أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - إيرينى سمير حكيم - قطة ورجل يتبولان فى الشارع وشتان الفرق بين الحضارة والهمجية














المزيد.....

قطة ورجل يتبولان فى الشارع وشتان الفرق بين الحضارة والهمجية


إيرينى سمير حكيم
كاتبة وفنانة ومخرجة

(Ereiny Samir Hakim)


الحوار المتمدن-العدد: 4151 - 2013 / 7 / 12 - 03:13
المحور: المجتمع المدني
    


يوما ما رأيت قطة فى الشارع تقوم بعمل حفرة صغيرة ومن ثَم قامت بعملية الإخراج، ثم بدأت تردم مكان الحفرة الملوثة، وما ادهشنى أنها لم تكتفى بذلك بل استكملت واستكملت حتى تساوى سطح الأرض فى تلك البقعة تماما!، لقد ابهرنى تصرف القطط الذى تعجبت له بشدة، فلقد وجدت فيها أمانة تجاه ما فى طبيعتها أن تفعله بصورة لم أشاهدها فى بشر منذ زمن بعيد، لقد شعرت حينها بهوة أخلاقية كبيرة تفصل بين تصرفات الكثير من أناس فى مجتمعنا وبين تصرف الحيوانات وهذا الموقف هو احدهم، والسؤال الذى ألح على ذهنى هو كيف تحققت صورة الحضارة فى تلك القطة؟، وكيف تجسدت الهمجية فى أفعال العديد من البشر هنا؟!

فقد حدث فى مرة أخرى حيث لحظات مضطربة من مشهد انهزمت فيه الإنسانية والكرامة حين رأيت رجلا يتبول فى الشارع، لم أتعمد النظر إليه إنما هو مارس فعلته على قارعة الطريق، لم يخجل ولم يجد مكانا يفرغ فيه فضلاته سوى الشارع، تسارعت انفاسى من الغضب والتوتر، فقد كان هذا المنظر مقتحما لامان خطواتى، وما قد أثار غضبى وانفعالى هو أن تلك المفاجأة لم تكن الأخيرة من نوعها، ولم أكن أنا الأولى أو الأخيرة المصدومة، فغيرى يتوفر الكثيرات ممن تعانين من هذا الحدث، والعجيب انه أصبح ظاهرة نعم ظاهرة ومفروضة فى الواقع إنما مرفوضة بالتمتمة، معتم عليها بالتعود ومطموسة بالإهمال ومحجوبة عن الإصلاحات وإيجاد الحلول، وجاء من وراء تلك الحالة من اللامبالاة للمجتمع والبلاهة أن تدفقت الاستباحة فى الكثير من القيم والتصرفات، فعجت شوارعنا بتلوث الأخلاقيات كما من تلوث للصحة بعد فرض فيروسات على بصر المارة وفى الجو حيث الإيذاء المعنوى والجسدى.

وحين عاد إلى ذهنى مشهد القطة أدركت مدى الفرق بين الرقى والانحطاط فللأسف الشديد مظهر التحضر كان فى القطة أما صورة الهمجية كانت فى الإنسان!، فلقد أصبح الإنسان صاحب العقل والإرادة يتحايل على الوضع السئ ويحيل كرامة نفسه وجسده إلى ما بعد تنفيذ المنشآت، أما القطط فقد حافظت على اتزان الطبيعة التى ظلت أمينة عليها فى سلوكياتها، عما كان منها من التعتيم على إخراجاتها وذلك لحماية العابرين من التلوث والاشمئزاز حتى وان كانت كحيوان لا تعى ذلك إنما فعلته بالفطرة التى ظلت وفية لعمل ما تقودها إليه، لقد كانت القطط والحيوانات بشكل عام ومازالت تلقن الإنسان دروسا فى الحفاظ على الطبيعة، وربما بوسعنا أيضا ضرب أمثلة كثيرة للعديد من الحيوانات التى تكون للإنسان قدوة لتفعيل العديد من القيم الإنسانية التى مازال الحيوان يحافظ عليها بينما فقدها الكثير من الناس، كذلك فى الكثير من المواقف تكون نموذجا حقيقيا لتعليم البشر رقى التصرف وسمو الأخلاقيات.

والآن ما يحتاجه مجتمعنا هو أن ينضج إنسانه، وان يعود لمرتبته الحقيقية فى الطبيعة وان يظهر ذلك فى أفكاره وتصرفاته ومسئولياته، وان يحفر فى تاريخه بصمة آدميته الخاصة، ويثبت فعليا انه فى مرتبة تعلو الحيوان لما تميزت به خلقته من عقل وإرادة، فليست الظروف سبب كلى لانحطاط الإنسان وسكونه فى دنو مستويات الكرامة فإرادته مازالت معه أن يغير وان يتغير، فالتاريخ يشهد لنا عما قام به الأولون من إيجاد حلول لحياتهم اليومية فى ظل إمكانيات بسيطة وبدائية، ودورهم القوى فى توجيه أنظار المستقبل اى حاضرنا وما بعد إلى وضعهم نواة الحضارة التى بنينا عليها نضجنا البشرى، والذى نبيعه حاليا بأبخس الأثمان لتصرفات صبيانية الخبرة الإنسانية وتافهة القرارات.



#إيرينى_سمير_حكيم (هاشتاغ)       Ereiny_Samir_Hakim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة الُمتحَررون الأَتباع اجتاحت مجتمعنا
- الفيلم القصير -حاضر مع المتهم- أصبح المتحدث الرسمى عمن يواجه ...
- قنوات الأطفال المصرية ما بين التشدد الدينى والابتذال وتشويه ...
- مصطفى درويش يُحاضِر المجتمع بصور آدمية فى طىّ النسيان
- فوضى المُعتَقَد العارمة فى المجتمع
- برنامج -أول الخيط- يكشف حقيقة التحرش بتمثيل مخادع من جنس الج ...
- فرقة -جرامافون- عازف كمان وممثل بانتومايم يخاطبان المجتمع بم ...
- نداء للسامرى الصالح
- دماء غشاء البكارة والدورة كرامة للأنوثة
- رواية مياه الروح تكشف القناع عن الزيف الدينى وتعرض رجاء لمن ...
- متعصب وملحد متطرفان
- إهداء إلى أمهات لا يذكرهن احد
- فيلم -ساعة ونص- قراءة للواقع الانسانى المصرى ومحاضرة نفسية ل ...
- مع توفر لقب عاهرة أين العاهرون؟
- إله الأشرار بدعة
- صلاح الدالى يقدم توعية سياسية مبسطة بفن الاستاندأب الكوميدى
- بيان من مجلس إدارة الإتحاد المصري العربي للفرق المسرحية الحر ...
- لست أنا العورة .. انتم العورة
- بئس ثائر يحتقر المقهور وشعب هو هولوكوست وطنه لندرة الرحمة وو ...
- أصبحنا لا نقدس الحياة ولا نحترم الموت


المزيد.....




- -الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل ...
- اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي ...
- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - إيرينى سمير حكيم - قطة ورجل يتبولان فى الشارع وشتان الفرق بين الحضارة والهمجية