أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم زهوري - كنت-;- قريبا-;- من أمي كنت-;- قريبا-;- من فلسطين














المزيد.....

كنت-;- قريبا-;- من أمي كنت-;- قريبا-;- من فلسطين


ابراهيم زهوري

الحوار المتمدن-العدد: 4388 - 2014 / 3 / 9 - 15:15
المحور: الادب والفن
    


كنت-;- قريبا-;- من أمي
كنت-;- قريبا-;- من فلسطين
ابراهيم زهوري
كنا نعتقد أنها حقا-;- فرصة ذهبية للخروج واﻹ-;-نعتاق نقتنصها دون مقاومة كحرفة الصياد ودون إبطاء يذكر أو حتى دون حيلة تردد في وسط معمعة -;-تشهر .. نتلهف ونهلل لها بأذرع مفتوحة ولم نكن نتمنى لها أن تعوض في القريب العاجل أو أن تتكرر في متسع أيامنا القادمة , من خلالها نتعرف على تضاريس البلد الذي نعيش في كنف أهله وعلى البلدات والقرى المحيطة بنا كسوار لا ينفك عن مداهمتنا واﻹ-;-قتراب منا , ومن خلالها أيضا نغتنم ما تيسر لنا من إشتباك إجتماعنا اﻹ-;-نساني بأبهى صوره مع من نعتقد أنهم غيرنا, نجتمع دون سابق إعداد وفور إعلان الخبر من مئذنة إذاعة المسجد القريب وقبيل رفع آذان الظهر تحديدا-;- حيث تفتتح ندائها المعلن المهيب بالآية القرآنية " ولا تحسبن الذين قتلوا ..." ثم بمطلع الخطاب المعهود " يا جماهير شعبنا الفلسطيني البطل " , نجهز أنفسنا كيفما أتفق وبعشوائية البدوي المستعجل على الرحيل وحتى دون تكلفة أنفسنا قليلا-;- من العناء بإخبار أحد من أهلنا بخططنا السرية المشروعة , ننساق بعفوية مع من هم أكبر منا سنا-;- وكأننا مجموعة مرافقة تتنقل من مكان إلى آخر تدفعها غرائز التطفل التي لا حدود لها ومتعة معرفة كل شيء جديد , تستطلع من كل النواحي آخر الأخبار وتحرس بفراسة عفويتها أرجاء المكان , نبقى هكذا كخلية نحل حتى مجيء الحافلات المزينة بالرايات والشعارات وعلى الزجاج الأمامي على يمين السائق بكل إجلال وتقدير يتصدر بمهابة الملصق أو البوستر التعريفي للشهيد المراد تشييعه إلى مثواه الأخير في مسقط رأسه وفيه إضافة إلى صورته الشخصية أسمه الحقيقي بالكامل أسمه الحركي ويوم وسنة ميلاده واستشهاده وأسم مدينته التي ترعرع في أفيائها وخرج منها شاهرا-;- مع الفلسطينيين بندقية وفوق ذلك سنة إلتحاقه بالتنظيم والدورات العسكرية التي قام وتفوق بها وبمحاذاة الطرف الأيسر أيضا-;- هناك بالخط العريض جملة أخيرة خجولة تبجل أخلاقه الحميدة .. تشيد من نزاهة سيرته وتزكي بلغة اﻹ-;-طناب والإعجاب شجاعة سلوكه وترجو له من الله العلي القدير وبإذنه الواسع غفران رحمته وفسيح جنانه , وقبل الصعود إلى متن الحافلة نتفحص الصورة بنهم المشتاق ونحفر فيها مختلف التفاصيل ولانترك شيئا إلا ونتناوله بالحديث وننشئ له الحكايات والأساطير تسعفنا بنات أفكارنا البريئة الغضة حتى أنها تدهش دون منازع إكتظاظ مخيلة مستمعينا من جمهرة المعزين وكأننا أصبحنا فورا-;- من بقية أهل الشهيدكما يقولون , هكذا يجتمع المخيّم في حافلة , الوجهاء من كبار السن دوما-;- في المقدمة هم وحدهم فقط يحملون في ثنايا ثيابهم رائحة الوطن السليب تكون عربون وفاء ومحبة .. إكليل عزاء وراحة ضمير للذين يعرفوننا تماما-;- وعلى أكمل وجه دون أن نعرفهم , ثم يتوزع على المقاعد الأخرى بقية المحازبون والمستقلون ونحن الفتيان أكثرهم إستعدادا-;- لبهجة الرحلة وحماسا-;- للمشاركة .. نستعيد جهرا-;- ما حفظناه عن ظهر قلب من أغاني اليسار السياسي وأناشيد الثورة التعبوية التحريضية حتى أننا في حمأة اﻹ-;-حتفال الجنائزي المتنقل على عتمة اﻹ-;-سفلت ننسى متعة الفرجة المرجوة ولا نحفظ من متاهة الطريق إلا عدد الأشجار التي نصادفها وأي منعطف سوف يرنو إليه بساط الريح , وجهتنا هذه المرة قرية من قرى مدينة إعزاز في ريف حلب الشمالي أي عند إلتقاء الحدود العربية مع جارتنا تركيا حيث تتبدى لنا عند العصر عبارة عن مجموعة متجاورة من قباب الطين المجفف تعلوها أسراب الحمام وهي تطير وبعض البيوت اﻹ-;-سمنتية المتناثرة تتوسط السهول الواسعة من جميع الجهات , تأخذ بألبابنا رحابة الأرض الشاسعة وبكل فخر نهجس باتساع صدرها وهي أفق سهل واسع لا حد له على مد النظر , نحن القادمون من زحمة ضيق والذي نادرا-;- ما يذكر في ذيل الخارطة , كالغرباء ننتشي روعة الهواء النظيف ويأسرنا من بعد نسيم الحرية صراحة منظر شمس المغيب , كان بعد الدفن رصاص-;- كثيف كانهمار المطر في مطلع صيف حزين , مسّنا قرص جوع وإذ بهن من بعيد يحملن على رؤوسهن كالتيجان أطباقا-;- من قش ملون , يطعمننا من زادهن الخبز والجبن الأبيض ونحن بدورنا نتمنى منهن وفرة المزيد , تعود الحافلات أدراجها وتودع بالدمع تعرجات تراب الطريق ... وأنا يرميني اﻹ-;-نهاك كريشة وسادة على سطح زجاج النافذة أترقب خطوة خطوة ذبول ظل نساء القرية المتشحات بالسواد .
مخيم النيرب / حلب
4/1/2013



