أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - اوجاع قريتي ..8 الحفل .(هيرضربوا ولا هربو..)















المزيد.....

اوجاع قريتي ..8 الحفل .(هيرضربوا ولا هربو..)


عبد الغني سهاد

الحوار المتمدن-العدد: 4386 - 2014 / 3 / 7 - 15:33
المحور: الادب والفن
    


الفصل الثامن
الحفل ….(هير ضربوا ولا هربوا )...
………….
كانت المشاورات طويلة وصامتة أحيانا لكنها عموما هادئة كمشاورات الحكماء سواء مع الزوجة زنوبة او المعلم المهدي ..استقرت نتائجها استغلال قسط قليل من الكنز في الحفل وتعويض العربة بوسيلة عصرية تم اعادة المال الى موضعه الاصلي .تكلف عمر بمهمة إعداد الحفل والمهدي ببيع جزء من المجوهرات في قيسارية الذهب في المدينة القديمة ..الجيران لم يبخلوا بتقديم الدعم العيني والروحي لعمر كونه محبوبا عند الجميع ...حضر الجيران الحفل ومعهم الهدايا من سكر ودجاج واكياس الدقيق فكان دهول زنوبة كبيرا لاريحية السكان ...كان الكل يريد تقديم المساعدة...كان المدعوون معظمهم من من طبقات الشعب الدنيا الموجودة في اسفل الهرم الذي يقولون عنه اجتماعي
لم يحضر من الاعيان سوى الغراب الاسود ..ازدحمت الدار بالزوار ..وتعالت الاصوات بالغناء والطرب الشعبي و تصاعدت ادراج الرياح زغردات النساء والبنات ...والمهدي يجلس قرب عيسى البهلول جلسة وقار وكانه حكيم القرية بينما عمر منتصبا قرب الباب يرحيب بالقادمين ...كانت تلاحق المهدي نظرات فتيات الجيران الجميلات وهو غير مكترت بامرهن يفكر في بنت اليهودي الذي اشترى منه المجوهرات في قيسارية الذهب بالمدينة..تملكت لبه في لحظة وجيزة قضاها مع ابيها في المتجر حين كانت ترافقه ...ملامحها الجزينة والجميلة وادبها الرفيع كان قد اسره ووضعه في حبال عشقها من النظرة الاولى ..يتظاهر بالاندماج مع ضخب الحفل لكنه لا يفلح في الهروب من تلك النظرات الحالمة الحزينة التي اخدت تسيطر على خياله ...في الجهة المقابلة له يتكئ الغراب الاسود يحملق في الداخل والخارج من الزوار كانه يعد التقارير الشفوية على اجواء الحفل ..او انه يتربص باستلال فرصة للانقضاض على غنيمة من السكان المقهورين ..واللذين يبدون سعادتهم لانجاب السي عمر ...
يتابع بدقة كل حركات عمربوسحابة ...الدي اصبح يزعجه امره وامر السحابة التي تجول في الحي ..بحرية ودون ترخيص منه ...
كان اصدقاء عمر يضحكون ويسخرون من بعضهم البعض في انتظارقدوم الطعام الشهي الدي اعدته لهم طباخات القرية باوامر من امي عيشة التي لم تمل من الوقوف امام السي عمر وتردد:
- فعلتيها يا عمر يا بوسحابة ...لم اكن اظنك هكدا . تم تغيب عن الانظار ..

