أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مها الجويني - يفرن ... بطاقة هويتي















المزيد.....

يفرن ... بطاقة هويتي


مها الجويني

الحوار المتمدن-العدد: 4337 - 2014 / 1 / 17 - 23:46
المحور: سيرة ذاتية
    


يفرن يا فرحة العاشق ...
أذكر مرة انه دار نقاش بيني و بين أصدقاء ليبين حول الأمازيغ في تونس و كم عددهم و تحليل الحمضي لمعرفة الأعراق و تاريخ القبائل و العشائر و من هم العرب و من هم الأمازيغ .... و بينما نحن نتبادل أطراف الحديث قال أحدهم لي :" مها هل أنت من عائلة أمازيغية أصيلة ؟ كنت أفكر في السؤال و أصيغ في ذهني إجابتي . حينها أخذ صديقي سعيد الهنشير الكلمة و قال : هي أمازيغية 100 بالمئة و لا شكوك في نسبها ، أؤكد لكم و لكي يا مها .. أجبت : من وين عرفت ؟ رد سعيد بسرعة : بشرتك تشبه لون جبال يفرن ، وفيك من روح مدينتي.. الثائرة "
صمتت و إستمر النقاش حول دسترة اللغة الأمازيغية في ليبيا و لكنني ظللت أفكر في لون الجبل الذي يشبهني و قلت في نفسي كيف فأنا لست ببيضاء و لا سمراء و لا حتى صفراء .. لوني بين الأسمر الفاتح و الأبيض .. ربما خمري لا أدري . و لكنني لم أولد في الجبل و لم اعش يوما هناك و لا يمكن لي أن أعرف كيف تكون ألوان الجبال ...
مر أسبوع فاتصل بي سعيد ليدعوني لزيارة مدينة يفرن في اطار رحلة نظمتها بعض الجهات هناك لإستقبال صحفيين ليبين من بنغازي و من جهات أخرى لتعريفهم بيفرن و بتاريخها ، لبيت أنا الدعوة و حملت حقيبة ظهري التي فيها جهاز الكمبيوترو آلة التصوير و أجندة و حزمة أوراق لأقوم بتقرير حول تلك المدينة الجبلية و الآثرية . من كانت طوال عهدها حصنا منيعا أمام الغزاة و الطغاة و لا سيما قائد العروبة و صبي جمال عبد الناصر "معمر القذافي " .
كل التاريخ الذي أعرفه عنها لم يكن يستفز غريزة حب الإطلاع المزروعة فيا منذ الولادة بقدر ما إستفزنتي قصة لون جبالها التي تشبهني او انا التي أشبهها ، إنطلقنا من طرابلس عند الصباح وصلنا الى يفرن بعد الظهر . و في طريقنا إستوقفتني الطبيعة الخلابة و السباسب و الأعشاب و لون التراب الذي غدى يشبه لوني ما إن إقتربنا إلى يفرن .
حينها نظرت من بلور السيارة ومسكت كامرتي و لم أستطع إلتقاط أي صورة ... لقد سبقت دمعوي بالنزول .. و قلت " هذا التراب ليس بغريب عني " . و بدأ قلبي بالخفقان كما يخفق قلب المريد و هو في الطريق إلى شيخه ، كما يخفق قلب العاشق لأول موعد . لم أكن سعيدة و لم اكن حزينة ..
حطت السيارات أمام فندق يفرن للسياحة " و إستقبلني الجميع " بأزول فلام" يعني سلامي القلب لك ، و بإتسامة على شفاهم و بضحكات تعلو المكان ، ما أجملهم ... يقال أن المرأة هي حاملة الوطن و هي الحاضنة لكن في يفرن حضر رقي أمهاتنا في إبتسامة أؤلئك الرجال ... من يقال أنهم إيمناين إي فرسان أمازيغ ...
حينها نزلت من السيارة لألتقي بالجموع التي كانت تبتسم و فيهم من يتحدث اللغات و ويعزف اللغات و يفخر ببناته و بجمال مدينته، كانت دهشتي لا توصف .. لقد تصورت أنين سأرى مدينة يجوبها الدمار و آثار الحرب ... إنها يفرن التي حاربها القذافي و قاتل شبابها و حرم أهلها من التنمية .. ظنتت أن سياسية الإقصاء و التهميش التي إتخذها النظام العروبي السابق و الحرب الضروس التي قام بها ثوار يفرن قد يقجعل منها مجموعة من الأحجار .. لكنني تفاجأت .. بتلك الحضارة الصامدة .. تفاجأت بشعب يبتسم لذكرى الشهيد و معتقل ...
قال لي سيفاو تتواوة أحد الشباب الذين التقيت بهم هناك :" عندما رفضت مصلحة الآثار الاهتمام بآثار يفرن قمنا نحن بالحفاظ على مدينتنا و تأسست جمعية ديسير بدون الاذن من الحكومة ، و كنا ننسق فيما فيننا بطريقة سرية للغاية نحافظ على لغاتنا و على تاريخ اجدادنا .." ما إن انهى حديثه عن معاناته للحفاظ عن آثارهه حتى سألته : ماالحافز لكل هذا ؟ أجابني بكل ببساطة : نحن نعرف من نحن و هذه الاحجار تشبهنا و هي شهادة لنا .. أنظري الكهوف .. الديار ، المعاصر و النقوش و الاديرة و الجامع و المدارس إباضية .. و لا أعرف من القذافي و من أين جاء .. أنا أحافظ على نفسي بالدفاع عن ثقافتي ...
صمتت و نظرت للقرية غاسرو الجبلية و دار بالي الخيمة و حديث القذافي عن الوحدة و فهمت أن بدوي قومجي مثله لا يمكن أن يكون أمين على هولاء .. حديثه ذركني بما قاله المسيح : ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان . و ليس بالبترول و الغاز تحيا يفرن ..
إنهيت حديثي مع سيفاو تواوة و اتجهت لقصر ديسير و قبل الذهاب اليه أقترح عليا صديقي محمد مادي رؤية الكهوف التي تعود إلى العهد الحجري ، دخلت للكهوف و فوجأت بالأثر الأسود الذي لا يزال فيها و بالخطوط و الرسومات .. ثم مررت على باب الدير الذي علمت أن مفتاح الدير الي يفوق عمره الفين سنة يتم يتواثه منذ رحيل اليهود عند يفرن ... حديث محمد مادي عن الاخوة بين اليهود و بينهم كمسلمين جعلني أبتسم و اٌقول ألازال في وقتنا من يحفظ أمانة صاحبه ؟
ثم أنطلقنا الى بيت" ايسلين"و بيت ثقافي متحف يحمل القماش و الديكور و الحقائب و الاكسسوارات الامازيغية و الخزف و الزخرف الامازيغي القديم و معدات المطبخ و تابلوهات عليها صور ليفرن و وثائل لمراسلات سليمان الباروني و صور للنساء و ملابس و أكل و دفء و حسن ضيافة لقد أهداني حينها سعيد الهنشير مجوهرات أحجار مع حقيبة و علم و أقراط ملونة كانت معروضة في أحد الغرف ، من بيت ايسلين ترى الخضرة التي تغطي الجبال .. و ترى المياه .. و يصدق قول الشاعر :" يفرن عروس الكاف يا زيرها يسرك هواها و يعجبك منظرها " ...
توجهت لقصر ديسير الذي يعد من أكبر القصور الامازيغية في شمال افريقيا يضم ثلاث الاف غرفة ، هدم القصر في الحرب العثمانية على ليبيا ، فيفرن كانت عصية على الاتراك كما كانت عصية على العرب ، وعلى كل الغاصبين .. الناظر في تاريخ المدينة يفهم انها لا تنهزم ، فيفرن صمدت امام العرب و لم ينطق اهلها بالعربية رغم التقتيل و التنكيل الكر و الفر ، يفرن إعتنقت الاباضية و لم تغيرها رغم محاولات الاتراك لفرض مذهبهم ، يفرن ظلت امازيغية رغم ما اوتي للقذافي من قوة من دعم ...
أي مدينة أنت يا يفرن ؟ في ساحة ديسير التي كانت على قمة الجبل .. وقفت لانظر لهذه الجبال ، لاحاول ان افهم السر لابكي تاريخ ثلاث الاف سنة .. اخذت العلم الامازيغي الذي كان يرفرف عاليا بين يدي و التقطت صورة و انا احمله ... لم تكن صورة للذكرى بل كانت صورة تحويل وجهة حينها قررت أن لا اساند الثقافة الامازيغية .. حينها حملتها بين أضلعي و قلت هذه الأراضي تستحق دمائنا ...
و كم جميل لو يسكب دمي من أجل يفرن ... مرت سنة على زيارتي ليفرن مرت سنة على إتخاذي ذلك القرار .. حينما أسأل في تونس عن تلك الصورة أقول : انه عهدي مع يفرن .. صورتي في جبل ديسير التي كانت حافزا أمضي به أمام كل الناقدين و المستهجينين ، صورة ذكرتها عندما تحصلت على تكريم في مهرجان راس السنة الامازيغية بمكناس الايام الماضية
.. لاول مرة أنجح ويحملني الحين لأرض غير أرض تونس ... اهديك الجائزة يا يفرن .. و شكرا لتحويل وجهتي ..



#مها_الجويني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكره شهر ديسمبر
- كلمة سعيد الهنشير للتجمع العالمي الأمازيغي الثاني
- الامازيغية أصل تونس
- أن تكون أمازيغيا هذه الأيام
- تمتوت حامية تونس
- أمازيغ غريب في وطنه
- عنوانها أنا
- حاربي كتيهيا
- إلى ولتما جويدة نبيزي
- الحركة الأمازيغية بين الواقع و التأويل
- الأمازيغ السكان الأصليين لشمال إفرقيا -تامزغا - ... تاريخ من ...
- صقر حشاش .. بصمة عار في وجهة النظام الكويتي
- تهاني للسيد النوري أبو سهمين
- الجميلة و الميدان
- دي خسارة فيه
- سلطان المدينة ذكرى لا تنمحى
- رسالة لأنصار الآب الحنون ..
- مجموع لي
- ذات القلم الوقح
- الإغتصاب واجب أصولي و ذكوري


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مها الجويني - يفرن ... بطاقة هويتي