أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب الجليلي - جم حمام ..8 ..( اوراق على رصيف الذاكرة )














المزيد.....

جم حمام ..8 ..( اوراق على رصيف الذاكرة )


طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)


الحوار المتمدن-العدد: 4351 - 2014 / 1 / 31 - 00:42
المحور: الادب والفن
    


جم حمام..8 ..(اوراق على رصيف الذاكرة)

  
كأنه كان ينتظرني وربما كان يعرف موعد إجازتي! كان يتكئ كعادته على عمود الكهرباء المقابل لشقتي عبر الشارع العام .. وخلفه يقع مركز شرطة الرافدين... كنت أسكن في مدينة الثورة وتحت الشقة كانت عيادتي .. كان يتناوب مع شخص اخر لكي يواصلوا مراقبتي وبشكل مفضوح.. ما أن أجلس في عيادتي حتى يزورني مشتكيا من أمراض مختلفة.. وأحيانا يجلب عائلته للفحص.. نسجت بيننا علاقة غريبة .. كنت أرثي لحاله وبالمقابل كنت أحس بأنه يشعر بالذنب تجاهي وهو يتلقى مني تلك المعاملة اللطيفة والإهتمام بعائلته ومتابعة أحوالهم ومساعدتهم في أحيان كثيرة... اعترف لي مرة بمهمته ال( نجسة) كما وصفها وحذرني من رفيقه الذي يتناوب معه في مراقبتي...كان يتساءل : مالذي يريدونه منك يا دكتور؟ ها أنت يأخذك الجيش من عائلتك ثلاثة أسابيع من كل شهر وما تبقى منه تمضيه في شقتك وعبادتك لا تفارقهما حتى يحين موعد التحاقك بوحدتك.. ثم يضيف قائلا: حتى أصدقائك ومراجعيك نتابعهم ونرفع تقاريرنا تباعا عنهم .. لقد أتعبونا وأتعبتنا فما الذي تخفيه عنا؟؟! 
كان محقا في تساؤلاته لأنني فعلا لا أخفي غير تاريخي أما حاضري فلا يتجاوز تلك العزلة التي اتخذتها مذ تسلمي دعوة الإحتياط الثالثة خلال ثلاثة أعوام!! ومذ قررت أن  لا أهرب وأتبع جماعتي خارج العراق!!!
مذ قررت أن أدفن هنا في العراق تحت أي ظرف كان بعد أن يأست من كل شيء!!!
دقت الساعة الثامنة مساء وهاأنذا مسمر في شقتي أمام التلفاز أتابع الرئيس وهو يقلد وسام الرافدين للعميد jالركن عبد الهادي 
(، أخيل كولينه..)... نعم كان أخيل القرن وبطل معركة كولينه.. لم يجلس خلف جنوده ويختبئ في ملجأ مغطى بالحجر وقضبان سكك القطار وأكياس الرمل .. كان عبد الهادي يتسلق عارضة كولينه متقدما جنوده ويقاتل بالسلاح الابيض .. هو وضباطه وجنوده قرروا ان يستعيدوا الموضع باي ثمن كانت على رأسه أرواحهم !! هل هي الوطنية ، الغضب، الشعور بالإهانة ، الخوف، الجنون، ؟! أسئلة لم اجد لها جوابا لكن النتيجة هي ان الموت اخطأهم .. وراية النصر قد عقدت لهم .. كانت معركة من اشد وأقسى المعارك وصفحة لن تنسى .. تصورت ان رقبة عميد عبد الهادي كانت غاطسة في الماء المقدس الاف السنين وقد نسي هوميروس ان يشير لها في الإلياذة ولم يضع له مكانا في حصار طروادة!! وها هو يقتحم ليلا ويتسلق عارضة كولينه ثم يقف على قمتها شامخا ويصرخ : أنا أخيل !!!  
