أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - مها الجويني - تمتوت حامية تونس















المزيد.....


تمتوت حامية تونس


مها الجويني

الحوار المتمدن-العدد: 4204 - 2013 / 9 / 3 - 12:48
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


تمتوت حامية تونس
محاولة لعرض تاريخ صمود المرأة التونسية عبر العصور
من الفترة القبصية إلى اليوم …
عرض لتاريخ صمود المرأة التونسية عبر العصور
من الفترة القبصية إلى اليوم …

أزول فلاون ، ايتما ديستما نيتش مها الجويني امغناست الكنغرس العالمي الامازيغي

كنت أود أن أكمل محاضرتي بلغة أجدادي ، لغة تمازيغت و لكن للأسف أنا لا أتحدثها ،و لأني من العاصمة تونس حيث الحديث بغير لغة الدولة هو ممنوع . و لأني من مواليد سنة التغيير 1987 سنة إرساء نظام دكتاتوري بوليسي يحارب كل نفس ثوري و وطني و مستقل، إنه زمن “زين العرب” كما يسميه أصدقائه من رؤساء العرب.. و عليه فأنا مضطرة لتقديم مداخلتي معكم باللغة العربية ، في هذا اللقاء الذي يجمعني بكم بطنجة في اطار لقاء نساء أمازيغيات بشمال افريقيا مهرجان ثويزة بطنجة .
تيهيا تملودت ، برباتوا ، تمتوت ، تانيت ، السيدة المنوبية ، سوفينسبا بشيرة بن مراد نساء تونسيات أقترن ذكرهن بالبناء و التأسيس و الذود عن الوطن و التضحيات و الثورة … فصح بذلك قول الطاهر الحداد “المرأة أم الانسان ” ، و تمتوت كانت على مدى التاريخ أم الإنسان التونسي .. منذ الفترة القبصية إلى اليوم و نحن نشهد ما يسمى بالربيع العربي . سأحاول في بحثي تسليط الضوء على مساهمة المرأة التونسية في بناء تاريخ تونس و كيف كانت الجيب المحافظ على ملامح تونس الأصيلة رغم جغرافية المكان الذي يتميز بالإنفتاح و بشاسعة السهول و رغم جور بعض الدول مثل الغزو الروماني و الوندالي و العربي و التركي و الإستعمار الفرنسي .. و هذا الفتح الإسلامي الجديد الذي يعيشه وطني في ظل حكم حزب ذو مرجعية إسلامية ، حركة النهضة …
المرأة الكبصية أول من سكن البلاد :
هناك في منطقة تبعد 15 كلم عن محافظة قفصة الوسط الغربي التونسي ، إكتشف المؤرخ الفرنسي قوبار في سنة 1909 الحضارة الكبصية و هي حضارة عرفتها تونس بين الاف الثامنة و الألف السادسة قبل الميلاد تلك الفترة التي عرف فيها الإنسان بداية الإعتقاد و بداية الأعمال الفنية التي تتعدى المسلتزمات المادية البحتة للحياة . و يعتبر المؤرخون أن الفترة الكبصية هي من أنشط و أهم فترات التاريخ القديم إذ عرفت فيها ربوع المغرب الكبير كثافة سكانية لم يسبق لها مثيل . كما تنحدر أصول هؤلاء السكان من سلالة البحر الابيض المتوسط القدامى و هم أجداد الأمازيغ .
سكن القبصيون و القبصيات القدامى الربوع الغنية بالصوان التي تتموقع قرب منابع المياه و حافات الأودية و المسالك الطبيعية و الاماكن العالية و فوق قمم الهضاب و نجدها منتشرة حول قفصة بعد 150 كلم شمال و شرق المدينة بالنسبة للعاصمة تونس . و تبدو هذه المواقع على شاكلة أكداس من الرماد المخلوط بالتراب و الرمل و الحجارة المحروقة و القواقع الحلزونية التي يغطي عددها على باقي محتويات الموقع .
