أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد عطشان هاشم - خرافة الاسلام المعتدل













المزيد.....

خرافة الاسلام المعتدل


عبد عطشان هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 4140 - 2013 / 7 / 1 - 20:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من بين المفاهيم الرائجة حاليا والتي يتم تقديمها كتيار مختلف وبديل للتيارات الاصولية الحالية بمختلف نسخها هو الاسلام المعتدل او الاسلام الوسطي ، وينطلق هذا الفهم كما يدعي مريديه من الاية القرانية (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً )البقرة143 . يقوم هذا التيار على مبدأ الانتقائية في التقاط الصور الايجابية في الاسلام ، على مستوى النص القراني والحديث والسنة وتسويقها على انها المشهد الفعلي للاسلام الحقيقي وكل ماعداها باطل وتشويه للاسلام ، وليس ذلك فحسب بل يحاول هذا التيار جاهدا تجميل قباحات التاريخ الاسلامي بمساحيق التبريروالتحريف للوقائع التاريخية التي كتبت بيد مسلمين وتقديمه للاخرين كيوتوبيا اسلامية لاتشوبها شائبة.
هذا التيار التوفيقي يتبضع من سوبر ماركت الدين ماينفعه في منهجه للوصول للسلطة والنفوذ ويدع ماتبقى لبقية الجماعات المخالفة ، وليس ذلك فحسب بل هو تيار منافق ومتلون وانتهازي في المواقف السياسية يركب الموجة السائدة ويفصل فتاويه وفقا للمصلحة وخير ممثل لهذا التيار هو الشيخ القرضاوي ومن سار على نهجه. وهو تيار يستخف بعقل الاخرين عندما يتحدث عن اسلام غير موجود الا في مخيلته محاولا تنظيف ساحات جرائم التيارات السلفية الوهابية القاعدية ،فكل الجرائم التي يتم ارتكابها باسم الاسلام يجري تبريرها ، بأن مرتكبيها ليسوا مسلمين او انهم لايفهمون الاسلام على حقيقته او انهم اجتهدوا فاخطئوا ، والاسلام بريء منهم فهو دين رحمة ومحبة وعلى هذا المنوال تصاغ العشرات من المسوغات والاعذار المختلفة كل مرة في حين ان مرتكبي هذه الجرائم البغيضة يسرحون ويمرحون في بلاد الاسلام دون ان يتم محاسبتهم بل وينظر اليهم كمجاهدين وابطال وقدوة للاجيال.
لاتتكشف حقيقة مايدعيه هذا التيار الا عندما يتولى السلطة ويتمكن منها فالسلطة تبقى المحك الفعلي لمصداقية اية حركة ايديولوجية ، فسرعان ما يكشر عن انيابه وينسى جميع فروضاته الوديعة المسالمة ويبدأ منهجية الاقصاء والتكفير والتعسف وادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة وحده بل يتحالف مع اشد التيارات تطرفا ،التي كانت لاتمثل الاسلام الحقيقي حسب مايدعيه ، لتصفية خصومه وترهيبهم كما يحدث الان في مصر وتونس وكأنه يسترجع امامنا نفس السيناريو التاريخي الذي فعله المسلمون عندما كان الاسلام ضعيفا في مكة وهو التعامل اللين الرقيق المتسامح مع الاخر المختلف ،والتعامل الغليظ الهمجي الذي لايعرف الرحمة مع الاعداء الافتراضيين كما حدث مع يهود بني قريضة بعد استسلامهم او مع امرأة عزلاء مثل عصماء بنت مروان .
نعم هناك مسلمون معتدلون وليس هناك اسلام معتدل، وهذا الاعتدال جاء كنتيجة لابتعادهم عن التمسك الحنبلي بالدين ومايرشح عنه من سنن ونواهي وشعائر وليس نتيجة التمسك بالدين كما يدعي اصحاب راية الاسلام المعتدل، فلا يمكن ان يكون هناك اسلاما معتدلا الا بالتحايل على نصوص القران والسنة.
