أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - ليس على هذه الأرض ما يستحق الحياة














المزيد.....

ليس على هذه الأرض ما يستحق الحياة


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4231 - 2013 / 9 / 30 - 12:54
المحور: الادب والفن
    


ليس على هذه الأرض ما يستحق الحياة
مع الاعتذار لشاعر الحياة " محمود درويش " .. فليس على هذه الأرض الآن ما يستحق الحياة .
لقد فُجعنا بموتك .. هذا كان في حينه .. حين كان الموت أشرس ما نخافه في هذه الحياة ..
لقد مِتَّ ونلت شرف الموت في أبرك الأوقات .. حين كان للموت مسمى واحد هو الموت .. ووجه واحد هو وجه الموت .. أما اليوم فالموت لم يعد مخيفاً إلى هذا الحد .. بل ربما تسلل إلى فئة الأمنيات ..
فصار الموت عند البعض أمنية .. وربما يصبح في المستقبل القريب حلماً .. كحلم العودة .. ربما وأكثر ..
" لا تذكر الموتى فقد ماتوا فرادى أو عواصم " نعم يا محمود فالموت صار له أكثر من وجه فلم نعد نموت فرادى أو أفراداً بل أصبحنا نموت جماعات .. ربما ما يتبقى بعد الموت منا قد يملأ وعاء أدمي واحد .. هذا إن بقيَّ من الجماعة ما يملأ قبر فرد واحد ..
وأصبحنا نموت عواصم .. هل شاهدت العواصم وهي تموت .. ألم أقل لك أنك نلت شرف الموت في أبرك الأوقات .. حين كان يموت الفرد وهذا أمر الله .. لكن العواصم تبقى خالدة مخلدة إلى أبد الآبدين .. أما اليوم فالعواصم تموت .. وقد لا يبقى منها ما يملأ قبراً واحداً ..
اليوم الموت يمشي في الأسواق .. وعلى أسطح البنايات .. وفي صفوف الأطفال .. وعلى بوابات الحدائق .. ولا يستهجنه أحد .. أو يستنكر تجوله البريء في حدائق الطفولة أو ملاعب الصبا ..
الموت اليوم يحمل جواز سفر .. يتنقل فيه بحرية تامة .. دون أن توقفه دورية تفتيش واحدة .. بينما الأفراد اليوم لا يملكون أية هوية أو ورقة مدوناً عليهم الاسم .. أو تاريخ الميلاد .. فيعيشون مجهولي الهوية .. ويموتون أرقاماً قد يصعب عدّها وحصرها ..
حين كان الموت يهبط من أعالي السماء كانت تبكي الأرض وتقف على حافة القبر تنتحب وتدعو له بالرحمة والمغفرة .. أما اليوم فالموت لم يعد زائراً ثقيلاً .. بل مقيماً على موائد الجميع دون استثناء .. لا أحد يبكي الموت لأن الدموع شبهة يخشاها الجميع .. والنحيب قنابل موقوتة قد تنفجر في ما تبقى فينا من إنسانية .. آخذة في الموت على المدى القريب ..
حين كنا " نفتح علبة السردين تقصفها المدافع " .. كنا نرفع أيادينا إلى السماء .. وتلهج ألسنتنا بالدعاء .. الدعاء على من قصف علبة قوتنا ومعيشتنا .. أما اليوم فنحن لا نجرؤ على الدعاء لأن من يقصف رغيف الخبز قد يكون أنا أو أنت أو هو أحد أصابع هذه اليد التي كانت تمسك على الزناد وتوجه دويَّ صرختها إلى هناك حيث كان عدونا يربض على أرضنا الطاهرة ..
أما اليوم فعدونا كالموت يتجول داخل أرواحنا .. يقطف ما يشاء من أزهار عمرنا .. ولا تجرؤ دمعة واحدة أن تسيل على الخد لأن الدمعة غدت شبهة .. والموت غدا رفيقاً يسير في رياض الأطفال .. يمسك يد هذا الصغير أو ذاك ويقوده معصوب العينين إلى مقبرة ليس لها سقف أو جدران ..
والحنين بعثرته الأيام .. فلم يعد هناك من الرفاق من نتقاسم معه الحنين وكأس الشاي .. فخريطة الرفاق طويلة وعريضة لا مكان فيها لاسم يقول أنا من هنا أو من هناك .. فكلها مشاريع موت مؤجلة تسير بنفس الاتجاه ..
لذلك يا محمود نم قرير العين .. فليس على هذه الأرض الآن ما يستحق الحياة .



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوراق أيلولية .. الورقة السادسة والسابعة والثامنة .
- أوراق أيلولية .. الورقة الخامسة
- أوراق أيلولية .. الورقة الرابعة .
- أوراق أيلولية .. الورقة الثالثة .
- أوراق أيلولية .. الورقة الثانية .
- أوراق أيلولية .. الورقة الأولى .
- أيلوليات 1
- ماذا ينقصني ؟
- آخر حماقاتي
- دخلت في الخمسين
- الاختلاف ثم الخلاف
- أطلقت عليك نيراني
- بتوقيت الغربة
- سلسلة حافية القدمين والبحر جزء 10
- وتعطلت لغة الكلام
- رواية
- الصامت إلى حين !
- سلسلة حافية القدمين والبحر جزء 9
- أوراق تنعي أصحابها .
- مطري أنت


المزيد.....




- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...
- محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة ...
- الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز تتحدث عن حصولها عن الأموال ف ...
- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...
- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - ليس على هذه الأرض ما يستحق الحياة