تحمل هذه الرماديات بين طياتها بقايا أموات القبصيين و أكلاتهم و صيدهم و نفايات مواقدهم و الحجارة التي يجلبوها و التي تحمل بصماتهم و قد حفظت الرماديات كل ما أمكنه الصمود و البقاء امام العوامل الطبيعية و الاحقاب التاريخية مثل ادواتهم الحجرية و اسلحتهم التي تعد ابالألف . كما عثر على الرماديات على أدوات اخرى مثل الكويرات الحجرية المثقوبة و أجزاء من أدوات الطحن و بعض قشور لبيض النعام ، الذي استعمله القبصيون كققوارير لحفظ السوائل مثل الماء .
و في هذا الاطار إكتشف الباحثين أثار المراة القبصية من خلال نماذج من النقش على الصخور اذ لم تعرف من قبل نقوش على الصخور ترمز الى الانوثة و اخرى تمثل حيوان بري و حجارة منحوتة لوجوه ادمية و حيوانات برية ، كما اكتشف الباحثون أيضا كتمثال لا يتعدى طوله 15 صم لراس امراة قد صفف شعرها حول الجبين و الصدغين و علت راسها فتائل من المغرة الحمراء.
المرأة القرطاجية مواطنة فعلية :
تأسست الحضارة القرطاجية في سنة 814 على يد تجار فينيقين دأبوا القدوم إلى تونس منذ القرن 1000 قبل الميلاد و سقطت سنة 146 قبل الميلاد على يد الجيوش الرومانية في 146 قبل الميلاد ، و أقترن ذكر قرطاج دائما بأسم ديدون أو عليسة أو ألشت الاميرة الأرملة التي فرت من حكم أخيها بقماليون من لبنان لتجد ملاذ لها في أرض تونس وتبني مدينة لها اسمها قرط حدشت ، كما إقترن أيضا بإسم صفينية التي كان لها دور مهم في الحرب البونيقية الثانية و أشتهرت برجاحة عقلها و تضحيتها في سبيل وطنها ، وقد إكتشف الباحثين لنقائش جنائزية و خاصة نذرية ممتدة زمينة من القرن الخامس إلى نصف القرن الثاني قبل الميلاد ، و هي تشير إلى أسماء و وظائف المتوفاة . و أنطلاقا من هذه النقائش إكتشف الباحثون الآتي : أسماء 11 إمراة كانت تمارس وظائف دينية بينها 9 كاهنات و رئيستان للكهنة وتجدر الإشارة هنا أن وظيفة رئيسة الكهنة كان محتكرة من قبل الطبقة الأرستقراطية لأن الزوج او الأب قد يكون سبطا أو ربا ،في حين الوظائف الدينية ألأخرى و التجارية فكانت مفتوحة على بقية الفئات الإجتماعية . و هناك وثيقة واحدة تشير إلى “شبلت تاجرة المدينة ” و لكن الوثيقة لا تذكر أجدادها و لا بعلها فيحتمل أن تكون من أصل متواضع . وجود ما يقارب 6000 نقيشة أغلبها نذرية فيها من 86 بالمئة نسائية و 14 بالمئة جالية و هذا الرقم بليغ جدا إذ يظهر أن عددا مهما من النساء كن يولين أهمية إلى الكتابة إلى الكتابة حتى يخلدن القرابين أو يسجلن الوفاة ، كما أشارت النقائش ايضا إلى الزواج الأحادي في قرطاج ، و هكذا فإن المرأة بقرطاج كان بإمكانها أن تعمل و أن تمتلك و تتصرف في أملاكها على قدم المساواة .
