أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إيرينى سمير حكيم - -ربنا يستر عرضِك- دعوة إلى الله أم إهانة إلىّ














المزيد.....

-ربنا يستر عرضِك- دعوة إلى الله أم إهانة إلىّ


إيرينى سمير حكيم
كاتبة وفنانة ومخرجة

(Ereiny Samir Hakim)


الحوار المتمدن-العدد: 4288 - 2013 / 11 / 27 - 00:35
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


راكبة فى إحدى المواصلات أو ماشية فى إحدى الشوارع، تتعدد الأماكن التى تكون مسرح لنفس المشهد اليومى، حيث تمر بجوارى إحدى الشحاذات أو بائعات المناديل أو غيرها من السلع البسيطة، لتقول لى فى إلحاح أن أساعدها بالعطاء أو اشترى منها شيئا، وتستطرد فى الكلام لتحوى الموقف بالإقناع وتجتذبنى نفسيا سريعا قبل أن اعبر وأمر من أمامها دون جدوى نفعية، حيث تدعو إلى الله بحماس "ربنا يستر عرضِك يابنتى" سمعت تلك الجملة موجهة لى ولغيرى من الفتيات والنساء مرارا وتكرارا، لم أفكر فيها كثيرا إنما مؤخرا حين تأملت لما كل هذا التكرار العنيف لنفس الجملة التى تردد على مسامعهن، عندئذ استشعرت مرارا دفينا بهذه الجملة اللزجة، حيث أدركت أنها تُستَخدَم كنوع من الابتزاز النفسى ليتم العطاء، لتضع المستمعة بين أمل فى تحقيق الطلبة التى بالفعل تزن بجروح ومخاوف داخلها باستمرار، وبين تخوف من عدم تحقيقها، والتى فى حقيقتها هى مساومة على الإحساس بالذنب لديهن ليتفاعلن سريعا مع طلبها، وذلك فى حيز الوقت الضيق الذى يقع ما بين مرور الشحاذة والأنثى المارة، والأسوأ هو اننى لاحظت أن تلك الجملة ترددها الشحاذات، وربما لم اسمعها من شحاذ أو بائع فقير من قبل قط، ااه إن السبب الحقيقى هو أن الأنثى التى بداخل الشحاذة تعرف جيدا كم من الألم والأمل خلف تلك الدعوة، تعلم جيدا كيف تستفز مخاوف الأنثى المراد منها العطاء لتقوم باستجابة سريعة ولكى تحصد اكبر عدد من العطايا منهن قدر المستطاع.

تلك الفكرة وراء دعوة للتحفيز النفسي للعطّائين هو نفس التفكير وراء ما يقال من قبل بائع/ة ورد أو شحاذ/ة لولد وبنت سويا فى احد المقاهى أو على الكورنيش، ليقول له "نفعنى يارب تتجوزها"، لذا فهو من نفس المنطلق تطلق الأنثى تلك الدعوة لتحفز غيرها من التجاوب معها.

والسؤال هنا كيف أصبح ستر عرض الأنثى وسيلة تحفيز معنوى فى دعوة للشحاذة؟!، هل أصبح عرض الأنثى مُنتَهَك إلى هذا الحد فى مجتمعنا التعس؟!!

الحقيقة أن الإجابة التى أريد أن اصرخ بها هى عند هذا المجتمع الذى يحيا علينا ونموت فيه يوميا وأريده هو أن يعترف بها، هذا المجتمع الذى ينحاز لجرائم الشرف، والذى يطلق على نفسه وصف المتدين، هذا المجتمع المتناقض الذى يتغاضى عن زواج القاصرات، ويدير ظهره للمُغتصبات، ويعبر عن المتحرش بهن الطالبات النجدة من المارة مئات المرات يوميا فى شوارع وزاويا المحروسة، هذا المجتمع الذى ينبذ التائبات، المجتمع الذى يٌلقى كل وزر خطايا الزنا على المخطئات.

إن هذا الوضع الذى أصبحنا عليه هو حالة مستعصية لمرض يتوغل فى مجتمعنا الشقى، مرض نفسى منهم ومعاناة نفسية لهن، حيث وقوع الأنثى باستمرار فريسة لشباك الاغتصاب والتحرش والإهمال بتعنت، حيث مأساة شعورها المتواصل باستباحة جسدها بتكرار مفزع، فى غياب شبه تام للأمن والأمان اللذان من المفترض أن يحفظان إنسانيتها فى نطاقها الطبيعى، مع ازدياد توجعها من جروحها المتقيحة بالتجاهل وإهمال معالجتها.

