أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - أوراق للنعي














المزيد.....

أوراق للنعي


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4307 - 2013 / 12 / 16 - 13:29
المحور: الادب والفن
    


أوراق تنعي أصحابها .
سأسافر عبر الزمن .. ليس لأن المسافة الزمنية بعيدة جداً .. لكن لأنها على الأقل ليست بين يديِّ الآن .
التقينا في زمن الحرب .. كانت الحرب ما يزال يشتعل أوارها .. وكان من الصعب علينا في تلك اللحظة أن نكتب لأنفسنا ولأصدقائنا ولأحبتنا ولمنتظرينا عهوداً نضمن لهم ولنا فيها الحياة ..
فنحن في زمن الحرب .. وزمن الموت .
أذكرهم جيداً .. أذكر وجوههم جيداً ..
كان وسيماً جداً .. غامضاً جداً .. أنكر اسمه في البداية وشرح إليَّ الأسباب .. في حينها لم أفهم ..
كان سريع الخطى .. يضحك بصوتٍ عالٍ كأنه يريد أن يفرض جلجلة ضحكاته على أذني الحياة ..
في يوم لمحتُ الدموع تنساب من عينيه .. وهو الذي ينكر الدموع .. ويستهجن الدموع .
قال لي .. فقدت ثلاثة من أصدقائي هذا اليوم .. ماتوا .. هكذا وبكل بساطة ماتوا .. لم يبقَ لي إلا أنتِ .. لا تتركيني .. لا تموتي .. اقهري المرض .. ابقي على قيد الحياة ..
لأجلي .. ابقي على قيد الحياة .
كان من الصعب أن نكتب لنا ولغيرنا عهوداً تضمن لنا ولهم الحياة في .. زمن الحرب .. وزمن الموت .
كان يقفز هنا وهناك طرباً وحياة .. يرمي الضحكات بلا أدنى حساب .. كان يقول لي كلاماً عذباً .. سألته مرة .. من أين تأتي بهذا الكلام العذب ونحن في زمن الحرب .. وزمن الموت ؟
قال لي أنتِ امرأة خُلقت للكلام العذب ..
ثم اختفى كلامه العذب .. واختفت كلماته الثائرة .. ومحاضراته التي كان دوماً يلقيها علينا عن الحضارة والمدنية والتقدم .. وأخذ بالانكسار شيئاً فشيئاً حتى أصبح كالوردة الذابلة لا يجذب إليه أحداً .. ولا ينجذب هو إلى أحد ..
لا ألومه .. فنحن لم نكن نكتب لنا ولغيرنا عهوداً تضمن لهم ولنا الحياة .. في زمن الحرب .. وزمن الموت .
كان محباً .. كان ودوداً جداً .. لكنه كان يرتدي الكثير من الوجوه على وجهه .. كنتُ أحياناً أعرفه وأميز وجهه الجديد .. وأحياناً لا .. حتى يخبرني هو بطريقة ما أنه هو .. كان ملاحقاً ومطارداً ولا يستطيع أن يظهر بوجهه الحقيقي دائماً .. كنت أتعب من هذا الإرباك وهذه الفوضى .. لكنني كنت أتقبله ..
لأننا لم نكن نستطيع أن نكتب لنا ولغيرنا عهوداً تضمن لنا ولهم الحياة .. في زمن الحرب .. وزمن الموت .
هل انتهت الحرب ؟
لا أعلم ..
ربما انتهت على السطح .. لكن في قلوبنا ما زلنا نفزع في كل ثانية .. ما زال صوت القهر يئن في دواخلنا .. ما زال الانكسار يحتلنا ..
ما زلت لا أرى ابتسامة أحد منهم .. لا أسمع رنين هاتف أحد منهم .. لا أتلقى رسالة من أحد منهم ..
لكن بين الفينة والأخرى تصلني ورقة يتيمة من أحدهم .. ورقة ينعي فيها نفسه .. ورقة تبكي فيها الحروف .. ورقة تحتضر فيها قصائد الحب وهي تعلن عن نفسها قاهرة بحضورها جميع أشباح الموت .. ورقة تذيلها عبارات الأمل المنكسرة .. عبارات الحياة المجروحة .. عبارات الحياة المذبوحة ..
فنحن ما كان من الممكن أبداً أن نتعهد للحروف أن تبقى حيّة .. منتعشة .. في زمن الحرب .. وزمن الموت ..
انتهت الحرب على السطح .. وبقيت على الرفوف أوراق تنعي أصحابها .



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليَّ كل الغيم
- أجبني عن .. أسئلتي المشروعة ...
- أوراق أيلولية .. الورقة الخامسة عشر .
- في غرفة الإنعاش
- رقصة المطر
- أوراق أيلولية .. الورقة الرابعة عشر
- أوراق أيلولية .. الورقة الثالثة عشر .
- أوراق أيلولية .. الورقة الحادية عشر .. والورقة الثانية عشر
- من امرأة
- ميساء البشيتي
- همسة في أذن أبي
- طفل في السبعين .
- أوراق أيلولية . الورقة التاسعة .. الورقة العاشرة .. الورقة ا ...
- ليس على هذه الأرض ما يستحق الحياة
- أوراق أيلولية .. الورقة السادسة والسابعة والثامنة .
- أوراق أيلولية .. الورقة الخامسة
- أوراق أيلولية .. الورقة الرابعة .
- أوراق أيلولية .. الورقة الثالثة .
- أوراق أيلولية .. الورقة الثانية .
- أوراق أيلولية .. الورقة الأولى .


المزيد.....




- -ليلة السكاكين- للكاتب والمخرج عروة المقداد: تغذية الأسطورة ...
- بابا كريستوفر والعم سام
- ميغان ماركل تعود إلى التمثيل بعدغياب 8 سنوات
- بمناسبة مرور 100 عام على ميلاده.. مهرجان الأقصر للسينما الأف ...
- دراسة علمية: زيارة المتاحف تقلل الكورتيزول وتحسن الصحة النفس ...
- على مدى 5 سنوات.. لماذا زيّن فنان طائرة نفاثة بـ35 مليون خرز ...
- راما دوجي.. الفنانة السورية الأميركية زوجة زهران ممداني
- الجزائر: تتويج الفيلم العراقي -أناشيد آدم- للمخرج عدي رشيد ف ...
- بريندان فريزر وريتشل قد يجتمعان مجددًا في فيلم -The Mummy 4- ...
- الكاتب الفرنسي إيمانويل كارير يحصد جائزة ميديسيس الأدبية


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - أوراق للنعي