أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - إيرينى سمير حكيم - مسلسل -القاصرات- دراما صارخة بنحر طفولة الأنوثة فى مجتمعنا















المزيد.....

مسلسل -القاصرات- دراما صارخة بنحر طفولة الأنوثة فى مجتمعنا


إيرينى سمير حكيم
كاتبة وفنانة ومخرجة

(Ereiny Samir Hakim)


الحوار المتمدن-العدد: 4210 - 2013 / 9 / 9 - 04:08
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


تبدأ الحلقة الأولى بمشهد لطفلة تلعب مع صديقاتها لتكتشف فجأة صحوة جديدة فى جسدها فتبارك لها أمها بأنها أصبحت "عروسة" وتزغرد خالتها وتغنى لها "افرحى يا عروسة أنا العريس"، فقد أصبحت فى نظرهم ناضجة مع قطرات الدم التى انسابت من جسدها، ليتلو هذا المشهد أول ظهور للفنان القدير صلاح السعدنى والذى قدم دور "عبد القوى" ذاك الذكر الذى يفترس القاصرات فى البلدة, حيث يبدأ ظهوره بقهقهة على مشهد من فيلم يشاهده وكأنه بهذا الضحك هو من يمتلك حق السعادة فى مجتمعه المأساوى هذا، الذى تحاول فيه زوجاته القاصرات اختلاس اللحظات التى يلعبن فيها سويا، فقد لخص المخرج فجاجة الواقع فى الدقائق الأولى للمسلسل.

فى حين أن كل من تتر البداية والنهاية يأخذانا فى رسالة خاصة, حيث تبدأ المقدمة الموسيقية للموسيقار محمود طلعت بدقات طبول، والتى تفاجئ المشاهد فقد يصعب عليه التمييز إن كانت تلك طبول فرح أم هى طبول حرب؟, حتى نمر برجاء طفلة فى كلمات المقدمة للشاعر الكبير سيد حجاب, والتى تتعشم فى والدها اختلافا وحماية، لتأخذنا فيما بعد إلى أعماق المتألمات فى القصة تحت وطأة الفرحة, ومن ثَم نكون فى مواجهة صادمة مع الحقيقة، لنعود مرة أخرى مع كلمات النهاية التى تنعى طفولة الأنوثة المنحورة فى مجتمعنا.

أما عن أحداث المسلسل فهى تترنح مابين كلمة "لُعبة" التى يصف بها "عبد القوى" لكل ضحية ما سيفعله معها, فهو يسميها "لُعبة"، وبين ما تقوله كل ضحية لامها "خدينى معاكى يامما" تلك الجملة التى تكررت من كل منهن، وبين هذه الكلمة وتلك وافتراس الذكر وتسليم الأب واستسلام الأم, يشرح العمل كيف تُنهب طفولة الضحية وتُغتال أنوثتها.

عرض و حَل

يقدم المسلسل حلولا للمشكلة وليس طرحا لها فقط، فكان فى دور الطبيب ودور الشيخ مثالان لمن يقوم بالتوعية وينادى بها عن طريق العلم والمناداة بالتعليم الصحيح للدين، ففى احد الحوارات التى دارت فى المسجد بين الطبيب والشيخ وآخران حول هذه المأساة قال احدهم "ده دوركم يا أهل الطب والعلم فهموا الناس وعوهم للى بيجرى لبناتهم"، وقد أكد الطبيب بدوره على الشيخ أنه "لازم الناس توعى لكلمة الدين الحنيف مش كلمة الدين المتطرف", ويركز المسلسل فى أكثر من مشهد على مناداة احدهم بضرورة التوعية بتعالم الدين الوسطي، بالإضافة إلى الإشارة إلى الفهم الخاطئ لبعض الإيمانيات، والتى يتم توضيحها بسلاسة وبكلام مبسط تتناوله بعض المشاهد منها التى تدور فى حوار بين الشيخ والطبيب أو احدهما مع أخر.

وتكتمل أركان حملة الإنقاذ المجتمعية المطروحة فى العمل بظهور دور لكل من الصحفى والمحامية، اللذان يبحثان عن القاصرات لمساعدتهن، ويزرع المسلسل استشهاد بأحداث حقيقية ليعزز دمج المشاهد مع الواقع.

إتقان القائمين على العمل

كان للأداء العبقرى للفنان القدير صلاح السعدنى جزيل الإقناع والتأثير, حيث نجد فى تفاصيل حركاته الجسدية البسيطة, والنقلات فى نبرات صوته، كيفية التعبير بوضوح عن الشخصية المضطربة نفسيا التى يجسدها، وكان لمن مثلن ادوار القاصرات وعلى رأسهن ملك أحمد زاهر ومنة عرفة وحنان عادل ومى الغيطى، الأداء العفوى المُقنع بشكل كافى ليصل بالمشاهد إلى حد التفاعل المطلوب مع كل واقعة، والذى يُبشر بسطوع نجوميتهن فى المستقبل إذا استمرين على نفس منوال الاهتمام بالرسالة ودراسة الشخصية.

