العربي والاسلامي وصولاً الى الهدف الكبير : الزام دول العالم بالتقيد بما تراه مؤسسة الخلافة من علاقة يجب ان تسود دول العالم . هذا الهروب الى امام من مواجهة القضايا المحسوسة والملموسة التي تضغط بقسوة على الجماهير هو الذي جعل الفراق حتمياً بين الرئيس وبين ناخبيه . لقد نجحت مصر في بناء مؤسستين هما الجيش والقضاء ، ومقارنة سريعة بينها وبين ما يجري في ليبيا وفي سوريا توضح ذلك بجلاء . كما نجحت مصر في بناء الكثير من القواعد الهامة لمؤسسات مجتمع مدني مستقلة كمؤسسة الاهرام ومؤسسات السينما والمسرح والموسيقى ، اضافة الى اتحادات كبيرة وذات صوت مسموع في الوسط الادبي والاعلامي والصحافي ، لم يقف وراء توجيه نشاطاتها حزب بعينه كما هو الحال في العراق . وكان هم الرئيس المصري ومن ورائه الاخوان على مدار العام المنصرم ، يتمثل بالصراع المستمر معها من اجل تطويعها بالقضاء على شخصيتها وصوتها المستقل . كل هذا الفارق النوعي في المهمات العاجلة الملموسة بين الدول الاوربية ومصر لم يأخذه الكاتب الاوربي بعين الاعتبار . وهو في هذا يكون قد استقر على سطح الظاهرة ولم يغص بحتاً عن الاسباب التي جعلت الملايين تنزل الى الساحات العامة وتنادي على الرئيس مرسي : ارحل . انهم يعبرون عن حزنهم وقلقهم على الآليات الديمقراطية التي يتصورون بأن الاخوان أحرص من الجماهير عليها . اذن شرعية الانجاز هي التي تحكمت بمعادلة الصراع التي جرت بين سلطة الاخوان وبين عموم المصريين ، فاصبح انجاز السياسي هو مقياس استمراره في تكملة دورته الانتخابية ، اذ ليس لدى الشعوب الفقيرة وقت فائض تمنحه لطوبائيي المهمات الكونية الكبرى ، وهي تشعر بأنها مساقة حتف انفها الى مرحلة من العبودية الدولية بسبب من سياسة سلطتها ( وسلطات الشعوب العربية الاخرى ) الاقتصادية المتمثلة بالاستيراد الكثيف في كل الميادين ، ومنها الميدان الاهم : استيراد خبزها. وفي هذا يكون على الكاتب الاوربي الخروج قليلاً على مركزيته التي لا يرى فيها من اضافة يمكن لغير الاوربيين تقديمها ، فثورة مصر سواء تقبلها القاموس الاوربي ام لا حلت هذه الاشكالية المعقدة بين جمود التعريف القاموسي وبين قوة زخم الحياة . ذلك ان الثلاثين من حزيران المصري قام من داخل المنظومة الفكرية الديمقراطية وليس من خارجها ، اذ كان الفعل الاول فيها لجماهير الشعب وليس للجيش الذي انحاز لا حقاً اليه..
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا انتفض الشعب ضد الاخوان
-
درس الثورة المصرية الجديد
-
نداء من العامة الى الخاصة
-
مشاهدات بغدادية / 12
-
مشاهدات بغدادية / 11 خطة القبض على الاوهام
-
مشاهدات بغدادية / 10 / 1 الزعيم قاسم 2 جمعة الخيارات المفت
...
-
مشاهدات بغدادية 9 عن الحدث في الحويجة
-
مشاهدات بغدادية / 8 شهادة عن الانتخابات
-
مشاهدات بغدادية / 7 قانون المرور
-
في ذكرى ميلاد الحزب الشيوعي العراقي
-
في ذكرى ميلاد الحزب الشيوعي
-
مشاهدات بغدادية / 5 الكرد والوعي الامبراطوري
-
مشاهدات بغدادية / 6 أفكار حول الاقتصاد العراقي
-
الانتخابات المحلية
-
لقاء سياسي
-
هل ذهبتم الى هناك ؟
-
مشاهدات بغدادية 4 قناة حوار التونسية وبيع البقدونس
-
النائب الذي كسر مألوف البرلمان العراقي
-
حول مقال : الكرد مع الدولة
-
مشاهدات بغدادية 3 سعدي يوسف والمنفى
المزيد.....
-
عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
-
واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و
...
-
-حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال
...
-
هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
-
اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو)
...
-
أعراض غير اعتيادية للحساسية
-
دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
-
مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر
...
-
ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
-
الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|