و رغم إسهامها في الحياة السياسية و الدينية و الإقتصادية فالمراة القرطاجية كانت تتميز بحس جمالي مرهف و هذا ما أثبته إكتشاف مجموعات ثرية من المواد التجميل و رسومات تدل على بلورة أنماط تسريحات الشعر النسوي ، و تشهد مجموعة من النقائش البونية على انه وجد بقرطاج سلك مهني حقيقي ل مختصين في تحضير العطور يعرفون بأسم الرقح ، و قد كان هؤلاء الحرفيون يستخلصون العطور و الزيوت و المراهم و مساحيق التجميل من مجموعات تجلبها السفن و القوافل من الخارج . هذا و قد عثر في بعض القبور على مساحيق تجميل متنوعة الألوان من بينها الأزرق و السماوي و الوردي كانت نستخدم لخضاب الخدود . كما يوجد في مقرة المتحف الوطني بباردو دبابيس شعر و امشاط ذهبية كبيرة لها قبضات من العاج ، و مكحلة من عجين الزجاج بها مكحال من العظم وعلب لمساحيق الزينة . و من هنا نفهم لماذا كانت سفينبة إبنة صدر بعل محط أنظار المؤخرون القدامى مثل بولوبيوس و تيتوس ليفيوس و ديودوروس الصقلي و أبيانوس .صفينبة نموذج للمرأة القرطاجية التي جمعت بين الجمال و العلم ، هي ابنة صدر بعل من اعتنى ابوها بتربيتها و تثقيفها و تعليمها على ايدي معلمين فلاسفة و أدباء مبدعين فكانت تحسن لغات عصرها فضلا عن الرقص و الموسيقى من أجل ذلك أطلق عليها المؤرخون إسم غادة قرطاج و قال عنها محمد حسين فنطر “كانت الاديبة الحسناء يرتحها لمنطقها الفكر و يخشع لها السمع و البصر”.
المرأة التونسية في العهد الروماني :
بدأ العهد الروماني في تونس من القرن الأول قبل الميلاد ، و قد تميزت مكانة المراة في العهد الروماني بدورها المهم داخل خليه الأسرة ، فالام ، الزوجة مكانة محددة بالقانون الروماني لا جدال فيها بلاضافة لكونها نتاج لعادات و تقاليد راسخة منذ القدم . تقوم حياة المراة في تلك الفترة على الزواج الذي كان ينظر اليه حينها عبوصفه شراكة قوامها اتحاد بين عاقلين . يستمر مبدئيا مدى الحياة غير ان الزواج الشرعي و القانوني لم يمكن ممكنا الا للحرات فلهن وحدهن الحق في الزواج .و يطلق على هواته السيدات لفظ مترون و في شرح الكلمة فان ماتر هي ام و اون يعني الاحترام و التقدير و و يفسر البعض المترونات بالمقدسات.
و قد عثر في تونس على الماترونات في عديد من النقوش الجنائزية التي تتميز باممتداح المتوفيات باوصاف غزيرة تبرز مزايهم و تدور اغلب مزيا المراة الرومانية النموذجية حول الفضائل الاخلاقية التقليدية الثلاثة و هم : العفة و الحصانة و الوفاء . و من اجل العفة كانت تقام عبادة لها في روما اذ هي حامية النساء المترونات و لا تحييها الا النساء اللاتي لهن زوج واحد و في بلادنا توجد العديد من النقيشات تقر بهذا الامتياز النسوي الذي يبدو انه مراعى بين النساء المتزوجات و العزباوات على قدر السواء . ف و جاء في النقيشة الجنائزية بوتستيما باترونيلا ” ان هذه المراة الكريمة كانت عاملة و قنوعة و مجدية و نشيطة” . ( شمال غرب تونس)
و من ناحية أخرى ، يرسم الشاعر “مالينويس” في كتابة أسترونوميك لوحة عن المجتمع الافريقي في القرن الأول للميلاد حيث تظهر فيه مختلف الانشطة النسوية من العاملة البسيطة إلى بائعة الزهور مرورا بالتجارة تحديدا بيع الملابس . و ذكر الروائي الامازيغي الروماني ابوليوس ” في وراية الحمار الذهبي” أكثر من مرة مهن النساء مثل خادمة ، صاحبة حانة ممرضة و غيرها . هذا و جاء في بعض النقائش في تونس أسماء ثلاث قابلات و طبيبة و يلقبن بأبو بستريس اذ كن يساعدن النساء في الولادة و في كل ما يخص الامراض النسائية و يقال انه كان يتم الالتجاء لهن في إمتحان البكارة و هذا ما اورده القس سيبريان القرطاجني :” تطلبون منا ان نعطيكم راينا في البنات الابكار اللواتي بعد ان صممن على المحاظة على العفة و اخيرا عثر عليهن بعد ان ضاجعن رجالا من بينهن كاهن ,, ان يد القابلة و عينها غالبا ما يخطئان في شانهن ” و كانت معرفتهن متسعة في لمواجهة الولادات العسيرة أو إيقاف الحمل متى عرضت اللام للخطر و تجدر الاشارة هنا ان فعل الاجهاض عمل لا يستهجنه المجتمع التونسي منذ القدم طالما هو في مصلحة المرأة .
الفنون ، رقص و مسرح وموسيقى …كن يخلطن بينهن و بين المومسات لأنهن يمارسن مهنة منافية للأخلاق ، … مجتمع محافظ يتميز بولائه لروما و ذلك لم يمنع ظهور من يتصدى لأحكام روما القاسية و هي القديسة بارباتو و فليسيتا التي اعتنقتنا المسيحية و عبروا ان ايمانهم دون الخوف من تهديدات السلط ان ذاك فلقد رفضت بارباتوا الاعتذار لروما و اختارت ان تأكلها الحيوانات الضارية في مسرح على ان تنكر ايمانها و كانت بذلك القديستان اول شيهيدات المسيحية في القرن الثاني للميلاد .
الموت من أجل القضية و المبدأ ظاهرة رافقت نساء بلادي منذ القدم و يؤكد ذلك صمود تيهيا تملودت من دعها العرب بالكاهنة أمام جيوش حسان ابن النعمان في حربه على إفريقية و قيامها بسياسة الأرض المحروقة حتى لا يجد الغزاة موطء قدم في أرضها و عليه كانت رمزا لحب الوطن و لحفظ العهد .
المرأة في الحضارة الاسلامية :
تجدر الاشارة هنا بأن الوثائق التي تخص المرأة التونسية في القرون الوسطى الفترة الإسلامية تحديدا قليلة جدا و يعود ذلك لإقصاء المرأة عن المجال السياسي و العملي و اقتصر دورها على القيام بالشؤون المنزلية و العائلية . و عليه تم توزيع هذه الوثائق إلى ثلاث أنواع وهي : أولا ، مصاحف تحمل أسماء النساء و تتميز هذه المصاحف بالأناقة و الفخامة تعود إلى الفترة الأغلبية (296_184 هجري ،) و ..و تذكر النصوص المكتوبة أسماء لنساء كن قريبات من الطبقة الراقية و الحاكمة في البلاد ،مثل أم هلال كانت عمة المعز بان باديس و وصية عليه عندما اعتلى على العرش و تشير بعض المصادر ان أم هلال كانت تساعد في تسيير شؤون البلاد التونسية تلك الفترة .
النوع الثاني هو عبارة على وثائق تتعلق بمهن مخصوصة بالنساء التي لم تخرج عن أطار القصر و خدمة الولاة و هذا ما يوضحه لنا النقش على رخام يمثل أميرا جالسا على رأسه تاج و ماسكا بيده اليمنى كأسا و على يمينه عازفة ناي يعو د الى الفترة الفاطمية ، النوع الثالث يتمحور حول لباس و حلي و معدات تجميل المرأة و قد عثر على عدد كبير من معدات التجميل و الحلي من ذهب و أمشاط من العظم و العاج .
القرن الثاني عشر” الصداق القيرواني” :
رغم أن الشريعة أقرت تعدد الزوجات في إطار فلسفة ما ملكت أيمانكم ،إلا أن القيروان عرفت نوعا آخر من الزواج يعتمد الشرط في عقد القران و هو :” أن يتزوج الرجل على المرأة الداخل عليها و أن لا يتسرى” . يقول الشيخ محمد القيرواني :” ذكر في المصادر القديمة أن لا يتزوج عليها إمراة سواها إلا بإذنها و رضاها و إلا فأمر الداخلة عليها بديها تطلقها عليه بأي أنواع الطلاق التي شاءت من الواحدة الى الثلاث “.
يشرح الاستاذ مراد الرماح مزايا الصداق القيرواني قائلا :” كان المجتمع القيرواني يجوز للمرأة الرشيدة المالكة لأمر نفسها ان تضع بعض صداقها عند العقد بشرط ان لا يتزوج و لا يتسرى عليها و قد سأل سحنون إبن القاسم :’ أرأيت لو ان امرأة تزوجت رجلا و شرطت عليه شروطا و حطت من مهرها لتلك الشروط أيكون لها ما حطت من ذلك أم لا ؟ قال : ما حطت من ذلك في عقدة النكاح فلا يكون لها فيه على الزوج من ذلك شيء وما شرطت على الزوج فهو باطل إلا ان يكون فيه عتق أو طلاق و هذا قول مالك و سأله : أرأيت أن كان إنما حطت عنه بعد عقدة النكاح على أن اشترطت عيه هذا الشروط ؟
قال : يلزمه ذلك و يكون له المال فإن اتى شيئا مما اشترطت عليه و جعت عليه في المال فأخذته مثلما تشترط :”ان لا تخرج من مصري و لا تتستر عليا و لا تتزوج علي” . وسأله : فإن كانت أعطته المال على أن يتزوج عليها ن فإن تزوج عليها فهي طالق ثلاث.
قال أن وقع الطلاق و لم ترجع في المال لأنها إشترت طلاقها بما وضعت عنه . و يثبت الصداق القيرواني أن المرأة القيروانية تبوأت في مجتمعها مكانة تراعي لها شعورها و تطيب خاطرها طوعا من الرجل فتتدعم بينهما الالفة و المودة و تتحقق بذلك مقاصد الزواج .
العهد الحفصي ” السيدة المنوبية” : سيدة رجال تونس
ولدت السيدة عائشة المنوبية بن عمران سنة 1197 و توفيت سنة 1267 ، نشأت في وسط شعبي بضاحية منوبة في منزل بسيط و من حارتها إستمد التونسيون كنيتها المنوبية . و في وصفها يقول المؤرخ عبد الجليل بوقرة :” طبقت شهرتها الآفاق، مع أنها لم تكن محظية ولا هي بالحاضنة، ولا هي بالأميرة ذات النفوذ، بل كانت بنتا متقدة الذكاء من بنات الشعب، تطلعت إلى أخذ نصيب من العلم والحرية: تلك هي السيدة المنّوبية” .
عاشت السيدة المنوبية في فترة تدهور سياسي و اقتصادي و إجتماعي و حضوة لأهل الدين و التقوى و الأولياء الصالحين من يجد فيهم الناس ملاذا لهم و راحة نفسية ، و تميزت منذ صغرها بالذكاء الحاد و الحدس الكبير و بقربها من المرابطين و الصالحين و لاسيما أن أبها كان من المجاهدين و الطالبي العلم . و لكن هذه الخاصية كانت تعتبر أمر سلبي لقد شاع عنها في تلك الفترة بانها مجنونة منوبة لأنها تحب العلم و الفقه و مجالسة أصحاب العلوم ، و بسبب كثرة الاشاعات حولها و الضغط الذي تعرض له اباها الذي كان محل اتهام كيف يمكن لأمرأة أن تدرس و تجالس الرجال و لا تزوج و ترفض مكانة النساء ؟
أمام هذا الضغط اختارت السيدة الرحيل الى العاصمة لتلقي بأهرامات العلم و التصوف في تلك الفترة : السيد أبي الحسن الشاذلي من قال فيها :”رأيت أمراة وجهها مشع”، و الأمير الموحدي أبي محمد عبد الواحد و الولي الصالح أبي سعيد الباجي . كما زارت جبل زغوان ، جبل التوبة بالجلاز جبل المنارة و هي مرتفعات مميزة بالخلوة للعبادة . و يذكر أن الأمير أبي زكريا كان يجلها و يدعهما لدرجة ان أبواب المصلي و الرياض كانت مفتوحة امامها أذ كانت تصلي مع الرجال و تناقش معهم و تقدم الدروس متحدية الإشاعات و العادات التقاليد .. فلقد كانت تتجول في الشوارع تونس الحفصية وتدعوا الناس للتوحيد بأعلى صوتها . و كانت في الآن نفسه أمينة على تقاليد الموحدين و أسرارهم .