أما الفنانة داليا البحيرى فقد أدت دورها بإيجاد شديد، ومن الجدير بالذكر أنها قد سبق وقدمت بجرأة بطولة مسلسل "صرخة أنثى" والذى تناول قضية حساسة وخطيرة فى مجتمعنا، مما يدل على اهتمامها بالتواجد فى ساحة كشف القضايا الأنثوية المجتمعية الهامة, وقد أمتعنا أداء العديد من الممثلين الكبار منهم والصغار, مما أضفى مصداقية كبيرة على العمل، ومنهم على سبيل المثال وليس الحصر الفنانين: ياسر جلال وسميرة عبد العزيز وعايدة رياض.

وكان التأليف من صياغة الكاتبة سماح الحريرى، وقد تميز النص الذى طرحته، بتوفر الجمل الهادفة الموجزة بالعبرة، وأمثلة على ذلك حين لخص تشخيص المشكلة قريب احد الضحايا فى حواره معها حين قال " يفرج ايه ده عن وأد البنات اللى كان فى الجاهلية .. زمان كانوا بيدفنوهم صاحيين عشان البنات مابتجيبش جرش .. دلوك بيدفنوكوم عشان تجيبوا جرش"، وفى التركيز على عمق المشكلة الموطدة بظلم الأهل لأبنائهم, وحينما حاولت طفلتان من زوجاته الهرب من هذا الجحيم, تآمر من حولهم على إرجاعهم خوفا من كبيرهم، وحين علمت كل من والدتهما قامتا بضربهما وقالت إحداهما "هتجيبلنا العار"!,وحين حدثت الطفلة زوجة العمدة والدتها لتستنجد بها قالت لها أن الأفضل أن تموت هى وألا يموتوا كلهم، فتصرخ قائلة "باعونى خلاص باعونى بالجرشين اللى بياخدوهم", وتقول طفلة لدرتيها "وانتوا راضيين باللى بيجرالنا من اهلينا ديه؟" لترد أخرى "كلنا طفشنا", وفى مشهد مختلف يُجيب أب بعجز "عبد الجوى هو الجانون عبد الجوى هو الحكومة".

فقد استطاعت الكاتبة فى حبكتها للدراما فى هذا العمل، واستخدامها المُعبّر بذكاء عما بين سطور يوميات الضحايا، أن تعكس صورة مجتمع غابت فيه العدالة بصورها القضائية والاجتماعية وحتى النفسية.

أما عن الإخراج فما كان هذا العمل إلا امتداد للأعمال الرائعة التى قدمها لنا المخرج الكبير مجدى أبو عميرة، والذى يهتم كثيرا بتسليط الضوء على قضايا موبوءة بظلمة الإهمال فى أركان عدة فى مجتمعنا، والذى أبدع فى تشكيل العمل كما ظهر لنا بقدر عالٍ من التأثير وعارِ من السطحية.

صِدق المعالجة

وقد حافظت الكاتبة على طرح المشكلة بتوازن أركانها، حيث أوضحت دور المرأة المساهم فى تفعيل تلك الأزمة، ولم تلقى المسئولية كلها على الرجل فقط، حيث ألقت الكاتبة الضوء على دور المرأة التى تشارك الرجل فى قهر الأنثى، فى شخصيات أمهات الضحايا اللاتى لعبن دور قوى فى تشجيع رجالهن على الموافقة على تلك الزيجات لتحسين معيشتهم، فى حالة يجسدها المسلسل للتعبير عن قلوب أمهات وآباء تنزف قسوة وغباء، فقد استطاعت الكاتبة أن تعكس بتقصيلٍ كم هو مجتمع جبان ونذل.

ومن أهم الشخصيات الأنثوية المُذنبة بصورة ما أيضا, هى "عِطر" شقيقة "عبد القوى" التى قامت بدورها الفنانة داليا البحيرى، والتى بدأت حياتها بضحية تحولت إلى جانى وبسبب سلبيتها تحولت إلى ضحية مرة أخرى، والتى شاركت فى جريمة أخيها تارة باستسلامها لما يفعله وتشجيعه ووساطتها له فى زيجاته, وتارة أخرى بسبب خوفها من سلطانه وجبروته، فبالرغم مما قد حل بها فى صغرها مثلهن، واسترجاعها لآلامها القديمة فى كل منهن، واستنجادهن بها وبغيرها دون جدوى، أصبحت هى بدورها احد المتجاهلين لصراخ الضحايا كما كانت هى ضحية من قبل، ليلخص لنا المشهد الأخير أثناء ترحيل قتلة عبد القوى ضحايا من القاصرات ومعهن عطر وكلهن عانوا من نفس الطفولة المشوهة، لنتأكد فى النهاية أن زواج القاصرات جريمة تقضى على الفتاة ومستقبلها، حتى وإن تماسكت لوقت فمع استمرار الظلم تفنى إنسانية الضحية.

