أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - مقهى السي إدريس














المزيد.....

مقهى السي إدريس


ياسين لمقدم

الحوار المتمدن-العدد: 3898 - 2012 / 11 / 1 - 07:52
المحور: الادب والفن
    



دائم البشاشة، منفرج الأسارير، متأنق على الدوام في ملبسه، يدير مقهى صغيرا ضيقا بالعرض وطويلا إلى الداخل حيث تصفف أواني العمل. براريد الشاي المعتقة التي كان يهيئها في المقهى الذي يعرف عند الجميع باسمه يوصلها صبيه إلى عشاقها في كل مكان من مركز المدينة، متجاوزا مقاهي كثيرة. وكانت تتوسط المقهى طاولة " بيار" والتي على شكل رقعة ملعب كرة القدم تتوازى فيها مجموعة قضبان حديدية تخترق مجسمات بلاستيكية لفريقين من لاعبي كرة القدم وبلونين مختلفين يتقاطعان، والذين سيتراكلون كرة خشبية صغيرة تجاه المرميين بضربات متنافسين أو أكثر سيتحكمون في مسار اللعبة من خلال إدارة القضبان الحديدية من أطرافها التي تنتهي بمقابض بلاستيكية.
وقد جعل صاحب المقهى من دُورها العلوي نزلا يبيت فيه رواد السوق الأسبوعي، فيتقاسم غرفه أبطال الحلقات من فرق عيساوية بما تحمله صناديقهم من أفاعي مع أولاد حماد أُموسى والقرادين وبائعي الأعشاب الطبية والمقامرين والعرافين الذين يستقبلون بها زبناءهم الراغبين في التستر لقضاء الحاجة بضرب المَنْدَل بعيدا عن تكتلات السوق الأسبوعي، فتكون المقهى خلال ليلة الإثنين في أوج نشاطها، وتمتزج فيها روائح الكيف والقهوة الممزوجة بالقرفة والإبزار والطاجين مع روائح الأرجل المنتنة. وفي وسط كل هذه الفوضى ترى صاحب المقهى منهمكا في عمله يحرس على عدم اندلاق الشاي على نار الموقد ويراقب الصغار حتى لا يدخلوا القطع النقدية الغير صالحة للتداول في المكان المخصص بدفع العشر سنتيمات لفتح بوابة تنزلق منها الكرات الخمسة لجولة البيار، ثم عليه أن يحذر النزلاء من التغافل عن ترك وابور الغاز النحاسي مشتعلا في إغفاءاتهم من تعبهم اليومي فتشتعل الحصائر المفروشات وتحدث الكارثة.
وقد حدث يوما أن كان من بين النزلاء فرقة موسيقية متنقلة بين الأسواق، وصادف جلوسها ببهو المقهى تواجد شابين كانا من فتوات المدينة فطلب أحدهما من الفرقة أن تعزف لهم أغانيها الشعبية، فتحلق حولهم جميع الرواد ودام السهر والطرب إلى ساعات متأخرة من تلك الليلة، فرقص شباب المدينة بكل همة ونشاط وأداروا بينهم القناني الحمراء وكرعوا الأقداح في غفلة عن صاحب المقهى، وطرقت أرجل البدويين الأرض بقوة في انتشاءاتهم بالموسيقى مدارين خجلهم تحت قلانيس جلابيبهم الواسعة. ولما شعر السي إدريس بأن الأمور قد تنفلت عن السيطرة أمر الجميع بالإنصراف إلى النوم فإعتلى أحد الشابين الطاولة الخشبية الكبيرة لينبه الجمهور إلى ضرورة دفع أجر للفرقة الموسيقية التي تجشمت عناء السهر، فتكرم الجميع بما استطاعوا إلا بعض البدويين القادمين من الأرياف القريبة رفضوا دفع أي درهم وتعنثوا في ذلك، فقام الشاب الثاني بلطم واحد منهم على وجهه ليحتدم العراك بين الإثنين وباقي البدويين فأبان الشابان عن خفتهما وقوتهما فأوسعا الجميع ضربا مقلدين في ذلك حركات أبطال أفلام الكونكفو والكراطي التي كانت تعرضها السينما المركزية. ولم تنفع صرخات النادل ولا تهديداته في لجم المتعاركين، فتكسرت مقاعد وطاولات وتهشمت نوافذ وكؤوس وأدمأت الأنوف وشجت الشفاه والرؤوس، وما انفضت المعركة إلا بعد أن انهدت قوى الفريقين فقام صاحب المقهى بطردهم جميعا دونما استثناء.



#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ولك أوفياء يا حفيد الذئب
- وتستمر حكايات الوفاء
- رتابة الرتابة
- ويستمر الوفاء
- ذاكرة بسبعة أيام
- السينما المركزية
- سدُم ذاكرة أو المساء السبي
- النجعة الجبلية
- قصص قصيرة للوفاء
- قصص قصيرة حتى لا ننساكم
- قصص قصيرة جدا
- قصة قصيرة: طريق جرادة
- قصة قصيرة: التيه
- قصة قصيرة عيساوة


المزيد.....




- -نبض الريشة-.. -رواق عالية للفنون- بسلطنة عمان يستضيف معرضا ...
- فيديو.. الممثل ستيفن سيغال في استقبال ضيوف حفل تنصيب بوتين
- من هي ستورمي دانيلز ممثلة الأفلام الإباحية التي ستدلي بشهادت ...
- تابِع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة على قناة الف ...
- قيامة عثمان 159 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 159 مترجمة تابع ...
- -روائع الموسيقى الروسية-.. حفل موسيقي روسي في مالي
- تكريم مكتب قناة RT العربية في الجزائر
- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...
- مصر.. القبض على مغني المهرجانات -مجدي شطة- وبحوزته مخدرات
- أجمل مغامرات القط والفار.. نزل تردد توم وجيري الجديد TOM and ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - مقهى السي إدريس