و كان لها مواقف سياسية جريئة و ردود نارية على خصومها ، فهذا القاضي الفقيه أبي القاسم بن البراء المهدوي فقالت :” أن الله خلقني و أحبني و اختارني و رواني من منبع العلم و جعل مني قطب الاقطاب و زينة أصحاب الله ، و إني شاذلية ووحدية عصري ، إني سيدة الرجال و رئيسهم “.
القرن السابع عشر السيدة : عزيزة عثمانة أم الأنسان
عزيزة عثمانة إبنة العباس أحمد بن محمد بن عثمان داي لم يعرف المؤرخون تاريخ ولادتها و لكنها توفيت سنة 1660 ، اشتهرت الأميرة بتواضعها و بأعمالها الخيرية و بحبها للعلم و وإتساع معارفها و رهافة إحساسها ، وتدعى “بالمحسنة الكببيرة” لانها حبست جميع أملاكها على أعمال البر لقد قامت بحبس أرزاق على تجهيز اليتيمات الفقيرات عند الزواج و أخرى لختان الأطفال و ثالثة على فداء الأسرى المسلمين من أيدي النصارى ، كما حبست أرزقا أخرى كثيرة على نزلاء يمارسون العزف لغرض عزف النوبة كل يوو لتهدئة تشجنات الاعصاب .
كما بنت السيدة عزيزة عثمانة العديد من المستشفيات التي كانت مفتوحة أمام الفقراء ، و الى هذا اليوم لا تنسى تونس عزيزة عثمانة التي أصبحت رمزا للحب و للرقي و حب الإنسان .
القرن العشرين : القرن المرأة التونسية بإمتياز
يمكن إعتبار القرن العشرين قرن المرأة التونسية بإمتياز ، فقد عرفت تونس حركات إصلاحية و تحديثية نادت بتعليم المرأة و إصلاح المجتمع . كللت هذه الإصلاحات بمجلة الأحوال الشخصية الصادرة في 1956 التي ضمنت لنساء تونس حقوقها داخل مؤسسة العائلة ، و داخل المجتمع و ساهم قانون الاحوال الشخصية في دعم ضمان حقوق المرأة في الشغل و التعليم و الصحة .
قرار مجلة الاحوال الشخصية لم يأتي على طبق من ذهب للمرأة التونسية كما يسوق البعض ، بل هو نتاج لنضالات و جهود لتحرير المرأة بدأت منذ قرن مع رسالة خير الدين التونسي التي دعا فيها لإصلاح التعليم و تأسيس المدرسة الصادقية قصد رفع الجهل على رجال تونس علاوة على نسائها ، و رسالة الإمام محمد السنوسي في المرأة ، التي عبر فيها صاحبها على التهميش و الانحدار الذي تعيشه المرأة المسلمة تلك الفترة . و لا ننسى كتاب روح التحرير في القرآن للشيخ عبد العزيز الثعالبي الصادر سنة 1905 الذي أبرز الفهم الخاطىء للنص الديني القائم على العادات و التقاليد ، اذ دعى عبد العزيز الثعالبي في كتابه لإقرار مبدأ المساواة و اعلن حربه على الجهل و التخلف و إقصاء النساء . و لم يمكن الثعالبي وحيدا فلقد رافقه في أرائه العديد من الكتاب و مناضلي الحركة الوطنية في تونس نذكر :”محمد الجعايبي” ، علي بوشوشة ، الصادق الزمرلي ، أفكار هؤلاء التحديثين كان لها صدى بين صفوف نساء اللاوتي خرجن لطلب العلم ، و شاركن في النوادي الثقافية و نذكر مداخلة السيدة منوبية الورتاني في ندوة فكرية كان قد نظمها “نادي الترقي ” سنة 1924 تحت عنوان “مع و ضد الحركة النسوية في العالم حينها طالبت السيدة منوبية بنزع الحجاب ، و ضرورة تحرير المرأة من عبودية الرجل و دعت جميع التونسيات بعدم الإتباع و الإنبهار بما يحدث في الشرق بل مواصلة العمل للإنعتاق من سيطرته .
كما ترأست السيدة بشيرة بن مراد تحرير جريدة تونس الفتاة في تلك الفترة ،و قامت ثلة من النساء بتأسيس الإتحاد الوطني للمرأة التونسية ، بلإضافة لمشاركتهم في العمال النقابي مع الإتحاد العام التونسي للشغل ، و حضورهن المكثف في جميع المسيرات و التحركات التي تنادي بإستقلال تونس و تحريرها من الإستعمار ، أنها تمتوت التي حملت السلاح مع الفلاقة ، إسم الثائرين ضد المستعمر ، في جبال تونس و قاسمتهم شرف الدماء التي تسيل من أجل الوطن . فحق بذلك قول الشاعر التونسي الصغير أولاد أحمد “نساء بلادي نساء و نصف ” .

و بعد مرور أكثر من خمسين سنة على صدور مجلة الأحوال الشخصية ، و بعد مرور عشرة قرون على الصداق القيرواني , وقرنين على رسالة خير الدين التونسي ، تظهر في تونس نقاشات و مطالب للتخلي عن مجلة الاحوال الشخصية بما أنها مخالفة لشرع الله و ضد تعدد الزوجات و تدعو المرأة للخروج عن طوع الرجل ..نرى في وطن سوفينيسبا صدى لدعاوي جهاد المناكحة ، إن الحديث عن مضار مجلة الاحوال الشخصية تسميه النخبة الاسلامية العروبية في وطني بزمن الصحوة الاسلامية و العودة الى الاصل و يظهر ذلك من خلال دعم الجمعيات الاسلامية و الفقهية على حساب الجمعيات الاخرى المدنية ، التركيز على اللباس الشرعي و نشره في الاسواق التونسية بأثمان بخسة على حساب اللباس التقليدي الأصيل و غض النظر على حملات التكفير التي تطال المفكرين و المبدعين و عدم محاسبة من قاموا بهدم مقامات الاولياء الصالحين و غيرها من الجرائم ..
و رغم ذلك كنا كتونسيات في 13 اوت اليوم الوطني للمراة التونسي نحتفل تحت شعار ” حرائر تونس حاميات الثورة ” … تحت شعار” اللوطن إمراة تحميه” .. سلامي لكل نفس مقاوم و ممانع ضد التخلف و الاصولية و الرجعية و السلام عليكم و شكرا لحسن إستماعكم .



#مها_الجويني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمازيغ غريب في وطنه
- عنوانها أنا
- حاربي كتيهيا
- إلى ولتما جويدة نبيزي
- الحركة الأمازيغية بين الواقع و التأويل
- الأمازيغ السكان الأصليين لشمال إفرقيا -تامزغا - ... تاريخ من ...
- صقر حشاش .. بصمة عار في وجهة النظام الكويتي
- تهاني للسيد النوري أبو سهمين
- الجميلة و الميدان
- دي خسارة فيه
- سلطان المدينة ذكرى لا تنمحى
- رسالة لأنصار الآب الحنون ..
- مجموع لي
- ذات القلم الوقح
- الإغتصاب واجب أصولي و ذكوري
- صاحبة الصليب و العيد
- فتحي نخليفة .. الفارس المنسي
- إمراة و نصف
- الجالية الإخوانية و قضايا الوطن
- كادحة لا أكثر


المزيد.....




- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - مها الجويني - تمتوت حامية تونس