أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - مجنون حتّى إشعار آخر.














المزيد.....

مجنون حتّى إشعار آخر.


خيري حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 4364 - 2014 / 2 / 13 - 15:14
المحور: الادب والفن
    


مجنون حتّى إشعار آخر
خيري حمدان

"اتركوه يا جماعة، هذا مجنون". صاح وليد محاولا أن يخفّف من حدّة التوتر الذي اجتاح شوارع القرية الصغيرة، بعد أن تعرّى عليّان وخرج كما ولدته أمّه مطالبًا بحقوقه كاملة، مفرغًا عبوة الكاز السائل على نفسه وكان من الممكن أن تشتعل به النيران ليحترق خلال دقائق، لو ألقى أحد المعجبين عود ثقاب مشتعل تجاهه، ولم يكن هناك من مخرج لتهدئته سوى الإمساك به، ومحاولة تقييده، وهذا ما قام به رجالات القرية بعد أن غطّوه بقميص وملاءة. عليّان أخذ يبكي بحرقة ويدعو لأهله بالدمار وتذوّق حرائق جهنّم. احتضنه وليد وسار معه إلى بيت المختار مع مجموعة من الرجال لإيجاد حلّ لهذه المشكلة غير المتوقّعة، في حِمى القرية النائية البعيدة عن الحضارة والقوانين المدنيّة.

- عليّان يا ابني، كيف تخرج عاريًا وسط القرية وأنت تعرف طبيعة عاداتنا وتقاليدنا؟ قال المختار وقد وجد الفرصة مناسبة للتذكير بنفسه، بعد غياب فرضه البيات الشتويّ في كامل أنحاء المنطقة، وأضاف: ما هذه الرائحة يا رجل، هل قررت الانتحار، وكيف؟ بحرق نفسك يا مجنون!
- يا مختار، عليّان عن جدّ مجنون، وهذا ليس عيبًا لكن مساعدته واجبه. هزّ الرجال رؤوسهم علامة الرضا على اقتراح وليد. أشار وليد على الحضور بتحميمه وإزالة أثر الكاز عن جسمه، بعد التوصّل إلى حلّ للمشكلة التي أودت بعقله.
- وليد، يبدو أنّك تعرف بعض أسرار عليّان، أخبرنا برأيك، كيف يمكن مساعدته، وأنا على أتمّ الاستعداد لبذل كلّ جهدي لتحقيق أحلامه. أجاب المختار، لكنّ رجلا آخر سرعان ما صاح مذكّرًا،
- لا تنسوا ما فعل قبل عامين، عليّان رمى بحجر كبير في بئر القرية، ولم نتمكن حتى اليوم من إخراجه.
- هل توجد ضرورة لإخراج حجر من بئر يا سعيد؟ قال المختار ضاحكًا وأضاف: دعكم من الكلام الفارغ وأخبروني بلبّ الموضوع. لكن، كيف يخبرونه بما يريد عليّان وهو نفسه يرفض التعبير عن نفسه، كيف يمكن فهم رجل مجنون بهذه السهولة. حلّ الصمتُ على المكان لوهلة قبل أن يشقّه عليّان.
- الحريق وحده قادر على تطهير الروح والجسد. كان عليكم أن تتركوني وشأني، أنا لست مجنونًا. صحيح بأنّني قد تعرّيت، لكنّي ولدت هكذا قبل مليون عام ويزيد، لماذا تصرّون على تغطية جسدي؟ على أيّة حال، أبي هو السبب.
- والدك! لكنّه مات قبل عشر سنوات يا عليّان، ما الذي فعله أبوك كي تجنّ هكذا؟
- يا مختار، كفّ عن تسميتي بالمجنون، أرجوك! اللعين تزوّج خطيبتي. لم يصدّق الحضور ما قاله عليّان، فوالده معروف بالحكمة والفطنة والعدل، وهو رجل وسيم لا يحتاج لسرقة خطيبات الآخرين وبخاصّة خطيبة ابنه.
- عبير لم تكن يومًا ما خطيبتك يا عليّان، كفاك كذبًا يا رجل، كان علينا أن نتركك لتحرق نفسك وتنفق كالكلاب يا ظالم. صاح وليد غاضبًا.
- بل خطبتها في منامي ووافق أبي على ذلك، فكيف سمح باختطافها منّي بعد ذلك يا عالم؟ هذه خيانة عظمى، لن أغفر له ذلك ما حييت. ضرب المختار كفًا بكفّ وهمهم "لا حول ولا قوّة إلا بالله، عليّ الطلاق إنّك يا عليّان مجنون رسمي". لم يكن بالإمكان فعل أكثر من ذلك، طلب المختار من وليد أن يتبعه إلى الغرفة المجاورة وسأله بقلق،
- ما رأيك يا وليد، قد يقتل نفسه هذا العليّان، أرى بأنّ نرسله لمستشفى الأمراض العقلية علّه يستردّ وعيه. هزّ وليد رأسًا وقال،
- آه يا مختار، ومن الحبّ ما قتل. أتعرف بأنّ عبير كانت مغرمة بأبي عليّان، الرجل القويّ كجبل، ولم ترَ من حوله غيره من الرجال، والآن تبيّن بأنّ السيد عليّان ما زال متيّمًا بغرام أرملة والده. صاحبنا قد يحرق المستشفى بمن فيه إذا دخله عنوة، عليّان بحاجة لقصّة حبّ أخرى كي يشفى من دائه يا مختار. دعني أتدبّر أمره، لا يداوى العاشق سوى بقصّة حبّ أخرى. سيبقى عليّان مجنونًا حتّى إشعار آخر يا مختار.



#خيري_حمدان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزمن المفقود
- أنا أبله - هي تملك ثديين كبيرين
- أزمة الإنتماء لدى المثقف العربي
- ذاكرة متلبّسة بالدهشة
- الكيلومتر الثلاثون
- سارقو الحيوات
- لا مبرّر
- قطارٌ آبق
- المطارُ المغدور
- ساقا المتوفّى طويلة – أتسمحين بنشرهما؟
- حوارٌ بنّاءٌ موثّقٌ بأعيرةٍ ناريّة
- ذاكرة معطوبة
- الخطاب ما قبل الأخير
- البصطار
- يوم قُتلت كارولينا
- الشاعرة البلغارية المعاصرة سيلفيا تشوليفا
- بوحٌ في أعلى السلّم
- الشاعر البلغاري داتشو غوسبودينوف
- غرغرينا
- خيري حمدان ونصيرة تختوخ ونصّ مشترك - هواجس خريفية


المزيد.....




- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس
- منع إيما واتسون نجمة سلسلة أفلام -هاري بوتر- من القيادة لـ6 ...
- بعد اعتزالها الغناء وارتدائها الحجاب…مدحت العدل يثير جدلا بت ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - مجنون حتّى إشعار آخر.