الاصدقاء لا زالوا يقرقبون الناب حول الاموال التي يصرفها عمر وهو الحمال المعدم البعض منهم يفسر الامر بالمساعدات المادية للمهدي الصديق الحميم لعمر ..والبعض الاخر يرد الامر الى السحابة الموفورة بالخير والثراء التي خلفها موت البغل والمرافقة لبو سحابة ...لكن هم عيسى البهلول كان مختلفا ...يقف وسط الجمع ويصيح في عمر :
- بوسحابة راه معلم ..طفلين جميلين في ضربة واحدة ..ما يقدر عليه حد منكم ......تم يضحك..فيغمر الحياء وجه عمر فيزيده احمرار ..لكنه لا يرد البثة على البهلول ...
لم يكن عقل الغراب الاسود الصغير قادرا على استيعاب الحركة والضجة السريعة في الحفل ولا يفهم اسرار عمر الجديد ة...كل ما يستوعبه ان الامور تغيرت في القرية بفعل فاعل قوي وخفي لا يعرفه ..وان اعدائه اكتسبوا القوة والجاه الغير مرئية وزادوا في اضعاف مكانته بين سكان القرية ..
يكاد الغرب الاسود لا يصدق ما يراه باعينه ويسمعه باذنيه من الجيران واصدقاء عمر عن الجاه والثروة الذي اصبح يمتلكها عمر والمهدي ..مر بجنبه عيسى البهلول مسرعا فقبض بجلبابه من مؤخرته ..وجره بقوة للجلوس ..موجها له السؤال بصوت خفيت :
- هل صادفت يوما تلك السحابة في الدوار يا مجنون ؟
- يضحك عيسى ويرد عليه : ( صادفتها ايها الوغد مساء تلك اليلة التي وجدت فيها عشرات الدراهم في محفظة عتيقة على جنب الطريق من السوق الى منزلي .. عدت اترها اجري الى الجزار واشتريتها كلها لحما طريا ...واعدت لي فاطنة طابقا من احلى الاطباق ..لم نتناول مثله ..منذ ايام عيد الاضحى ....) .....واستمر يضحك وهو ينظر الى عمر من حين لاخر ..
- انت اهبل ياعيسى ...ذلك رزقك ..لا علاقة له بتلك السحابة ...احمق انت ..لكن صفها لي ؟
- هي اضواء في حجم كبير من النورالمشع تتحرك و تتحرق كفانوس كبير ..لونها يحتد ..تم يختفي ..ويحدث ما يحدث من شر او من خير ...على حسب ؟
- على حسب ماذا ايها الاهبل ...؟
- عبلا حسب الناس التي تراها ؟
- أهبل ....أغبر عن وجهي ...الدوار اصبح يسكنه المجانين ...
- ارجو ان تصادفك تلك السحابة... أيها الغراب... العاقل الوحيد في القرية ...
يعرف عمر جيدا ان الغراب الاسود هو وحده الشخص الغير مرغوب فيه بين الزوار والمدعوين..لكن حضوره كان مقبولا على الاقل سيعيد ويحكي عن حفله للقايد والقاضي ورئيس مركز الصحة والاعيان الكبار قطاطعية القرية اصحاب العقار والممتلكات الشاسعة ...هذه الشرذمة من الناس التي لا تظهر الا في المناسبات الكبرى سواء كانت دينية او وطنية ..لكنها لا تظهرحين الكوارث والفواجع التي تعرفها القرية ..
بل لا تمت للقرية بصل اجتماعية اوحتى انسانية ...يدرك تماما ان هذه الفئة لا تعرفه سوى ناقلا لحملها من السوق الى الدور ..وهي لا تحتاج ال مساعدته لتوفرها على وسائل نقلها الخاص من شاحنات و سيارات وغيرها ..فهو لا ينتمي الى عالمها الخاص ..وهي لا تنتمي الى كونه الضيق ..لكن السلطة تعرفه
وهو يعرفها جيدا ..السلطة تتملق وتستكين على الدوام لهذه الشريحة الاجتماعية القليلة من لصوص القرية.....يفكر لوتوفرت له القدرة على توجيه تلك السحابة اليهم .لفعل ..لجازاهم بقدر بما يلعبون بمصائر الناس البسطاء ..من احتكار السوق ..وتجميع الممتلكات والثروات والانفراد بها..واستغلال النساء في الحقول والضيعات..وفي المنازل .منقهر الاطفال .والايتام والارامل والشيوخ ..كانهم يصبحون كل يوم على حرب اهلية....لن يضيع الفرصة حين تاتيه للانتقام منهم جميعا ..وهوينتظران تاتيه....كثيرة هي الاسرار التي يمتلكها وكثيرة هي الاحلام التي تراوده ..قد تكون اشاعات تحكمه في السحابة التي تخيم على القرية في بعض الاوقات لساعات طويلة من الليل..حقيقية..ربما هو يحفها بالصمت المطبق ..لكنه وهو في لجة الاستمتاع بالحفل لا يريد التفكير فيها ...حتى تمر الاحداث عادية ..ليعطي الانطباع كونها مجرد خرافات ابتكرها الناس و يتناولونها في احاديثهم لقضاء الوقت الدي يداهمهم في فترات الفراغ ...بمثابة هلوسات للناس البسطاء حيكت حوله لتلبية حاجات ما في لا شعورهم ...... هل تبقى السحابة مجرد ظاهرة غريبة لا يستطيع فك اسرارها احد في القرية..مجرد اشاعات مؤنسة للناس تخفف عنهم الالم والظلم من جهات السلطة والاعيان ..وحده موسى البهلول يعترف بمشاهدته السحابة في تلك الليلة السعيدة ...حين التقط بعض الدريهمات المنتورة على الطريق عاد بها الى منزله ....
ومندئد اخد يترصدها لعله يصادفها حينا اخر في زوايا بيت عمر .. يتردد عليه مرارا ويستريح تحت جدرانه ...وينتظر... ..و الان هو يحدق في وجه الغراب الاسود وضجيج الزوار يرتفع تم يخفت ..وعمر يرتكن الى زاوية فارغة قرب المعلم المهدي يهمس له في اذنيه ...:
_ شكرا أخي على كل ما قدمته لاجلي ...
_ العفو عمر انت عندي بمنزلة الاخ الذي لم تلده امي ....وما فعلت الا الواجب...
_ لقد قمت باكثر من الواجب ...حتى الاخوة لن يفعلوا ما فعلت ..
_ اهتم بامر الحفل حتى يمر بسلام فاني ارى لهيب الغدر في عيون الغراب الاسود...
_ لم استدعيه لكن حظر لغاية لا يعرفها الا هو ...
_ هو يتكلم كثير مه البهلول ....وانت تعرف لماذا ؟
_ اعرف اخي ....يستجوبه بطريقته عن امر السحابة ...
_ ربما ..لكني لا اصدق هذه الخرافات ....
_ وقد تكون حقيقة اخي ....لماذا نرفض الاشياء التي لا تستطيع عقولنا ادراكها ..فكل ما هو خارج العقل ..لا نستوعبه نرفضه على التو....على الاقل تلك السحابة هي موجودة في اذهاننا ...كل ما نفكر فيه فهو موجود...فكرتها اصبع تعشعش في افكارنا واحلامنا ...وكثيرا ما تتحول الفكرة الى قوة مادية يتحرك لاجلها الاشخاص .....
_ اظن انك استمتعت باشاعات السحابة ...وما يروج عنها ...وادركت بسرعة منافع تسميتهم لك ..بابي سحابة ..
_ اه لو كنت فعلا بو سحابة .... لو كن املك السيطرة عليها كنت تركت لك المال ...وهاجرت القرية ...الى العاصمة ... اريد تلك السحابة ان تتسع وتطبع وطنية ....
_.... اعرف ان طموحك كبير ..ولا محدود ...لكن ما دا تعرف السي عمر عن الوطنية ...؟
_ اعرف بعض الاشياء المتواضعة ..تلقيتها منك ...؟

ضحكا معا ضحكة طويلة تخللتها نظرات مسروقة جهة الزوار و الغراب الاسود الدي عاد للحديث مع موسى البهلول ..في نفس موضوع القرية و السحابة ... كان الامرساخرا فموسى البهلول هو الشخص الوحيد الدي يستطيع الغراب الاسود التحدث معه .لقد كان شخصا منبوذا من طرف الجميع ..وهو يكلم البهلول لغنم بعض الاجوبة لاسئلته المعلقة..عن عمر بوسحابة ... ..
و اصوات النساء كانت تردد الحان شعبية لم يسمعها المهدي من قبل لكنها اخدت بلبه..اصوات شجية تحكي ملاحم الزمن الغابر ضد قوى الاستعمار الذي يحتل الاراضي الخصبة في القرية الى وشارك في ذلك القطاطعية الكبار لكنه خلسة رحل وترك هؤلاء يفعلون ما يريدون بالحجر والبشر والمدر ..وكل شيئ..يتحرك تحت القمرالاخرس ..فيقاسمونه من بعيد تلك الخيرات ..وترك الفقر يتقاسمه الاهالي.... بعد الاكل الذي كان وافرا في الحفل جمعت الموائد وعادت النساء الى نقر الدف والغناء ..............
"اللي بغا الله كاع بغيناه ...
هير ضربوا ولا هربو ...
ما اضربتو ما اقلتونا....
وحتى واحد فينا ما هاني ..
اللي تهرس ها الكرارس ..
واللي تفرم يبقى تما ...
واللي تحفى ها شربيلي ...
واللي تعرى ها قفطاني...
واللي بغا اللامة يتعامى ...
تحزموا وكونوا رجالة ..
ياودي كونوا عوالين ..
لا خزانة لا عود بقى ..
وفين عزكم اولاد اليوم ...
وآيت عطا وآيت بوزيد
فين إيامك يا لبليدة
راه زناقيك جاريين بالهم
في ساعة ولات غمام ..
اكدات النار بلا دخان ..
ورا فالعقول قل الافهام
ورا الفقر كيف الذبان ..
ورا الحكرة على البيبان...
.....
تركت موسى البهلول يردد معهن كانه المصعوق بعشق كلماتهن بعض مقاطع تلك الاغاني الاتية من غرفة النساء ..الاتية من دولاب التاريخ الحديث ....وكلما وصلوا الى مقطع ..(هيرضربوا ولا هربوا )...يرمي بنظره الى الغراب الاسود...ويضرب بقوة بيديه على رأسه كالمجنون .. وكانه ينبهه الى شيئ لا يفهمه الا هو.......



#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اوجاع قريتي 7 (بوسحابة )
- خلف النوافذ
- حكاية كرسي
- في مسالة الاخلاق
- ققجات : ربيع اخر
- في سياق منتظم
- البطالة وغلاء المعيشة والنقابات
- أذنى من ديمومة الثلج
- أوجاع قريتي ..5
- أوجاع قريتي-4
- رسالة العيد
- مجتمع يتغير ..ومدارس ثابتة
- زفة في مراكش
- هو......انا
- حيث لا ينتهي الزمان ابدا....
- ربيع الفايس ..قادم
- وعلى الفايس ...السلام
- مطر ..ملوث
- رياح اكتوبر...
- رياح اكتوبر.


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - اوجاع قريتي ..8 الحفل .(هيرضربوا ولا هربو..)