أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - علب الأيام














المزيد.....

علب الأيام


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4366 - 2014 / 2 / 15 - 12:35
المحور: الادب والفن
    


عُلب الأيام

اليوم أتم الثالثة والخمسين من عمره ، سحب نفساً طويلاً
من سيجارته , وأخذ رشفة عميقة من فنجان القهوة المرَّة التي أعتاد أن يشربها معظم أيام حياته , حياته التي هو الآن بصدد فتح عُلًبِها علبةً علبة ليتذكر ما خبأته الأيام الماضية فيها .. هذه أخر علبة ، وهاهو الآن يقطف فيها ثمار الوحدة والفراغ .
العلبة قبل الأخيرة .. عندما كان هناك صراع قليل مع الأمل للبدء في حياته من جديد .. بعد العودة من تلك العاصمة الأوروبية الغارقة في صمتها , وسكونها حد الموت ، قضى فيها من الأعوام الطويلة ما قضى دون الوصول إلا إلى الملل القاتل , والوحدة الفظيعة , التي كانت كل يوم تُفجِّر فكرة المغامرة بالعودة إلى أقرب نقطة إلى أرض الوطن , ومهما كلف الثمن !
العلبة ما قبل قبل الأخيرة .. ومرحلة السلام مع إسرائيل .. وها هي غزة الحبيبة القابعة على البحر تزدهر من جديد لتحتل الصدارة في أخبار العالم , ويتسابق الجميع في العودة إلى تلك الرقعة التي باتت مطمع الجميع , ومحط كل الأنظار، لكن (الختيار ) رحمة الله عليه .. لم يستطع أن يسمح لي بالعبور معهم , واللحاق بالركب , لنكمل ما بدأناه سوياً , كما كنا في المرحلة السابقة في تونس الخضراء .
ولنفتح العلبة السابقة .. تونس كانت بلداً جميلة .. أعطتنا كل شيء , ولكن الاستمرار بالمعيشة في تونس كان صعباً بعض الشيء , فجُّوها مختلف جداً عن الجو في لبنان تلك البلد التي ألفناها وأحببناها كما لم نحبّ بلداً قط .
ونفتح العلبة التي تسبق علبة تونس .. كم كان التفافنا في لبنان جميلاً , ومميزاً , وحميمياً , وكان مليئاً بالتضحيات , والبطولات ,وشتى أنواع النضال .. وكنا إلى جانب (الختيار) , وهو إلى جانبنا ,وما زالت عيني تدمع كلما تذكرت تلك اللحظة الأليمة , لحظة مغادرة فصائل المقاومة العاصمة بيروت إلى تونس , وتلك السفينة التي أقلتنا , وأقلت جراحنا , وغربتنا من جديد .
مضى عليَّ في بيروت زمن قبل أن أستقر فيها بعد رحلة العذاب في مشارق الأرض ومغاربها ، بيروت كانت تعني لي الكثير , وتذكرني بالعلبة هذه , التي تعني لي بداية الحياة بالنسبة إلى ذلك الشبل الفلسطيني .. الذي لم يبلغ الثالثة عشرة من عمره بعد .. حيث قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باعتقاله إثر تنفيذه لتلك العملية الفدائية , التي تسببت بإصابته هو بإصابات عديدة نجا منها فيما بعد , واستشهاد زميله في العملية أثناء تفجيرهما لذلك الفندق الإسرائيلي ( الإمبسادور) ...فتم أسره , واعتقاله لمدة أربعين يوماً .. كانت المدة المسموح فيها لاعتقال طفل ! عانى في الأسر والاعتقال والسجن شتى أنواع العذاب , ثم نفي خارج الوطن فلسطين , وأُبعد حسب قوانين العدو المحتل إلى دولة عربية مجاورة ... لأن القوانين الإسرائيلية حينها لم تكن بهذه الشراسة بعد , أو لم تكن لتجرؤ على أكثر من هذا ...
وترتب فيما بعد نفيُّ أسرته بالكامل إلى تلك الدولة المجاورة ، ليمنعوا , وبشكل نهائي , من حق العودة إلى تلك الديار , وإلى الموطن الأم ,, وبيت الطفولة والأسرة .
والآن ... وقد رحل (الختيار ) ... وتفرقنا جميعاً !!
وجدتُ نفسي أمام العلبة الأخيرة ... بقيتُ وحدي أتذكر سنوات النضال , والكفاح , والأسر , والتشرد , والغربة , والانتظار على أبوابك أيتها القدس الخالدة ,
ولن يثنيني شيء عن فكرة العودة , ولو بعد ألف , ألف عام ....
وٍسأعود .



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى أشعار آخر
- حينما تغفو الفراشات
- العشاء الأخير
- أوراق أيلولية .. الورقة الثامنة عشر .
- الجغرافيا الجديدة
- لمن يرد أن يستمع !
- فقط .. لمن يرد أن يستمع !
- سلسلة أوراق أيلولية .. الورقة السابعة عشرة .
- للشمس سلام
- سلسلة أوراق أيلولية .. الورقة السادسة عشرة .
- أوراق للنعي
- ليَّ كل الغيم
- أجبني عن .. أسئلتي المشروعة ...
- أوراق أيلولية .. الورقة الخامسة عشر .
- في غرفة الإنعاش
- رقصة المطر
- أوراق أيلولية .. الورقة الرابعة عشر
- أوراق أيلولية .. الورقة الثالثة عشر .
- أوراق أيلولية .. الورقة الحادية عشر .. والورقة الثانية عشر
- من امرأة


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - علب الأيام