 كان يضع الوشاح الأحمر حول رقبته يتدلى منه الوسام الذهبي وكان الرجل يشيح بوجهه للجانب الآخر لكي لا يتنفس في وجه السيد الرئيس !! وضع كفيه على أكتاف العميد وهو يثني على شجاعته وأطلق على تشكيله الذي كان يقوده: ( قوة عبد الهادي..)...!! كانت تلك هي التسمية الأولى في تاريخ الجيش العراقي : وسوف تعقبها قوات أخرى تسمى بأسماء قادتها!! وسوف تنتزع الأسماء منها ويعدم أصحابها في مناسبات خاسرة أخرى! هكذا هي الحروب وتلك هي نرجسية السلاطين !!ينحر لك خروفا بسكينه مرة ثم يديهم بنفس السكين في مرة أخرى !!! يطوق رقبة بوسام..ثم بخنقها بنفس الخرقة الحمراء في مناسبة أخرى .. سوف يقلد صلاح القاضي وسوف بخنقه ويقلد بارق الحاج حنطه  وسوف بخنقه وسوف يقلد كامل ساجت الجنابي  وسوف بخنقه  يقلد محمد مظلوم اول وسام للقادسية ويكون اول بطل لها ثم تقدم جثته ممزقة بالرصاص هدية في عيد الاضحى لعائلته ...وتطول القائمة وتمتد لكي تعمد أرض العراق بالدم المهراق...
عدت الى وحدتي ليلا وما أن ولجت داخل قبوي حتى جائني مراسل الامر مسرعا وهو يدعوني الى مواجهته..
وجدته يجلس على كرسيه الميداني في البهو وقد خيل لي وكأنه قد شاخ كثيرا ... كان يجلس محطما ، وعيناه غائرتان في حفرة عميقة تحيط بها هالة سوداء .. كانت نظراته لا تحمل غير يأس مطلق .. أشار علي بالجلوس بعد أن رفع يده بتثاقل وهو يرد التحية ثم تركها تهبط كأنها حافة جرف تسقط في النهر  منهدمة باستسلام ..
تناول مظروفا أسمرا وأعطاني إياه وهو يقول بأسف : خذ ، هذا كتاب إعادتك الى مستشفاك وغدا يتحرك تشكيلنا الى جم حمام.. كانت فترة وجودك معي عونا لي على تجاوز أشياء كثيرة لكن وحدتك قد طلبت إعادتك بعد أن فتحت مستشفى العروبة العسكري.. 
كان الامر حزينا وكئيبا بصورة غير اعتيادية.. كان يشعل سيجارته من سابقتها وكانت يده ترتعش قليلا..
قال بألم : كنت محظوظا كعادتك! حين اعتذرت عن مرافقتي الى مقر الفرقة.. 
أخذ نفسا عميقا من سيجارته ويبدو أن الجمر قد أحرق سبابته حيث ألقى العقب على الأرض بعنف ثم سحقه بشدة بكعب حذائه!!
ثم تابع: لقد كانت (حفلة) إعدام!!

يتبع



#طالب_الجليلي (هاشتاغ)       Talib_Al_Jalely#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جم حمام ..7 ..( اوراق على رصيف الذاكره)
- جم حمام ..6..(اوراق على رصيف الذاكرة)
- جم حمام ..5 ..( اوراق على رصيف الذاكرة)
- جم حمام ..4 ( اوراق على رصيف الذاكرة)
- الانتخابات تطرق الأبواب
- تداعيات
- يانديمي...
- جم حمام 1 (أ) .. اوراق على رصيف الذاكرة
- بين سبيلك و ميركه سور 11.. ( اوراق على رصيف الذاكرة)
- جم حمام 3 ..( اوراق على رصيف الذاكرة)
- جم حمام 2 ..(اوراق على رصيف الذاكرة )
- جم حمام 1..( اوراق على رصيف الذاكرة )
- يا نديمي
- ماذا اسميك
- رواتب البرلمانيين في العراق
- الجراد
- يوم القيامة
- بين سبيلك و ميركه سور 10
- مات اليسار
- بين سبيلك و ميركه سور 8 (اوراق على رصيف الذاكرة)


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب الجليلي - جم حمام ..8 ..( اوراق على رصيف الذاكرة )