ومادامت الايديولوجية الدينية تعتبر نفسها فكرة مقدسة ومعصومة عن الخطأ لانها تنفذ سياسة الرب ، فلايمكنها ان تكون معتدلة فالقداسة لاتخضع لميزان الصواب والخطأ البشري ولايمكن مناقشتها واخضاعها للنقد والتحليل وتشذيب بعض احكامها او التخفيف منها اوالغائها ، فهي صالحة لكل زمان ومكان . بل لا يمكن حتى بناء حضارة دون الابتعاد عنها كما فعل العديد من المفكرين والشعراء والفلاسفة (الكندي وابن رشد والفارابي ، ابن عربي ، الجاحظ ، المعري ، ابن طفيل ، ابن جبير ، ابن المقفع وغيرهم) في الماضي حينما سبحوا بعيدا عن ضفة الشريعة رغم العنت والاضطهاد والتعسف فانتجوا لنا منجز حضاري وعلمي وفلسفي ثر ينسبه المعتدلون الى الاسلام ويكفره الفريق الاخر .
لايمكن ان يكون الاسلام معتدلا وبراغماتيا فهو دين شمولي يتغلغل في دقائق وجزئيات الحياة الشخصية للفرد من السياسة الى كيفية ممارسة الجنس ،وهو اما ان يؤخذ كحزمة كاملة او يترك في المساجد فالدين غير قابل للتطويروالتحسين لانه منتج الهي متكامل (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينً )، وعندما يطبق المعتدلون اجزاء من شريعتهم ويتخلون عن اجزاءا اخرى ويستعيرون اجزاءا اخرى من غير المسلمين فهم يعترفون على مضض ببطلان النظرية السائدة ان الشريعة الاسلامية صالحة لكل زمان ومكان.
وعلى سبيل المثال لا الحصر ، كلنا يعرف ان الدين يدعو الى قطع يد السارق ، وكلنا يعرف كذلك ان معظم الدول الاسلامية لاتقوم بتنفيذ هذا الحد الالهي (تلك حدود الله فلا تعتدوها) كما تقول الاية القرانية ، وغير مدرج في قوانينها الجنائية فهل هذا اعتراف ضمني بان هذه الممارسة متوحشة وغير قابلة للتطبيق على الاطلاق!
السلفيون الوهابيون ومن سار على دربهم قد يكونون الاصدق في التعبير عن دينهم ، فهم لايدارون ولايحاولون اخفاء سوءاتهم كما يفعل المعتدلون ، بل يحاولون تطبيق الاسلام كماهو بدون رتوش بحد السيف ، واذا كان المعتدلون يمثلون النسخة المكية للاسلام فالمتطرفون يمثلون نسخة المدينة للاسلام ونسخة المدينة هي العينة النهائية للمنتج الاسلامي كما نعلم، والفاصل بين الاثنين هو الوصول للسلطة.
ان ارجاع الدين للمسجد وحصره ضمن دوره العبادي الشخصي ، هو الحل الوحيد الذي يقود الى بناء دولة الانسان والمواطنة التي تستلهم قوانينها من متغيرات وثوابت الواقع المعاش ومعطيات العلم. والقوانين التي كانت تصلح للقرية المكية قبل 1400 سنة لن تصلح لعالمنا المعقد والمركب الذي يتغير يوميا ومحاولة تهجين الاسلام باصناف جديدة ومبتكرة من التعديلات والتحسينات وطمس اخرى ستؤدي الى دين جديد لاصلة له من الاسلام سوى بالاسم لكنه سيكون مكتظا بالتناقضات والصراعات العميقة التي لاندري متى ستنفجر في وجوهنا..



#عبد_عطشان_هاشم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاسلام : صناعة الاستبداد
- هل كانت لدينا حضارة اسلامية حقا؟ ج2
- هل كانت لدينا حضارة اسلامية حقا؟ ج1
- متى يعود الاسلام للمسجد؟
- تساؤلات حول مستقبل الاسلام
- الدين و صناعة عقلية القطيع
- عنف الاديان : نصوص ام واقع؟
- الخروج من الطائفة : المستحيل والممكن
- عندما يتوقف التاريخ : حروب الطوائف العربية
- من الدولة الفاشلة الى المجتمع الفاشل !
- كيف يمكن انشاء قطيع من القطط؟
- كهنة الفتاوى الجدد
- الاسلام واصول الحكم بعد 88 عاما على صدوره
- تساؤلات حول مستقبل العلمانية في المنطقة العربية
- الديمقراطية عندما ترتدي الجلباب
- خرافة التسامح الديني


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد عطشان هاشم - خرافة الاسلام المعتدل