أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس محمود - ثمة شيء اخر ينبغي ان يُرحَّلْ معك ياشارون!














المزيد.....

ثمة شيء اخر ينبغي ان يُرحَّلْ معك ياشارون!


فارس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 4356 - 2014 / 2 / 5 - 12:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



حين سمعت بخبر رحيل شارون قبل اسابيع معدودة، راودت ذهني فوراً تلك الحكاية "القديمة". لقد دخل شارون في غيبوبة طويلة امتدت مايقارب ثمان اعوام الى ان توفى. ففي الاسابيع الاولى من غيبوبته، ولمعرفة امكانية استجابة دماغة وحواسه، لم يبقى للاطباء سوى طريقة واحدة خطرت على بال احد الاطباء. الفكرة بسيطة. فبعد السؤال عن عائلته وافرادها، تبين ان له حفيد، قرر الاطباء ان تاتي العائلة بصوت لهذا الحفيد على شريط تسجيل صوتي يخاطب جده ببضعة كلمات. بعد تشغيل الشريط، لاحظ الاطباء فوراً استجابة دماغ شارون وحواسه لاول كلمة نطق بها حفيده. لقد كانت المرة الوحيدة التي استجابت له حواس شارون طيلة 8 اعوام حتى وفاته.

اية مكانة ومنزلة عظيمة للطفولة في حياة الانسان؟! اي سحر هو هذا الكائن الصغير والوديع؟! ولكن ثمة اسئلة كثيرة تطرح نفسها هنا: الم يدرك شارون ان دماءه مخضبة بمئات الاحفاد من مثل حفيده في مجازره في صبرا وشاتيلا وطيلة تاريخه الاجرامي لمايقارب نصف قرن؟! الا يعرف ان لهؤلاء الذين يقتلهم بدم بارد هم ايضا ابناء وامهات واجداد مثله؟ الا يعلم انه باجرامه هذا يسلب ارواح اغلى شيء في حياة الانسان؟ الا يدرك ان حفيده هو ليس الحفيد الوحيد في عالمنا هذا؟! الا يعرف انه طالما ان له حفيد، فللاخرين كذلك، وطالما انه عزيز، فاحفاد الاخرين عزيزين لدى اجدادهم كذلك؟ كيف يفسر المرء هذه الازدواجية؟! والسؤال الاهم هو مالذي يجعله لايدرك كل هذا، كل هذه الحقيقة البسيطة؟! ماهي الغشاوة التي تعميه عن رؤية هذه البديهية؟

شارون وامثاله من مجرمين، احياء ام اموات، (وما اكثرهم في عالمنا هذا) هم في المطاف الاخير بشر، مثلي ومثلكم. قد يسخط احد على هذا الراي، اتفهم سخطه، بيد انه واقع الحال. انه انسان مثلنا على ارض المعمورة. ولكن مالذي يدفع جماعات مثل القاعدة وداعش وصدام وهتلر وسوهارتوا وسائر الديكتاتوريات الى ارتكاب جرائم بشعة بحق اناس، لهم في المطاف الاخير احبة واولاد وبنات وازواج و..الخ؟! مالذي يزودهم بهذه "الاعصاب الباردة" بحيث حولوا ثقافة الذبح وجز الرقاب امام عدسات الكاميرات والهواتف الجوالة الى اكثر الاشياء يومية وروتينية في حياة الانسان في سوريا والعراق وافغانستان وفلسطين و... الخ؟! من اين توا بـ"قوة القلب" هذه؟!

ان من يخرجهم عن انسانيتهم هذه ويعطيهم "قوة القلب" هذه هي الدين والقومية والطائفية والعشائرية وغيرها من ايديولوجيات وعقائد وحركات مقيتة وبغيضة. ان من يخرجهم من انسانيتهم هو "الصهيونية"، "النازية"، "النبي العربي"، "امة عربية واحدة ... ذات رسالة خالدة"، "اذا رايت عملاً منكراً فغيره بيدك و...."، "شعب الله المختار"، "ارض الله الموعودة"، افكار "خير امة اخرجت للناس...." وغيرها.

ان مايلوث عقل البشر ويمحي انسانيته هو افكار وايديولوجيات طبقة حاكمة. انها من تخرج الانسان من مملكة "الانسانية" الى مملكة اخرى لاربط لها حتى باي انسانية لا من قريب او بعيد! انها من تبعث الخبل في الانسان وتجعله يتناسى ابسط البديهيات، بديهية ان الانسان عزيز، انه اجمل واعظم راسمال، انه كائن من مشاعر واحاسيس واجواء وعلاقات اجتماعية وذكريات وتاريخ.

لو تسنى للبشرية فرصة محاكمة من امثال هؤلاء، فيجب عدم وضعهم في قفص الاتهام وحدهم وادانتهم فحسب، بل ينبغي ان يوضع في هذا القفص وادانة كل هذه المنظومة الايديولوجية المتقيحة ايضاً، منظومة وقف وتقف خلف جرائم عالمنا المعاصر، من دين وقومية وطائفية! لايمكن ارساء عالم يفتقد الى شارون والشارونيين دون "محاكمة" هذه الايديولوجيات التي تفرخ يوميا البن لادنيين والبوشيين والخمينيين و....غيرهم. ليس ثمة حديث عن انسانية وارساء مجتمع انساني وهذه الافكار والعقائد هي من تسود عالمنا المعاصر، هي بوصلة تسيير حركة المجتمعات. لايمكن هذا دون الخلاص من الطبقة التي تعد مثل هذه النفايات تبدياتها العقائدية والفكرية، الطبقة البرجوازية.

لقد رحل شارون، بيد ان ماينبغي ان ترحلّهُ معه البشرية الداعية للتمدن والحرية والمساواة وعالم اكثر انسانية هو هذه الطبقة وافكارها وعقائدها. انها افكار وعقائد لاتليق بانسان القرن الحادي والعشرين. ان هذه الطبقة وافكارها من تجعل حواس شارون يدب فيها الحركة لصوت حفيده، وهي من لاتجعله يرف جفن لصراخ واهات ونحيب الالاف من الابرياء في صبرا وشاتيلا ومملكة الدم، فلسطين.




#فارس_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يغدوا مبرر الشرطة اقبح وابشع من فعل الجناة!
- ايام الحرب هي ايام الكذب ايضاً!
- بدونك، الحياة كانت ستكون اشد كلحة!
- وزير الاعدامات وسمومه الطائفية!
- في ذكرى ثورة اكتوبر
- تقدم الثورة في مصر مرهون بتصفية الحساب مع اوهامها بالدرجة ال ...
- على شيوعيّي الطبقة العاملة ان يطرحوا خارطة طريق الثورة!
- على شيوعي الطبقة العاملة ان يطرحوا خارطة طريق الثورة!
- حول ثورة مصر
- كلمة بمناسبة رحيل سيئة الصيت تاتشر!
- حول نظرية الشيوعية العمالية فيما يخص التنظيم
- في جواب على سؤال حول اوضاع سوريا الاخيرة!
- ان الصف الموحد هو، مرة اخرى، الرد الوحيد على التطاول على الع ...
- مجتمع مصر وثوريوه نبراس انطلاقة جديدة لدحر الاسلام السياسي!
- فارس محمود - عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي العراق ...
- أ للانحطاط حدود؟!!
- نقد لبيان صادر من قبل الاشتراكيين الثوريين
- انها اسلمة للمجتمع بالقوة، لن تجلب ثمارها!
- تنامي الثورة في مصر من جديد.... مسار بدء وبحاجة ماسة لافقه ا ...
- ان -مركز الشيوعية البروليتارية- هو ضرورة سياسية ملحة!


المزيد.....




- الدوما يصوت لميشوستين رئيسا للوزراء
- تضاعف معدل سرقة الأسلحة من السيارات ثلاث مرات في الولايات ال ...
- حديقة حيوانات صينية تُواجه انتقادات واسعة بعد عرض كلاب مصبوغ ...
- شرق سوريا.. -أيادٍ إيرانية- تحرك -عباءة العشائر- على ضفتي ال ...
- تكالة في بلا قيود: اعتراف عقيلة بحكومة حمّاد مناكفة سياسية
- الجزائر وفرنسا: سيوف الأمير عبد القادر تعيد جدل الذاكرة من ...
- هل يمكن تخيل السكين السويسرية من دون شفرة؟
- هل تتأثر إسرائيل بسبب وقف نقل صواريخ أمريكية؟
- ألمانيا - الشرطة تغلق طريقا رئيسياً مرتين لمرور عائلة إوز
- إثر الخلاف بينه وبين وزير المالية.. وزير الدفاع الإسرائيلي ي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس محمود - ثمة شيء اخر ينبغي ان يُرحَّلْ معك ياشارون!