#ابراهيم_زهوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نافورة صدأ .... حُجرات قليل الكلام
- أَطراف آخر البساتين
- نشوة الخروج من نبرة التفاصيل
- مواقيت شفق , بَلَلُ طين التجوال
- -طاسة الرعبة- آيات قدسية ... وحضنُ أمي
- اللبيبُ من الإِشارة يفهم
- مَدائِحُ أَحصنة وكآبة العُمْرِ القصيرْ
- أَكثرُ من شخص في صورة ٍواحدة
- على متنِ الرملِ .... مذكرة احتجاجِ آخر العصافير
- تفاصيلُ رَجْمِ الموتى وشارِعٌ يَستّحِقُ الغِناء
- شفيرُ ضوءٍ يأْتي ... رِجْسُ رُقاد
- دورانُ خاتمة الكسوفْ وجرحُ أَريجٍ يَشْهَدْ
- حَطَّابُ الوَقتْ
- ناعمةً أَصابع الوردة وكهفُ الشوق خَشِنْ
- ندم نصف الليل
- - ثلجٌ حار-
- يَسْتَّرِدُ البحرُ أَسْرارَهُ طريداً أَكتمُ أَنفّاسِيَّ ضفائ ...
- لا تُسعِفهُ النايّات... نَفْحُ خُيولْ والقلبُ أَخرسْ
- سيد العدم , قاع رماد حرب , وانقلاب الناي على سرير الفراشة
- -إيثار- وغزالة كنعان على صدر الجرمق*


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم زهوري - كنت-;- قريبا-;- من أمي كنت-;- قريبا-;- من فلسطين