دراما صادمة فمُعالِجة

لم نجد قبلا دراما تفصيلية مخصصة لتلك القضية, برغم معاناة مجتمعنا منها منذ عشرات السنين, إنما كان تناولها سطحى وتُذكر بشكل عابر, مثل المنولوج الذى قدمته الفنانة "سهير البابلى" فى مسرحية "ريا وسكينة"، حيث كانت تتخيل فيه كيف تقص للقاضى معاناتها حين تزوجت كفتاة قاصر من رجل عجوز، مما دفعها للانتقام من زوجة أبيها التى تسببت لها فى تلك المآسى.

لذا فانغماس تلك الدراما فى تفاصيل مؤلمة من الإحساس هو مفيد جدا لتناول القضية التى طالما تم التقصير فى حقها والسكوت عنها, فكم كنا فى احتياج إلى مسلسل يعرض لنا إياها حتى نشاهدها مرارا وتكرارا فى إلحاح يومى لفترة ما, فربما يُجرَح الحجر فينا من شعور متبلد وعقل مُغلّف بغشاوة متعفنة بالسلبية والركود، ربما نستفيق من غفلتنا لندرك حقيقة ما يحدث حولنا, وما نشارك فى صنعه بصمت وتجاهل وجمود.

ففيه نستمع لرسالة رجاء بالرحمة من ابنه لأبيها، الذى فقد فطرة الأبوة فترك طفلته فريسة لرجل فى صورة شرع والجوهر قوادة، إنما الوضع فى حقيقته هو فى الشر أكثر بلاغة، فهو ليس بتلك الصراحة إنما أعمق فى الخبث والوضاعة، فهو يُنفَّذ بقناع من شرع الله باستخدام مأذون وأناس تهلل و تزغرد فى وقاحة.

لقد فتحت تلك الدراما النار على مواجهتنا مع أنفسنا وكشفت حقيقة مسئوليتنا، فجميعنا مدانون ابتداء من المرتكب الجريمة مرورا بالمشارك حتى كل فرد سلبى مننا تجاه تلك الجرائم التى تسبب خلل فى طبيعة بشر هذا المجتمع, والتى تؤذى الطفولة والأنوثة بطريقة مباشرة وتعزز مغتاليها، حتى أصبحوا هم من يدافعون عن أنفسهن بطريقتهن، وأصبحن الآن فى دور القاتل بعد أن كن من قبل فى دور المقتول، وعلينا أن نسأل أنفسنا إذن: من جعلهن قتلى؟ ومن صنع منهم قتلة؟، وأخيرا يدعونا المسلسل للإجابة على السؤال وإحالة السؤال إلى دراسة.



#إيرينى_سمير_حكيم (هاشتاغ)       Ereiny_Samir_Hakim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترشيح مسابقة Coptic Got Talent لإقامة نهائيات موسمها الثالث ...
- الفانتازيا المُضحكة للرجل العناب تسخر من واقعنا المأساوى بكو ...
- سادية برامج الكاميرا الخفية فى رمضان هذا العام هى جرائم بإسم ...
- قطة ورجل يتبولان فى الشارع وشتان الفرق بين الحضارة والهمجية
- ظاهرة الُمتحَررون الأَتباع اجتاحت مجتمعنا
- الفيلم القصير -حاضر مع المتهم- أصبح المتحدث الرسمى عمن يواجه ...
- قنوات الأطفال المصرية ما بين التشدد الدينى والابتذال وتشويه ...
- مصطفى درويش يُحاضِر المجتمع بصور آدمية فى طىّ النسيان
- فوضى المُعتَقَد العارمة فى المجتمع
- برنامج -أول الخيط- يكشف حقيقة التحرش بتمثيل مخادع من جنس الج ...
- فرقة -جرامافون- عازف كمان وممثل بانتومايم يخاطبان المجتمع بم ...
- نداء للسامرى الصالح
- دماء غشاء البكارة والدورة كرامة للأنوثة
- رواية مياه الروح تكشف القناع عن الزيف الدينى وتعرض رجاء لمن ...
- متعصب وملحد متطرفان
- إهداء إلى أمهات لا يذكرهن احد
- فيلم -ساعة ونص- قراءة للواقع الانسانى المصرى ومحاضرة نفسية ل ...
- مع توفر لقب عاهرة أين العاهرون؟
- إله الأشرار بدعة
- صلاح الدالى يقدم توعية سياسية مبسطة بفن الاستاندأب الكوميدى


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - إيرينى سمير حكيم - مسلسل -القاصرات- دراما صارخة بنحر طفولة الأنوثة فى مجتمعنا