أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - العرس 7














المزيد.....

العرس 7


ياسين لمقدم

الحوار المتمدن-العدد: 4196 - 2013 / 8 / 26 - 10:29
المحور: الادب والفن
    


الدْفوعْ

بعد أن التحق بالقافلة الرابضة بين جنبات أشجار البطم آخر المدعوين، ولم يكن سوى خال العريس متأففا من الأثقال التي كُلف بحملها على عربته الخشبية التي تجرها دابتان، غاضبا على من تسبب في إنهاك حماره العجوز وساخطا على الجحش الذي لا يقدم أي عون. و بعد أن انتظم أهل العريس في صفوف متراصة، وبعد أن نفضوا ما علق بأثوابهم وأمتعتهم من غبار هبوا للدخول إلى مدشر العروس على قلب رجل واحد. ارتفعت الحلوق بالأهازيج ورنت في كل جنبات الموكب الزغردات، ولم يعد أي صوت يعلو على صوت الأفراح. وشوهد من بعيد أهلُ العروس وهم يرتبون آخر اللمسات لاستقبال الموكب السعيد.

وبعد أن وصل الموكب إلى خيام العروس استقبِل بحفاوة وترحيب، وعلت نغمات الموسيقى الفلكلورية "النْهاريَّة"، ودوَّت طلقات البارود في كل مكان حتى علا دخانها الرمادي فوق كل الرؤوس. وبعد أن تبادل الجميع العناق تفرقوا إلى خيمتين، واحدة اجتمعت فيها النسوة والثانية اجتمع فيها الذكور.

ولمّا استقر الحال بالجميع وزِّعت كؤوس الشاي وعلت جلبة التحاور حول كل المواضيع. واستفسر الناس بعضهم بعضا عمن تخلف عن الحضور. وفي خضم الجدال الودي أصدر الجد إشاراته فهرع الشباب إلى الشاحنة وباقي العربات لينزلوا حمولاتها، فجمَّعوها في وسط ساحة المدشر المفروشة بالحصائر ليتحلق حولها الجميع في اختلاط شابه شيء من التدافع بين الإناث والذكور صغارا وكبارا، حتى يستكشف الجميع مكنونات ما جلبته القافلة ويقدروا قيمتها التي قد تدل على الكرم الزائد أو البخل الذميم.

استلم أهل العروس الهدايا بكثير من الامتنان، واستلوا منها ما يخص العروس من أثواب وأواني نحاسية وفضية وأفرشة فرفعوها فوق الرؤوس ليوصلوها إلى خيمة النساء حيث تجلس العروس. وعرفت هذه اللحظات صخبا عارما مختلطا بدقات الدفوف والزغردات وصياح الأطفال. وإلى ركن غير بعيد سحب بعض الرجال ثلاث خراف سمان فأجهزوا عليها بطريقة درِبة.

بينما كان الشباب يتنافسون في رقصات لعلاوي وغيرها من الفنون المحلية، كانت النساء ترقصن في خيمتهن حول العروس، في حين تجمع الرجال والشيوخ في خيمتهم يستمعون إلى المقرئين وهم يتلون بين الفينة والأخرى آيات من الذكر الحكيم تتخللها عظات ودروس يقدمها إمام القبيلة الذي قدِم إلى هذا الدوار من بعيد على متن دراجته الهوائية.

وبعد صلاة العشاء توزعوا إلى مجموعات، ليطوف بينها بعض الشباب حاملين أقداحا مملوءة بالماء، حتى يغسل فيها الناس أياديهم اليمنى فقط وذلك بغطسها داخل الإناء وإخراجها في حركة واحدة، لتناول وجبتهم المسائية الدسمة المتمثلة في الشوربا أولا ثم الكثير من اللحم والمرق. ولما انتهى الرجال من عشاءهم جاء الدور على النسوة اللواتي قمن بتخضيب يدي العروس بالحناء مباشرة بعد أن انتهين من الأكل، وقدمتْ بعضهن لها هدايا نقدية و عينية فاستقبلتها وهي في زينتها بكثير من التأثر والسرور.

استمرت الاحتفالات في غياب العريس كما تقتضيه الأعراف إلى ساعات متأخرة من ليلة "الدْفوع" الصاخبة.

يتبع...



#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرس 6
- العرس 5
- العرس4
- العرس III
- العرس الجزء II
- العرس /الجزء II
- العرس
- تجارة موجهة في أغلبها إلى الأطفال
- صانع السفنج
- الجزء الأخير
- الجزء V
- فقيه القبيلة ، خياط للعامة
- الجزء III
- الوفاء للصامدين على رصيف الموقف*
- فقيه القبيلة
- إمام القبيلة
- وتتوالا حكايات الوفاء
- البحر ضريخه
- لقطات لا تنسى
- مقهى السي إدريس


المزيد.....




- اختفاء يوزف مِنْغِله: فيلم يكشف الجانب النفسي لطبيب أوشفيتس ...
- قصة القلعة الحمراء التي يجري فيها نهر -الجنة-
- زيتون فلسطين.. دليل مرئي للأشجار وزيتها وسكانها
- توم كروز يلقي خطابا مؤثرا بعد تسلّمه جائزة الأوسكار الفخرية ...
- جائزة -الكتاب العربي- تبحث تعزيز التعاون مع مؤسسات ثقافية وأ ...
- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب 2025 في دورتها الـ1 ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - العرس 7