عبد عطشان هاشم
الحوار المتمدن-العدد: 4329 - 2014 / 1 / 8 - 12:30
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قبل شهر من الان ، اطلقت دعوة لاعتبار الجهاد جريمة ضد الانسانية ، واستجاب لهذه الدعوة المئات من المثقفين والاكاديمين العرب ، فالمثقف هو ضمير الامة والثقافة هي موقف قبل كل شيء واستشراف لافق المستقبل حين يكون غائما ملبدا بالشكوك والحيرة .
البعض منا، يتذكر مانفستو 121 الذي اصدره المثقفون الفرنسيون ونددوا فيه باحتلال الجزائر في 6 سبتمر من عام 1960 وكان بين الموقعين في ذلك الوقت : سارتر وسيمون دو بوفوار وفي العام المنصرم في 29 ابريل اطلق المثقفون العراقيون حملة البراءة من الطائفتين لتبيان موقفهم مما يجري من تطييف السياسين لحروبهم الخاصة وجعل الناس الابرياء حطبا لهذه الحرب غير المقدسة .
من الثابت ان فرنسا لم تتخل عن الجزائر بسبب مانفستو 121 بل نتيجة مقاومة الشعب الجزائري انذاك ، والطائفية لم تنتهي في العراق بسبب بيان المثقفين العراقيين ولكن المثقف لايمكن ان يكون شاهد زور عندما ترتكب الفظائع وتنتهك انسانية الانسان وتمزق امم بكاملها تحت اي مسمى كان او تحت راية الجهاد السوداء كما في ايامنا هذه ، بل ينبغي ان يرتفع صوته عاليا حتى لوسكت الجميع واغمضوا اعينهم وسدوا اذانهم وتظاهروا بأن لاشىء يحدث .
فالجهاد في الوقت الراهن سواء كان وهابيا او داعشيا ليس الااستمرارا لغزوات البدو البربرية التي وصفها ابن خلدون في مقدمته ، ضد حضارات الانسان اينما وجدت في وادي الرافدين او الحضارات الفارسية او الرومانية او القبطية ، ولااعتقد ان هناك فرقا بين غزوات جنكيزخان والبداوة الاسلامية سوى ان جنكيزخان لم يكن يتستر بأي غطاء ديني يخوله ان يكون وكيلا للرب وحاملا لسيفه .
لقد استثمرت الدعوة الاسلامية الميل النفسي - الاجتماعي المركب لدى البدوي للغزو والارتحال من اجل (المال والنساء ) باعتباره مفخرة وشرفا رفيعا ، بالاضافة لكونه مصدر رزق اساسي في الصحراء العربية القاحلة (فهو لايزرع ولايعمر ارضا ولذلك فارتباطه بالارض ارتباط مؤقت وعابر) وافلحت في تأصيل هذا الارث البدوي وتعزيزه باسباب القوة المعنوية حين جعلت منه واجبا مقدسا من خلال مسلة النصوص القرانية والاحاديث النبوية التي شرعت للجهاد وجعلت منه احد فرائض الاسلام فهناك اكثر من 40 اية قرآنية تأمر بالجهاد او تحض عليه ، من ابرزها اية السيف المعروفة والتي ورد فيها (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ) وقد اجمع اغلب المفسرين على ان هذه الاية قد نسخت جميع ايات الموادعة والتسامح والصفح في الاسلام المكي وتعتبر من الاحكام النهائية في موضوع الجهاد وفقا لرؤية منظر السلفية الجهادية الشيخ عبدالله عزام اما الاية 123 من سورة التوبة التي ورد فيها ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) فقد تحولت الى تفويض الهي مطلق بالقتل الجماعي ، حيث ترجمت عبارة ( وليجدوا فيكم غلظة ) الى ممارسة ابشع انواع المذابح بحق غير المسلمين وجرى قتل النساء والاطفال والشيوخ والتمثيل بجثث المقتولين تحت ظلال هذه الاية ولايقتصر الامر على ذلك ، فقد رسمت الاية 44 من سورة المائدة الحدود بين الكافر والمسلم حيث ورد فيها ( ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم القوم الكافرون) ، اي جعلت من تطبيق الشريعة الحد الفاصل بين المسلم وغيره مما يجعل جميع الناس تقريبا على وجه الارض مستهدفين بالقتل دون رحمة او شفقة .
