أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيرينى سمير حكيم - فيلم *هاتولى راجل* يبحث عن توازنات فقدها المجتمع















المزيد.....

فيلم *هاتولى راجل* يبحث عن توازنات فقدها المجتمع


إيرينى سمير حكيم
كاتبة وفنانة ومخرجة

(Ereiny Samir Hakim)


الحوار المتمدن-العدد: 4347 - 2014 / 1 / 27 - 08:20
المحور: الادب والفن
    


بعيدا عن الأفكار التقليدية والقضايا الاجتماعية الاعتيادية المُعَالَجة فى الأعمال الدرامية، جاءت فكرة فيلم "هاتولى راجل" بمعالجة جديدة لقضية من أهم القضايا الآنية، وهى وضع الأنثى فى المجتمع ونظرتها لنفسها ونظرة الرجل لها، مع عرض ثلاث قصص أساسية تطرح ثلاث قضايا تتمحور حولها حالات عابرة وذلك بنمط منعكس، لتستكمل الصورة الشاملة التى نحياها بقدر كبير عن وضع الأنثى وحياتها الجديدة التى فرضها عليها تطور المجتمع إلى الأسوأ، فعرض الفيلم فكرة "ماذا لو"، إنما بمصداقية وإقناع مقدم فى تداخلات كوميدية تحث على التفكير، محرضة على التغيير الفردى والجماعى.

البُعد الابداعى فى العمل

تكامل هذا العمل لما قدمه الفنانين القائمين عليه من إبداع، فبالنسبة إلى التمثيل قد تميزت الفنانة ميريت أسامه بأدائها الذى أوضح تمكنها من القيام ببطولة مطلقة، وأظهر ما بداخلها من بذرة موهبة القيام بأدوار اكشن، وأدوار أوسع مما تقدمها السينما المصرية حاليا، وإن أُتيحَت لها فرصة التى توفر لها إمكانيات اكبر مما تتوفر فى السينما المحلية، ستستخدم موهبتها لتقدم ادوار وتعبيرات تمثيلية متنوعة مختلفة عما تتطلبه الأدوار المحدودة المتوفرة لدى القضايا والموضوعات الاجتماعية التى تتناولها الدراما المصرية، كما أن هذا العمل اظهر تطور موهبتها حيث مشاركتها الثانية فى أدوار البطولة، وذلك بعد دورها البطولى الأول فى مسلسل الرجل العناب والذى قد تميزت فيه بالفعل.

أما عن الفنانة يسرا اللوزى فبالرغم من قدرتها على تجسيد دور الرجل زير النساء بأبعاده النفسية، إلا انه للأسف كانت ملامحها اقل تعبيرا عما تتطلبه الدور من انعكاس لروح الشخص المستغل والمخادع، وكانت أكثر رقة فى تعبيراتها ونبراتها، وكأن الدور يتطلب الرومانسية، لذا كان فى الغالب أدائها أشبه إلى دور الضحية أكثر من دور الجانى.

وبالرغم من أن الفنانة ايمى سمير غانم قد أخذت دور جرئ ومعقد، إنما قدمته ببساطة برغم أن الدور مركب بما كان يحيويه من جوهر سهل ممتنع لجرأته، فقد قدمته بأسلوب كوميدى مبسط بعيد تماما عن أوجه الإسفاف، أو اى أداء يعمل على نفور المشاهد من ابتذال أو مبالغة فى الأداء والتعبير، فكان الممكن أن تقدمه شخصية أخرى فتسبب نفور للمشاهد من الشخصية المقدمة والقضية التى تعكسها، إنما كان هذا عكس ما حدث مع ايمى فقد تقبل الجمهور الدور على محمله الكوميدى وتقبل رسالته الاجتماعية كما كان الهدف من هذه الشخصية.

وقد عكس الفنان احمد الفيشاوى دور البنت الخجولة المٌستَغَلة فى المجتمع بأسلوبه المضحك، وحافظ على دقته فى انعكاس تطور الشخصية ونقلاتها النفسية، وكان لأسلوب الفنان كريم فهمى الهادئ فى التمثيل العامل الأكبر فى نجاحه لتجسيد دور الزوجة السلبية، الخاملة ثوريا على ما يمر بها من قهر وضغوط نفسية، راضية بالقليل وتلجأ للحلول الضعيفة التى تسعى بها لإصلاح ظروفها، وقد اتضح من أداء الفنان شريف رمزى التقدم فى أدائه الكوميدى عن أدواره فى الأعمال الكوميدية السابقة.

ذلك بالإضافة إلى الظهور المميز لنجوم الفنانين الذين ظهروا كضيوف شرف، من الفنانة شيرين والفنان سمير غانم والفنانة رجاء الجداوى والفنان عزت أبو عوف والفنانة نيكول سابا والفنانة دينا، وقد كان لحضورهم إضفاء ثقل من التأثير فى انجذاب المشاهد فى دائرة الكوميديا المقدمة فى العمل، ومن الجدير بالذكر التصفيق الحاد فى السينما التى كانت مكتملة العدد عند حضورى للفيلم، حيث ظهور الفنان سمير غانم ومناداة الفنانة شيرين له بـ "مسعودى"، مما يشير إلى مدى تعلق أجيالنا لما تربت عليه من فن ومدى تأثيره فينا، وتقدير الجمهور لفنانيه الكبار.

أما عن التأليف والإخراج فقد استطاع المخرج محمد شاكر خضير أن يعطى الروح الخيالية، والحالة المفترضة التى تناولها الفيلم من تبادل بين دور كل من المرأة والرجل فى الحياة، ولم يصنع فجوة بين انطباع المشاهد بين كل قصة وأخرى فكانت بالنسبة للمتفرج كأنها تتماشى فى سياق واحد أبدع المخرج فى نسجه مكونا إياه من الموسيقى والديكور ووإبداع الممثلين فى مشاهد نسقت بحرفية جيدة، والتى كتبها المؤلف وبطل الفيلم كريم فهمى، بحبكة راعت توفيق ثلاث قصص لثلاث شخصيات لا يجمع بينهم سوى الطبيب النفسي الذى يستمع إلى لمشكلاتهم، دون أن يحدث تشتت للمشاهد، مبتكرا فى تقديم إحدى مشاكل المجتمع بصورة جديدة ومعالجة مختلفة، كما جاءت الموسيقى التصويرية للموسيقي مصطفى الحلواني ملائمة لحالة الفيلم، والتى تتشابه مع إيحاء أجواء الفانتازيا.

كوميديا سوداء

اعتبر هذا الفيلم من أعمال الكوميديا السوداء وربما يعترض البعض على هذا التصنيف، إنما هو حقيقة تشعر بها النساء اللواتى وقعن ضحية تلك المشاكل التى عرضت فى الفيلم بشكل كوميدى عالى الحس الفكاهى، إنما هو فى الواقع مأساة على الأنثى التى مرت بإحدى تلك الأزمات والعوائق الاجتماعية التى واجهتها فى حياتها، فربما من المشاهدات من تختلط دموعها بقهقهة ضحكها على تلك المشاهد التى تعرض كوارث حياتية تعرضت لها شخصيا، أو كانت ضيقات عابرة عليها أو تمر بها إناث مجتمعها بشكل عام، فقد برع كل من المخرج والمؤلف فى عرض قضايا الأنثى فى حالة تحمل واقع مرير إنما من خلف عازلٍ من الضحك.

وقد ساعد هذا القناع المضحك الذى استغله كاتب الفيلم فى الفرار من حساسية زوايا المشاكل المعقدة اجتماعيا، والتى أصبح يصعب على المشاهد الآن تحملها وتقبلها فى سياق درامى، فقد كانت مخففة لوطأة الضربة التى تعمل على استفاقة المُتقَبِل من غفلته، سواء كان ضحية أو جانى فى الواقع، لاستخراج مشاعر دفينة وأفكار مكبوتة لمواجهتها ومن ثََم تصحيحها، فقد كان لتبديل الأماكن النفسية والتصرفات المنطلقة من الطبيعة الجنسية، كشف لأعماق لا تبدو فى مرآة الحياة اليومية من مواقف عادية أو كلمة أو مناقشة، فكان هذا القالب الكوميدى لفيلم سينمائى تأثيرا اكبر مما لم يتمكن منه ندوة أو غيره من الأعمال الفنية أن تفعله فى محاولات سابقة بمثل هذا التأثير.

نجاح القضية

وبالفعل قد نجح الفيلم جماهيريا، وكان له تأثير اجتماعى سيتمسك به كل من حاول نضالا فى تحقيق ابسط الأهداف فى قضية إنصاف المرأة، بل والعمل على تحقيق توازن فى المجتمع بشكل عام، وهذا ما يستخلصه النتفرج من الفيلم، فانه أهم وأول الأهداف الذى سعى للإشارة إليها، فإن كان المتفرج امرأة أو رجل، فانه بين الضحكة والأخرى وبين مشهد والآخر، يعود إلى ذهنه الصورة السوية التى يجب أن يكون عليها كل من الرجل والمرأة فى حب واحترام ووظيفة اجتماعية وعملية، ويلح على مشاعره مدى أهمية توازن المجتمع وضرورة توفر الاحترام والتعامل الطبيعى الذى يجب أن يكون متبادل بين عنصرى البشرية، وسيعمل تأثير هذا العمل كنموذج للتوضيح والعلاج المجتمعى على المدى البعيد، لأنه بالفعل نجح فى الوقت الحالى وسيعمل مستقبلا أيضا بالإضافة إلى النضج الفنى المستمر مع الوعى الاجتماعى، ولو افترضنا بشكل فانتازى أيضا أن قضية قهر المرأة وتهميشها وقلة حيلتها فى المجتمع قدمت لمحكمة افتراضية، وإن كان الدفاع عنها هو هذا الفيلم فحتما المرأة ستفوز بالقضية.

توازن بعيدة عن المبالغة

قد ابتعد الفيلم عن المبالغة فى مناصفة المرأة، فلن يخرج اى متفرج سوّي من مشاهدة الفيلم باحثا عن تحقيق تسلط للمرأة على الرجل ولا العكس، بل يبحث عن توازنات حقيقية لتُفعَّل فى المجتمع، وهذا ما قد نجح فى تحقيقه الفيلم عن جداره، والذى خُتم فى تتر النهاية بأغنية "مين بيكمل مين" والتى صرحت بهذا الهدف "عايزين أوى نفضل بنى ادمين"، وقد لخصت تلك الأغنية ما نحتاج إليه فى المجتمع، من توازن وتعادل يجعلنا نفعِّل إنسانيتنا، لنستفيد منها فى تحقيق السلام والرخاء النفسي والاجتماعى، وقد كان الفيلم متوازن بالفعل بدوره فى تقديم القضية ومعالجتها دون مبالغة محققا توازن فنى وواقعى.

لذا فإن كنا نبحث عن تغيير المجتمع فعلينا أن نواجه قضاياه بصراحة وذكاء، وهذا ما فعله فيلم هاتولى راجل فقد كانت الفكرة التى كتبها المؤلف جيدة بما يكفى أن تصارح وتناقش وتعالج، ونرجو أن تستمر نوعيات تلك الأعمال الفنية التى تواجه المجتمع بأخطائه لتصححها، وتقوِّم من مساره الفنى والاجتماعى.



#إيرينى_سمير_حكيم (هاشتاغ)       Ereiny_Samir_Hakim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيلم *لامؤاخذة* صادم للعنصرية كاشفا معايير المجتمع العمياء، ...
- الفنان *مُحِب عماد* موهبة شابة تناقش ألوان الشخصيات على المس ...
- مِن خدام بيت الله مَن يسرقون الله
- ملحدون مؤمنون
- لن ادخل جنتك
- -ربنا يستر عرضِك- دعوة إلى الله أم إهانة إلىّ
- الإنسانيون الجُدد فى مجتمعنا بين الغزو النفسى والاحتيال الفك ...
- لو كان التاريخ إنسانا
- عرض -عن العشاق- حلم عاشه الجمهور
- من كان منكم بلا ضعف فليرمهم أولا بحجر
- صلاة منتحر
- ورشة -تنمية مهارات الأطفال- فى جمعية المحافظة على التراث الم ...
- حصول فرقة التنورة على شهادة التقدير لمشاركتها فى المهرجان ال ...
- رحلة بالية -زوربا- من الشارع إلى دار الأوبرا يحكى مسيرة تمرد ...
- فريق Like Jelly يُمتع الجمهور بحكىّ وغناء وفكرة
- مسلسل -القاصرات- دراما صارخة بنحر طفولة الأنوثة فى مجتمعنا
- ترشيح مسابقة Coptic Got Talent لإقامة نهائيات موسمها الثالث ...
- الفانتازيا المُضحكة للرجل العناب تسخر من واقعنا المأساوى بكو ...
- سادية برامج الكاميرا الخفية فى رمضان هذا العام هى جرائم بإسم ...
- قطة ورجل يتبولان فى الشارع وشتان الفرق بين الحضارة والهمجية


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيرينى سمير حكيم - فيلم *هاتولى راجل* يبحث عن توازنات فقدها المجتمع