لقد أصبحت الأنثى فى مجتمعنا تعانى الخوف والهوس من هتك العرض طوال الوقت، أصبحت تشعر أنها تحظى بنصيب كبير من التعرية النفسية فى هذا المجتمع الساتر للمجرمين، والتى لا مفر لها للهرب منها، فهى فى جميع الحالات مدانة وتعيسة ولم يحمها شئ، والأنثى هنا أصبح عليها أن تتقبل واقعها المأساوى فى المجتمع فالماضى ملئ بتجاوزات المارة من تحرش سماعى وملموس وربما منهن من اغتُصِبَت بالفعل، والمستقبل يهوى فى رعب المجهول، لتجبر أن تحيا دائما تحت حذر ممسوس لا جدوى منه فى الكثير من الأحيان، بل والأكثر من ذلك أن تصبح عرضة لفريسة جديدة حيث تأتى أنثى أخرى بخبث تضغط على جروح عميقة لديها لتبتزها بدعوة خبيثة بان الله يستر عرضها.

إن المسئول الحقيقى عن هذا الوضع المٌذرى الذى وصلنا إليه وطور الفقر إلى شحاذة وحوَّل الدعوة إلى ابتزاز، هو مجتمعنا الأبكم الأصم فى الحقوق المُنصت لفضح الخطايا والصارخ بالرجم عليها، ربما سمعتم تلك الدعوة كثيرا، ربما منكم من لم يستوعب كلماتى كثيرا، لكننى متيقنة من أن منكن من تأملت تلك الدعوة تألمت مثلى كثيرا.
وأخيرا أود أن اطرح سؤالا آخرا
هل إذا تغاضيتم عن حق الأنثى فى الحماية والحفاظ على كرامتها وتوفير الأمان الطبيعى لها فى هذا المجتمع، وسارت النفوس المريضة والمواقف البشعة وردود الفعل الدنيئة على نفس المنوال، لتصبح رغبات المهووسين هى المتحكمة بيوميات هذا المجتمع، سنسمع تلك الدعوة مستقبلا بالفتحة أيضا وليس بالكسرة فقط؟!!!

______________________________________________
* ومن الجدير بالتنويه إليه هنا اننى لا أناقش قضية الفقر والشحاذة فى مجتمعنا, لاننى رجوت تركيز القارئ على كارثة حقيقة أصبحنا نحياها، ربما ثمة أمل فى الانتباه أو التغيير.



#إيرينى_سمير_حكيم (هاشتاغ)       Ereiny_Samir_Hakim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسانيون الجُدد فى مجتمعنا بين الغزو النفسى والاحتيال الفك ...
- لو كان التاريخ إنسانا
- عرض -عن العشاق- حلم عاشه الجمهور
- من كان منكم بلا ضعف فليرمهم أولا بحجر
- صلاة منتحر
- ورشة -تنمية مهارات الأطفال- فى جمعية المحافظة على التراث الم ...
- حصول فرقة التنورة على شهادة التقدير لمشاركتها فى المهرجان ال ...
- رحلة بالية -زوربا- من الشارع إلى دار الأوبرا يحكى مسيرة تمرد ...
- فريق Like Jelly يُمتع الجمهور بحكىّ وغناء وفكرة
- مسلسل -القاصرات- دراما صارخة بنحر طفولة الأنوثة فى مجتمعنا
- ترشيح مسابقة Coptic Got Talent لإقامة نهائيات موسمها الثالث ...
- الفانتازيا المُضحكة للرجل العناب تسخر من واقعنا المأساوى بكو ...
- سادية برامج الكاميرا الخفية فى رمضان هذا العام هى جرائم بإسم ...
- قطة ورجل يتبولان فى الشارع وشتان الفرق بين الحضارة والهمجية
- ظاهرة الُمتحَررون الأَتباع اجتاحت مجتمعنا
- الفيلم القصير -حاضر مع المتهم- أصبح المتحدث الرسمى عمن يواجه ...
- قنوات الأطفال المصرية ما بين التشدد الدينى والابتذال وتشويه ...
- مصطفى درويش يُحاضِر المجتمع بصور آدمية فى طىّ النسيان
- فوضى المُعتَقَد العارمة فى المجتمع
- برنامج -أول الخيط- يكشف حقيقة التحرش بتمثيل مخادع من جنس الج ...


المزيد.....




- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران
- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...
- حوار مع الرفيق أنور ياسين مسؤول ملف الأسرى باللجنة المركزية ...
- ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت ...
- شرطة الأخلاق الإيرانية تشن حملة على انتهاكات الحجاب عبر البل ...
- رحلة مريم مع المتعة
- تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إيرينى سمير حكيم - -ربنا يستر عرضِك- دعوة إلى الله أم إهانة إلىّ