أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - ماذا ينقصني ؟














المزيد.....

ماذا ينقصني ؟


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4213 - 2013 / 9 / 12 - 20:50
المحور: الادب والفن
    


ماذا ينقصني ؟
لا أدري إن لاحظ أحدكم وسط هذه الحالة من الفوضى والخراب أنني ينقصني شيء ..
قبل عقود من الزمان كنتُ أعرف أن " إسرائيل " هي عدوي وعدوكم وعدو كل هذا العالم .. كنتُ لا أرى إلا دبابات الجيش الإسرائيلي على باب منزلي .. وفي الشارع .. وعلى باب المدرسة .. وطبعاً حول المسجد الأقصى ..
كنت لا أعرفُ جيشاً غيره .. ولا أسمع دعاءً يخرج من الصدر بحرقة إلا عليه .. وكنت بدأت أعرف أن بلادي تم احتلالها من قبل الصهاينة الغزاة .. وشاءت الأقدار أن تدفع عائلتي بعض هذا الثمن من هذا الاحتلال البغيض فكان النفي مصير عائلتي ..
كنتُ في سن صغيرة وقتها ولا أعلم أي شيء عن العالم خارج فلسطين .. كل ما أعلمه أنه يوجد أهل فلسطين .. ويوجد اليهود ..
أهلي أو أهل فلسطيني أو شعبي .. الجميع يحبهم .. واليهود الجميع يكرهم .. هذا كان حين كنتُ في السابعة من عمري ..
لم تمضِ فترة بسيطة قد لا تتجاوز العدة شهور حتى علمت ورأيت بأم عيني أن أهل فلسطين .. أهلي وشعبي .. يوجد من يكرههم كاليهود تماماً .. وكذلك يوجد جيش غير الجيش الإسرائيلي .. وتوجد دبابات غير تلك التي تخص الصهاينة .. ويوجد خوف .. وحقد .. وقلق .. ودعاء على غير اليهود ..
مضت سنة .. سنتان .. ربما أكثر .. ربما أقل .. بدأت أرى وبأم عيني أن الكراهية لشعبي الفلسطيني أخذت تتسع دائرتها وتخف تجاه ذلك العدو الصهيوني المتمرس في قلب وطني فلسطين .. وأصبحت أرى جيوشاً غير تلك الإسرائيلية .. وكذلك دبابات ومدافع وطائرات حربية غير تلك التي كانت بحوزة عدونا الأوحد إسرائيل .. وربما كانت تفوقه أيضاً .. وكانت تتسع رقعة الدعاء .. لكن ليس على اليهود .. بل ربما كانت علينا .. لم أكن أدري .. وربما كنت أدري ولا أفهم بالضبط ماذا يعني ..
كنت أتابع التلفاز .. أشاهد نشرة الأخبار مضطرة .. فلم يكن في حينها فضائيات وهذا البذخ في القنوات .. وكنت أسمع كل يوم نشرة الأخبار ونفس الأخبار تتكرر كأنها لا تمرُّ عنها أشعة شمس أو هواء .. وتكرر النشرة أنَّ عدونا الأوحد إسرائيل ..
إذا لماذا أخاف أن أغادر الشقة طالما أن عدونا الأوحد إسرائيل .. وإسرائيل لم تكن هنا .. ولم أكن أفهم .. وربما كنت أفهم ولكن لا أجرؤ أن أبوح ..
كبرت .. في كل يوم كنت أكبر فيه كانت تطاردني اللعنة .. لعنة أني فلسطيني .. مع أن نشرة الأخبار تصرُّ على أنَّ عدونا الأوحد إسرائيل .. فلا عجب أن أكبر في وسط المتناقضات وأن أعرف شيئاً وأرى خلافه .. وأن أحس شيئاً وأخفيه في صدري .. وأن تصبح خطواتي معدودة وأنفاسي معدودة وأماني وأحلامي متقزمة .. ونشرة الأخبار هيَّ هيَّ لا تراها شمس ولا تمرُّ عنها نسمة هواء ..
كبرت .. كبرت جداً واللعنة تطاردني والجيوش غير الإسرائيلية بازدياد والحروب كثر وأنا لا أجرؤ أن أغادر جلدي حتى لا أجلد .. ونشرة الأخبار تقول أنَّ عدونا الأوحد إسرائيل وفلسطين ستتحرر بإذن الله ..
اليوم أنا في العقد الخمسين .. بلادي طارت من عش الوطن وهدت في حضن الصهاينة .. أرى جيوشاً لا حصر لها .. وعتاداً لا نهاية له .. وأرى الموت بألف لون ولون .. وأرى الفلسطيني لعنة تُطارد إلى يوم الدين .. ونشرة الأخبار كما هيَّ .. إسرائيل هيَّ عدونا الأوحد ..
أنا خُلقت في هذه الحياة قبل خمسين أيلول منصرم .. كنت أعرف ساعتها أن لي وطن واحد .. وعدو واحد .. أما اليوم فأنا لا وطن لي .. ولكن لي ألف ألف عدو .. ولائحة من الدعاء تطول حتى تصل أطراف أصابعي وأنا لا أفهم شيئاً .. صِدقاً أنا اليوم لا أفهم شيئاً .. لكن من باب الاحتياط لا أغادر شقتي .. فهل ينقصني شي؟



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آخر حماقاتي
- دخلت في الخمسين
- الاختلاف ثم الخلاف
- أطلقت عليك نيراني
- بتوقيت الغربة
- سلسلة حافية القدمين والبحر جزء 10
- وتعطلت لغة الكلام
- رواية
- الصامت إلى حين !
- سلسلة حافية القدمين والبحر جزء 9
- أوراق تنعي أصحابها .
- مطري أنت
- مطرٌّ أسود
- مجهول .. في عالم مجنون !
- صفحات غير مشوشة
- هنا القدس
- نيسان .. ارحل .
- إلى نيسان
- محطات
- همسات نورانية جزء 11


المزيد.....




- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - ماذا ينقصني ؟