وعلى صعيد الاحاديث النبوية ، هناك العشرات من الاحاديث المتصلة بموضوع الجهاد والقتال في سبيل الله منها :
ورد في صحيح البخاري (ان الله جعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذلة والصغار على من خالف امري ).
وعن ابن عباس أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ: اغْزُوا تَغْنَمُوا بَنَاتِ الأَصْفَر، فَقَالَ نَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: إِنَّهُ لَيَفْتِنُكُمْ بِالنِّسَاءِ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي ) سورة التوبة آية 49 .
و في صحيح مسلم (من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق ) .
ان الذين يعتبرون الجهاد شكلا من اشكال الدفاع عن النفس في الوقت الراهن ، هم اناس مختلين عقليا فكل الشعوب والدول تدافع عن نفسها عندما تهاجم او تتعرض مصالحها للخطر وبدون تفويض من الاله مهما كان نوعه ولم تحتاج بريطانيا او روسيا الى اي واعز ديني للوقوف امام هتلر في الحرب العالمية الثانية ثم ان المسلمين الذين ينادون بالجهاد في الوقت الحاضر ومن تبعهم لايؤمنون بأن الجهاد الذي يمارسونه هو لاغراض دفاعية اذا اخذنا تصريحاتهم التي تملاء ساحة الفضائيات او الانترنت على محمل الجد مستلهمين اراء منظري التيار ( الجهادي) مثل محمد بن عبد الوهاب والمودودي وحسن البنا وسيد قطب وعبدالله عزام ، فقد رفض سيد قطب تفسير الجهاد على انه حالة دفاع عن النفس في كتابه معالم في الطريق واعتبر أن ( ان الانطلاق بهذا الدين هو الاصل الذي سينبثق منه مبدأ الجهاد وليس هو مجرد الدفاع ، كما كانت الاحكام المرحلية اول العهد بأقامة الدولة المسلمة في المدينة )
الجهاد في سبيل ( المال والنساء والسلطة) من اسوء منتجات الفترة الاسلامية ولم يزل حتى الان محركا ايديولوجيا لافظع انواع الجرائم والانتهاكات غير الانسانية في عصرنا الراهن سواء ضد غير المسلمين او فرقهم الاخرى كما فعل محمد بن عبد الوهاب ومن سار على نهجه لاحقا ، فهوكما يشهد التاريخ قد بدأ دعوته بتكفير المسلمين الاخرين في شبه الجزيرة العربية تمهيدا لقتلهم كما كما قام هو واتباعه بمذابح عديدة لم يسلم منها حتى النساء والاطفال كمذبحة الطائف عام 1217 هـ ، وعام 1924م ، وهجومهم الوحشي على بلاد حوران عام 1225 هـ ، وقتل الحجاج اليمنيون العزل عام 1341 هـ وكربلاء في العراق عام 1801 م ، وقال قولته المعروفة التي اصبحت سنة لمن بعده ( من دخل دعوتنا فله مالنا وعليه ماعلينا ومن لم يدخل معنا فهو كافر حلال الدم والمال ).
ان الدعوة لاعتبار الجهاد جريمة ضد الانسانية تستهدف في المقام الاول الى تجريم الجهاد كفكرة وممارسة غير انسانية على مستوى القانون الدولي كما جرى للرق والعبودية في2 كانون الأول من ديسمبر 1949 في حين لم يطبق رسميا في السعودية الا في 7نوفمبر 1962 وظل يمارس حتى السبعينات .
وهكذا ينبغي بذل المزيد من الجهود المتصلة والمتلاحقة على جميع الصعد والمستويات لغرض تجريم الجهاد بأعتباره اعلان حرب على البشرية جمعاء بدأ من توفير الغطاء القانوني الدولي لذلك مثلما جرى مع تجريم العبودية والعمل دون هوادة من اجل اسئتصال هذه الفكرة الشريرة كما جرى استئصال النازية والفاشية .
رابط الدعوة : http://ehamalat.com/Ar/sign_petitions.aspx?pid=410
#عبد_عطشان_هاشم (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