أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طالب الجليلي - اوراق على رصيف الذاكرة .. عريف عباس














المزيد.....

اوراق على رصيف الذاكرة .. عريف عباس


طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)


الحوار المتمدن-العدد: 4374 - 2014 / 2 / 23 - 18:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لاأوراق على رصيف الذاكرة  
( عريف عباس)

هناك عالم مخفي! هو الجزء الغاطس من جبل الثلج! بل هي الأسرار التي تدفن مع الميتين.. عالم من الألم والخوف والعذابات التي تمر بصمت لا يحس بها غير صاحبها.. عالم تختلط وتندمج فيه الجريمة والغيرة! القسوة والرحمة، النكتة والحزن العميق، الجبن والشجاعة، النخوة والخوف!! الإنتماء والدجل...كل ذلك الخليط الغير متجانس عاشها البعض ومرت بصمت ومبالات ولا مبالات!! يناقض بعضها الاخر، لتنطلق بعد فوات العمر والأوان تدق في الرأس كالمطارق!!
كنت جالسا في الردهة أراجع فايلات الجرحى الرافدين بعد أن أنهيت جولتي عليهم.. رن جرس التلفون وكان على الطرف الاخر جندي استعلامات المستشفي  وهو يسأل عن جريح إسمه سيد مهدي .. كانوا أهله قد جاءوا يبحثون عنه.. كنت قد أجريت البارحة للسيد عملية بتر لكلتا ساقيه وأصبعين من كفه اليمنى!! كان الجريح يرقد في سريره قريبا مني .. حين سمع التفت الي وناداني بصوت واهن: سيدي أرجوك هل لي بكيسين من القطن!! أمرت الممرض بتلبية طلبه.. كان يلح بأن نسرع بوضع الكيسين تحت غطائه بموازاة فخذيه!! حين وصلوا أهله استقبلهم وهو يحمد الله الذي أنقذه من موت محقق.. كانت القذيفة قد قتلت كل رفاقه الذين كانوا يشاركونه الملجأ!! ، أما هو فقد بترت أصبعيه!! حين غادروا أهله غلبته نوبة من البكاء بصمت وهدوء....
كانت الردهة هادئة كان الجرحى يغطون في نوم عميق .. أيقظني مراسل امر المستشفى من حزني وهو يدفع لي بكتاب عاجل .. تشكيل لجنة تحقيقية كان إسمي من ضمنها للتحقيق مع منتسبي سقيفة الشهداء حول قيام بعضهم بسرقة ممتلكات أولئك الضحايا من ساعات وخواتم و.......!!!
بالأمس جئت مسرعا الى الردهة حين استدعيت لمعاينة حالة طارئة.. كان هناك ضابطا قد أصيب بتهشم في مرفقه إثر إصابة بطلق ناري في الجبهة.. لم أجده حيث أخبرت بأنه في دورة المياه!! جاء بعد لحضات وهو يهم بمشيته ساندا ذراعه المصاب بيده الأخرى! .. جلس على طرف السرير بكل شجاعة وهدوء.. كنت قد اطلعت على أشعته وقد بدى لي التهشم الكامل لعظام مرفقه مما يهدد ببتر تلك الذراع!! لم أر أية ملامح خوف أو ألم تبدو على ملامح ذلك الضابط: الملازم الأول عباس مشحوت!!
طلبت نقله الى صالة العمليات ... لم أستطع أن أخفي حالة الإستغراب والتعجب من صلابة ذلك الرجل الذي لم يبد أي حالة رفض كنا قد اعتدنا عليها حين نخبر الجريح بأننا قد نبتر طرفه المصاب.. كان قد هز كتفه مستسلما وهو يقول : الذي ترتأونه سيدي!!!!
أجابني زميله الضابط الذي كان يرافقه: انه عريف عباس يا سيدي!!
كان هنالك مدفعا رباعيا تعود. أن يحصد الكثيرين من جنودنا بين الحين والآخر.. كان يرمي من الساتر المقابل لساترنا.. في ليلة ممطرة أنتفض عريف عباس غاضبا وتناول عمودا وطلب منا أن نستره بوابل من الرصاص !! قفز مدحلبا وهو يجتاز حقل الألغام وأخذ يسير بجانب الساتر المعادي مسرعا حتى وصل المدفع وصاحبه .. قفز وانقض على رأسه بعموده بضربة مجنونة.. ثم عاد بالرشاش بمعجزة غريبة لم نر مثلها طيلة سني الحرب!!  أضاف المرافق: لقد كرمته القيادة بمنحه نجمتين .. أضاف بحسرة.. حرامات ،، حرامات ملازم عباس.. 



#طالب_الجليلي (هاشتاغ)       Talib_Al_Jalely#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اوراق على رصيف الذاكرة .. حرب الكويت
- تضامن
- بين سبيلك و ميركه سور 1 ..( اوراق على رصيف الذاكرة)
- عواء الكلاب
- لو كان الزعيم عضوا في البرلمان !!!
- مطر الثريا ...
- 9 شباط... اغتيال الزعيم
- ذكرى ا
- ذكرى انقلاب 8 شباط الأسود
- جم حمام ..9..( أوراق على رصيف الذاكرة )
- جم حمام ..8 ..( اوراق على رصيف الذاكرة )
- جم حمام ..7 ..( اوراق على رصيف الذاكره)
- جم حمام ..6..(اوراق على رصيف الذاكرة)
- جم حمام ..5 ..( اوراق على رصيف الذاكرة)
- جم حمام ..4 ( اوراق على رصيف الذاكرة)
- الانتخابات تطرق الأبواب
- تداعيات
- يانديمي...
- جم حمام 1 (أ) .. اوراق على رصيف الذاكرة
- بين سبيلك و ميركه سور 11.. ( اوراق على رصيف الذاكرة)


المزيد.....




- الجيش الأردني يصدر بيانا عن مسيرة محملة بالمتفجرات سقطت في م ...
- دبلوماسيون: محادثات مباشرة بين إيران والولايات المتحدة وسط ت ...
- ترامب يلوّح بالقوة ونتنياهو يتحدث عن مفاجآت وشيكة... هل تقتر ...
- تخفيف الرقابة على تأشيرة الدراسة للأجانب في الولايات المتحدة ...
- حين تصطدم إيران بإسرائيل، العالم يختار كلماته بعناية
- رضائي: نقلنا اليورانيوم المخصب إلى أماكن آمنة
- بيسكوف: بوتين يحافظ على اتصالات مع إيران وإسرائيل
- الإسعاف الإسرائيلي يكشف حصيلة القتلى والجرحى جراء الهجمات ال ...
- إيران تصدر تحذيرا لإخلاء مقر القناة -14- العبرية في تل أبيب ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر بيانا حول اليوم السابع من المواجهة مع ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طالب الجليلي - اوراق على رصيف الذاكرة .. عريف عباس