صح ... غلط

طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)

الحوار المتمدن-العدد: 4374 - 2014 / 2 / 23 - 23:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

اين الصح ... اين الغلط ؟!

لم يكن ستار غير فلاح بسيط يعيش في الأطراف المحاذية لاهوار الجدي والصحين من قرى العماره ..تلك المدينة الجنوبية العراقية التي هي امتداد لمملكة البحر وميسان التي سادت في عصور ما قبل التاريخ ... كانت ميسان واهوارها ملجئا للثوار على مر العصور .. و ستار ابن نهر ( الرفيش) المغذي لقرية ( ام اكعيده) التابعة لناحية السلام ( الطويل سابقا) ... ستار هذا ابن  الفلاح المناضل ( فعل ابن ضمد العلياوي) والذي كان احد قادة انتفاضة فلاحي آلِ آريرج عام 1952 ... ستار فلاح  شاب سار على نهج ابيه ! متأثرا ببطولته وانتمى الى الحزب الشيوعي العراقي وقد اعتقل عام 1970 وزج به في معتقل (قصر النهاية) ضمن اعتقالات واسعة شنتها السلطة انذاك على الحزب الشيوعي .. كان الحزب قد تعرض لانشقاق في الستينات حيث انشق عزيز الحاج ومجموعة معه وشكلوا ( القيادة المركزية) التي انتهجت سياسة ( الكفاح المسلح) لاسقاط السلطة .. وما تبقى كانت اللجنة المركزية للحزب والتي كانت تنتهج سياسة ذيلية للاتحاد السوفيتي وقد بدأت بأمر منه بالتفاوض مع حزب البعث بعد استلامه السلطة عام 1968 لإقامة تحالف باسم الجبهة الوطنية!! 
كان ( الرفيق)  ستار ينتمي الى اللجنة المركزية وكان المعتقلون في القصر خليطا من كلا الجناحين للحزب .. كانت المفاوضات تجري على قدم وساق بين اللجنة المركزية وقيادة البعث .. وكانت الاغتيالات تجري خارج المعتقل لكل من يبدي تشددا في المفاوضات من اعضاء اللجنة المركزية ! فاغتيل محمد الخضري وتلاه شاكر محمود من شباب اللجنة المركزية .. الاول وجد مقتولا على قناة الجيش والثاني صدمته سيارة فولكس واكن لا تحمل رقما ( تخص الأمن العامة) قرب مستشفى اليرموك ..
وفي يوم .. طلب من جميع المعتقلين الشيوعيين في قصر النهاية ان يتجمعون في احد القاعات ... دخل مدير الأمن (السيد العام) ناظم كزار.. جال بعينه الصاحية التي تختفي وأختها العوراء خلف نضارة سوداء ؛ بين المعتقلين لدقيقة ساده خلالها صمت رهيب...ثم نطق الحكم وهو يقول:
جماعة اللجنة يصطفون في اليمين .. وجماعة القيادة الى اليسار ...
سارع الجميع بتلبية الأمر وهم يعرفون قسوة وإجرامية ذلك الرجل التي عانوا منها ما عانوا خلال فترة اعتقالهم في ذلك السجن المرعب !!
تشكلت مجموعتان .. الى اليمين اعضاء اللجنة المركزية ، وإلى اليسار وقفوا اعضاء لقيادة المركزية ...
قال ( ابو حرب) ناظم كدار وهو يؤشر بيده :
جماعة اللجنة . إفراج ...!! ثم أردف .. جماعة القيادة : إعدام!!
ساد صمت لزج وغريب في جو القاعة.. 
كان ستار يقف مع اعضاء اللجنة حيث كان ينتمي .. فغر فمه وهو ينقل أنظاره بين رفاقه من كلا الجناحين .. صرخ بلهجته الجنوبية : اشلون اشلون ؟! كون احنا افراج ( والرفاق ) وهو يشير الى اعضاء القيادة ، اعدام .. معناها هذولا غلط ( مشيرا لرفاقه في اللجنه) ، وهذولاك صح ( مشيرا للقيادة) .. أردف كلامه بقفزته واصطفافه مع مجموعة القيادة المركزية وهو يقول : من كون هيج جا انا ويا القيادة ..
افرج عن اعضاء اللجنة ... وتم اعدام جميع اعضاء القيادة وأعدم  الفلاح ستار ابن فعالين ضمد العلياوي المناضل الشيوعي الصح .....

#طالب_الجليلي (هاشتاغ)       Talib_Al_Jalely#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل