أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - البصطار














المزيد.....

البصطار


خيري حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 4263 - 2013 / 11 / 2 - 22:13
المحور: الادب والفن
    


البصطار

خيري حمدان
ما الذي أصاب جعفر العلوان في الآونة الأخيرة، يبدو غير قادر على النوم من كثرة الكوابيس التي تحاصره وتلاحقه كأنّه مجرم وآكل لحوم البشر. عيناه منتفخة من قلّة النوم وبدت بجلاء بقعٌ بنّية حولهما كأنّه سكّير عتيد لا يرحم مصافيه البيولوجية.
- ما الذي أصابك يا جعفر، هل أنت بخير؟
- شكرًا للسؤال، أنا بخير. لكنّ الكوابيس تؤرّق منامي في الآونة الأخيرة.
- أخبرني لعلّي أقدر على مساعدتك يا صاحبي.
- كيف يمكنك مساعدتي يا مسعود؟ باختصار، هناك بصطار ثقيل يبدأ بملاحقتي في اللحظة التي أغلق فيها عينيّ وأهرب، أعني بأنّني أبدأ رحلة هرب طويلة والبصطار يرتفع ويقترب من مؤخّرتي، يبذل كلّ ما في وسعه لركلي. يا لها من معاناة، ويختفي فقط حين أفتح عينيّ ليعود ثانية حين يغلبني النوم. كيف يمكنك أن تساعد صديقك جعفر؟

- هذه بسيطة وسهلة، دعه يركلك وتنتهي المحنة يا جعفر. قال مسعود ضاحكًا في محاولة لتخفيف وقع الفاجعة التي يمرّ بها صديقه.
- نعم، حاولت ذلك، تركت البصطار يقترب منّي كي أنهي المطاردة، وحين نظرت في اللحظة الأخيرة إلى الخلف شاهدت الكثير من المسامير المعدنية مزروعة في مقدّمة البصطار، يا له من منظر مرعب. في المرّة التالية حين اقترب البصطار من مؤخّرتي "أضاف جعفر" شاهدت سكّينًا حادّة على وشك الانغراس في ظهري وكان الحذاء الثقيل قد ارتفع. لم تتوقف عمليات المطاردة أبدًا. مؤخرًا شاهدت بصاطير صغيرة ترافق البصطار الأب المتوحّش، وكان قد استقرّ في مقدّمة عربة "جيب" عسكرية مجهّزة برشاش آلي. البصطار أصبح قائد فرقة عسكرية من البصاطير الطيّعة ذات الولاء المطلق، جميعهم يطاردوني. أريد أن أنام يا مسعود، أريد أن أنام. طفق الدمع من عينيّ جعفر وبان الألم في تضاريس وجهه المتعب، كان الأرق والإجهاد قد استحوذا على حضوره ووعيه وألقه المعهود. ضرب مسعود كفًا بكفّ ومضى غير مصدّق حكاية صاحبه، أوصاه بطلب المساعدة من طبيب نفساني متخصّص كي يتخلّص من هذا المأزق الوجوديّ.

جلس جعفر العلوان أمام فاروق العبسي الطبيب المتخصّص في علم النفس ومضاعفات انفصام الشخصية. اجتذبته الحالة المعقّدة وقرّر بذل المستحيل لمساعدة جعفر، ومن أجل ذلك وافق على إجراء جلسة عاجلة للتنويم المعناطيسي كي يدخل عالمه الداخلي، ومحاولة طرد الكابوس العنيد. الدكتور فاروق خبير في مجال التنويم ولم يجد صعوبة في تحقيق ذلك.

- أخبرني الآن يا جعفر، ما الذي تشاهده في منامك؟
- دعني أنام لبعض الوقت يا دكتور، لم أعرف النوم منذ وقت طويل.
- لا عليك، سرعان ما ستعود لحالتك الطبيعية وستتمكن من النوم قدر ما تشاء.
- حسنًا يا دكتور، أسمع صوت الطبول تقترب، البصاطير تطرق الأرض في كلّ الاتجاهات من حولي. تبحث عن جسدي، أنا كمثرة اصطناعية في ساحة تدريب للملاكمة، والبصطار الرئيس يلهث راكضًا خلفي يريد ركلي، صدّقني يا دكتور، ركلة واحدة من هذا البصطار تكفي لقتلي.

قام الدكتور فاروق العبسي بتنويم ذاته وولج ساحات الصراع الداخلية لعالم جعفر. البصطار المعنيّ كان ضخمًا للغاية، يخطو بثقة إلى الأمام يركل كلّ ما في طريقه، تفاجأ حين شاهد جعفر يعترض طريق البصطار، صاح به "ابتعد يا رجل، البصطار يركل كلّ شيء، يعرّي الطريق من الشجر والحجر دون تمييز ليمرّ صاحبه بأمان بعد ذلك. أنت الذي يعترض طريق البصطار، ابتعد، اختفي من طريقه وستجد طريق الأمان. توقّف جعفر عن الركض وسمع نصيحة الطبيب، سلك طريقًا أخرى بعيدًا عن مسار البصطار، وهكذا وجد السكينة وفتح عينيه مدركًا بأنّ الكابوس قد انتهى.

- لا أدري كيف أشكرك يا دكتور، لقد أنقذتني من جنون محقّق، بل أنقذت حياتي أيضًا. أصبح بإمكاني النوم طوال الليل دون كوابيس أو خوف من الركل والقتل. شعر الدكتور بالفخر بعد أن تغلّب على هذه الحالة العصيبة، وقرّر توثيقها في الموقع الإلكتروني الوطني للأطباء وخبراء علم النفس. تناول طعام العشاء مع زوجته وأولاده، غسل وجهه ونظّف أسنانه وانطلق راضيًا عن نفسه ليخلد للنوم. قبّل زوجته مبتسمًا وأغلق عينيه، وما أن حلّق في فضاءات الحلم حتى سمع صوت البصاطير تقترب بجلبة نحوه. حاول أن يغيّر مساره بعيدًا عن خطوها الثقيل كما أوصى جعفر قبل ساعات، لكنّ البصطار القائد شتمه وتوعّده صارخًا "من طلب منك أن توقظ الآخرين من وهم الخوف يا دنيء؟".



#خيري_حمدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم قُتلت كارولينا
- الشاعرة البلغارية المعاصرة سيلفيا تشوليفا
- بوحٌ في أعلى السلّم
- الشاعر البلغاري داتشو غوسبودينوف
- غرغرينا
- خيري حمدان ونصيرة تختوخ ونصّ مشترك - هواجس خريفية
- ألا ترى بأنّ صلاحيتهنّ قد استنفذت - مانويل فيلاس
- تانغو في عمان
- على شفا رحيل
- إشادة وتعريف بالحوار المتمدن في أخبار الأدب البلغارية
- فلاديسلاف خريستوف شاعر يكتب بتؤدة وجموح
- قصائد مترجمة للشاعر البلغاري الكبير ستيفان تسانيف
- تآمرت النساء
- نحو ابتسامة - نصيرة تختوخ، سلالم الغيوم - خيري حمدان
- لماذا يا سامي؟
- قُبْلة عندَ سلّم الطائرة
- قصائد مترجمة للشاعرة البلغارية بتيا دوباروفا
- معاناة الطبقة العاملة مستمرة
- قصائد مترجمة للشاعر البلغاري بويكو لامبوفسكي
- المغفرة في وقت لاحق


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - البصطار