أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب الجليلي - جم حمام 1..( اوراق على رصيف الذاكرة )














المزيد.....

جم حمام 1..( اوراق على رصيف الذاكرة )


طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)


الحوار المتمدن-العدد: 4343 - 2014 / 1 / 23 - 00:37
المحور: الادب والفن
    


جم حمام.    1 ( اوراق على رصيف الذاكرة )


كان ملجئي قد أعد بعناية وحسب توجيه السيد الامر   صفت ثلاثة صناديق عتاد فارغة وقد مد فوقها يطغي الذي جلبته معي فأصبح سريري جاهزا.. أما الصندوق الرابع فقد أعد ليكون مكتبا لي وقد وضعت ستارة لكي تستر مدخل ذلك الجحر..كانت كل الأمور تشير إلى قرب تحرك الفوج الى الخطوط الأمامية.. 
أعد لنا على جرف النهر منضدة وثلاتة كراسي ميدانية جلسنا أنا و مساعد الامر متقابلين وجلس السيد الامر بيننا.. هبت نسمات باردة من أعالي جبل كوهينه ورافقتها أصوات بعيدة  لإطلاقات المدافع التي كان وميضها يسبقها بلحضات.. كان الامر يكرر تذمره من الأمراض والعمليات الجراحية التي أجريت له داخل وخارج العراق.. تبين لي أنه كان قد شغل عدة مناصب في الملحقات العسكرية في أوربا وكان آخر منصب له هو مسؤولية الفرقة الحزبية لإحدى القيادات العسكرية العليا في بغداد حين عمم عليهم طلب التطوع للخدمة في الجبهة لمن يريد.. علق الامر: ومن لا يرغب في التطوع حتى لو كان مبتور الساقين!؟ أردف قائلا بتهكم: تطوعت وأنا متصور أنهم سوف يراجعون ( كونيتي) ليعرفوا هل تسمح حالتي الصحية أن أقود فوجا؟! 
حين دب دبيبها بعد كأسين بدأ يقرأ الشعر.. وفي الثالث أخذ يدندن بموال حزين.. ياصاح عودي ذبل وبكل دوا مايصح...
قال وهو يتحسر : يذكرني هذا البيت بذلك الطبيب  ( حبيب المالح)..! كان يغنيه باستمرار!! شعرت وكأن عقربا قد لدغتني..!! مالذي قصده الامر بذكره ذلك الإسم؟! هل سبقتني البرقية الى هذه الوحدة؟! قلت في داخلي : اه لهذا اختارني الرفيق من بين ثلاثة أطباء لم يلحق بالتعرف إليهم .. تصورت أن الآمر قد قرأ أفكاري وأنا أحاول أن أستعيد لقائي الأخير بأبا أفين قبل أن يعدم.. قال متابعا وأنا تذكرته أيضاً وأنت يادكتور تعيد على مسامعي من الشعر وطريقة إلقائه ماكان يقرأه ذلك الطبيب .. أردف : حرامات .. كم نصحته لكنه كان ينكر..
قلت في داخلي مرعوبا ؛ إذن سبقك التقرير فاستعد للقادمات..
كان ذلك في حزيران 1980، كانت دورتنا قد دعيت لخدمة الإحتياط القصيرة السنوية .. تجمعنا في باب النظام لمعسكر التاجي واتصل الحرس بوحدة الميدان الطبية التي نسبنا اليها .. جائتنا عجلة الواز.. صعقت حين رأيت ضابطا أعرفه وهو يجلس في المقعد خلف السائق..!! هممت بالعدول عن الإلتحاق والهروب!! لكن الضابط سبقني وهو يترجل ويقطع علي الطريق .. قام باحتضاني وأثناء تقبيله لي همس بإذني قائلا: ألم أعدك بأنك ستأتي إلينا يوما؟! ضحكت جزعا وعرفته بأسماء زملائي الخمسة بدأت ب الملازم الطبيب الإحتياط حبيب المالح!!
كان هذا الضابط من أهالي مدينة الميمونة التي كنت أعمل في مستشفاها وكان يشغل منصب ضابط استخبارات تلك الوحدة الطبية!! 
تعود أن يزورني في إجازاته وكنا نتناقش حول الأوضاع السياسية في العراق .. وكأي فرد من الميمونة كان يعرف ما أتعرض له من مضياقات الأمن أثناء حملات التصفيات والتسقيط السياسي الذي كانوا يمارسونه مع الوطنيين ممن يرفضون الإنتماء لحزب البعث..
تصورت أن دعوة الإحتياط سوف تبعدني ولو مؤقتا عن الدائرة التي أخذت تضيق من حولي..وه أنذا وجها لوجه أمام واحد من أبناء المدينة ويشغل ضابط استخبارات ويعرفني جيدا..!! أخبرت كاكا حبيب المالح بحراجة الموقف فعرض علي الذهاب معه الى عين كاوه مدينته ومنها الإلتحاق (بالجماعة)!! في الشمال.. كان واثقا بكلامه وقد كان يإمرني وهو يقترح ذلك الحل .. قالها وهو يحذرني من التردد في اتخاذ القرار قائلا : الان انت ضابط وإن اكتشفوك فسوف تعدم ميدانيا وبدون محاكمة ولا تحقيق!! 
دلف علينا الضابط .. قال وهو يغمز ضاحكا ومرحل كعادته : ها .. ماذا عندكم ؟ اجتماع؟! أضاف وهو يخاطبني مازحا : هل الدكتور من جماعتك سيدي؟ 
في اليوم التالي قال لي أنه ذاهب في إجازة الى أهله.. تبين لي أنه ليس إزيرجاويا كما تصورت بل من عشيرة أمي!! يعني خالي!! صارحته بالموقف الذي أنا فيه ففاجأني بالقول: حين قرأت إسمك ضمن قائمة المنسبين لوحدتنا قررت أن لا يستقبلكم أحدا غيري حرصا عليك .. قال لي سوف أحصل لك على إجازة أثناء غيابي فطلبت إجازة لكاكا حبيب.!! استوقفه الطلب لحظة ثم قال وهو يبتسم بخبث ، خذه معك ...
رفضت أن أرافق حبيب المالح .. ولم يعد إلينا.. عرفت فيما بعد أنه قد اعتقل في الشمال ولفقت له تهمة القيام بنشاط معاد في الجيش وقد أعدم...!!
هاهو حبيب المالح يبرز مجددا من بين ركام الذبح والدمار .. وها أنت وجها لوجه مع قاتليه...

يتبع 



#طالب_الجليلي (هاشتاغ)       Talib_Al_Jalely#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا نديمي
- ماذا اسميك
- رواتب البرلمانيين في العراق
- الجراد
- يوم القيامة
- بين سبيلك و ميركه سور 10
- مات اليسار
- بين سبيلك و ميركه سور 8 (اوراق على رصيف الذاكرة)
- بين سبيلك و ميركه سور 9 ( اوراق على رصيف الذاكره)
- اوراق على رصيف الذاكرة. بين سبيلك و ميركه سور 6
- بين سبيلك و ميركه سور 7
- بين سبيلك.. وميركه سور 4
- بين سبيلك .. و ميركه سور 5 ( اوراق على رصيف الذاكرة)
- بين سبيلك وميركه سور..3
- اوراق على رصيف الذاكرة .. بين سبيلك وميركه سور 2
- اوراق على رصيف الذاكرة ..بين سبيلك و ميركه سور 1
- الرفيق ابو عبد الله
- وطني
- قضية الرفيق ( اوريور )
- اوراق على رصيف الذاكرة ،،3


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب الجليلي - جم حمام 1..( اوراق على رصيف الذاكرة )