العرس13

ياسين لمقدم

الحوار المتمدن-العدد: 4336 - 2014 / 1 / 16 - 12:42
المحور: الادب والفن
    

الليلة الكبيرة

استعرَّت الاحتفالات واشتد التنافس بين الشباب في الرقصات الفو لكروية، وأُكرمت وفادة الجموع، وحتى من حضر من دون دعوة لاقى الترحيب كغيره من الضيوف. وتعالت القراءات الجماعية للقرآن والمديح النبوي . وتطوع بعض الشباب لترتيب الهدايا في رحْل الخيمة الرئيسية الكبيرة. وتوارى بعض الرجال وراء أشجار اللوز البعيدة لاحتساء الكؤوس المعتقة التي اعتقدوا انها سترفع عنهم الحرج في زحمة الاحتفال. وخلال عودتهم إلى المدشر كانوا يتحاشون الاقتراب من كبار السن لكي يتجنبوا إثارة سخطهم بسبب روائح الخمر التي يتجشؤونها.

وقد أخذ الصِّبْية حقهم من الشغب الطفولي، فتراشق بعضهم بالبيض الذي استولوا عليه من الخِمَمةِ، وقطف بعضهم ثمار اللوز رغم تحذيرات ذويهم لهم خشية السقوط من أعالي الأشجار. ومر هزيع الليل بصفوٍ غير معهود ولم تَسِمهُ غائلة رغم زخم الاحتفال وكثرة الضيوف وتعالي الهرج والمرج.

تجمعت النسوة من أهل العريس حول خيمة العروس الصغيرة، وتهافتن لتقديم أي نوع من الخدمات لها لعلهن يتطلعن إلى حسنها الذي سمعن عنه من الألسن التي لم تمل من لوك حادثة جفول الحصان. ولكن أم العروس وخالاتها ذُدْنَ عن حصنها بكل السبل الودية حتى لا تتحرج الفتاة أكثر ويزداد توترها في ليلتها الكبيرة هذه.

وفي خضم كل هذا التفاعل رُفعت التكبيرات بأصوات شباب خرجوا من الظلمة، وكانوا حوالي العشرة، ويلبسون جلابيب مختلفة الألوان، ويعتمرون قلنسواتها حتى لا تظهر لسحناتهم علامة تشي بهويتهم. فلتنكٍّرهم هذا ضمانة للعريس المُتَخفِّي بينهم من التعرض لمكروه قد يأتيه بسبب سِحر أو لشَرِّ عَينٍ أو حسد. وكانوا يمشون متحادِّين بالكواهل، متقاربي الخطوات متثاقليها. ففسحت لهم الجموع الطريق ووقف لهم كل جالس و متكئٍ، حتى العواجز أصْررنَ على أن تمتد الأيادي لمساعدتهن على الاستقامة. وفي هذه اللحظات هدأت الدفوف و وُوريتِ المزامير في أغمادها، وسُحب الأطفال من طريق أصحاب الجلابيب، وتعالت الزغاريد والتكبيرات. ثم سقط كل هذا الزخم في صمت حاد بعد أن وقف الشباب على عتبة خدر العروس، ليتراجعوا ضاحكين وقد خلعوا عنهم تنكرهم بعد أن تسلل سلطانهم من بينهم و بخفة إلى عُشَّة العروس.

يتبع...

#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل